• يتمثل التفكير الإنساني في النشاط العقلي والمعرفي أو التصور الذهني
للأحداث والأشياء والأشخاص والخبرات الماضية والحالية والمتوقعة. ويعتمد التفكير
على فهم الرموز الصادرة عن الآخرين أو التعبير بالرموز للآخرين عن المعاني التي
نريد إبلاغها إياها.
• هناك علاقة حميمة وجدلية بين التفكير والشعور والإرادة؛ فكل واحد منهم
يؤثر على الإثنين الأخرين بشكل مستمر. أنا أفكر، إذن فأنا أشعر، إذن فأنا أريد.
• إن التفكير والشعور والرغبة يعملون معاً بشكل متواصل لتشكيل السلوك.
• رغم أن كلّ من التفكير والشعور والرغبة يؤدي دوراً لا يختلف في الأهمية
عن الآخر في العقل كما يتأثر كل منهم بالآخر، ويؤثر فيه باستمرار، إلا أن التفكير
يعد السبب في التحكم والسيطرة على الشعور والرغبة.
• تتمثل خطوات التفكير في : 1- تحديد المشكلة (الاهتمام) 2- تحليل المشكلة
(الانتباه) 3- وضع الحلول الممكنة (الاقتراح) 4- تحليل الحلول (الاستدلال) 5-
اختيار الحل (النتيجة) 6- الاختبار.
• إن النزعة العقلية عند الإنسان تتسم بعدم التحيز والتطور الذاتي، بينما
تتسم النزعة اللاعقلانية أو ما نطلق عليه أحياناً "الأنانية" بالعمل على
إثبات الذات، كما تعمل من منطلق خداع الذات؛ بينما يسير معظم الفكر العقلي وفقا
لعمليات واعية.
• التفكير الناقد يهدف إلى تحليل الإعتقادات وتقييمها لتمييز ما هومقبول
منها وما هو غير مقبول وفقا لمعايير عقلية خالصة.
• مكونات التفكير الناقد هي : القاعدة المعرفية، الأحداث الخارجية، النظرية
الشخصية، الشعور بالتناقض أو التباعد، حل التناقض.
• ليست لديّ مهارة معينة، إلا أنني مفرط في تساؤلاتي. (آينشتاين)
• إن أكبر معوق أمام التعليم العلمي هو مفاهيمنا المسبقة. فنحن وأثناء
مرحلة النمو نكون قد وضعنا تصوراتنا حول العالم المادي - إلا أن بعضها زائف.
• إن أصحاب التلاعب ذوي المهارات يحرصون دوماً على الظهور بمظهر المعتنقين
عن القيم والمباديء التي يتبعها من يتحايلون عليهم، ويرجع ذلك إلى أنهم لا يهتمون
كثيراً بالنهوض بالقيم الفكرية والعقلية، يل يهتمون في المقام الأول بالوصول إلى
أهدافهم.
• يُسمي بيكون قواعد التجريب بـ "صيد بان" و بان pan هو إله
الصيد عن الإغريق، وتبدو براعة هذه التسمية واضحة جلية، فهي تحمل تمثيلاً لهاجس
الطبيعة المسيطر على الأذهان، وبيكون يقصد منها أن ممارسة المنهج التجريبي تغتنم
معارف تُماثل ما يغتنمه إله الصيد حين يمارس صيده.
