الحزب الهاشمي وتأسيس دولة الخلافة الإسلامية (سيد القمني)


▬ (إن أراد الله إنشاء دولة خلق لها أمثال هؤلاء) - قالها عبد المطلب بن هاشم، وهو يشير الى أبنائه وحفدته، فبرغم التفكك القبلي فى بيئة البدواة، التي عاشتها جزيرة العرب، فإن هناك من استطاع أن يقرأ الظروف الموضوعية ،المدينة، مكة بوجه خاص، وأن يخرج من قراءته برؤية واضحة؛ هى إمكان قيام وحدة سياسية بين عرب الجزيرة، تكون نواتها ومركزها (مكة) تحديداً، برغم واقع الجزيرة المتشرذم أنذاك.. لكن بقية الناس - حتى داخل مكة - ممن كانوا يعتبرون أنفسهم عقلاء لم يكونوا مع هذا التفاؤل، ولا مع هذا الجموع فى الآمال، فهذا الأسود بن عبد العُزّي يقدم الإعتراض البدهي والواضح والمباشر؛ قائلا : "الا إن مكة لقاح لا تدين لملك"، وهو إعتراض يستند إلى قراءة أخرى؛ فالعرب - أياً كان الظرف الإجتماعي - لا تقبل بفرد يملك عليهم ويسود؛ لأن معنى ذلك سيادة عشيرة على بقية العشائر، وقبيلة على بقية القبائل، وهو ما تأباه أنفة الكبرياء القبلي وتنفر منه..وقد ثبت أن الحجاز - ومكة بالذات - أنه بعيد المنال، ولا يتخوف نهوض عدوه إليه، فبينما كانت الممالك العربية قد وقعت تحت الإحتلال أو النفوذ الأجنبي - ففقدت اليمن إستقلالها منذ الربع الأول من القرن السادس الميلادي، وسقطت تحت حكم الأحباش ثم الفرس، وفقدت مملكة الحيرة إستقلالها وتحولت إلى إمارة يحكمها أمير فارسي، وإضطربت أحوال المملكة الغسانية بعد أن قلب لها الرومان ظهر المجن - فإن منطقة الحجاز بمدينتها الرائدتين (مكة ويثرب) ، كانت تتمتع بإستقلال نقي، هيأها له وضعها الجغرافي، ووعورة الطريق إليها؛ فكانت هى البيئة العربية الخالصة؛ البعيدة عن مجال الصراع الدولي، وعن التأثر بالحضارات الأجنبية؛ بدون أن تفقد التواصل معها، ولم تخضع لحاكم أجنبي، ومع ذلك فلم تكن فيها ممالك بالمعني الحقيقي، ولا وحدة سياسية كبيرة تنتظم أمر قبائل الحجاز جميعا، وهذا كله إنما هو دعم حقيقي لرأى (الأسود بن عبد العُزي)!... وإزاء كل هذه العوائق الواضحة، والمحبطات السافرة للحلم وللأمل، وللتوقع، لم يجد الآخرون سوى الإهتداء إلى أنه لا حل سوى أن يكون منشىء الدولة المرتقبة نبيا مثل داود، وعندما وصلوا إلى هذا؛ فشا الأمر بسرعة هائلة بين العرب؛ حتى اشتد الإرهاص بالنبي المنتظر خلال فترة وجيزة، وآمن هؤلاء بذلك، وأخذوا يسعون للتوطئة للعظيم الآتى، وإن ظلت المشاعر القبلية داخل النفوس التى تهفو للوحدة؛ وظن كل منهم أن الآتى سيكون منهم؛ مثل (أمية بن عبد الله الثقفي) الذى راودته نفسه بالنبوة والملك؛ فقام ينادي : الا نبي منا فيخربنا ما**بعد غايتنا رأس محيانا؟

▬ يذكر الدكتور احمد شلبي : "ثم انحط اليمنيون..وحل محلهم فى القبض على ناصية التجارة عرب الحجاز، وكان ذلك منذ بداية القرن السادس للميلاد؛ فكان هؤلاء الحجازيون يشترون السلع من اليمنيين والحبيشيين؛ ثم يبيعونها على حسابهم فى أسواق الشام ومصر، وقليلاً ما كانوا يبيعونها فى أسواق فارس؛ لأن التجارة مع الفرس كانت فى يد عرب الحيرة، وجعل عرب الحجاز مكة قاعدة لتجارتهم، ووضعوا الطريق تحت حمايتهم " .

