• الوحدات الصوتية أو الفونيمات تأخذ في الكلام المتصل صوراً مختلفة بحسب
السياق الصوتي الذي تقع فيه. وهذه الصور أو الظواهر ترتبط ارتباطاً تاماً بما
يجاور هذه الفونيمات في الكلام وتعتمد عليه.
• الفوناتيك يجمع المادة الخام والفنولوجيا يطبخها أي يحيلها إلى شيء نافع
ذي قيمة، شأن الطبخ الذي يجعل من المواد الغذائية طعاماً يتمتع به الآكلون.
• الفنولوجيا التوليدية أريد بها أن تكون نظرية عالمية، لا يختص تطبيقها
على لغة دون أخرى، في حين أن "الفنولوجيا" في مفهومها العام مقصور
تطبيقها على لغة معينة، لأن لكل لغة نظامها الفنولوجي الخاص، وإن اتفقت اللغات
أحياناً في بعض الأحداث المنطوقة الفعلية.
• إذا كانت اللغة عبارة عن ضوضاء تتسم بالتنظيم فإن الفوناتيك يدرس
الضوضاء، وعلم اللغة يبحث في هذا التنظيم وقواعده.
• ..أما إذا وَضَعَ الزامرُ أنامله على خروق الناي أو أعمل أصابعه في نقاط
معينة من وتر العود، خرجت أصداء مختلفة وتشكلت أصوات لا يُشبه بعضها البعض الآخر،
نتيجة الحصر والضغط الحادثين من الصنعة، وإعمال الأنامل والأصابع. وهذا ما يحدث
تماماً في الحلق والفهم.. (الفرابي - الموسيقى الكبر)
• تنقسم الأصوات الصامتة إلى ثلاث تقسيمات أو فئات وهي بحسب :1- وضع
الأوتار الصوتية. 2- المخارج والأحياز. 3- كيفية مرور الهواء عند النطق.
• الصوت المهموس voiceless هو الصوت الذي لا تتذبذب
الاوتار الصوتية حال النطق به، وهي كما ينطقها مجيدو القراءات اليوم او كما ينطقها
المختصون في اللغة العربية اليوم هي : ت ث ج ح س ش ص ط ف ق ك هـ.
• الأصوات الصامتة المجهورة في اللغة العربية كما ننطقها اليوم هي : ب ج د
ذ ر ز ض ظ ع غ ل م ن والواو في نحو (ولد، وحوض) والياء في نحو (يترك، بيت).
• للحركات Vowels في كل اللغات مشكلاتها
الخاصة. فهي تختلف فيما بينها اختلافاً واضحاً من حيث عددها وطبيعتها وصفاتها
المميزة لها. وهي بالإضافة إلى ذلك أكثر الأصوات قابلية للتطور والتغير من جيل إلى
جيل ومن فرد إلى آخر.
• إن الفتحة والكسرة والضمة "زوائد" فالفتحة من الألف والكسرة من
الياء والضمة من الواو. (الخليل بن أحمد)
• .الحركات في اللغة العربية (الفُصحى) من حيث النطق تسع قصار وتسع طوال
فهي إذن ثماني عشر، ولكنها من ناحية الوظيفة ست حركات فقط [ملحوظة : المقصود بالصوت الوظيفي أو الفونيم، أصغر وحدة صوتية تساهم
في تعيين المعنى]
• إن الفونيم فكرة لغوية، وليست فكرة نفسية. (تروبتسكوي)
• الفونيمات هي أصغر وحدات صوتية مُمَيِزة، إنها أصغر وحدات تقوم بعملية
التفريق بين معاني الكلمات..إنها ليست أصواتاً ولكنها مجرد صفات صوتية يستطيع
المتكلم بالتدريب والخبرة اللغوية أن يُنتجها وأن يتعرفها في سياق الأصوات
الكلامية الحقيقية. (بلومفيلد)
• يرى العالم الأمريكي (ترادل" أن الفونيم لا وجود له من الناحية
العضوية ولا من الناحية العقلية، وإنما هو وحدة تجريدية يقوم الباحث باستخلاصها من
الأحداث النطقية بعد تجريدها والوصول منها إلى "كلِّ" أو وحدة مستقلة.
• الفونيم وسيلة مهمة في تسهيل عملية تعليم اللغات الأجنبية؛ فالأصوات
الفعلية المنطوقة في أية لغة كثيرة كثرة فائقة، في حين أن فونيمات كل لغة تقل في
عددها عن عدد هذه الأصوات المنطوقة بالفعل بصورة ملحوظة.
• يرى فيرث أنه من الأولى والأدق أن نشير إلى الفونيمات الثانوية بإسم آخر
يرعى قيمتها ووظائفها، هو "الظواهر التطريزية" Prosodic features.
