• ينطلق نشاط الفاعلية القيمية، أول ما ينطلق، من بناء الاختيار الحر على
فصم لامبالاة، ودفع لااكتراث.
• إن العالِم لا يكون عالماً إلا إذا عني بقيمة العلم.
• إن الأشياء لا تزال تتراىء مختلفة في أعيننا، ولكن فوارقها لا تتحلى بأية
دلالة في حال اللامبالاة.
• لقد ذهب (سارتر) إلى أن القيمة هي العوز الدائم، وهي تُعرِبُ عن جهد
الشخص الذي هو دائماً على مبعدة من ذاته، وذلك لكي يحقق ذاته بصورة تامة في ذات.
• قد تفر القيمة أو تتبدد حينما نبلغ الغرض المتوخى، ولكنها لا تزول من جهة
حتى تظهر من جهة أخرى في شكل مطلب جديد.
• إن العلم يجيب على سؤالنا (كيف) والقيمة تجيب على سؤال (لماذا). بل إن
القيمة هي سؤال (لماذا) عن كل الأشياء لأنها تقحم الغاية، وان لم يكن هي ذاتها
غائية.
• إن الأفكار السائدة في عصر ليست سوى أفكار الطبقة المسيطرة فيه (كارل ماركس)
======================================
▬ إن معنى الحياة، أو مغزى الوجود، هو المشكلة الأساسية التي تطرحها
التجربة القيمية وتضعها في طليعة المشكلات التي يتناولها فكر المرء منذ أن يبلغ
قسطاً من الوعي، كما يطرحها التاريخ الإنساني عندما تعصف به الكوارث وتوقظه
المصائب فيجد أن العلم نفسه، والإيمان بالعلم، أعجز عن أن يحدد واجب السلوك إلى
جانب تحديده الحقيقة الموضوعية في الآفاق. وتنفرد فلسفة القيم والتفكير القيمي
بإتاحة الفرصة أمام العقل الإنساني كيما يُضفي على الحياة معنى يكفل، من ثم،
اختياراً به يحدد الإنسان مصيره ومصير العالم بأسره. صــ49
▬ تساءل (نيتشه) عن الحياة قائلاً :"تريدون أن تحيوا بحسب الطبيعة ؟
أيها الرواقيون النبلاء! أي ضلال ضلالكم! تخيلوا منظمة مثل الطبيعة. إنها إسراف
بدون اعتدال، بدون نية، بدون احترام، بدون رحمة، بدون عدالة. إنها خصب وعقم معاً.
إنها تردد وحيرة. تخيلوا اللامبالاة التي تتحول في الطبيعة إلى قوة وبأس، كيف يمكن
أن تعيشوا بحسب هذه اللامبالاة ؟ أليست الحياة - على وجه الدقة - هي إرادة
التقويم، والترجيح، والظلم، وان يكون المرء متقيداً على نحو آخر ؟". ان
الطبيعة لامبالاة بالدرجة الأولى، والحياة هي أن تقول (لا) حيال الطبيعة. الحياة
تقويم. ولكن التقويم هو بالضرورة تقويم متعالٍ. الحياة تطرح القيمة. والقيمة خصومة
وصراع. والحياة - جوهرها - قدرة نفي لانهائية...صــ122
▬ لعل من الجائز أن نُطلق على فلسفة (هوسرل) اسم نظرية الذوات وهي تعارض،
أول ما تعارض، المذهب الاختباري الذي يبني قيمة كل معرفة على أساس ما يبدو في
الإدراك، وقد أدى ذلك إلى ريبة (هيوم). أما (هوسرل) فإنه يوضح أن من يسمع لحناً من
الألحان يدرك في الحقيقة شيئاً آخر غير تعاقب الأصوات: فنحن لا ندرك لدى استماعنا
هذا التعاقب أو ذاك من أصوات جائزة بل ندرك ماهية اللحن. وكذلك فإن من يجري عملية
حسابية يشعر بقسر لاشخصي يلازم تعاقب الكائنات والأشكال الرياضياتية، بحسب
ارتباطها الموضوعي. ولذا فإن أصالة الفنومنولوجيا تتجلى في القول بأن كل معرفة هي
رؤية ذات، رؤية شكل مطلق، بدون المُضي إلى ما ذهب إليه أفلاطون، حين قرر وجود عالم
خاص بالذوات أو المثل. وترجع هذه الأصاله إلى تعريف (برناتو) الشعور من حيث أنه
شعور قصدي. صــ148
▬ إن كلمة القيمة لا تتحلى بمعنى إلا إذا دلت على علاقة، ولا علاقة إلا
عندما يربط شيء بشيء آخر. ولذا فإن القيمة ليست موضوعية خالصة، ولا ذاتية محضة، بل
هي حلقة تصل الشخص بموضوع، وتشير إلى اهتمام فرد أو أكثر من الناس بموضوع. إن
القيمة تشير إلى تلك الناحية من الحياة الإنسانية التي تعودنا أن نستعمل لها
الكلمات المباركة. وهي تشير أيضاً إلى دلالات أخرى، وتستعير المعنى البراق لصفات
مثل :"الخير" و "الأحسن" و "الحق" و "
الوجوب" و "جدير" و "جميل" و "مقدس" و
"عادل" وأسماء مثل "السعادة" و "الرفاة" و
"الحضارة". وهي تشير إلى اسم مشترك لما تسميه هذه الكلمات، أو إلى
محاولة إيجاد اسم مشترك. وهي من بين الكلمات التي لها مثل هذا المعنى البراق،
والتي تصلح، من ثم، علامات متميزة. وتعتبر كلمة قيمة أحسن كلمة تشير إلى المعنى
بتوسيع ومرونة. صــ178
▬ هب أن هناكَ هاوياً شغوفاً بجمع قطع النقود القديمة، وأنه يبحث عما يتمم مجموعته.