=========================================
▬ إن التفكير والشعور والرغبة على قدر واحد من الأهمية؛ فالتفكير هو السبيل
الوحيد لسيطرتنا على عقولنا وبيان ما هو خطأ في تفكيرنا، كما نستطيع أيضاً من
خلاله بيان كيفية التعامل مع عواطفنا المدمرة وتحويل الرغبات غير المثمرة إلى أخرى
مثمرة. فالعقل هو الذي يمقدوره تحريرنا من الاسترقاق الفكري. فإذا قمنا بفهم عقلنا
ووظائفه، وقمنا بمواجهة العوائق التي تمثلها الميول الأنانية لأدى ذلك إلى
الإرتقاء بحياتنا وتطورها، وإذا قمنا بالاعتماد على عقلنا بصفة يومية، لاستطعنا
اتخاذ الخطوات والإجراءات التي تمكننا من أن نصبح مفكرين. صــ 12
▬ إن فهم طبيعة المشكلة يعد أمراً غاية في الأهمية. فالمفكر يصبح واعياً بالمشكلة
مهتماً بها. وهذه المرحلة - التي يستثار فيها اهتمام المفكر - هي مرحلة تمهيدية
ضرورية لكل تفكير غرضي، فلا يكفي مجرد حب الاستطلاع ليستثير التفكير البنائي، بل إن
الاهتمام أيضاً هو سر الملاحظة المؤثرة: فهو يضيف شيئاً إلى ما نراه، فوجود
الاهتمام مسبقا أمر ضروري لاكتساب أي معرفة جديدة ولضمان بقائها. صــ 28
▬ إن الناجحين من أصحاب النفوذ والسلطة غالباً ما تنطبق عليهم صفة الذكاء
وانعدام الضمير في آن واحد، ولا يجرؤون دائما على الاعتراف علانية بالألاعيب التي
يتبعونها من أجل إحراز نجاحات على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، كما يعملون
باستمرار على إبطال أي دليل يظهرهم بمظهر حرج. ومن ناحية أخرى، إننا نرى أصحاب
العقل الحقيقيين هم الذين يحترمون حقوق الآخرين ويراعون حاجاتهم، كما يمتازون
بالمرونة واتساق الأفق، والإنصاف، كما يتمتعون بسلامة الفكر جنباً إلى جنب من
المثابرة والتواضع الفكري. ليس ذلك فقط، بل إن من أهم ما يميزهم هو ثقتهم الكبيرة
بالعقل واتباعهم لطريقه، وعلاوة على التسلل إلى داخل الآخرين عن طريق التفهم
والشعور بهم، فهم لا يسيئون استعمال اللغة: فيقولون ما يعنون ويعنون ما يقولون.
صــ 33
▬ نقرأ احياناً أن التفكير الناقد تحليل للمعرفة وتقييم لها للحكم عليها في
النهاية بالصدق أوالكذب. وهذا القول مجانب للصواب تماماً؛ إذ إن المعرفة لا يتم
تقييمها للحكم عليها بالصدق أو بالكذب، لأن المعرفة دائماً هي معرفة بالحقائق. ولا
يجوز أن نطلق على معلومة بأنها تشكل معرفة إلا إذا سبق لنا تحليلها وتقييمها بأنها
صادقة بالفعل. وإلا ما كان يجب أن نطلق عليها "معرفة". والواقع أن ما
نحلله ونقيمه للحكم عليها بالصدق أو بالكذب إنما هو "الاعتقاد"، فالاعتقاد
لا يشكل معرفة، فلو قلت: "أعتقد أن الزيادة السكانية في مصر قد جاوزت 3% هذا
العام". أو نقول: "أعتقد أنني قد قمت بتسديد فاتورة الهاتف عن الشهر
الماضي. فمثل هذه الاعتقادات هي التي يجوز فيها الصدق أو الكذب، لأنها لا تشكل
معارف "بل مجرد اعتقادات"، ولكي تتحول إلى معارف لابد من توافر شرطين،
هما: الصدق والتسويغ، فإذا ما ثبت أن الاعتقاد مطابق للواقع، يكون بذلك معتقداً
صادقاً؛ كان هذا معناه أنني قد عرفت الأمر على حقيقته، يتحول الاعتقاد إلى معرفة
بهذا الأمر. لكن صدق الاعتقاد وحده لا يكفي لأن يشكل معرفة، بل لا بد من ذكر
الطريقة التي عرفت بها صدق المعتقد، كأن أقول: "إنني عثرت على
"الفاتورة" التي تدل على سدادي المبلغ المطلوب مني، أو أنني عرفت نسبة
الزيادة السكانية من تصريحات المسئولين نتيجة للبيانات المتوفرة لديهم. وهذا هو
تسويغ المعتقد. أي الطريقة التي على أساسها أصبح المعتقد صادقاً. وبالتالي فقد
أصبح يشكل جزءاً من معرفتي. وعلى ذلك فإن التفكير الناقد إنما يتعامل مع
الاعتقادات لمعرفة صدقها أو كذبها، لا مع المعارف التي هي بحكم تعريفها صادقة [..]