• المقطع والنبر متلازمان في الدرس والتحليل. ذلك أن المقطع حامل للنبر،
والنبر أمارة من أمارات تَعَرُّفه.
• لا يزال تعريف المقطع تعريفاً علمياً عاماً يمثل صعوبة ظاهرة أمام
الدارسين.. فمنهم من نحا الجانب الصوتي المحض، وآخرون اعتمدوا الجانب الفونولوجي
معياراً للحكم، أي : الجانب الوظيفي للمقطع ودوره في بناء الكلمة في اللغة
المعينة.
• هذه اللغات التي يعتمد التفريق فيها بين معاني الكلمة، أوالتمييز بين
الأجناس الصرفية للكلمة على درجة النغمة تُسمى اللغات النغمية tone languages.
• التنغيم عنصر مكمل للمنطوق لا ينفك عنه وأمارة صحته ووفائه بالمعنى
المقصود، وفقا لنوعيات التراكيب ونوعيات مقامات الكلام.
• لا تتحقق الوقفة [.] إلا بتمام
الكلام في مبناه ومعناه..
• إن المنطوق لا يكتمل معناه
ولا يتم تحديده وتوضيحه إلا إذا جاء مسكوا بكسائه المعين من الظواهر الصوتية
الأدائية التي تناسب بناءه ومقامه. كالنبر والتنغيم والفواصل الصوتية، أو ما يُمكن
نعتها جميعا بالتلوين الموسيقي للكلام.
▬ إن الأصوات هي اللبنات الأولى في البناء اللغوي وأساسه الذي يقوم عليه.
ولا خير في بناء تهالكت لبناته، واهتز قوامه مادة ً وصَنعة. المادة هنا هي الأصوات
المقررة لكل لغة وصنعتها الإتيان بها أدءاً ونطقاً على وجهها الصحيح. لو وجّه
الناس - متخصصين وغير متخصصين - اهتمامهم إلى تعرف أصوات لغتهم واستيعابها مادة
وصنعة، لساروا في الطريق الصحيح إلى إجادة لغتهم والتمكن منها، الأمر الذي الذي
يقودهم في النهاية إلى الفوزبلغة تعكس شخصيتهم وتحكي أنماط أفكارهم وسلوكهم في اتساق وتكامل، اتساق ما بين
أفراد المجتمع وتكاملهم. صــ26
▬ [...] فالتنغيم عامل جد مهم في تنميط الجمل إلى إثباتية واستفهامية
وتعجبية...إلخ. والفواصل الصوتية ممثلة في السكتة - تنبيء بوضوح عن اتصال طرفي
الجملة بعضها ببعض، كما هو الحال في الجملة الشرطية. وقد منحتنا اللغة العربية
أدوات معينة تشير إلى هذا الربط. ومن أمثلتها الفاء الواقعة في جواب الشرط في
حالات معينة، وكاللام الواقعة في جواب "لو ولولا". صــ28
▬ [...] فالفوناتيك هو علم أصوات الكلام والفنولوجيا علم أصوات اللغة (لغة
بعينها) ، والأول أقرب إلى علوم الطبيعة منه إلى علم اللغة، إنه عندهم ليس فرعاً
من علم اللغة، إنه شيء ثانوي، ليس هدفاً في ذاته، وإن كان وسيلة من وسائل دراسة
الأصوات على مستوى الفنولوجيا. ولكن هذا الأخير جزء لا يتجزأ من علم اللغة.
الفوناتيك إذن - عند هذه المدرسة (يقصد مدرسة براج)
- وظيفته دراسة الأصوات المنطوقة بالفعل في الكلام فينظر في حركات أعضاء النطق
وأوضاعها، كما يلاحظ الذبذبات الهوائية الناتجة مباشرة عن هذه الحركات والأوضاع.
