• يوجد في
عالمِ اليوم ما يكفي من الأديان لكي يكره الناس أحدهم الآخر، ولكن لا يوجد ما يكفي
من الروح الدينية لتلهم البشر بأن يحب أحدهم الآخر. ص9
• غالبًا
ما تصف الهندوسية الله بأنه جوهرة انعكاس الرغبات؛ إذ يجد فيه كل إنسان انعكاسًا
لمثاله الخاص عن الحقيقة والخير والجمال. ص10
• الطقوس والميثولوجيا
والفلسفة عوامل ضرورية للتطور الديني فهي بمثابة القشور التي تحمي لب الحقيقة
الدينية واللب هو الجزء الأساسي من البذرة ولكنه دون القشرة عندما يظهر البرعم
تسقط القشرة وعندما يبدأ المرء بالغوص عميقًا في بحثه عن الله يستبعد من الطقوس
والميثولوجيا والفلسفة ما هو غير ضروري. ص13
• لقد أعيت
الروحُ أذكى العقولِ في التاريخ فاحتضنت العقل البشري وآمن بها دون أن يدركها
ويكشفُ مكنونها. ولذلك نجدُ أن الثقافاتِ الكبرى وقفت أمام معضلات لا تحصى أثناء
تناولها قضايا الروح. كما لو أنها تكشفُ عن الحقيقةِ القائلة إن البحثَ عن الروحِ
هو عينُ البحثِ عن اليقين؛ وهنا يكمنُ مصدر الشك واليقين، القلقُ والثبات، وهي
الحالة التي يجد الإنسان دومًا نفسه فيها عندما يقف أمام تلك القضية التي ترهق
عقله والتي تؤكد على العدم هو مصير الإنسان أينما كان. ص18
• نحن مجرد
ظلال وهمية للمطلق، والظلُ ليس له وجود حقيقي ومع ذلك، ليس عدمًا.. العالم ظل
للحقيقة ولذلك يتعلق به الحمقى. (سوامي فيفي كاناندا) ص31
• كل هذا
الجهل يمكن التخلص منه، فقط عندما أدركُ أنني والإله شيء واحد. (سوامي فيفي
كاناندا) ص32
• الحريةُ
ليس مما يُمنع أو يُمنَح للإنسان وفقًا لظروفه وأحواله، كما أنها لا تُكتَسبُ حسبُ
جدارةٍ علمية أو أخلاقية أو حتى التزام ديني؛ ذلك لأن الحرية هي ماهية الروح. إننا
نعثرُ في أعماقنا على معنى الحرية والكمال، لأن الإله الذي يشكلُ حقيقتنا يحركُ
فينا ذلك السعي حتى نُحقق مقولةَ (الكل في واحد). ص56
• إذا كان
الإحلال البشري قد نجح بشريًا وثقافيًا في خلق امتداد حقيقي لأوروبا في العالم
الجديد فإن الإحلال الثقافي في العالم القديم لم يفلح إلا في إنتاج أوروبا شائهة
أو بالأحرى استهلاكها والسعي الدؤوب إلى استنساخها. ص134
• إن طبيعة
الإنسان والموجودات هي ذاتها طبيعتي، لكن عندما يتم منح كل موجود بمنحة مادية
مختلفة وصورة فيزيقية كذلك، عندئذ يحدث الاختلافات. (تشوهسي) ص204
▬ غالبًا
ما كان راما كريشنا يصف التجارب الدينية المختلفة بأنها ألحان موسيقية مختلفة. ذات
يوم، وبينما كان يستمع إلى حفلٍ موسيقي، قال لأحد القادة الدينيين الذي كان يرفض
الديانات المختلفة عن ديانته "هل تسمع كم هي شجية هذه الموسيقى؟ أحد العازفين
يصدر صوتًا رتيبًا على مزماره بينما يبدع الآخر موجات لحنية بطرقٍ متنوعة. لماذا
أنتج صوتا رتيبًا عندما أمتلك آلة لها سبعةً ثقوب؟ لماذا أردد "أنا هو، أنا
هو "فقط؟ أريدُ أن أعزف ألحانًا مختلفة على آلتي ذات الثقوبِ السبعة لماذا
أكتفي بقول "براهما! براهما!"أريد أن أتحد مع الله من خلال علاقاتٍ
مختلفة. وقال في مناسبةٍ أخرى متوجهًا إلى بعضِ أعضاء مذهب ديني يؤمن بإله مجرد من
الشكل: "إننا جميعًا ننادي بالله ذاته. لذلك يجب التخلي عن الأنانية والمكر.