▬ وما إن أطل القرن السادس على ربعه الأخير حتى بدأت المنافسة بين مكة ويثرب:أهم محطتين فى العصر الجاهلي، بحسبانها محطة مرور ضرورية يمر عليها الطريق التجاري القادم من مكة شمالاً، لولا دخولها فى مرحلة تمزق، نتيجة الخلافات الداخلية التى ربما كان سببها تركيبها الهجين، فبرغم تجانس السكان - فسكانها من الأوس والخزرج من اليمن وبطون اليهود يعودون إلى أصول يمنية - فإن العامل الديني ووجود اليهود فيها كان لا شك عاملا مؤججا للصراع الداخلي؛ حتى أشرفت على هلاك كامل؛ أدى بها إلى محاولة سبق لمكة؛ فكادت تقوم بها مملكة على يد (عبد الله بن أُبي بن سلول) قبل الهجرة النبوية إليها .

وقد اشتهرت من بيوت الآلهة أو الكعبات ... (بين اللات، وكعبة نجران، وكعبة شداد الإيادي، وكعبة غطفان، وبيت ذي الخلصة المعروف بالكعبة اليمانية، بيت ثقيف ، كعبة ذي الشري، وكعبة ذي غابة والملق بالقدس، الات، وديان ، وصالح، ورضا، وحريم، وكعبة مكة، وبيت العزى قرب عرفات، وبيت مناة...)

▬ وكان موقع مكة الجغرافي بعيداً عن يد البطش الإمبراطوري (فارسية أو رومانية)، إضافة إلى حالة الضعف والإنهيار التي أصابت هذه الإمبراطوريات؛ مع الفشل الذريع الذي مُنيت به المحاولة اليتيمة من روما لضرب مكة كمركز تجاري قوي بواسطة جيش أبرهة الحبشي فى عام الفيل، عوامل ساعدت علي صعود النجم المكي وإتساع السطوة المكية؛ مما أعطى القرشيين الضوء الأخضر للقيام بالدور التاريخي الذي حتمته الظروف عليهم، خاصة بعد أن تدهورت اليمن مرة أخرى، وأصبحت قاصرة عن القيام بهذا الدور، وإنتهت كتابع للدولة الفارسية. صـ74
---------------------------------------------------------------------------------------

▬ تُنبئنا كتب الأخبار أن محاولات السيطرة على مكة مسألة قديمة. تعود فى قدمها إلى قبيلة جُرهم وهي من أصل يمني قحطاني، وكيف أنه إصطرع حول مكة عرب الجنوب القحطاني وعرب الشمال العدناني، فتنتقل من سيادة جُرهم إلى سيطرة إياد بن نزار، ليغلبه عليها بعد ذلك مُضر، ومن مُضر تنتزعها خزاعة اليمنية مرة أخرى، لينتهي بها الأمر إلى الإستقرار فى يد قريش؛ في قبضة قُصي بن كلاب.. ومن البداية كان واضحاً مدى دهاء قُصي ووعيه السياسي، وإدراكه لما يحدث علي المستوى الإجتماعي من جدل وتغير مطرد؛ إبان سعيه العبقري للإستيلاء على السلطة، وإنتزاعها من خزاعة؛ فقام يتودد إلى حُليل؛ سيد خُزاعة، وأدى الود إلى وداد المصاهرة، فتزوج قُصي بنت حُليل، وهنا يروي ابن هشام، فيقول : "إنه لما هلك حُليل..رأى قُصي أنه أولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة..فكلم رجالاً من قريش وبني كنانة، ودعاهم إلى إخراج خزاعة من مكة، وبخدعة إستطاع أن يشتري من أبي غباش الخزاعي - وكان عجوزا خرفا - مفاتيح مكة، مقابل زق من الخمر وقعود فى ليلة سامرة، ويقول الحافظ ابن كثير:"فإشترى قصى ولاية البيت منه بزق من الخمر وقعود؛ فكان يُقال: أخسر من صفقة أبي غباش"، ويزيد ابن هشام بقوله: "فكان قًصي أول بني كعب بن لؤي أصاب مُلكا؛ اطاع له به قومه، فكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة، فحاز شرف مكة كلها".صـ81

▬ إيماناً بفردية الحكم المطلق،وحتى لا تتفرق مكاسبه وتتناثر؛ ترك قُصي بن كلاب كل سلطاته ووظائفه وسنته الزكية، لولده البكر عبد الدار، دون أخيه عبد مناف؛ ورحل إلى عالم الأسلاف، بعد أن أسس لقريش دولتها الواحدة فى مكة، ولكن قًصي ما كان يعلم أن الحقد سيتملك قلب عبد مناف على ملك عبد الدار وما حظي به من تشريف؛ فكان أن توارث الأبناء أحقاد الآباء، وقام أبناء العمومة يستعدون القبائل على بعضهم وتجمع بنو عبد مناف من مع مؤديهم في حلف المطيبين؛ فرد عليهم بنو عبد الدار وحزبهم بحلف الأحلاف، وتجمع الفريقان للقتال من أجل السيادة على مكة... وحقناً للدماء لجأوا الى السلام المشترك، واصطلحوا على أمر، على أن تكون السقاية والرفادة والقيادة لبني عبد مناف، والحجابة واللواء لبني عبد الدار، ودار الندوة بينهم بالإشتراك... وقد إستقرت الوية الشرف(القيادة والسقاية والرفادة) المنتزعة من بين عبد الدار لبيت عبد مناف، فى يد هاشم بن عبد مناف بالتحديد دون بقية إخوته، لذا فما إن رحل أخوه عبد شمس عن الدنيا حتى ساورت ولده أمية الأطماع فى أخذ ما بيد عمه من ألوية الشرف بالقوة، ووقف نوفل مؤقتاً على الحياد، وكادت الحرب تقطع صلات الرحم، وتهدر الدم الموصول، ومرة أخرى تفادي القوم الكارثة، فرضوا بالإحتكام إلى كاهن خزاعي؛ فقضي الكاهن بنفي أمية بن عبد شمس عشر سنوات إلى منفى إختياري، ولم يجد أمية بداً من الرضى بحكم ارتضاه؛ فشد رحاله إلى بلاد الشام ليقضي بين أهلها من السنوات عشراً .. // ومن هنا كان منبت العداوات//.. صـ89 ، 90

