العلاماتية وعلم النص (منذر عياشي)


• إن شيئاً ما لا يكون علامة إلا لأنه يؤول بوصفه علامة لشيء ما بواسطة مؤول ما. (تشارلز موريس)
• ليست العلامة علامة إلا إذا كانت تستطيع أن تترجم نفسها إلى علامة أخرى تكون من خلالها كاملة التطور.
• إن اللغة نسق من العلامات التي تعبر عن الأفكار. (فرديناند دي سوسير)
• يعد علم العلامات الحديث طفلاً لأبوين. الأول، هو شارلز سانديرس بيرس (1839-1914). والآخر، هو فرديناند دي سوسير (1857-1913) ولم يعرف الواحد منهما الآخر.
• العلامات تسمح لنا أن نفكر وأن نتواصل مع الآخر، وأن نعطي معنى لما يقترحه الكون علينا. (فان زويست)
• إنه لمن الممكن نعت التواصل المكتوب بلغة إصطناعية بمسمى النص، ومن ذلك مثلاً الرياضيات، والمنطق، أو لغة الإنسان الآلي (الحواسيب). [تون آ.فان ديك]

==========================================
[جان ماري سشايفر]

▬ لقد أصبحت العلاماتية علماً مستقلاً فعلاً، مع عمل الفيلسوف الأمريكي شارلز ساندرز بيرس (1839 - 1914). فهي تمثل بالنسبة إليه إطار مرجعياً يتضمن أي دراسة أخرى: "إنه لم يكن بإمكاني على الإطلاق أن أدرس أي شيء - الرياضيات، الأخلاق، الميتافيزيقا، الجاذبية، الديناميكا الحرارية، البصر، الكيمياء، التشريح المقارن، الفلك، علم النفس الصوتيات، الإقتصاد، تاريخ العلوم، الهويست (ضرب من لعب الورق)، الرجال والنساء، النبيذ، علم المقاييس والموازيين - إلا بوصفه دراسة علاماتية". صــ15

▬ لقد ذهب رولان بارت إلى حد قلب العلاقة التي اقترحها سوسير بين العلاماتية واللسانيات: لم تعد العلاماتية وجهاً من وجوه اللسانيات، وذلك لأن كل العلامات غير اللسانية (كما يرى بارت) هي علامات يحددها اللسان مسبقاً، ويطابقها مع الفكر بوصفها هكذا (ولعلنا نستطيع أن نرى في هذا تأثيراً للمتصور اللغوي عن اللاوعي الفرويدي الذي اقترحه لاكان). وإن كان كل ممثلي البنيوية لا يقبلون هذا القبل، فإن معظمهم يعالج اللسان، ظاهراً أو باطناً، بوصفه إستدلالاً للبنية العلاماتية كما هي..صــ25

[اآرت فان زويست]

▬ العلاماتية هي دراسة العلامات وكل ما يحيل عليها: عملها، وعلاقتها مع العلامات الأخرى، وإنتاجها، وتلقي المستعملين لها. وعندما تتمحور دراسة العلامات على تصنيفها، وعلى علاقتها مع العلامات الأخرى، وعلى الطريقة التي تتعاون بها في عملها، فإنها تمثل بهذا عملاً "للنحو" العلاماتي. وأما عندما تتمحور الدراسة على علاقة العلامة مع مراجعها ومع التأويل الناتج عنها، فإنها تمثل عملاً "دلالياً" علاماتياً. وعندما تهتم دراسة العلامة بعلاقة العلامات مع المرسِلين أو مع المستقبلين، فإنها تمثل عملاً "تداولياً" علاماتياً. صــ38

▬ [..] فلنركز، مع ذلك، الإنتباه على علاقة العلامة مع مرجعها، وسنرى، من حيث المبدأ، أنه توجد ثلاث علاقات ممكنة. وتستطيع العلاقة بين العلامة ومرجعها أن تكون علاقة مشابهة. فإذا كان ذلك كذلك، فإن العلامة تعد حينئذ "أيقونة". ويمكن أن تكون العلاقة علاقة تجاور وجودي. فإذا كان هذا هكذا، فإن العلامة تعد قرينة. ويمكن، أخيراً، للعلاقة أن تكون علاقة مؤسسة، وتواضعية. فإذا كان الحال كذلك، فإن العلامة تكون "رمزاً". ولذا، فإن الخريطة الجغرافية واللوحة التشخيصية تعدان أيقونتين. بينما تعد علامة الإرشاد ودوارة الهواء قرينتين. وأما حركة الرأس التي تعني "نعم" والعلامة اللسانية فتعدان رمزين. صــ42