ان القطعة النادرة التي مازال لا يملكها تتحلى بقيمة لديه، أي أن القيمة ترتبط بآن
واحد بالموضوع وتنفصل عنه. فهي تتمثل، من ناحية أولى، في الموضوع، وتلتصق به، لأن
أي تغير قد يطرأ عليه يفقده قيمته. وعلى هذا فإن القيمة تتوحد بالموضوع وتزول
بزواله. وإذا لم يبق الموضوع على ما هو عليه كفّ تحليه بقيمة. ولكن القيمة، من
ناحية أخرى، تتميز عن الموضوع بالضرورة، لأن جامع النقود إذا تخلى عن هواية الجمع،
أو تحول عن جمع النقود إلى جمع الطوابع، فقدت قطعة النقد كل قيمتها في نظره.
لنتصور ثلاثة أشخاص يعتبرون أن لقطعة النقود قيمة. أولهم جامع النقود الذي تنقصه
تلك القطعة. والثاني الشخص الذي تمثل تلك القطعة لديه ذكرى عائلية عزيزة. والثالث
سارق محتمل. فلتلك القطعة إذن قيم ثلاث متمايزة. ويزداد تنوع القيم بازدياد عدد
الأشخاص المعنيين بالموضوع...صــ297 : 298
▬ إن معنى الفاعلية القيمية، وغائية نشاطها، يتضمنان الحرية والتعالي. وهذه
الحرية تضاد السير الآلي، ولكنها ليست حرية عفوية محضة، ولا حرية اختيار مطلق،
حرية أن يفعل الإنسان ما يشاء بدون أن يتوافر موضوع للاختيار. "ان الفاعلية
التي لا تتجه أيه جهة كانت ليست بفاعلية صحيحة، بل هي حركة انفجارية. والمرء لا
يفعل ما يشاء إلا إذا ترتب عليه أن يفعل شيئاً بخضوعه بالتعريف لقواعد هذا
"الفعل" الخاص. إن الفاعلية القيمية حرة لأنها ليست نتيجة أسباب تدفعها،
بل لأنها تتجه نحو هدف نصب أمامها. وكما أن الحركة التي لا تجد محوراً تعتمده ليست
بحركة، فكذلك الحرية التي لا هدف لها ليست شيئاً. وإن الإطار الذي يرجع العمل الحر
إليه هو مجموعة القيم المنشودة مع الوضع". إن الفاعلية القيمية تخترع وسائل
تحقيق القيمة... صــ317
▬ إن القيم الفنية والجمالية لقوس بيضوي مثلاً تتألف من حوادث بصرية مادامت
حواسنا الجمالية هي بالدرجة الأولى النظر وكذلك السمع. ومن البين أن الخواص
الهندسية أو الفيزيائية للمنحنيات المتقاطعة بزوايا حادة أومنفرجة إنما هي حوادث
حيادية لا تتحلى بقيمة جمالية بذاتها، وغاية ما في الأمر أنها موائمة أو منافية.
ولكننا لا نستطيع أن نقول عنها أنها جميلة أو قبيحة، إلا بعد حدوث تركيب يضم عدداً
كبيراً يؤدي خلال التطور الإنساني إلى حدوث لحظة القوس المكسور. ومن المستبعد أن
يكون هذا القوس جميلاً في نظر الناس جميعاً، وفي جميع العصور وجميع الاصقاع.