▬ على الرغم من أن ألوية السيادة المستقرة فى بيت عبد الدار قد كلفت له إختصاصات التحكم والقوة، فإن تكتيك هاشم اتجه منحى آخر تمثل فى اكتساب القلوب، فقام يهشم الثريد لقومه بيده -لذلك لُقبَ هاشما- ومد بسخائه القاصي والداني، أما أسمه الحقيقي فكان عمرو، ويقول ابن كثير:"...هاشم واسمه عمرو سُمي هاشما لهشمه الثريد مع اللحم لقومه فى سني المحل، كما قال مطرود بن كعب الخزاعي فى قصيدته، وقيل للزعبري والد عبد الله : عمرو الذى هشم الثريد لقومه**ورجال مكة مسنتون عجاف//سنت اليه الرحلتان كلاهما**سفر الشتاء وحلة الأصياف

لكن هاشماً أعطى الوضع المتأزم أبعادا جديدة؛ عندما دعم قوى حزبه العسكرية برجال الحرب والدم والحلقة من بني النجار والخزرج فى يثرب؛ فشد الوثاق بهم بأن تزوج سلمى بنت عمرو من بني  النجار من الخزرج، ليكون ذلك لحزب عبد الدار وعبد شمس إعلاناً صريحاً عن قيام التحالف بين الحزب الهاشمي وأهل الحزب اليثاربة، وترك ولده شيبة المعروف بعبد المطلب ينمو ويربو ويرضع الفروسية بين أخواله، وحيث كان كل التاريخ الديني يتواتر هناك فى مقدسات اليهود. صــ97

▬ ثم بعدها.. ولم يطل العمر بالمطلب (أخو هاشم) سيدا؛ فقد رحل تاركاً استكمال المهمة الجليلة لابن أخيه؛ ذاك العبقري الفذ شيبة بن هاشم المعروف بعبد المطلب، الذى تربى صغيراً فى كنف أخواله من أهل الحرب اليثاربة، ثم تزوج بنت جناب بن كليب الخزرجي شداً للأواصر ومداً للوثاق، وكان واضحاً من البداية فهمه الثاقب لأبعاد الأوضاع فحرص على استدامة حلف المطيبين بالزواج من بني زهرة..

ثم بعد ان نزح عائداً الى مكة..

▬ والجديد فى أمره، هو عمله على وضع أيدلوجيات متكاملة لتحقيق أهداف حزبه، فكان إدراكه النفاذ لسنة جده قُصي الدينية والسياسية مساعداً على تحديد الداء ووصف الدواء؛ والداء فُرقة قبلية عشائرية، والأسباب تعدد الأرباب وتماثيل الشفعاء، ومن هذا انطلق عبد المطلب يضع أسس فهم جديد للإعتقاد؛ فهم يجمع القلوب عند إله واحد، ويتميز بأنه يلغي التماثيل والأصنام وغيرها من الواسطتات والشفاعات؛ لأنه لا يقبل من أحدٍ وساطة ولا شفاعة إلا العمل الصالح!!..وتمهيداً لما أزمع؛ أعلن فى الناس: أنه بينما كان نائماً بالكعبة أتاه رئى وغته ثلاث مرات، وأوحى إليه الأمر بحفر البئر المعروفة بإسم زمزم، وتقول كتب الأخبار الإسلامية، إنها كانت بئراً لجرهم بين صنمي إساف ونائلة دفنتها حين تركت مكة. نعم لقد تمثل تنافس بني العمومة من قبل فى إحتفار الآبار، جذباً للقبائل وقوافل التجارة، فقديماً حفر عبد الدار (أم جراد، ولما حفر عبد شمس (الكوي)؛ رد عليه هاشم بحفر (بدر)؛ فزاد أمية الكرم وحفر (الحضر)؛ فرد عليه عبد المطلب بحفر (زمزم)، لكن زمزم ليست ككل الآبار؛ فهي البئر الوحيدة التي قيل فيها إنها حُفرت بأمر غيبي-فى حلم عبد المطلب-إضافة إلى ما شاع يتردد حول أمرها، فهي فعل إلهي لا انساني، فجرها الله قديماً تحت خد اسماعيل بن ابراهيم؛ليشرب وأمه منها...صـ100

