فلسفة الرياضيات والعلوم الطبيعية (إسماعيل عبد العزيز)

• حينما يبدأ العالِم في معالجة موضوعاته، فإن اللغة الكيفية لابد لها أن تتحول إلى لغة كمية، حتى يمكن للعلم أن يسير على طريقه المنهجي الدقيق، وذلك بترجمة المطلوب ترجمة عددية.
• إنَّ أهم ما يميز التفكير العلمي هو قدرته على الوصول إلى قوانين عامة يتم على ضوئها فهم الوقائع الجزئية.
• إن تاريخ البشرية ليس مجرد تاريخ عواطف وأهواء وديانات وفلسفات لا عقلية وفن ودين فحسب، بل هو في الحقيقة تاريخ عقل وتاريخ علم. (كارل بوبر)
• تتكون المقدمات التي يبدأ منها المنهج الإستدلالي من عدة أنواع منها ما يُسمى بالتعريفات ومنها ما يُسمى بالمسلمات سواء كانت من نوع البديهيات أو من نوع المصادرات. وعادة ما يُطلق على هذه المجموعة من المقدمات كلها ما يُسمى بنسق البديهيات axiomatic system.
• على الرغم من أنه في الواقع الحسي ما يقابل بعض المفاهيم الرياضياتية إلا أن هذا لا يعني أن أصلها تجريبي.. فبماذا نفسر أن بعض هذه المفاهيم لا يمت للواقعِ بصلة، كالعددِ السالب والكسور والعدد التخيلي.. كما أن نتائج الرياضيات لا تراعي أي مقياس واقعي. ص50
• العقلاينة العلمية لم تعد تتشكل في إطار وعي مستقل عن الواقع، لأن الواقعَ العلمي أصبح واقعًأ يتدخل العقل في تحويله وتصحيحه.
• الواقع العلمي ليس واقعًا مُعطى عن طريق الحواس، بل هو واقع مبني بناء عقليًا خالصًا، وهو ما يعني أن الواقع يوجد في قبضة العقل وأن بناءات العقل وبراهينه لا تتم بمعزلٍ عن الاختبارات والتجارب العلمية.

▬ لقد تميز القرن السابع عشر بميزة هامة لا نكاد تجدها في سائر القرون الأخرى وهي عناية المفكرين بالمنهج أو الطريقة الواجب اتباعها في البحوث. حيث كان معظم مفكري هذا العصر مؤمنين بفائدة المنهج وأثره في العلوم وفي الحياة بدلًا من الاعتماد على الحظوظ  والمصادفات دون وجود خطة مرسومة أو منهج معين ينبغي اتباعه، ولهذا يُقال "الناس مسوقون برغبة في الإستطلاع عمياء، حتى أنهم يوجهون أذهانهم غالب الأمر في طرقٍ مجهولة لا تحقيقًا لأملٍ صائب بل لكي يجربوا إذا كان ما يبحثون عنه شيئًا حقا؛ مثلهم في ذلك مثل رجلٍ استولت عليه رغبة جنونية في أن يكتشف كنزًا ما فتراه يقضي وقته متجولًا منقبًا في كلٍ مكان، ليرى لعل أحد السائحين أو العابرين قد تركَ كنزًا". كذلك يكون أيضًا حال الكثيرين من المشتغلين بالدراسات والعلوم، فالإنسان إذًا من قبل لم يكن لديه منهج يسير على قواعده ولم يصل إلى الحق إلا مصادفة ولم يدرك التوفيق إلا بالحظ والمصادفة، ولهذا يقول ديكارت "خير للإنسان أن يعدل عن التماس الحقيقة من أن يحاول ذلكَ من غيرِ منهج". صــ 22