ولكن ألا يفترض هذا الموقف أن معارفنا حقائق لا تقبل الشك، ولا تتعرض لخطأ، لذلك
استبعدناها من التقييم من زاوية الصدق والكذب. أو بعبارة أخرى، ألا يثير هذا
الموقف مسألة تتعلق بطبيعة المعرفة: هل هي مطلقة أم نسبية ؟ لقد قيل: إن الثقافة
اليونانية في عصر ربيع الفكر اليوناني كانت ثقافة تقوم على الحقائق المطلقة، التي
لا تتغير، بل تظل ثابتة بغض النظر عن زمانها ومكانها، فالعلم الجدير بهذا الاسم لا
بد أن يكون علماً بالحقائق المطلقة الثابتة. لذلك كانت الرياضيات هي المثال الذي
يحتذى به بالنسبة للعلوم، والحقائق الرياضياتية صادقة صدقاً مطلقاً ولا يجوز عليها
التغير أو تصور الخطأ. إلا أن مثل هذا الرأي لا يمكن الدفاع عنه في العلوم
المختلفة، وحتى في مجال الرياضيات من وجهة نظر معينة. وكان ظهور جماعة السفسطائيين في
المجتمع اليوناني القديم، والشكاك في العصر الهللينستي، وما ترتب على ذلك من آثار
عند كثير من الفلاسفة والعلماء على مر القرون - قد أدى إلى القول بنسبية معارفنا،
إلى الحد الذي جعل الفيلسوف البريطاني المعاصر برتراند راسل (ت 1972) يقول : بأن
جميع معرفنا غير يقينية وغير ثابتة [..] وهنا قد يقول قائل: لماذا إذن رفضنا القول
بالتفكير الناقد في مجال المعرفة في زاوية صدقها أو كذبها، ما دامت كل معارفنا معرضة
للخطأ؟ وما الفرق إذن بين الاعتقاد والمعرفة؟ أليس ما قلناه هنا يزيل الفوارق
بينهما؟ أقول" إن الفرق بين الاثنين: الاعتقاد والمعرفة - مازال قائماً.
فالاعتقاد تخمين أو افتراض لسنا منذ البداية على ثقة في كونه مطابقاً للواقع. أما
المعرفة - حتى على فرض أنها تقبل التغيير، وليست مطلقة - فقد تثبت لدينا بالدليل
أنها صادقة، وليس هناك حتى الآن أي دليل على كذبها. فهي بالنسبة لنا حقيقة ثابتة
إلى أن يأتي دليل ضدها. وهذا الدليل قد يأتي وقد لا يأتي، ولذلك فهي متميزة عن
الاعتقاد بالشرطين السابقين: الصدق والتسويغ (أو التبرير). وربما كان التفكير
الناقد هنا هو الذي يقرر لنا ما نعده معرفة عما لا نعده كذلك [..] ولكن ليس معنى
هذا أن المعارف لا تخضع للتفكير النقدي، يحللها ويقيمها، بل يمكن تحليلها وتقييمها
من زوايا أخرى غير زاوية الصدق والكذب، فقد نقيمها من حيث ملاءمتها أو عدم ملاءمتها
لهذه الأشكال أو ذاك، أو مدى حاجتنا إليها في هذا الوقت أو ذاك، إلى غير ذلك من
زوايا. صــ 58 : 60
▬ المكونات الثلاثة الرئيسية للتفكير العلمي والنقدي: يقوم التفكير العلمي
والنقدي على ثلاثة أمور: استخدام الدليل التجريبي (المذهب التجريبي)، وممارسة
التدليل المنطقي (المذهب العقلي)، وامتلاك اتجاه شكي (المذهب الشكي) تجاه المعرفة
المفترضة التي تقود إلى تساؤل ذاتي، التوصل إلى نتائج مجربة (مؤقتة) وإنها غير
تزمتية (الاستعداد لتغيير اعتقاد المرء). هذه الأبعاد الثلاثة هي كلية في جميع
مراحل العلم. وبدونها لا يكون هناك تفكير علمي أو نقدي. صــ 108
▬ يعتقد الكثيرون أن الشاكين أصحاب أذهان مغلقة، فلو حدث وكانت لديهم معرفة
موثوق بها لقاموا بتغيير مواقفهم، ولكن العكس هو الصحيح تماماً. فإن الشاك يسلم
بأن اعتقاداته مؤقته وذهنه متفتح أمام دليل جديد وحجج عقلية عن تلك الاعتقادات.