▬ لقد اعلن فى الناس - اى عبد المطلب - أن تبرأوا من أرجاس الجاهلية، وعودته إلى دين جده إبراهيم، وهو الفطرة الحنيفية التى ترفض أى توسط بين العبد والرب، فإذا أهلَّ رمضان صعد إلى غار حراء متحنفاً، ثم عاد ينادي قومه أنه قد حرم على نفسه الخمر، وكل ضروب الفسق؛ حادثا على مكارم الأخلاق؛ داعيا الناس لاتباعه؛ مؤمنا بالبعث والحساب والخلود؛ هاتفاً:"والله إن وراء هذه الدار دارا يجزى فيها المحسن بإحسانه، ويعاقب فيها المسيء بسيئاته"!!..ثم لا يلبث يبشر قومه بقرب قيام الوحدة السياسية، فيشير إلى أبنائه وحفدته الذين أصبحوا له عزوة وشد أزر، ويقول: "إذا أحب الله إنشاء دولة، خلق لها أمثال هؤلاء. أولئك الذين كاد يقدم أحدهم ذبيحاً (ابنه عبد الله أبن النبي) كما كاد يفعل جده البعيد إبراهيم مع والده إسماعيل. صــ101

▬ وبما أن لكل مجتهد نصيب؛ فقد أتت مساعي عبد المطلب وجهوده التي لم تكل بثمارها، وأتبعه كثيرون على ملته الإبراهيمية وعقيدته الحنفية، التى لم يستنتكف المؤرخون والباحثون من نعتها بـ"دين عبد المطلب"، ومن هؤلاء التابعين (وفيهم السابقون الممهدون):قدس بن ساعدة الإيادي، وأمية بن أبي الصلت، وأرباب ابن رئاب، وسويد بن عامر المصطلقي، ووكيع بن سلمة بن زهير الإيادي، وعمير بن جنب الجهني، وأبو قيس صرمة بن أبى أنس، وعامر بن الظرب العدواني، وعلاف بن شهاب التميمي، والمتلمس بن أمية الكناني، وزهير بن ابى سلمى، وخالد بن سنان بن غيث العبسي، وعبد الله القضاعي، وكعب بن لؤي بن غالب، وعبد الطابخة بن ثعلب، وزيد الفوراس بن حصين، وزيد بن عمرو بن نفيل، وأكثم ابن صفي، وأبو قيس بن الأسلت، وحنظلة بن صفوان، وغيرهم كثير، وبإنتشار الأيديولوجيا الحنفية بدأ أتباعها يتنافسون فى التقوى والتسامي الخلقي؛ عل أحدهم يكون نبي الأمة وموحد كلمتها، حتى شكلوا "تياراً قوياً، خاصة قبل ظهور الإسلام بفترة وجيزة" . صـ105

----------------------------------------------------------------------------------------
[جذور الأيديولوجيا الحنفية]

▬ يذكر الفخر الرازي أن عقيدة أحناف اليمن، كانت أركانا أربعة هى: حج البيت، وإتباع الحق، وملة إبراهيم، والإخلاص لله وحده. ثم يضيف قوله: إن عدم معرفة هؤلاء لتاريخ نشوء عقيدتهم؛ فقد نسبوها إلى إبراهيم النبي العبري!! (لنا في جذور هذا الأمر بحث خاص، ألقينا فيه الضوء على مساحات مظلمة فى تاريخ هذه العقيدة، بعنوان: النبي إبراهيم والتاريخ المجهول)..ويذكر الألوسي إلى أن بعض الصابئة هم قوم النبي إبراهيم وأهل دعوته،مما دفع بعض العلماء إلى حسبان الحنفاء صنفاً من الصابئة، وبالتحديد الصنف المؤمن أو من بقي على الإيمان منهم، وكان منهم بالجزيرة العربية نفر غير قليل، وكانوا يقيمون الصلاة عدة مرات فى اليوم كفرض إجباري للإيمان، يقومون فيها ويركعون، ويتوضأون قبلها، ويغتسلون من الجنابة، ولهم قواعد نواقض الوضوء. (ولعل ذلك يفسر لنا لماذا أطلق أهل مكة على من يتبع دعوة الإسلام ويشاهدونه يؤدي هذا الشكل من الصلوات:أنه صبأ)!!