▬ إذا حاولنا الآن تحديد المقصود بالعلم وجدنا أمامنا سبيلان، فإما أن نعرفه على أساس موضوعه، وإما على أساس منهجه. إلا أنه، مع ذلك، فإن الاعتماد على الموضوع وحده ليس كافيًا للوصول إلى تحديد المقصود بالعلم، إذ أننا لا نقبل التنجيم في مصاف العلوم، على الرغم من أن التنجيم يقوم على دراسة الحقائق، حيث أنه يراقب مواقع النجوم ومختلف حوادث الحياة، ثم يحاول الربط بين هذه وتلك. ولهذا فإن السبب الذي يجعلنا نرفضه كعلم لا يمت للموضوع بصلة، وإنما يرجع إلى أننا نعتبر أن المناهج الذي يلجأ إليها المنجمون بعيدة كل البعد عن العلم. فالعلم حين يرفض تقبل فرع من المعرفة داخل إطاره، فإنما يفعل ذلك دائمًا بسبب منهج ذلك الفرع. ولهذا السبب تستخدم كلمة العلم للدلالة على مجمل المعرفة، التي نصل إلى جمعا بواسطة منهج محدد يُطلق عليه عادةً المنهج العلمي. ومع ذلك فإنه على الرغم من أهمية المنهج في تحديد المقصود بالعلم، فإن موضوع العلم هو الذي يقسم العلم إلى فروع. صـ 26

▬ تختلف فلسفة الرياضيات عن الرياضيات في طريقة السير، فعلى حين تهتم الرياضيات بالتركيبات التي تزداد تعقيدًا كلما تقدمنا بها، فإن فلسفة الرياضيات تهتم بالبحث والتحليل والسؤال عن المباديء التي تقوم عليها الرياضيات. فإذا كانت الرياضيات يُنَظرُ إليها بوصفها علمًا، فإنه يمكن النظر إلى فلسفة الرياضيات كفرع من فلسفة العلم، بجانب تخصصات أخرى مثل فلسفة الفيزياء، وفلسفة البيولوجيا.. صــ 36

▬ تعرف البديهية وفقًا للمنطق القديم بأنها الفكرة الواضحة بذاتها والتي لا تحتاج إلى برهان أو دليل على صحتها إلا أن هذا الأمر قد تغير مع المناطقة الوضعيين والمحدثين بوجه عام الذين اعتبرو أن الوضوح ليس صفة مطلقة بل أن الأمر يتوقف على مدى إدراك الذهن للفكرة وبالتالي انتهوا إلى أن الوضوح أمر نسبي يتوقف على علمنا السابق إضافة إلى قدرتنا العقلية. ولهذا أصبحت البديهية عند المحدثين مجرد فكرة أو تصور نسلم بصحتها على مستوى علم من العلوم طالما أن هناك علمًا آخر أسبق منه وأعم يوضحها ويعرفها ومن ثم تكون البديهية واضحة بدون تعريف على مستوى أي علم تدخل في أحد أنساقه طالما أن علمًا آخر أشمل وأعم قد تكفل بتعريفها. وكما لم تعد البديهية توصف بالوضوح الذاتي، فهي لم تعد كذلك صادقة بالضرورة، بل يكفي فيها مجرد افتراض الصدق. ولهذا عادةً ما تعرف في الرياضيات الحديثة بأنها القضية الأولية التي يُفترض فيها الصدق، على أساس أن افتراض صدق بديهية يعتمد أساسًا على علوم سابقة، وليس على وضوحها الذاتي ولا على مطابقتها للواقع الخارجي.. أما إذا افترض علم معين فروضًا من عنده يطالبنا بالتسليم بصدقها فإنه يتكون إلى جانب البديهيات حينئذ قائمة من المسلمات الأساسية التي يبني عليها العلم نظرياته كلها وعندئذٍ تسمى هذه بالمصادرات وبالتالي فإن الفرق بين المصادرات والبديهيات هو أن المصادرة يُستخدَم في تركيبها ألفاظ جديدة لم تستخدمها العلوم السابقة سواء أكانت معرفة أو لا معرفة في داخل هذا العلم. ومعنى هذا أن المصادرة هي مجرد افتراض يفترضه العلم ويسلم بصحته على مستوى العلم الذي يبحث فيه. ونظرًا لأن هذه المصادرات كلها مجرد افتراضات يفترض العالِم صحتها فمعنى هذا أن العالِمَ لا يكون مطالبًا بالبرهنة عليها، كما أنه لا يلتزم بضرورة مطابقتها للواقع. بل إن كل ما هنالك هو أنه يسلم بصحتها ويرتب عليها ما يشاء من نتائج في داخل النسق الرياضياتي الخاص به، شريطة ألا تكون متناقضة مع بقية المقدمات الأخرى الواردة في النسق، فلا تتناقض مع التعريفات ولا مع البديهيات كما يجب أن تكون المصادرات مستقلة بعضها عن بعض بحيث لا يمكن اشتقاق مصادرة من مصادرة أخرى. صــ 40، 41