صــ384
▬ إن وحدة القيمة ليست وحدة مفارقة، وإن تعددها لا يعني نفي القيمة، بل انه
يمثل تجليها او تجسدها. وبذا يكون تعدد القيم أشبه بأشكال شتى، أو جوانب معينة،
أوطرازاً من طرز القيمة، وان كان كل شكل من هذه الأشكال ينمّ عن سمة وحيدة، عن بعد
واحد، من سمات القيمة أوأبعادها، وتكون كل قيمة خاصة مطلقة في نوعها، وتكون القيم
أو أشكال القيمة مشاركة في مطلق القيمة الواحدة [..] ومن الخطل أن نقول بقدرة اي
انسان على أن يختار قيمة خاصة به من لائحة قيم معينة وينفي سائر القيم، وذلك لأنه
لا يستطيع ان يكتشف قيمة ويريدها إلا حيثما تبدو له متكافلة مع سائر القيم. صــ402
▬ لا يخفى أن أحداً لا يستطيع تحقيق (الخير الأسمى) وحده، بل لابد له من
عون الضمائر، كل الضمائر. وهذا التطلع إلى تخلق كلي يمنح الفعل دلالته الأخلاقية
التامة، ويجعله، من ثم، قيمة من القيم الأخلاقية، لأن اسهامه في الخير الأسمى إنما
يعني أن يتحقق هذا الخير الأسمى في نهاية تداخل فاعليات الضمائر كلها، على اعتبار
أنها تؤلف فيما بينها فاعليات آخذة تارة، ومبدعة تارة أخرى. إن الفاعل الأخلاقي
يتطلع إلى تغيير ضمير الآخر وتحويله إلى فاعل أخلاقي، ويتطلع، عبر ذلك، إلى تحقيق
(الخير الأسمى)، القصدية القيمية المُثلى. صــ526
▬ لقد أعتُبر الفن من أفضل ما يعين على إبداع القيم المثالية، لأننا ندرك
في الآثار الفنية، أحسن ما ندرك، كيف تبدو القيم الجمالية وكأنها بذاتها. أجل، ان
جميع القيم تتطلع إلى أن تكون بذاتها غاية تستقطب الرغبة الإنسانية وتسخّر سائر
الغايات لها. إن الذهب يمضي شطر أن يصبح في نظر الناس مطلباً لذاته. والحقيقة
العلمية، شأنها شأن الفضائل الأخلاقية، تحظى بنوع من الإجلال يسمو على قصر فيمتها
على النفع الإجتماعي. غير أن النفس الإنسانية تستغرق بيسر أعظم في الآثار الفنية
فترفض، وهي غارقة في الإنفعال الجمالي، أن تتساءل مثلاً عن فائدة الجمال، وعما
يبرهن عليه الحٌسن. فالجمال هو نمط القيمة التي تكفي ذاتها بذاتها. ولذا فإن كل
غائية أخرى هي أمر غيب عن الجمال. ذلك أن الهدف المنشود في الجمال ليس بهذا خارجي
عن موضوعه. وأن خاصة الموقف الجمالي هي احتواؤه على الحد الأقصى من التجرد. إن
جمال، كمال قال (كانت)، غائية لا غاية لها. صــ664
▬ يقول (برجسون) : "إن كل واحد منا ينتسب إلى المجتمع وينتسب إلى نفسه
أيضاً. فإذا تعمق المرء نفسه كشف له شعور عن شخصية أصيلة ماتزال تزداد أصالة كلما
أوغل في التعمق. وهذه الشخصية لا يمكن أن تقاس بغيرها، ولا يمكن التعبير عنها...
ولكن لئن كان هذا صحيحاً، فصحيح أيضاً أننا على السطح من ذواتنا متصلون بالناس.
ونحن هاهنا نشبههم، ونتحد بهم، بنظام يوحد فيما بيننا وبينهم ارتباطاً متبادلاً...
فالمجتمع هو الذي يرسم للفرد منهاج حياته اليومية [...] فترانا نختار بصورة طبيعية
ماهو موافق للقاعدة المرسومة، ولانكاد نشعر بما نفعل، ولا نبذل في ذلك شيئاً من
الجهد. فالواجب، بهذا المعنى، يتحقق تحققاً آلياً [...] نعم، إن الواجب يجثم على
إرادة الأفراد جثوم العادة. وكل واجب يجر وراءه كتلة الواجبات متجمعة متراكمة...".صــ703
0 التعليقات:
إرسال تعليق