أما الفنولوجيا فلا يهتم بالأصوات بهذا الوصف، وإنما عليه أن يدرس الفونيمات. وهي
العناصر المكونة للمعنى اللغوي. وهي عناصر غير مادية، إنها عناصر عقلية. ويكون
تحقيقها المادي بوساطة الصوت الفعلي أو النطق. صــ76
▬ الحلق، الفم ، التجويف الأنفي، التجويف الشفوي، هذه المناطق الأربع هي
الأجهزة الأساسية في إحداث الوضوح السمعي للكلام، وبها يتم تشكيل الأصوات بصور
مختلفة، ومنحها صفات تميز بعضها البعض. بعض هذه التجاويف ثابت، كالتجويف الحلقي
والأنفي، في حين أن التجويف الفموي متغير بلا نهاية في شكله وحجمه وفي كل الحالات
غالباً، بسبب حركات اللسان الذي يملأ الفم ويشكل الجزء الأسفل منه، وكذلك الشفاه
قابلة للحركة في شكلها وحجمها بصورة كبيرة، ومن شأنها أن تُعدل في تأثير التجويف
الفموي. صــ142
▬ قد ينطبق الوتران الصوتيان انطباقاً تاماً فلا يسمح بمرور الهواء إلى
الحلق مدة هذا الإنطباق، ومن ثم ينقطع النفس، ثم يحدث أن ينفرج هذان الوتران،
فيخرج صوت انفجاري نتيجة لاندفاع الهواء الذي كان محبوساً حال الانطباق التام. هذا
الصوت هو همزة القطع. فهمزة القطع في العربية إذن صوت صامت لا هو بالمهموس لا
بالمجهور. وقد عد بعضهم الهمزة العربية صوتاً مهموساً على حين قرر علماء العربية
القدامى أنها صوت مجهور، ولكنا نأخذ الرأي الذي تبنيناه وهو كونها صوتاً لا
بالمجهور ولا بالمهموس [..] ينبغي أن يدرك القاريء أن المصطلحين "جهر
وهمس" لا يعنيان بحال ما يُفهم من دلالاتهما المعجمية، وهي أن
"الجهر" يُعني "رفع الصوت أو إعلان القول"، وأن
"الهمس" في الكلام هوخفاؤه، فلا يكاد يُسمع، وإنما المعني بهما في دراسة
الأصوات أو في الإصطلاح الصوتي الدقيق هو "مجرد ذبذبه الأوتار في حال الجهر
أو انفراجها بحيث يُسمح بمرور الهواء دون اعتراض في حالة الهمس". ولا يعنينا
بعدُ أن يكون الصوت في أي من الحالتين أعلى أو اظهر أو أخفى أو أقل تاثيراً في
السمع. فالشين في العربية صوت مهموس في عرفنا، وإن كان أبين في النطق وأقرب منالا
للسمع من صوت مجهور كالدال مثلاً. فالمصطلحان (وما تفرع منهما) إذن منقولان من
المعنى العام إلى المعنى الخاص، من باب التخصيص أو المجاز - قُل ما شئت. صــ175
▬ تختلف الحركات في عددها من لغة إلى أخرى اختلافاً كبيراً. وتستطيع أن
تتأكد من ذلك حين تحاول المقارنة بين حركات اللغة العربية مثلاً وحركات اللغة
الإنجليزية. سوف يتبين لك حينئذ أن الحركات الأساسية في اللغة العربية ثلاث أو ست
حركات إذا أُخذت القصر والطول في الحسبان، في حين أن الحركات الرئيسية في اللغة
الإنجليزية إحدى وعشرون حركة بين ثنتان وعشرون إذا ضممنا إليها ما يُعرف بالحركة
المركزية. ولا نعدو الحقيقة إذا قررنا أن حركات اللغة الواحدة تختلف فيما بينها من
بيئة إلى أخرى. قارن مثلاً بين العربية حين يتكلم بها عراقي بحركات هذه اللغة
ذاتها حين ينطق بها مصري. سوف تجد أن هناك فروقاً دقيقة بين هذه الحركات في
الحالتين، وسر هذا الخلاف يرجع إلى تأثر كل منهما بعادات النطق المحلية، أي تأثره
بحركات لهجته الخاصة [..] الحركات أصعب من الأصوات الصامتة في النطق إلى حد ملحوظ. يظهر ذلك بخاصة عند الإنتقال من اللغة
القومية إلى اللغات الأجنبية. ولنا - نحن المصريين - خبرة في ذلك. فكل منا واجه
يوماً ما بعض الصعوبات في نطق حركات اللغة الإنجليزية أو بضعها. وليس من الخطأ في
شيء أن نقول إن بعض المثقفين - بل بعض المتخصصين في اللغة الإنجليزية هنا - لا
يزالون عاجزين عن نطق حركات هذه اللغة نُطقاً سليماً وبالطريقة التي تألفها آذان