▬ ولا بأس هنا من التعرف السريع بأهم حنفاء الجزيرة، أو من شاء حظهم أن يذكرهم التاريخ ولو بكلمات، ومنهم -كما أشرنا- قس بن ساعدة الإيادي، الذى يكاد يجمع المؤرخون على موته قبل البعثة بقليل، وقد ورد أن النبي(صلى الله عليه وسلم) كان يسمع إليه فى سوق عكاظ. ونقل الألوسي بعض ما نُسب إلى قس فقال:"ومن خطباء إياد قص بن ساعدة، وهو االذى قال فيه النبي(صلى الله عليه وسلم) لجارود: يا جارود، فلست أنساه بسوق عكاظ على جمل أورق،وهو يتكلم بكلام ما أظن أنى حفظته، فقال أبو بكر: يا رسول الله فإنى أحفظه، كنت حاضرا ذلك اليوم، فقال فى خطبته: أيها الناس، اسمعوا وعوا؛ فإذا وعيتم فانتفعوا، إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آتٍ آت، إن فى السماء لخبرا، وإن فى الأرض لعبرا، جهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تمور، وبحار لن تغور، ليل داج، وسماء ذات أبراج، أقسم قس قسماً حتما، لئن كان فى الأرض رضى ليكونن بعده مناديا، وإن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم" ،ثم يعلن توحيده الخالص النقي منادياً "كلا، بل هو الله المعبود الواحد، ليس بمولود ولا والد، أعاد وأبدي، وإليه المآب غدا" ... صــ112


▬ ومن الحنفاء أيضاً من حاز بعض الشهرة، مثل (زهير بن أبي سلمى)، وذكر أنه كان يتأله ويؤمن بالبعث والحساب، ويروي أنه كان يمر بالعضاة قد أورق بعد يبس فيقول:"لولا أن تسبني العرب، لآمنت أن الذي أحياك بعد يبس سيحي العظام وهي رميم"، وقد سلكه ابن حبيب ضمن من حرموا على أنفسهم الخمر والُسكر والأزلام، وهو القائل مقسماً بالكعبة : أقسمت بالبيت الذى طاف حوله**رجال بنوه من قريش وجرهم//يمينا لنعم السيدان وجدتما**على كل حال من سيحيل ومبرم .. وهو القائل : ومهما تكن عند امريء من خليقة**ولو خالها تخفي على الناس تعلم//ومن هاب أسباب المنية يلقها**ولو رام أسباب السماء بسلم ..... صــ115

▬ وكذلك كانوا يحسون بأن عدم وجود دولة تجمعهم أمر فيه عار..في هذه الظروف المواتية من الناحية الدينية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية؛ظهرت النهضة العربية؛وكانت دينية؛والدين كان عاملا من عوامل التطور والتقدم فى العصور القديمة، ولم يتنازل الدين بعض الشيء عن هذه الناحية إلا بإنتشار العلوم، ووجود العوامل التي تنافسه فى القيام بهذا الدور فى العصر الحديث . صــ117

▬ وفى (البداية والنهاية) لإبن كثير، يطالعنا زيد بن عمرو بن نفيل قائلاً :
أسلمت وجهي لمن أسلمت     له الأرض تحمل صخراً ثقالا
دحاها فلما رآها استوت    على الماء،أرى عليها الجبالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت     له المزن تحمل عذباً زلالا
إذا هي سيقت إلى بلدة     أطاعت فصبت عليها سجالا

ترى لنا الأخبار أن زيداً قد عاصر النبي، وانه التقاه؛ عن عبد الله بن عمر: أن النبي(صلى الله عليه وسلم) لقي زيدا بأسقل بلدح، فدعاه إلى تناول طعام مما يُذبح للأرباب، فقال للنبي:"انى لست آكل مما تذبحون على أنصابكم"؟! ويعلل ابن هشام أكل النبي قبل بعثه نبياً، لأضحيات أو قرابين الاصنام بقوله:"إن رسول الله كان يأكل مما ذبح على النصب، فإنما فعل أمراً مباحاً، وإن كان لا يأكل فلا إشكال"!! ويورد لزيد شعره القائل فى فرق الوثنية :

أرباً واحداً أم الف رب             دين إذا تقسمت الأمور
عزلت اللات والعزى جميعا    كذلك يفعل الجلد الصبور
فلا العزى أدين ولا ابنتيهما      ولا صنمي بن عمرو أزور
ولكن أعبد الرحمن ربي          ليغفر ذنبي الرب الغفور
فتقوي الله ربكم احفظوها         متى تحفظوها لا تبــــــوروا
ترى الأبرار دارهم جنان           وللكفار حامية السعير
وخزي فى الحياة وإن يموتوا      يلاقوا ما تضيق به الصدور