بعضهم يقول إن الله مجرد من الشكل وبعضهم الآخر يقول إن اللهَ أشكالًا. أقولُ
فليتأمل المرء في اللهِ ذي الشكلِ إن كان يؤمنُ بالشكلِ وليتأمل الآخرُ في اللهِ
المجرد من الشكلِ إن كانَ لا يرمنُ بأيِ شكل. ما أعنيه أن التعصب شيء، من
السيء أن أشعر أن ديانتي وحدها دين حق وأن
الدياناتُ الأخرى محقة أو مخطئة، حقيقة أو مزيفة. أقول هذا لأن المرء لا يستطيع أن
يعرف الطبيعة الحقيقية لله إلا إذا نجح في تحقيقه. هل تعلمون ما هي الحقيقة؟ لقد
خلقَ اللهُ أديانًا مختلفة لتلائم التواقيت والأزمنة والبلدان على اختلافها،
العقائد دروب عديدة ولكن أيًا منها لا يمثل الله بذاته. بالتأكيد يستطيع المرء
بلوغ الله إذا اتبع بإخلاص أي طريق من الطرق. وإذا افترضنا أن هناك أخطاء في
الديانة التي قبلها المرء، صحح له الله هذه الأخطاء، إن كان صادقًا ومجتهدًا. صــ
7، 8
▬ نجحت
طبقة البراهمة في تحديد غاية الوجود في ذلك السعي الروحي لإدراك المطلق في ذاته،
ذاتًا وصفاتًا، إذ أن من عرف هذه الذات وتلك الصفات وسعى لتحقيقها نال النعيم
والخلود، الذي لا يعقبه ميلاد ولا شقاء ولا موت. الأمر الذي أدى إلى ظهور الدعوى
لإنكار العالم وإرادة الحياة ومن ثم هيمنة نزعة الزهد والتقشف على الفكر الهندي
بمختلف تياراته. ومن اللافتِ أن هذه الغاية الروحية قد كُتِبَ لها السيادة
والهيمنة على الفكر الهندي القديم والحديث ليس فحسب بين التيارات والمذاهب التي
دعمت سلطة البراهمة ولكن أيضًا بين المذاهب التي اختلفت معها فكريًا. وكأن الخلاف
مع البراهمة لم يكن خلافًا فقهيًا أو عقائديًا بقدر ما كان خلافًا سياسيًا أو -
إذا جازَ لنا ذلك - سلطويًا.. وهكذا سعت السلطة إلى تحويل المجتمع الإنساني إلى
مجتمع روحاني أي إلى أرواح تسعى في الأرض بلا رغبات ولا شهوات ولا أماني تخص هذا
العالم أملًا في أن تشارك المطلق الإلهي، ولذلك يبدو أن تاريخ الإنسانية لم يشهد
هذه القسوة في إهمال البدن في مقابل المغالاة في الاهتمام بالروح وبضرورة هيمنة
هذه الروح على كل جوانب الحياة اليومية كما حدث في الهند. صــ 21
▬ [...]
ومن ثم فإن ما نراه في واقعنا المعيش ليس هو الإنسان الحقيقي، الإنسان في ذاته،
إنما هو الإنسان الظاهري المنفصل عن حقيقته بفعل الجهل أو الوهم. وهذا يعني أنه
يقدم تصورًا للعلاقة بين الطبيعة الإنسانية والطبيعة الإلهية، حيث أصبح الإله
والإنسان وحدة واحدة، فاللامتناهي يتجلى دومًا في المتناهي، ولهذا يجب على كل
إنسان أن يعي حقيقته الإلهية ويعمل على إظهارها بحيث تصبح الإنسانية كلها تجليًا
للإلهي وهو ما يخالف الوعي الديني المسيحي الذي عبر عن وحدة الإلهي والإنساني في
إطار تجسد المسيح فقط، حيث اتحد فيه اللاهوت والناسوت وهو ما يرمز إلى استعادة
العلاقة التي فسدت بفعلِ الخطيئة. والسؤالُ الآن: هل حقًا كان المعلم الروحي
فيفيكانندا يعني ما يقول بأن كل روح إلهية على نحوٍ كامن؟ أم أنها مجرد دعوة للثقة
في الروح الإنسانية التي أرهقها الزهد وحط من شأنها التسول؟ صــ 27
▬ إذا كانت
الكلاسيكيات قد حسمت علاقة اللامتناهي بالمتناهي، المقدس والدنيوي، عبر قضية
"الإتمان" الذي هو جزء أو نفحة من البراهمان، فإن فيفيكانندا قد رفض
فكرة أننا جزء من المطلق، حيث المطلق كل لا يتجزأ، رغم أنه يبدو أنه قابل للتجزئة
عندما ننظر إليه في إطار الزمان والمكان