الإنجليز. صــ222
▬ هناك إشارات متناثرة في أعمال السابقين والخالفين تشير، بل تكاد تؤكد أن
صوت الظاء (لا الضاد) هو الخاص بالعربية. جاء في "لسان العرب"
:"روى الليث أن الخليل قال: الظاء حرف عربي خص به لسان العرب لا يشركهم فيه
أحد من سائر الأمم. والظاء من الحروف المجهورة. والظاء والذال والثاء في
حيزواحد". ويأتي صاحب "تاج العروس" ويسجل هذه الراوية بنصها
(تقريبا)، ويزيد عليها قوله: قال شيخنا وصرح بمثله أبو حيان وشيخه ابن أبي الأحوص وغير
واحد. فلا يعتد بمن قال إنما الخاص (بالعربية) الضاد". صــ272
▬ [..] وقد أدرك سيبويه ٍ هذه العلاقة بين الحركات الثلاث (الفتحة والكسرة
والضمة) وحروف المد، وعبر عن ذلك بعبارات لا تخرج في مضمونها عما قرره
الخليل.ويأتي بعد فترة من الزمن ابن جني فيلسوف العربية الذي تُعد أعماله بمثابة
"المذكرات التفسيرية" لقوانين العربية وضابطها، ويعبر عن هذه العلاقة
(علاقة الجزئية بين الحركات وحروف المد) بعبارات أوضح وأقرب منا للإستيعاب، فيقول
: (سر صناعة الإعراب ج1 ص19): "أعلم أن
الحركات ابعاض حروف المد واللين. وهي الألف والياء والواو، فكما أن هذه الحروف
ثلاثة فكذلك الحركات ثلاث، وهي الفتحة والكسرة والضمة. الفتحة بعض الألف والكسرة
بعض الياء والضمة بعض الواو. وقد كان متقدمو النحويين يسمون الفتحة بالألف الصغيرة
والكسرة الياء الصغيرة والضمة الواو الصغيرة، وقد كانوا في ذلك على طريق
مستقيمة". صــ422
▬ ألم يأن لعلماء العربية أن يدركوا أن الحركات القصار لها دور حاسم في ضبط
أهم خاصة من خواص العربية، ونُعني بها الإعراب ؟ الإعراب هو دليل صحة الكلام أو
خطئه. والعنصر الفاعل لهذا الضبط هو الحركات بوصفها أصواتاً (لا علامات) اُختصت
بهذه الوظيفة البالغة الأهمية، دون الأصوات الصامتة. أما كان ذلك كله دافعا إلى
الوقوف مع الحركات القصار وقفة متأنية تعدل أهميتها ووظائفها في اللغة؟ [..] وهكذا
بقيت المشكلة على حالها، وهكذا سلم لنا زعمنا من أن قُدامى اللغويين لم يوجهوا إلى
الحركات القصار الإهتمام الُمناسب لموقعها في النظام الصوتي للغة، ولوظائفها
البالغة الأهمية في تشكيل النظام. صــ429 : 430
[مدخل إلى الفونولوجيا]
▬ الكلام الإنساني عند الأداء النُطقي مكون من سلسلة من الأحداث النُطقية
(الأصوات المنطوقة) المتداخلة المتشابكة التي يصعب التفريق بينهما، أووضع حدود
تفصل بينهما فصلاً حاسماً كما في الكلام المتصل. وهذه الأحداث المنطوقة - بالإضافة
إلى ذلك - كثيرة كثرة السياقات الصوتية التي تقع فيها. وهذا التداخل والتشابك له
صور كثيرة، يظهر أثرها في تعدد أمثلة الصوت الواحد التي تتفق في شيء وتختلف في شيء
آخر. فالتاء مثلاً بوصفها صوتاً مهموساً مرققاً قد يُصيبها الإجهار في نحو
"انعتْ داود" لمجاورتها الدال المجهورة، وقد يمسها شيء من التفخيم في
مثل "جرتْ طوال الوقت" لاتصالها بالطاء وهي مفخمة. والباء الساكنة في
"اركبْ معنا"، وهي في الأصل وقفة انفجارية، أصابها "التأنيف"
متأثرة بالميم التالية لها وهي صوت أنفي خالص. والنون - وهي صوت أسناني لثوي -
تصير صوتاً شفوياً في "انبهر" لمجاورتها الباء الشفوية. والنون بالذات
لها صور نُطقية أخرى كثيرة، يظهر فيها التعدد بصورة أجلى وأوضح. تدبر ذلك في نطق
النون الساكنة في "إن ثاب" - إن شاء - إن قال - من يكن، إلخ، تجد أن كل
صورة من هذه النونات تختلف عن أختها في موضع النطق، ولكنها جميعها - على الرغم من