والشاكون غير متزمتين، أي لديهم الاستعداد لتغيير آرائهم، ولكن على ضوء دليل جديد
موثوق به أو أسباب صحيحة تدفع المرء إلى فعل ذلك. فالشاكون أصحاب عقول متفتحة،
ولكن ليست متفتحة لدرجة قبول أي شيء، إنهم يقاومون الاعتقاد بشيء ما منذ الوهلة
الأولى بدون دليل مناسب أو سبب مناسب، وهذه الصفة يستحقون الثناء عليها. صــ 111
▬ المغالطة هي حجة تبدو سليمة مع أنها في الواقع ليست كذلك. والمغالطة في
معناها الدقيق، هي صورة غير صحيحة لحجة ما. وتختلف المغالطة أو عدم الصحة في
التفكير الاستدلالي عن "الكذب"، فالكذب قول من الأقوال أو اعتقاد من
الاعتقادات يتعارض مع الواقع الفعلي، بينما المغالطة تكون في الانتقال من مقدمة أو
مجموعة من المقدمات إلى نتيجة معينة، فإذا لم يكن هذا الانتقال مسوغاً كانت
المغالطة. كما تختلف المغالطة عن السفسفطة، فهذه الأخير هي استخدام مقصود لتفكير
استدلالي غير سليم، بينما لا تكون المغالطة مقصودة، وبعبارة أخرى فإن المغالطة
التي تستخدم بغرض الخداع أو كسب حجة بلا حق، أو محاولة الإقناع بلا تسويغ، أو
إبطال مناقشة حقيقية، ومن ثم تصبح المغالطة في هذه الحالة حيلة سفسطائية. صــ 116
▬ على الرغم من تمجيد الغزالي العقل بأن جعله مصدراً للمعرفة اليقينية،
وأداة لقطع الريب والظنون، إلا أنه يقر بعجزه عن معرفة الحق في الأمور الغيبية مثل
المعرفة الحقيقية بالذات تعالى، وبصفاته وبأفعاله وبحكمته في خلق الدنيا والآخرة.
والمعرفة بمعنى النبوة والنبي، ومعنى الوحي، ومعنى الشيطان ومعنى لفظ الملائكة.
ومن موضوعات الغيب التي يعجز العقل أيضاً عن معرفتها، معنى لقاء الله عزل وجل،
والنظر إلى وجهه الكريم، ومعنى القرب منه والنزول إلى جواره. لقد رأى الغزالى أن
الفلاسفة والمتكلمين حاولوا معرفة موضوع الغيب، دون جدوى، لأنهم لم يتخذوا إليه
السبيل الصحيح، الذي اتخذه الغزالي وهو نور النبوة. صــ 158
▬ لقد رأي الغزالي أن المعرفة على المستوى الصوفي (المعرفة الإلهامية) هي
معرفة وثيقة ومباشرة بين الإنسان والله، ومن هنا كانت طريقة الصوفية، في الاتصال
المباشر بالحقيقة، أصوب الطرق، إذ أن جميع حركاتهم وسكناتهم، في ظاهرهم وباطنهم
مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يُستضاء به.
ويعتمد طريق الصوفية، على الكشف والذوق، والذي هو في حقيقته، نور إلهي يُشرق على
النفس فيضيء أمامها الطريق، لتدرك الغيبيات، وتعرف اليقين، وهو بهذا يتميز عن طريق
الحواس وطريق العقل. صــ 161