وقال حجير بن أبى إهاب: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل، وأنا عند صنم بوانة - بعدما رجع من الشام- وهو يراقب الشمس، فإذا زالت استقبل الكعبة، فصلى ركعة وسجدتين ثم يقول:هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل، لا أعبد حجرا ولا أصلي إلا إلى هذا البيت حتى أموت، وكان يحج فيقف بعرفة، وكان يلبي فيقول :لبيك لا شريك لك، ولا ند لك، ثم يدفع من عرفة ماشياً وهو يقول: لبيك متعبدا لك مرقوقا .. وقالت أسماء بنت أبي بكر:"رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما؛ مسندا ظهره إلى الكعبة، يقول : يا معشر قريش، ما منكم أحد على دين إبراهيم غيري، وكان إذا خلص إلى البيت استقبله ثم قال:لبيك حقاً حقا، تعبداً ورقا، البر أرجو لا الخال، وهل مهجر كمن قال، ثم قال : عذب بما عاذ به إبراهيم**مستقبل الكعبة وهو قائم//يقول انفي لك عان راغم**مهما تجشمني فإني جاشم .. وكان يقول أيضاً: إلى الله أهدي مدحي وثنائيا**وقولا رصينا لايني الدهر باقيا//إلى الله الملك الأعلى الذى ليس فوقه**إله ولا رب يكون مدانيا//رضيت بك اللهم ربا فلن أرى أدين إليها غير الله ثانيا .صـ119

▬ الموقف الآخر : أمية بن عبد الله بن ابي الصلت، الذى تصله امه رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف ببيت عبد مناف بن قُصي وهو صاحب القول المأثور : كل دين يوم القيامة-إلا**دين الحنيفية-زور!!.. وكان يحاور أبا سفيان ويقول له:"..والله يا ابا سفيان، لنبعثن ثم لنحاسبن، وليدخل فريق الجنة،وفريق النار"، .. إن أمية حرم على نفسه الخمر، وتجنب الأصنام، وصام، والتمس الدين، وذكر إبراهيم وإسماعيل، وكان أول من أشاع بين القريشيين افتتاح الكتب والمعاهدات بعبارة: بإسمك اللهم والتى استعملها النبي ثم تركها واستعمل بسم الله الرحمن الرحيم، وقد روى الإخباريون قصصا عن التقاء أمية بالرهبان، وتوسمهم فيه أمارات النبوة، وعن هبوط كائنات مجنحة شقت قلبه ثم نظفته وطهرته تهيئة لمنحة النبوة. وأمية هو القائل فى رب الحنيفية الخلاق:

إله العالمين وكل أرض     ورب الراسيات من الجبال
بناها وابتنى سبعا شدادا      بلا عمدٍ يرين ولا حبال
وسواها وزيناها بنور     من الشمس المضيئة والهلال
ومن شهب تلألأت فى دجاها     مراميها أشد من النصال
وشق الأرض فأنجبت عيونا    وأنهارا من الذعب الزلال
وبارك فى نواحيها وزكى    بها ما كان من حرق ومال
صـ121

وبرغم أنه حضر البعثة الا انه لم يسلم، ولم يرض بالدخول فى الإسلام، لأنه كان يأمل أن تكون له النبوة، ويكون مختار الأمة وموحدها، ولذلك برز كنموذج للإستقامة والإيمان والتطهر والزهد والتعبد، وقد مات سنة تسع للهجرة بالطائف كافراً بالأوثان وبالإسلام!! ويذكر الإخباريون المسلمون أنه لما سمع بخبر البعثة ذهب ليسلم، لكن بعض أهل مكة علموا بمسيره، فأرادوا دره عن غايته، فالتقوه عند القليب حيث قَبَرَ المسلمون سادات قريش فى بدر الكبرى، ولعلم القريشيين بحكمة أمية-الذى دعته من قبل إلى تقدير السادات؛ من حكماء مكة وأشرافها-فقد قالوا له: هل تدرى ما فى هذا القليب. قال:لا؛ فقالوا له؛ فيه شيبة وربيعة وفلان وفلان، فجدع أنف ناقته، وشق ثوبه وبكى قائلا: لو كان نبيا ما قتل ذوي قرابته، وعاد يرسل نواحه شعرا يرثي قتلى بدر من أهل مكة، فى قصيدته الحائية
التى يقول فى بعضها :

الا بكيت على الكرام بنى     الكرام أولي الممـــــــــادح
كبكا الحمام على فروع     الأيك فى الغصن الصوادح
إن قد تغير بطن مكة        فهي موحشة الأباطح
من كل بطريق لبطر       يــق نقي اللون واضح
ومن الســــراطمة الجلا       حـــمــة الملاوثة المناجح
القـــائلين الفــاعلين       الآمرين بكـــل صــــــالح
المطعـــمين الشـــحم فوق       الخبز شحـــما كالأنافح
حذلتهم فــــــــئة وهم       يحمون عورات الفضائح
ولقد عنـــاني صوتهم       من بين مستشق وصابح

وعنه أيضاً..