والسببية. أما عندما نتجاوز هذا العالم الحسي فنحن هو. ومن ثم فإن فكرته عن
أن الأرواح مجرد تجليات وهمية للواحد المطلق، كانت من أجل التأكيد على أنه لا يوجد
سوى المطلق الذي يمكن إداركه فيما وراء التعدد الظاهري. ولعل ذلك يرجع في الحقيقة
إلى أن تعدد الأراوح يتناقض مع إيمانه بقضية محورية لديه، ألا وهي وحدة الوجود
والتي أزعم أنها لم تكن مطروحة عبر الكلاسيكيات. وهكذا كانت قضية الظل نقطة انطلاق
للتوحيد بين العلة والمعلول حيث لا يوجد اختلاف بين المطلق وما يصدر عنه، إذ إن
الاختلاف يبدو فقط خلال هذا العالم، فالعلة لا تختلف عن المعلول، فأنا هو، ومن يرى
أن ثمة اختلافًا بين الإله (العلة) والإنسان (المعلول) فهو واهم.. وفي الحقيقة فإن
فيفيكانندا كان أكثر إخلاصًا للتصور الذي يذهب إلى أن كل الأرواح انعكاسًا لحقيقة
واحدة، وذلك للحفاظ على غاية أعم وأشمل يريد أن يدشنها ليس داخل الهند بمذاهبها
المتنوعة فحسب، بل أيضًا داخل العالم كله، ألا وهي وحدة الإنسانية كلها استنادًا
إلى وحدة الروح، ومن ثم التأكيد على المساواة بين البشر، ثم الانتقال منها إلى
وحدة الوجود كله. أما تصور أن كل روح إلهية قد تنطوي في ذاتها على ما يدمر هذه
الوحدة المنشودة، ولكن إذا كنا جميعًا ظلالًا لحقيقةٍ واحدة وأن المطلق متحقق فينا
جميعًأ دون فرق بين شعبٍ وآخر، أو بين طبعة وأخرى، كيف يمكن تفسير الاختلاف فيما
بيننا؟. يرجع فيفيكانندا هذا الاختلاف إلى أن تجلي المطلق بين البشر يتحقق على
نحوٍ متفاوت بحيث يختلف هذا التحقق من شخصٍ لآخر، غير أن هذا الاختلاف ليس اختلافًا في النوع بقدر ما هو اختلاف في
درجةِ التجلي أو الظهور، وعليه فلا يوجد فرق بين الآثم والقديس سوى في درجة
التجلي، فكلاهما إله ولكن نجح أحدهما في تحقيق ألوهيته، بينما فشل الآخر. صــ 33 ،
34
▬ كثيرًا
ما يوظف فيفيكانندا في هذا السياق أقوال السيد المسيح كنموذج يؤكد من خلاله على أن
للدينِ خطابان، خطابٌ للعامة، التي هي دائمًا في احتياج إلى كل ما هو ملموس ومدرك
بالحواس، والآخر للخاصة (الصفوة) التي تبحث عن أشياء تسمو على المادة بل ويناضلون
من أجل ذلك. ولهذا يرى أن الإنسان قبل أن يحقق تلك المعرفة الصوفية نخاطبه بعبارة
(صلِ لأبيكِ الذي في السماء). ولكن بعد أن يصل إلى أعلى درجات الوعي الروحي حيث لا
يرى فرقًا بين الأشياء من حوله، وعندما يدرك الألوهية التي هي طبيعته الحقة،
وعندما يعي مقولة أنا وأبي حقيقةً واحدة، يتعلمها ثم يكررها على نفسه ويتأملها حتى
تمتزج بكل قطرة من دمائه وتختلط بأقواله وأفعاله، وعندئذٍ يقول له المسيح (مملكة
السماء في داخلك).. وهكذا لم يعد العالم منقسمًا إلى مملكتين، مملكة السماء ومملكة
الأرض، الأولى يطمح المؤمن إليها والثانية يعيشها العامي الذي يجهل الحقيقة
ويستمتع بلذتها الوقتية ورغباته الزائلة، وإنما أصبحت مملكة السماء من نصيب
العامة، التي تضع عالمًأ آخر مقابلًا لعالمنا الدنيوي، يسمو عليه ويجعل السماء
مقرًا لها، أما العالم الآخر وهو عالم الصفوة فهو عالم الذات، الذي يوجد في أعماق
كل منّا، هو عالم الروح حيث التوحد مع الكل. صــ 39
▬ إننا
جميعًا نحيا في هذا العالم ونرى أن التغير يهيمن على كلِ شيء ومع ذلك فنحن نتعلق
به ونظن أنه ثابت، فالأشياء تظهر ثم تختفي ولا يبقى شيء، ولا يستطيع أحد أن يوقف
هذا التدفق وتلك الصيرورة ومع ذلك فنحن نتعلق بتلك الأشياء ونحزن عندما تختفي.