▬ إن المدرسة الصورية في الرياضيات تختلف عن المدرسة المنطقية في نواحٍ مختلفة من حيث المبدأ والهدف والبرامج، نظرًا لرفضها إخضاع الأفكار والأصول الرياضياتية إلى المنطق، وذلك لأنها تنظر إلى الرياضيات باعتبارها علم التراكيب والأشكال، ولهذا لا يهتم عالِم الرياضيات بالأفكار قدر اهتمامه بالرموز وعلاقتها للتعرف على خصائصها الصورية، والتعبير عنها صوريًا على هيئة نسق أكسيومي. كما يوضح هِلبرت موقفه الفلسفي من أساس الرياضيات، حيث يرى أنه من الضروري لكل تفكير علمي أن يبدأ بالرمز، ولهذا يقول "إن هذا هو الحد الأدنى، الذي يجب افتراضه سلفًا، لأنه ليس هناك فكر علمي يمكنه الاستغناء عنه، ولذلك يجب على كل فرد أن يحافظ عليه بوعي أو بغير وعي". كما يميز هلبرت بين نوعين من الرموز، رموز ليس لها معنى وأخرى لها معنى بما تؤديه من وظيفة لنقل الحقائق والأفكار، وهو ما يظهر بوضوح من خلال عرضه لنظرية الأعداد البسيطة حيث يشير هلبرت إلى أهمية الرموز في بناء النظرية الرياضياتية. حيث يرى أن موضوع الرياضيات هو الرموز المحسوسة والتي تدرك مباشرةً بالحدس نتيجة لوضوحها وضوحًا مباشرًا. صــ 96، 97

▬ جودل وعدم القابلية للبت: لقد أخذت مشكلة البت في دراسات جودل شكلًا أكثر عمومية، حيث أوضح جودل عام 1931 أنه سوف يوجد دائمًأ داخل أي فرع مفترض من الرياضيات بعض القضايا التي لا يمكن إثبات كونها صادقة أو كاذبة باستخدم قواعد وبديهيات ذلك الفرع الرياضياتي ذاته، نظرًا لخضوع الصورية لحدود يصعب عليها أن تتجاوزها، ولذلك فإنه بتتبع جودل لبرهان هلبرت لاتساق النسق الرياضياتي المثالي اكتشف عدة أمور أدت في النهاية إلى تبدد الهدف الذي سعى إليه هلبرت إلى الأبد سواء بالنسبة للرياضيات أو لكل الأنساق الصورية بما فيها المنطق حيث أوضح جودل أن الصورية لن توجد ولا يمكن أن توجد داخل النسق، حيث أثبت أنه إذا كان النسق الصوري متسقًا فإنه لابد وأن يكون غير مكتمل، بينما إذا كان مكتملًا فإنه لابد وأن يكون غير متسق أو متناقض. صــ 106، 107

