الأسلوبية وتحليل الخطاب (منذر عيّاشي)


• إن الأسلوبية وصف للنص الأدبي حسب طرائق مستقاه من اللسانيات. (ميشيل أريفه)
• إذا كانت نظرية الفونولوجيا تعني بوصف بناء الجملة وتفسيره من وجهة نظر صوتية، فإن نظرية علم الدلالة تعني بوصف بناء الجملة من وجهة نظر دلالية.
• إن النحو الذي يقدم العنصر الجوهري للوصف البنيوي وهو الذي يحدد بشكل لا لبس فيه وصف الصوائت من جهة، ووصف معاني الجملة من جهة أخرى. (ريفيه)
• تدرس الأسلوبية وقائع التعبير اللغوي من ناحية مضامينها الوجدانية، أي تدرس تعبير وقائع الحساسية المعبرة عنها لغوياً، كما تدرس فعل الوقائع اللغوية على الحساسية. (شارل بالي)
• إن كلمة أسلوب إذا رُدّت إلى تعريفها الأصلي، فإنها طريق للتعبير عن الفكر بواسطة اللغة. (بيير جيرو)
• قد يكون الأسلوب كلمة، أو لوناً أو إشارة، أو أي مادة من المواد. غير أن مادته الخارجية لن تكون ما لم يكن النظام أداة تشكلها. ولذا يمكن أن نقول فيه: الأسلوب شكل يقيمه نظامه.
• الإنسان محدود بكائنه الإجتماعي. ولذا، فهو مرغم أن يدل بأدوات اجتماعية. واللغة محدودة بكائنها القاعدي، ولذا فهي مرغمة أن تدل بأدوات قاعديتها.
• للغة وظيفتان، إنها تعطي الأشياء التي تتكلم عنها دلالاتها. ثانياً، إنها تعبر عن موقف المتكلم إزاء هذه الأشياء. (بيير جيرو)
• إن تعدد الأنظمة اللغوية أصل من أصول تعدد المعرفة اللغوية نفسها. وإن تكاثر النظريات أو إختلافها، إنما نشأ من هذا الأصل، فنحن باللغة نتحدث عن المعارف وباللغة نتحدث عن اللغة.
• إن كل مجموعة إنسانية تحدد للإيصال نظامه، أي شكله الإشاري، ونحوه، ودلالته، وذلك بحسب الحاجة، ومتطلبات السياق، وتحقيق المنفعة.
• النص نطفة مخلّقة وغير مخلّقة. والقاريء يعيده من بعد خلق خلقاً آخر.
• قد لا يكون إيصال الرسالة اللغوية مرتبطاً بمضمونها. وإذا كان هذا هكذا فإن الإيصال، من حيث هو حامل لمضمون. قد لا يكون هدفاً من أهداف الخطاب بقدر ما يكون الأثر الذي يتركه الخطاب في نفس المتلقي هو الهدف.
• إنه نسيج الكلمات المنظومة في التأليف، والمنسقة بحيث تفرض شكلاً ثابتاً ووحيداً ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً. (تعريف النص عند: رولان بارت)
• النص آلة نقل لساني. إنه يعيد توزيع نظام اللغة فيضع الكلام التواصلي، أي المعلومات المباشرة، في علاقة تشترك فيها ملفوظات سابقة أو متزامنة ومختلفة. (جوليا كريستيفا)
• ألا فلنسمِ نصاً كل خطاب ثبتته الكتابة. (بول ريكور)

===============================================
▬ يمكننا أن نقول إن الدراسات الأسلوبية قد استفادت من اللسانيات في تحديد قدرة المتكلم على استعمال الأصوات للدلالة أو للدلالة الفنية. فالصوت "إيهٍ" قد يفيد معنى الحسرة، والصوت "آهٍ" معنى الألم، والصوت "آلو" معنى الإستمرار،إلخ.. مما يستعمل في كثير من عمليات الإيصال. ولكن ثمة حقول أخرى تتعلق بتغيير شكل الكلمات الصوتي وصيغها كالتورية حيث تؤدي الكلمة الواحدة إلى معنيين: الأول قريب، والثاني بعيد..صــ12

▬ لقد جاء في الموسوعة الفرنسية Encyclopedia Universalis أنه: "يمكن استخلاص معنيين لكلمة أسلوب ووظيفتين: فمرة تشير هذه الكلمة إلى نظام الوسائل والقواعد المعمول بها أو المخترعة، والتي تستخدم في مؤلف من المؤلفات. وتحدد - مرة أخرى - خصوصياته وسمة مميزة: فإمتلاك الأسلوب فضيلة". وتقول الموسوعة أيضاً:"إننا إذا أولينا الإهتمام بالنظام وقدمناه على الإنتاج، فإننا نعطي الأسلوب تعريفاً جماعياً. ونستعمله في عمل تصنيفي، ونجعل منه أداة من أدوات التعميم. أما إذا كان الأمر على العكس من ذلك، وأولينا النظام، والتجديد، والقراءة اهتمامنا، فإننا نعرف الأسلوب حينئذ تعريفاً فردياً. وتسند إليه وظيفة فردية. صــ29