فنحن نرى الموت في كلِ لحظة ونرى الحزن والألم يعقب كل شعور بالسعادة، ورغم ذلك
نسعى دائمًا لتناسي هذا الأمر، إننا نسعى لخلق نمط من السلوان لأنفسنا وذلك عبر
الاستغراق في كل أشكال المتع، والتي بالضرورة تولد قدرًا مساويًا من الألم، وتلك
هي المايا، (الجهل)، ولهذا فإن الاستغراق في خلق مزيد من المباهج الحسية بجانب
المعاناة التي نصطدم بها يؤديان إلى مزيد من الاغتراب عن حقيقتنا الخالدة. فكلاهما
له ذات التأثير في تشكيل الحجاب الذي يحجب عنا الحقيقة، وكلاهما يجعلنا عبيدًا
للمايا، ومن ثم يزداد تعلقنا بالجسد والعالم المادي، فلا نعود نرى الإله لا في
الداخل ولا في الخارج. صــ 47
▬ في الوقت
الذي يقلل فيه فيفيكانندا من قيمةِ المعرفة العقلية وما تشمله من عمليات التفكير
والتعقل إلا أنه يُعلي من شأنٍ التأمل باعتباره النقطة التي تمثل الانفصال عن
العالم المادي وتجاوز الواقع المعيش عبر الاستغراق في مقولات تتجاوز كل ما هو ظاهر،
حيث أن جوهر المعرفة يكمن في التجاوز بل والتخلي عن العالم المادي وهذا هو دور
التأمل وليس دور التعقل، لأن التعقل يتعلق دائمًا وبشكلٍ ما بما هو محسوس. صـ 59
▬ إنَّ جمع
الأفغاني بين السلطتين (الدينية والسياسية) قد كان بمثابة إرهاصٍ بما سوف تنتهي
إليه لاحقًا فيالق الإسلام السياسي من اعتبار أن "السلطة السياسية" هي
أحد الأصول الهامة التي لا قيام للدين من دونها؛ وبحيث راحت "الدولة"
تأخذ موقع الشرط اللازم لإكمال إقامة الدين؛ بل إنه راح يجري اعتبارها ركنًا
جوهريًا من أركانه. حيث إن ثمة من سيمضي من الجماعاتِ المتأخرة - كجماعة التكفير
والهجرة" المصرية مثلًا - إلى تعليقِ أداءِ بعضِ العباداتِ والفروضِ الواجبةِ
على المسلم - كصلاةِ الجمعة - طالما أن "الجماعة المسلمة" لم تبلغ حد
"التمكين" في الدولة؛ وبمعنى أنها لم تُمسكُ بدولابِ السلطة بعد. صــ
112
▬ رغم أن
الفكر الصيني عامة والكونفوشية خاصة يعدا - إلى حدٍ ما - من أكثر الأنساق وضوحًا
وموضوعية في القضايا التي يتم تناولها نظرًا لتحررهما من الطابع المجرد وتعلقهما
بالواقعِ المعيش، حيث اصطبغا بالطابع العقلي العملي، فإن البوذية - مع دخولها إلى
الصين - قد أخذت الفكر الصيني إلى منعطفٍ بات فيه أكثر انشغالًا بالقضايا المجردة؛
وبما ترتب على ذلك من ازدياد مساحة الغموض في معالجة القضايا المثارة بسبب صعوبة
التمييز بين الفيزيقي والميتافيزيقي فيها [..] وهكذا فإن التأسيس الميتافيزيقي
الذي أعاد إحياء الكونفوشية في سياقه لم يتسبب في انكماش الدور الإنساني في الكون،
أو الإقلال من قيمةِ عالمنا الدنيوي لصالح عالمٍ آخر، بل على العكس من ذلك فقد أدى
العنصر الغيبي إلى انفتاح الممكن الإنساني على آفاق تتجاوز ما هو ملموس ولكنه يقوم
ضمن حدود عالمنا الواقعي. فما زال العالم الدنيوي هو الحيز المكاني الوحيد المتاح
أمام الإنسانية لكي تحقق وجودها المثالي تأكيدًا لاعتقادهم بأنه أفضل العوالم
الممكنة. صــ 189 ، 190
0 التعليقات:
إرسال تعليق