ذلك - ما تزال تكون حزمة واحدة تمثل كلاً أو وحدة صوتية واحدة اصطلح على تسميتها
"صوت النون". وهذه الظاهرة ليست مقصورة على الصوامت، بل إن الحركات
أيضاً لها نصيب ملحوظ من تعدد الصور بحسب السياق فالسكون في "إنْ" يُنطق
بالكسر في نحو "إن ارتبتم"، للتخلص من التقاء الساكنين، وكذلك الحال في
سكون الواو في مثل "اخشوْا" حيث يحرك بالضمة في "اخشوُا الله"
ونحوه. وتخضع الحركات أيضاً للتغير والتعدد في الكم من حيث القصر والطول في الكلام
المتصل. فالكسرة في الحرف "في" كسرة طويلة ولكن يصيبها القصر في نحو
"في البيت". ولو انتقلنا من إطار الكلام المتصل إلى الكلمات المفردة،
لوجدنا هذا التعدد لأمثلة الصوت الواحد يظهر بصورة أوضح وأجلى. فقد يُهمس المجهور
ويُجهر المهموس، أو تختلف صور النطق تبعاً
للسياق، كما في حال القاف والخار والغين. فهي أصوات مرققة إذا أُتبعت بكسر في حين
أنها تخضع لشيء من التفخيم إذا كانت متلوّة بفتح أو ضم [..] وتعدد الصور النطقية
للحركات ملحوظ أيضاً على مستوى الكلمة المفردة. فالفتحة الطويلة مثلاً مفخمة في
"طاب" ومرققة في "تاب" ولكنها بين بين في نحو
"قال"، وهكذا الحال في سائر الحركات. صــ 477 : 478
▬ وهنا يبرز سؤال مهم: متى يمكن لنا أن نعد "النون" مثلاً صوتاً
واحداً؟ ومتى يجوز لنا أن نحسبها عدة أصوات؟ الإجابة على هذا السؤال تختلف باختلاف
وجهة نظر الدارس إلى الموضوع. النون صوت واحد إذا نظرت إليها من الناحية الوظيفية،
أي إذا نظرت إليها من حيث كونها قادرة على تغيير معاني الكلمات أوعدم قدرتها على
ذلك. ولكنها عدة أصوات (الوفونات) إذا نظرت إليها
من الناحية النطقية الصرفة فقط، أي: من حيث واقعها في النطق الفعلي في الكلام ومن
حيث تأثيرها على السمع.. ولتفسر ذلك بصورة أوضح نقول: إن النون صوت واحد بوصفها
ليست باء أو تاء أو ... إلخ: بوصفها ذات وظيفة لغوية، أي قدرتها على تغيير معاني
الكلمات. فالفرق في المعنى بين "ناب
وثاب" مثلاً يرجع إلى وجود النون في الكلمة الأولى والثاء في الثانية. ومن ثم
كان كل منهما - بهذه النظرة - صوتاً واحداً لا عدة أصوات. أما أفراد النون أو
صورها المختلفة فلها قيمة نطقية فقط، أي أنه يمكن تمييز كل منها في النطق والسماع،
ولكنها ليست ذات وظيفة لغوية، إذ لا تتغير معاني الكلمات بإحلال إحداها مكان
الأخرى. وذلك لسبب بسيط وهو أن النون في "إن ثاب" مثلاً لا تحل محل
النون في "إن شاء" في الأسلوب اللغوية الواحد، في حين أن النون - بوصفها
"وحدة" أو صوتاً مستقلاً، بقطع النظر عن أفرادها وأمثلتها المنوعة - هي
التي تتبادل المواقع مع غيرها من الواحدات، كما مر في "ناب وثاب".
صــ480
▬ [..] ويرى أصحاب الرأي الرابع بأن الفونيم حزمة من الخواص الصوتية
الأساسية التي يعتمد عليها في التفريق بين الوحدات الصوتية للغة ما. فالميم في
العربية مثلاً يُنظر إليها على أنها مجموعة من السمات التالية: الأنفية والجهر
والشفوية. وهذه الخواص الثلاث الأساسية الفارقة بين الميم وغيرها من الوحدات،
وتُسمى حينئذ فونيم الميم. ويقرر هؤلاء أن بعض هذه الصفات يرجع إلى مخرج الصوت
وبضعها إلى سمات النطق. ويُسمى هذا الرأي أو تلك النظرية بنظرية "السمات
الفارقة" التي ترى أنه من الضروري أن تتميز الواحدات الصوتية أو الفونيمات في
لغة ما بعضها من بعض بوجود صفة فارقة واحدة في الأقل. وهكذا الحال في النظر إلى
اللغات المختلفة، إذ من الطبيعي أن تختلف السمات الفارقة في هذه اللغات. فالتفخيم
في العربية مثلاً صفة فارقة، ولكنه ليس كذلك في لغات أخرى كالإنجليزية مثلاً.