[بول ريكور]

▬ إن النظام العلاماتي، المنظور إليه وحده، ليس سوى مجموع من شروط التمفصل والتي من غيرها لا يستطيع اللسان أن يكون. ولكن المتمفصل بوصفه هكذا ليس هو اللسان بعد في قدرته على التمعني. إنه فقط نسق الأنساق، والذي يمكن أن نسميه اللغة، والتي وجودها، الإفتراضي فقط، يجعل ممكناً شيئاً ما مثل الخطاب، والذي لا يوجد في كل مرة إلا في مقام الخطاب. وهنا يتواشج الافتراض والآنية، والتمفصل والعملية، والبنية والوظيفة، أو كما نقول في مكان آخر ، النسق والحدث. صــ86

[تزيفتان تودوروف]

▬ تستند دراسة الوجه النحوي للنص إلى "تحليل القضايا"، والذي نختزل من خلاله الخطاب إلى "قضايا بسيطة منطقياً"، ومكونة من عامل (مسند إليه) ومسند، أو من عدد من العاملين (مثل المسند إليه والموضوع) ومن مسند، وذلك تبعاً لنموذج القضية التي نعطيها لأنفسنا. وبفضل حضور المسندين – اللذين  يمكن ان يكونا نعتين أويكونا فعلين - إلى حضور القضيتين. وهكذا، فإن جملة "الولد يبكي" ليست سوى شكل لساني، وخليط، من وجهة نظر منطقية، منقضيتين متتابعتين: "س ولد " و " س يبكي". وتتناسب القضية مع ما يسميه جان ريبوا الجملة في حدها الأدنى. وإننا لنستطيع، انطلاقاً مما سبق، أن ندرس العلاقات التي تقوم بين القضايا. صــ112

[تون آ.فان ديك]

▬ يعد التحليل نصاً أو أيضاً ما نسميه "النص - الواصف" والذي يجب أن يوجد في النتيجة وان يفهم في لسان معين وسياق تواصلي معين. وهذا يعني أنه يجب على التحليل إذن أن يلبي الضوابط التواضعية للجماعة التواصلية المعنية بهذا الأمر. وهكذا يستوجب على التحليل العلمي ان يُلبي ضوابط "التواصل العلمي" ومعاييره. وإن أمراً كهذا يستلزم، من ابين أشياء أخرى، أن يكون التحليل قابلاً للفهم، وأن يكون في مقدوره أن يعيد إنتاج نفسه، وأن يكون واضحاً ونسقياً قدر الإمكان، وأن يكون مؤسساً نظرياً، وأن يكون أخيراً متجهاً نحو قضايا وأهداف مطروحة بشكل مسبق. صــ142


▬ إن النص، بالإضافة إلى كونه مكوناً ثقافياً متغيراً للتفاعل الإجتماعي، فهو- في ذاته - ظاهرة ثقافية يمكن للمرء ان يستخلص انطلاقاً منها بعض الاستنتاجات حول البنية الإجتماعية للجماعات الثقافية. ويمكن استخلاص دور الأعضاء الإجتماعيين، وحقوقهم، وواجباتهم، والضوابط، والمواصفات، التي تهمين من النصوص ومن المحادثات المستعملة في المقام الأول. ألا وإن الأمر نفسه يحدث بالنسبة إلى المعارف، والآراء، والأفكار والمعايير، والقيم الجارية للمجموعة اللسانية التي رأينا من قبل أنها تمارس تأثيراً هاماً على الإنتاج والفهم النصوصي. وبإختصار، فإن التحليل النصي يُعد منهجاً ذا قدرة كبيرة في إطار تحليل عام للثقافة. صــ188

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

0 التعليقات:

إرسال تعليق