ويوم موعدهم يحشرون زمرا     يوم التغابن إذ لا ينفع الحذر
وأبرزوا بصعيد مستو حرز     وأنزل العرش والميزان والزُيُرُ
عند ذي العرش يعرضون عليه      يعلم الجهر والكلام الخفيا 
يوم تأتيه وهو رب رحيم          إنه كان وعده مأتيا
رب كُلاً حتمته النار          كتابا حتمته مقضيا

ويحذر من عذاب الدار الآخرة فيقول :

وسيق المجرمون وهم عراة    لي ذات المقامع والنكال
فنادوا ويلنا ويلا طويلا     وعجوا فى سلاسلها الطوال
فليسوا ميتين فيستريحوا      وكلهم بحر النار صالي
وحل المتقون بدار صدق     وعيش ناعم تحت الظلال
لهم ما يشتهون فيها وما تمنوا   من الأفراح فيها والكمال

وهذا حوار مجتزأ من قصة إبراهيم، والفداء بإبنه إسماعيل :

إبنى إني نذرتك لله شحيصا       فإصبر فدا لك خالي
فأجاب الغلام أن قال فيه    كل شيء لله غير إنتحال
فاقض ما قد نذرته لله وأكفف   عن دمي أن يمسسه سربالي
وبينما يخلع السروايل عنه       فكه ربه بكبش حلال

وعن يونس يقول :

وانت بفضل منك أنجبت يونسا    قد بات فى اضعاف حوت لياليا

وعن موسى وهارون ولقائهما بفرعون مصر يقول:

وأنت الذي من فضل ورحمة      بعثت إلى موسى رسولا مناديا
فقلت له اذهب وهارون فأدعوا    إلى الله فرعون الذى كان طاغيا
وقولا له: أأنت سويت هذه      بلا وتد حتى اطمأنت كما هيا
وقولا له:أأنت رفعت هذه      بلا عمد، أرفق، إذا بك بانيا

وعن عيسى وأمه يقول :

وفى دينكم من رب مريم آية    منبئة بالعبد عيسى بأن مريم
تدلي عليها بعدما نام أهلها     رسولا فلم يحصر ولم يترمرم
فقال:ألا لا تزعي وتكذبي     ملائكة من رب عاد وجرهم
أنيبي وأعطي ما سئلت فإنني   رسول من الرحمن يأتيك بابنم
فقالت: أنى يكون ولم أكن     بغيا ولا حُبلى ولا ذات قيم
فسبح ثم إغترها فالتقت به    غلاما سوى الخلقة ليس بتوأم
فقال لها: إنى من الله آية       وعلمني، والله خير معلم
وأرسلت ولم أرسل غويا ولو أكن    شقيا، ولم أبعث بفحش ومأثم

------------------------------------------------
[ظهور النبي المنتظر]

▬ يقول الدكتور أحمد الشريف: "ثم إن، النبي وجد بعد زواجه من خديجة بنت خويلد - وهى إحدى النساء الغنيات الشريفات فى مكة - نوعا من الراحة النفسية..وقد كان هذا الزواج من العوامل التى جعلته يتخفف من بعض أعباء الحياة، ومن بعض عناء السعي؛ فخديجة الغنية بمالها التى كانت إمرأة نّصّف؛ قد فارقت عهد الشباب الأول، وكانت لها تجربة فى إدارة أموالها، كانت أقدر على حياة زوجية رصينة، هيأت لمحمد أن يتخفف من أعباء الحياة لأفكاره الذاتية" . صــ131

▬ وأخذ يتابع خطوات جده عبد المطلب إلى غار حراء؛ مما حول هذا الكهف إلى مكان مقدس ودخل التاريخ دون ملايين مثله، وبالحنيفية آمن، ولم يكد يبلغ الآربعين من عمره حتى حُسم الأمر، بإعلانه أنه نبي الأمة، بعد أن أوحى اليه إله إبراهيم (..أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا)-123 النحل .

وبقية الأحداث معروفة، لذلك فلن أذكرها...
----------------------------------------------------------------------------------------
ولم يكن أمام عبد الدار وعبد شمس-منعا للحرب- إلا أن تطبق على بني هاشم عقوبات التجار؛ بمحاصرتهم إقتصاديا؛ فكان أن جاءها الرد من أبي طالب بتحدٍ سافر فى قوله :

كذبتم ورب البيت نترك مكة     ونظعن إلا أمركم فى بلابل
كذبتم وبين الله نبزي محمدا     ولما تطاعون دون ونناضل
ونسلمه، حتى نصرح حوله     ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض قوم فى الجديد إليكم   نهوض الروايا تحت الصلاصل
وأما لعمر الله أن جد ما أرى      لتلتبسن أسيافنا وبالأماثل
فإن يليقا، أو يمكن الله منهما   نكل لهما صاعا بصاع المكايل

وإلى رؤوس حزب عبد الدار؛ أبي الوليد، وعتبة وأبي سفيان، يتوجه مستميلاً متحبباً محذرا :