▬ لقد أدى التطور العلمي المعاصر إلى تعديل واضح للمنهج التجريبي التقليدي، حيث أظهر التطور أن المنهج الإستقرائي التجريبي بصورته التقليدية ليس هو المنهج الأمثل في تطبيقه لموضوعات العلم الحديث خاصةً وأن كثيرًا من الظواهر العلمية الحديثة ليست مما يخضع للملاحظة المباشرة ولهذا انتهى عدد كبير من الباحثين إلى أن المنهج التجريبي التقليدي لا يمكنه أن يفي وظيفة العلوم الحديثة، بل أنه أصبح عاجزًا عن استيفاء متطلبات العلم الحديث. كما أدى التطور العلمي أيضًا بالعلماء إلى إعادة النظر في المنهج الإستنباطي الرياضياتي حيث اتضح لهم أنه لابد من استخدام هذا المنهج في العلوم التجريبية بجانب المنهج الإستقرائي التجريبي. وكان من نتيجة ذلك ظهور المنهج العلمي المعاصر الذي يجمع بين منهج الإستقراء ومنهج الاستنباط. ولهذا كان من الطبيعي أن يتغير مفهوم المنهج العلمي عما كان عليه أيام بيكون ومِل، حيث طرأت على المنهج التقليدي تغيرات أهمها تغيير ترتيب خطوات هذا المنهج. بمعنى أنه إذا كان المنهج التقليدي يبدأ بالملاحظة ثم فرض الفروض، فإن المنهج العلمي المعاصر يُنكر هذه الأولوية للملاحظة بصورة يكاد معها يختفي هذا العنصر من البحث العلمي. ويمكننا بوجه عام إيجاز الملامح العامة للمنهج العلمي المعاصر فيما يلي: 1- البدء بفرض صوري. 2- ترتيب النتائج المترتبة على هذا الفرض باستخدام المنهج الاستنباطي. 3-التحقق من صحة هذه النتائج عن طريق الملاحظة والتجربة. صــ 141

▬ يتضمن التجريب العلمي إعمالًا حقيقيًا للفكر وللعقل من أجل استفزاز الطبيعة وإرغامها على البوح بأسرارها، في حين تظل التجربة بمعناها العام تقبلًا لما يحدث لنا ويؤثر فينا من واقع خارجي. ولهذا تجعل التجربة الإنسان في موقف منفعل، بينما يجعله التجريب في موقف الفاعل. وعلاوة على ذلك، فإن التجربة تقف عند حدود ما هو مُعطى وظاهري، في حين يستنطق التجريب الظواهر ويبني بصدده معرفة جديدة وعميقة لا يمكن الوصول إليها عن طريق التجربة العامية المباشرة. وتبعًا لهذا فالتجربة بمفهومها العلمي الحديث هي عبارة عن استنطاق ومسائلة للواقع وليست مجرد إنصات وملاحظة له، إنها إرغام للطبيعة على البوح بأسرارها وعلى الكشف عن ما تخفيه من قوانين وعلاقات وليست مجرد مراقبة وتتبع لما تفصح عنه من ظواهر ومعطيات. وبالتالي لم يعد العالِم، كما يقول كانط، مجرد تلميذ يتعلم من الطبيعة وإنما قاضيًا يرغمها على الإجابة عن أسئلة يحددها هو بنفسه، واعتمادًا على طرق يختارها هو بنفسه أيضا. فطبيعة السطح، ودرجة ميلانه، وكذا الكرات ووزنها، كل ذلك اختاره "جاليليو" بنفسه حينما أراد معرفة القانون الذي يحكم السقوط الحر للأجسام. صــ 144، 145

▬ إذا كان التجريب، حسب التصور التقليدي، هو معيار للتحق من الفرضية، فإن روني طوم يرى أنه لا يمكن الحديث عن فرضية علمية غير مؤسسة على نظرية سابقة. فكل نظرية تتضمن في نظره كيانات خيالية يتم التسليم بوجودها، مما يعني أن لعنصر الخيال العقلي دور كبير في التجريب العلمي. هكذا اعتبر روني طوم أنه من الوهم الاعتقاد مع أنصار النزعة التجريبية التقليدية، بأن التجربة هي وحدها التي تمكننا من فهم العلاقات السببية بين الظواهر الطبيعية. فالتجريبُ لا يكفي وحده لفهم الظواهر الطبيعية وأسبابها، بل لابد من إقحام عنصر الخيال العقلي الذي يعتبر تجربة ذهنية مكملة للتجربة التي تتم بواسطة ما هو واقعي تجريبي من جهة، وما هو خيالي عقلي من جهةٍ أخرى. إذا لا يمكن للتجريب العلمي الاستغناء عن التفكير العقلي الذي يعد عملية معقدة ومتشابكة يصعب ضبطها من خلال منهج محدد. صــ 145