والهمس والإنفجارية والشفوية حزمة في الفونيم الإنجليزي [p]
التي تختلف عن فونيم الباء [b] في
العربية بصفة فارقة مهمة، هي الهمس في الإنجليزية والجهر في العربية. وهذه النظرية
- وإن كانت تشبه رأي بلومفيلد في الأخذ بمبدأ السمات الفارقة عند تعيين الفونيم -
يُفهم منها صراحة ً أنها تدخل النطق الفعلي وسماته في الحسبان عند النظر في
الفونيمات وتعيينها. ومن هنا كان الحكم على هذه النظرية بأنها تقرب الشقة بين
"الفوناتيك" phonetics و"الفنونولوجيا"
phonology، أو لعلها لا تفرق بينهما أصلاً. صــ490
▬ الفونيم وحدة صوتية تميز كلمة عن أخرى، أي تقوم بالتفريق بين الكلمات من
النواحي الصوتية (وهذا طبيعي) والصرفية والنحوية والدلالية. فكلمة "نام"
مثلاً تختلف عن "قام" في المعنى بالإضافة إلى إختلافهما في التركيب
الصوتي، بفضل وجود فونيم النون في الكلمة الأولى والقاف في الثانية. والفرق بين
"من" (بكسر الميم) و"من" (بفتحها) فرق في الصرف والنحو
والمعنى جميعا. فالأولى حرف جر يفيد الإبتداء والثانية تصح أن تكون اسم استفهام أو
اسم موصول، ولكل منهما موقعه في البناء اللغوي ووظيفته. وترجع هذه الفروق كلها إلى
وجود فونيم الكسرة في الكلمة الأولى وفونيم الفتحة في الثانية. صــ491
▬ انتشرت فكرة الفونيم واتسعت دوائرها، حتى اختطفها الأمريكان (كعادتهم في
كل العلوم والفنون) وأشبعوها بحثاً ودراسة، وتعميقاً وتفصيلاً إلى أن انتهى الأمر
بهم إلى تشكيل فرع خاص من الدراسات اللغوية سموه "علم الفونيمات" The phonemics. وهو علم أو فرع يناظر الفونولوجيا Phonology
(علم وظائف الأصوات) عند الأوروبيين، أو هو ما يزال تحت مظلة الفونولوجيا بالمعنى
الواسع عند بعضهم: خلاف بين الأمريكان وبعض الأوربيين الآن [..] وقد نهج الأمريكان
في دراسة الفونيم منهج "التقطيع" أي: تقطيع السلسلة الكلامية إلى قطع،
أو وحدات أو عناصر، لكل منها موقعه واسمه الخاص به. وقد أثر هذا النهج في
المستويات اللغوية الأخرى، صرفية أو نحوية، على خلاف ما يسير عليه غيرهم كالإنجليز
مثلاً الذين يأخذون السلسلة الكلامية وحدة متصلة متكاملة، لا انفصام بين مكوناتها،
شأنها في ذلك شأن "الخيط" [..] ومن الجدير بالذكر أن هؤلاء الإنجليز لا
ينحازون إلى فكرة الفونيم هذه، ولا يأخذونها في الحسبان، كما لا يستخدمون
مصطلحاتها إلا قليلاً وبطريق عابرة، ويرون أن "الفونولوجيا" بمعناها
الواسع جديرة أن تقدم المباديء والأسس العلمية الدقيقة لدراسة أصوات اللغة. واختلف
الإنجليز والأمريكان (وغيرهم من الدارسين) حول نقطة أخرى مهمة تتعلق بفكرة
الفونيم. هذه الفكرة تتمثل في الإجابة عن سؤال هل للفونيم معنى؟ يرى كثير من
الأمريكان وغيرهم أن الفونيم لا معنى له. ولعلهم بذلك يقصدون المعنى العقلي
أوالُمعجمي، وما إلى ذلك، ولكن فيرث (حين يشير إلى الفونيم) يؤكد أن للفونيم معنى،
أي: أن له قيمة ووظيفة مهمة، تتلخص في قيامه بالتفريق بين معاني الكلمات، وهو رأي
وجيه مقبول عندنا. صــ494 : 495
▬ جرى العرف عند بعض الدارسين على تصنيف الفونيم إلى صنفين. الأول سموه
"الفونيم الرئيسي Primary phoneme ,الثاني
نعتوه بالفونيم الثانوي Secondary phoneme وهذا
التصنيف الثنائي هوالنهج السائد في الأوساط الأمريكية، وبخاصة مدرسة بلومفيلد
وأتباعه. وقد أخذ بهذا التصنيف كثير من اللغويين في العالم.. والمقصود بالفونيم
الرئيسي عند هؤلاء تلك الوحدة الصوتية Unit
التي تكون جزءاً من اصغر صيغة لغوية ذات معنى منعزلة عن السياق. أو قل، الفونيم
الرئيسي عندهم هو ذلك العنصر الذي يكون جزءاً أساسياً من بنية الكلمة المفردة،
وذلك كالباء والتاء إلخ بوصفها وحدات، لا أمثلة نطقية فعلية، وكذلك الفتحة والكسرة
والضمة بهذا الوصف أيضا. أما الفونيم الثانوي عند هؤلاء جميعاً فيطلق على كل ظاهرة أو صفة صوتية ذات مغزى أو قيمة في
الكلام المتصل. ومعناه أن الفونيم الثانوي - على العكس من الفونيم الرئيسي - لا
يكون جزءاً من بنية الكلمة، وإنما يظهر ويُلاحظ فقط في الكلام المتصل، أي: حين
تُضم كلمة إلى أخرى، أو حين توظف الكلمة المفردة بصورة معينة، كأن تُستخدم جملة بذاتها.