▬ ليس النص مدركاً معطى دفعة واحدة، وبشكل نهائي. إنه مدرك بالممارسة، لأنها إنجازه. وهو مستمر بها، لأنها سفينه إلى الدوام قراءة وتفسيراً، وتأويلاً. الأسلوبية في درسها له لا تعني به من حيث هو جوهر ثابت. بل هي لا تراه كذلك. ولا، فإنها لا تدعي الإحاطة به فهما. ولكنها تعمل على توسيع فهمه. ولكي تبلغ غايتها المرجوة هذه، فإنها تتعدد به قراءة وتفسراً، وتأويلاً. ولما كان حالها معه كذلك فقد انقسمت طرائق قددا. وصار الأسلوب بالنسبة إليها: ليس تعبيراً عن جواهر، وإنما هو تعبير عن متغيرات لا تنتهي. صــ41

▬ تظهر العلاقة الإشارية عندما تعين الإشارة شيئاً من الأشياء. وخير مثال على ذلك إشارات المرور. فالضوء الأحمر للوقوف، والضوء الأخضر إشارة للإنطلاق. وما كان ذلك ليكون لو لم تكن ثمة علاقة سببية اقامها الإصطلاح والتواضع بين الإشارة ومرجعها. وتصبح هذه الإشارة أكثر وضوحاً عندما تعين، على وجه الخصوص، شيئاً من الأشياء أو حدثاً من الأحداث، أو سمة من السمات المادية. ويمكننا القول بمعنى آخر، إن "الإشارة تعين الواقع غير اللغوي الذي تشترك معه، وتظهر وتدل عليه دلالة ذاتية". ولكن تكون "في اللغة، عندما تحيل إلى مرجعها، لا إلى المخاطب ولا إلى السامع"، وهذا يعني أن الإشارة تكون في اللغة عندما تدل دلالة ذاتية على ما تعنيه. صــ73

▬ أما فيما يخص الدراسات الأسلوبية، فإنها تهتم بالدرجة الأولى بالشروط الداخلية للغة الخطاب. ولذا. فإن التحليل فيها يعد سمة ملازمة لها. ذلك لأن عمل الأسلوبي يتجه إلى مراقبة وظيفة اللغة داخل الخطاب. أما علاقة هذا الخطاب بمرجع خارجي كالقائل أو كعلاقة المعنى بالبيئة. أو بغير ذلك، فهي أمور، وإن كانت مشروعة في دراسات أخرى، إلا أنا لا تجد في الدرس الأسلوبي مكاناً لها. صــ107

▬ إن فكرة إنتساب اللغة إلى فئة إجتماعية، والتي يتضمنها الإيصال في بعديه الإجتماعي والأيديولوجي، ليست شرطاً في حدوث الخطاب. والعكس صحيح أيضاً، فتحقيق الإيصال في حدوث الخطاب، غير مشروط بفكرة إنتساب اللغة إلى فئة إجتماعية، ولا هو من ضروراته. وإذا كان ذلك كذلك، فإن الأسلوب أيضاً لا يتخذ من الإنتساب شرطاً ومعياراً لحدوثه وظهوره، إنه شكل لغوي لمتغيرات لا تنتهي يولدها نظامه. صــ117


▬ كلمة قطار: إنها تستطيع أن تحيل إلى ثلاثة متكلمين مختلفين. فهناك الواقع اللساني: القطار هو سلسلة من المقطورات تجرها عربة رئيسة. ولكن القطار يحيل بالنسبة لأحد المتكلمين إلى الجو السعيد للسفر والعطلة. ويحيل بالنسبة للمتكلم الآخر إلى الذكريات أو إلى الخوض في كارثة. كما يحيل بالنسبة إلى الثالث إلى رتابة المسافة اليومية التي يقطعها بين المعمل والبيت. وهكذا نجد إلى جانب المعنى البحت والمجرد بنسب متفاوتة، والذي يجب أن يكون مبدئيا ً هو نفسه بالنسبة إلى الجميع، أن الإيحاء يأتي بأفكار ثانوية، وصور من التفاصيل، وإنطباعات مختلفة، وذلك لكي يحيط به، ويعقده ويغنيه. صــ123

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

0 التعليقات:

إرسال تعليق