وسائل أبا الوليد: ماذا حبوتنا     بسعيك فينا معرض، كالمخاتل
وكنت أمرا ممن يعاش برأيه      ورحمته فينا ولست بجاهل
فعتبة:لا تسمع بنا قول كاشح    حسود كذوب مبغض ذي دغاول
وفر أبو سفيان عني معرضا     كما مر قبل من عظام المقاول
يقر إلي نجد ويرد مياهه      ويزعم أني لست عنكم بغاف  
ويخبرنا فعل المناصح أنه:شفيق        ويخفى عارمات الدواخل

ولما لا يجد ودا؛ يعلن أهداف البيت الهاشمي السياسية، بوضوح جهير ومباشر فيقول :

جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا        عقوبة عاجلا غير آجل
بميزان قسط لا يخس شعيرة له      شاهد من نفسه غير عائل  
فأبلغ قُصيا:أن سينشر أمرنا      وبشر قصيا بعدنا بالتخاذل
وكان لنا حوض السقاية قيهم   ونحن الكدى من غالب والكواهل
شباب من المطيبين وهاشم    كبيض السيوف بين أدي الصياقل
فما أدركوا ذحلا، ولا سفكوا دما     وما حالفوا إلا شرار القبائل
بضرب ترى الفتيان فيه كأنهم    ضوراي أسود فوق لحم الخرادل

وعن شدة تعلقه بإبن أخيه وكلفه به، وأن لولا المسبة والعار آمن بدوعته الدينية، يقول :

لعمــرى لقد كلفت وجد بأحمد    وإخواته دأب فى حومة المجد فاصل
فلا زال فى الدنيا جمال لأهلها       وزينا لمن ولاه رب المشاكل
فمن مضله في الناس أي مؤمل      إذا قاسه الحكام عند التفاضل
لكن إتبعنا على كل حالة     من الدهر،جد غير قول التهازل
لقد علموا أن ابننا لا مكذب      لدينا،ولا يعني بقول الأباطل
فأصبح أحمد فينا في أرومة       تقصر عن سوء المتطاول
حدبت بنفسي وحميته        ودافعت بالذرا والكلاكل
فأيده رب العباد بنصره     واظهر دينا حقه غير باطل

▬ وتتابعت الأحداث في مكة واستمرت المنعة الهاشمية للنبي الذى اتبع خطى جده - كما اتبع خطواته إلى حراء من قبل - وأعلن أنه نبي الفطرة الحنفي التي نادى بها الـأولون السابقون، ونادى بها عبد المطلب، ومثلما أتى جده الُرئى وغته ثلاثا ليحفر زمزم فقد أتاه جبريل وغته ثلاثا، وكما اهتم عبد المطلب بتأكيد التحالف مع الأخوال من أهل الحرب فى يثرب، اهتم حفيده أيضا بلأمر؛ فكان يلقي أهل الحرب اليثاربة عند العقبة، إلى أن هيأوا مدينتهم لإستقباله؛ بعد أن مات عمه أبو طالب، واشتد ضغط الأحلاف على الهاشميين، وكان الحل أن يُغادر إلى الأخوال ليرفع الضغط عن الأعمام، في الوقت الذي كان فيه لجده عبد المطلب مكانة خاصة، وأصر لا يُمحى من نفسه؛ تبرره حميته القتالية عند المعارك التي كانت تدعوه لأن يهتف: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، كأنى به ينادي طيف جده: أى جدي، هأنذا أحقق حُلمك !! صــ151

▬ وهكذا؛ قامت الدولة الإسلامية، بجهود البيت الهاشمي، وفضل لا يُنكر لأهل الحرب والحلقة اليثاربة وخئولتهم، لكن ذلك كله لم يفت فى عضد الحزب الأموي، فظل هؤلاء يترقبون الفرص حتى ما بعد اتساع الدولة بالفتوحات، وعندما سنحت الفرصة اقتنصوها، واستولوا على الحكم إستيلاء صريحاً بعد أن كان ضمنيا بإستبعاد (علي) بعد وفاة الرسول، وساعتها تجلت مشاعرهم تجاه بني عمومتهم فى المجازر الدموية التى راح ضحيتها كل من أيد البيت الهاشمي؛ حتى امتدت يد الإنتقام الحمقاء إلى حفدة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) إستئصالاً لهذا البيت وأهله ووصل بهم الهوس إلى ضرب الكعبة بالمنجنيق؛ مشاعر عبر عنها لسان يزيد بن معاوية الأموي (منسوباً إليه عن قصيدة طويلة لإبن الزعبري) :
                        لعبت هاشمٌ بالمُلك فلا     خبر جاء ولا وحي نزل

أو كما أورده ابن كثير : لعبت هاشمٌ بالمُلكِ فلا     ملك جاء ولا وحي نزل


  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

0 التعليقات:

إرسال تعليق