ومن أمثلة الفونيم الثانوي درجة الصوت - النغمة، النبر - التنغيم (موسيقى الكلام)
- قصر الحركات وطولها إلخ. ومعنى هذا بإختصار أن الفونيمات الثانوية تكسو المنطوق
كله وتُكسبه صفات أو سمات مميزة، ولكنها في كل الحالات لا تكّون أية عناصر من بنية
هذا النطوق أو مفرداته. ومراعاة لهذه الفروق بين الصنفين وموقعهما في الكلام
الإنساني. رأي بعضهم تسمية فونيمات النوع الأول "الرئيسي" بالفونيمات
التركيبية أو القطعية، والثانية بالفونيمات فوق التركيبية أو غير القطعية. صــ496
▬ النبر (stress) في اللغة معناه البروز
والظهور، ومنه "المنبر في المساجد ونحوها. وهذا المعنى العام ملحوظ في دلالته
الإسطلاحية؛ إذ هو في الدرس الصوتي يُعني نُطق مقطع من مقاطع الكلمة بصورة أوضح
وأجلى نسبياً من بقية المقاطع التي تجاوره. ومعلوم أن الكلمة تتكون من سلسلة من
الأصوات المترابطة المتتابعة التي يسلم بعضها إلى بعض، ولكن هذه الأصوات تختلف
فيما بينها قوة وضعفا، بحسب طبيعتها ومواقعها. فالصوت أو المقطع الذي يٌنطق بصورة
أقوى مما يجاوره يسمى صوتاً أومقطعاً منبوراً، stressed.
ويتطلب النبر عادة بذل طاقة في النطق أكبر نسبياً، كما يتطلب من أعضاء النطق
مجهوداً أشد. لاحظ مثلاً الفرق في قوة النطق وضعه بين المقطع الأول (القصير) والمقطعين الآخري (القصيريين)
في "ضَرَبَ" ['da/ra/ba]، تجد أن
[da] المقطع الأول ينطق بارتكاز أكبر من زميليه في الكلمة نفسها. وهذا
ما نلاحظه أيضا في المقطع [kaa] من
"كاتب" ['kaa/tib] وفي المقطع [ruub] من "مضروب" [mad/'ruub].
صــ512
▬ [..] في هذه اللغات ونحوها يرشدنا النبر بطريق ضمنية إلى بداية الكلمات
ونهايتها. ولكن الاعتماد على النبر ومواقعه في تحديد الكلمات المتصل لا يمكن
تطبيقه على اللغة الإنجليزية، إذ ليس بها نظام ثابت للنبر. إنها لغة من ذوات النبر
الحر free ، حيث ينتقل النبر فيها من مكان إلى آخر في الكلمة الواحدة كما في
الكلمة record مثلاً. فهي اسم إذا كان النبر على المقطع الأول، ولكنها فعل إذا
وقع النبرعلى المقطع الثاني والأخير. فالنبر هنا - وإن كان صالحاً لتعيين الجنس
الصرفي للكلمة - لا يمكن اعتماده مرشداً إلى بدايات الكلمة ونهايتها في الكلام
المتصل. صــ515
▬ [..] وتوظيف العربية للنبر على مستوى الجملة لا يُعني أنها لغة نبرية
بالمعنى الدقيق. ذلك أن المعنى في اللغات النبرية يخضع للتغير (وبخاصة على مستوى
الكلمة) بتغيير مواقع النبر ودرجاته وكيفيات توزيعه.. فالنبر في العربية على
المستويين جميعاً ذو قوانين ثابتة مقررة، بحيث
يقع في مواقعه المعينة بحسب التركيب المنطقي للبنية اللغوية، سواء أكانت
هذه البنية كلمة أم جملة. كل الذي حدث ويحدث أحياناً هو أن النبر قد يأتي على
درجات مختلفة من حيث القوة أو التوسط أو الضعف في بعض الجمل ومكوناتها لأغراض
تعبيرية خاصة. ومعناه أن مواقع النبر لم تتغير، وإن أصاب النبر شيء من التنوع في
الدرجة بتنوع الأغراض والمقاصد. وفي كل الحالات ما يزال المعنى العام للجملة
ثاتباً، وإن اشتُمتْ منه (بسبب تغير درجات النبر) ملامح دلالية إضافية، ثانوية أو
هامشية، قد تُفيد أغراضاً مقصودة كالتأكيد أو شدة الإهتمام أو المفارقة...صــ523 :
524
▬ التنغيم في الإصطلاح هو موسيقى الكلام، فالكلام عن إلقائه تسكوه ألوان
موسيقية لا تختلف عن "الموسيقى" إلا في درجة التواؤم والتوافق بين
النغمات الداخلية التي تصنع كلاً متناغم الوحدات والجنبات. وتظهر موسيقى الكلام في
صورة ارتفاعات وانخفاضات أو تنويعات صوتية، أو ما نسميها نغمات الكلام، إذ الكلام
- مهما كان نوعه - لا يُلقى على مستوى واحد، بحال من الأحوال. صــ533
▬ يؤدي الإنسان في القديم والحديث كلامه المنطوق بتلوينات موسيقية مختلفة،
وهو لا يدري كنهها أو أنماطها أو حتى وظائفها،
وإنما يأتي به كذلك جريا على عاداته اللغوية المكتسبة من الجو اللغوي العام
في البيئة المعينة. قد يُخطيء بعضهم في التلوينات المناسبة، فيرشده أهل الخبرة
والذوق اللغوي الخاص، كما حدث من أبي الأسود مع ابنته؛ فأبو الأسود لم يتلق دروسا
في التنغيم، ولم يقم هو نفسه بدراسته نظرياً، وإنما استوعب أبعاده ووظائفه بسليقته
الجارية على سنن الناطقين الأسوياء. صــ548
▬ الفواصل الصوتية مصطلح نطلقه نحن على مجموعة من الظواهر الصوتية التي
تشكل ظواهر أخرى - كالنبر والتنغيم - تلوينا موسيقيا خاصا بالمنطوق، يحدد طبيعة
التركيب وماهيته ودلالته. هذه الفواصل هي : الوقفة stop
والسكتة pause والاستراحة أو أخذ النفس.