▬ [خرافةً الإستقراء]: قدم كارل بوبر نظرية هامة في فلسفة العلم تبدأ بنقد منهج الإستقراء الذي يقوم في صورته المبسطة على ملاحظة العناصر المشتركة بين الأمثلة الواقعية وصياغة قاعدة عامة وصفية بناء على تلك المشتركات. حيث يرى بوبر أن ملاحظة الواقع ليست بسيطة، وذلك لأنه حين ترى شيئًا فإنك لا تستعمل عينك فقط، نظرًا لأن العين مجرد أداة لنقل المشهد الخارجي إلى منصة فرز وتنصيف في داخل عقلك. وهذه المنصة هي أداة فهم للأشياء تتشكل على ضوء ثقافتك السابقة وتوقعاتك وفهمك لنفسك لمحيطك. ولهذا فإن الوصف الذي تعطيه لذلك الشيء يتضمن - بصورة صريحة أو ضمنية - حُكمًا عليه. ومن هنا فإن ما قرره الباحث أنه عنصر اشتراك بين الأشياء هو في حقيقة الأمر حكمه الخاص عليها، وهو حكم قد يحكي الواقع وقد يجافيه. ولهذا تعتبر فلسفة كارل بوبر فلسفة ضد الإستقراء. ولعل هذا هو سبب الخلاف مع التجريبيين، الذين يؤكدون على أن الملاحظة الحسية تمثل نقطة البدء التي توصلنا إلى فروض. وهو الأمر الذي يرفضه بوبر، على أساس أن الفروض تسبق الملاحظة، نظرًا لتكون الفرضية في ذهن العالِم قبل إجراء عملية الملاحظة. فضلاً عن أن البدء بالملاحظة الخالصة فقط وتعميم نتائج الملاحظة للوصول إلى نظريات علمية من غير أي تصميم ذهني مُسبق هو من بابِ المستحيل. صــ 154

▬ يُشكل معيار القابلية للتكذيب الذي اقترحه كارل بوبر أحد المعايير التي حاولت ترسيخ مبادئه في نسق العلم. حيث انتهى بوبر بعد نقده للوضعيين، إلى أن النظرية لا تستحق في نظره صفة العلمية بمجرد خضوعها للتجربة، وإنما بقاليتها للتكذيب، ولذلك فإن العالِم ملزم بتقديم الاحتمالات الممكنة لتكذيب نظريته وإبراز إمكانيات هدمها وتجاوزها لأنه لا توجد نظرية علمية مطلقة. وبعبارة أخرى لا تكون النظرية علمية إلا إذا كانت فروضها قابلة للتفنيد والدحض، وإلا فإن "النظرية التي لا تتوخى اكتشاف العيب فيها هي نظرية غير قابلة للإختبار العلمي، ولهذا يقول بوبر: "لا يعتبر أي نسق نظري نسقًا اختباريًا إلا إذا كان قابًلا للخضوع للإختبارات التجريبية... إن قابلية التكذيب (أو قابلية الإختبار) وليست قابلية التحقق هي التي ينبغي أن نتخذها معيارًا للفصلِ بين ما هو علمي ما ليس علميًا. صــ 158، 159

▬ إنّ العلمَ في نظر توماس كون يتقلب بين مرحلتين، أحدهما "العلم المستقر" أو الإعتيادي، والأخرى مرحلة "الأزمة". فالعلم المستقر هو الممارسات الرتيبة التي يجريها العلماء داخل بنية نظرية راسخة (باراديم/نموذج) والتي تؤدي إلى تراكم نتائج، لا تضع الأسس النظرية للبنية موضع الشك، وإذا تم أحيانًا ظهور نتائج شاذة أو غير مألوفة، فعادةً ما يتم إرجاعها إلى أخطاء وقع فيها العلماء، وهذا ما يعتبره "كون" برهانًا على أن العلم المستقر لا يسعى إلى التجديد والإبتكار. ولكن بمرور الوقت، تتراكم النتائج الشاذة بحيث تؤدي إلى ما يعرف بمرحلة الأزمة. وحينها يتم صياغة نظرية جديدة بدلًا من القديمة، ويتم التسليم بهذه البنية في النهاية، وعندئذٍ يأخذ العلم المستقر مجراه، إلى حين ظهور نتائج شاذة جديدة. صــ 170، 171

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

0 التعليقات:

إرسال تعليق