وكلها ذات خطر وبال في صحة الأداء الصوتي وتجويده، وفي التحليل النحوي والدلالي
للتراكيب. صــ553
▬ السكتة في اصطلاحنا أخف من الوقفة وأدنى منها زمنا. وهي في حقيقة الأمرلا
تُعني إلا مجرد تغيير مسيرة النطق بتغيير نغماته، إشعارا بأن ما يسبقها من الكلام
مرتبط أشد ارتباطا بما يلحقها ومتعلق به ومن ثم يسميها بعضهم "وقفة أو سكتة
مُعلقة" والقاعدة أنها تكون مصحوبة بنغمة صاعدة rising tone ، دليلاً على عدم تمام الكلام. وعلامتها في الكتابة الفاصلة [،].
وهذه الفاصلة - كما قررنا سابقا - فاصلة واصلة: هي فاصلة نطقا واصلة للسابق
باللاحق بناء ومعنى. والسكتة (بخلاف الوقفة) يُمكن إعمالها، كما يجوز إهمالها،
ولكن إعمالها أولى. صــ557
▬ الأصوات اللغوية معقدة إلى أقصى حد، فهي ليست مجرد ضوضاء يحدثها المتكلم
في الهواء ، وإنما هي أصوات ذات جوانب متعددة وخصائص متباينة. ودراستها دراسة
لغوية دقيقة تقتضينا أن نبحثها على مستويات مختلفة، بادئين - كما هي العادة -
بدراسة خصائصها أوجانبها الصوتي، أي: ذلك الجانب الذي يتمثل في آثار تلك الجهود
العضلية التي يقوم بها جهاز النطق، فتحدث ذبذبة في الهواء منتقلة بعد ذلك إلى أذن
السامع. ولهذه الأصوات - بالإضافة إلى ذلك - جوانب وخواص أخرى تتمثل في مميزاتها
الصرفية والنحوية...إلخ. صــ576
▬ إن دراسة على أي مستوى من مستويات البحث اللغوي تعتمد في كل خطواتها على
نتائج الدراسات الصوتية. وذلك أمر يمكن إدراكه إذا عرفنا أن الأصوات هي اللبنات
الأولى للأحداث اللغوية، وهي التي يتكون منها البناء الكبير. ولقد صح بهذا المعنى
أحد رواد الدراسات الصوتية في إنجلترا منذ زمن بعيد. يقول هنري سويت H. Sweet في خطاب له إلى مدير جامعة أُكسفورد سنة 1902 : "إن موضوع تخصصي - أي علم الأصوات - موضوع
قد يبدو غير ذي جدوى بذاته. ولكنه في الوقت نفسه أساس كل دراسة لغوية سواء أكانت
هذه الدراسة دراسة نظرية أو علمية ". ويؤكد أستاذنا فيرث هذا الاتجاه، مشيراً
إلى مدى اعتماد المستويات اللغوية المختلفة على دراسة الأصوات. بيقول فيرث:
"لا يمكن أن تتم دراسة جادة لعلم المعنى الوصفي descriptive semantics لأية لغة منطوقة؛ ما لم تعتمد هذه الدراسة على قواعد صوتية وأنماط
تنغيمية intonation
norms موثوق بها. وإنه لمن المستحيل أن
تبدأ دراسة الصرف بدون تحديد صوتي لعناصره أو بدون تعرف هذه العناصر بوساطة
التلوين الصوتي كما يحدث أحياناً. أما النحو بالذات فلا تكتمل دراسته بحال بدون
دراسة الأنماط التنغيمية أو النماذج الموسيقية للكلام. صــ605