• إن العلمَ يُشجعُ التخلي عن البحث عن الحقيقة المطلقة ويستبدل
بها ما يمكن تسميته بالحقيقة التقنية المنتمية إلى أية نظرية يمكن استخدامها بنجاح
في الاختراعات أو التنبؤات بالمستقبل.
• إن الكفرة يقولون أن المذنبات ترجع إلى أسباب طبيعية. ولكن الله لا يخلق
شيئاً لا يكون سلفا نذيرا بحدوث كارثة مؤكدة. (مارتن لوثر)
• لقد سدد مذهب داروين إلى علم اللاهوت ضربة قاسية تماما كما فعل كوبر
نيكوس في علم الفلك.
• إن الضرر الذي ألحقه اللاهوت لا يتلخص فقط في خلق نوازع القسوة بل أيضا
في إضفاء الشرعية على التظاهر بالأخلاق السامية وإضفاء ما يبدو أنه قداسة على
ممارسات ترجع إلى عصور أكثر جهلاً وبربرية.
• إن العلم يعتمد على الإدراك والاستدلال وترجع مصداقية العلم إلى حقيقة
مفاداه أن مدركاته من النوع الذي يمكن لأي مراقب أن يضعها موضع الاختبار.
• قد يبدو غريباً أن تكون الحياة قد حدثت بالصدفة ولكن يمكن للمصادفات أن
تحدث في كون في مثل هذا الاتساع.
• إن المزاج العقلي العلمي يتسم بالحرص والحذر فهو لا يقطع بشيء ويخطو إلى
الأمام خطوة بخطوة. وهو لا يزعم أنه يعرف
الحقيقة بأكملها أو حتى يتخيل أن أفضل ما يتوصل إليه من معرفة صائب صواباً كاملاً.
===========================================
▬ العقائد هي المصدر الفكري للصراع المحتدم بين الدين والعلم. ولكن الحدة
التي اسمت بها معارضة الدين للعلم ترجع إلى الصلة التي تربط العقيدة بالكنيسة كما
تربطها بنظام الأخلاق. فالذين يعبرون عن شكوكهم في العقيدة يُضعفون سلطة رجال
الكنيسة وقد يقللون دخلهم. أضف إلى ذلك الاعتقاد بأنهم يدمرون الأخلاق لأن رجال
الكنيسة درجوا على استخلاص الواجبات الأخلاقية من العقائد. ومن ثم فإن الحكام
الزمنيين ورجال الكنيسة يشعرون بأن هناك من الأسباب ما يجعلهم يخشون التعاليم
الثورية التي يقدمها رجال العلم. صــ6
▬ إن العقيدة الدينية تختلف عن النظرية العلمية في أنها تزعم أنها تجسد
الحقيقة الخالدة واليقينية بصورة مطلقة في حين أن العلم غير نهائي على الدوام
ويتوقع ضرورة إدخال التعديلات على النظريات الحالية إن عاجلاً أم أجلاً. فضلاً عن
أنه يدرك أن طريقته من الناحية المنطقية غير قادرة على الوصول إلى براهين كاملة
ونهائية. غير أننا نجد في العالم المتقدم أن التغييرات المطلوبة هي في العادة تلك
التي توفر له بصوره طفيفة درجة أكبر من الدقة. والنظريات القديمة تظل صالحة للوصول
إلى نتائج تقريبية. ولكنها تبقى عاجزة عندما تطرأ بعض مناحي التدقيق على الملاحظة.
أضف إلى ذلك أن الاختراعات التقنية التي توفرها النظريات القديمة تبقى دليلاً على
تمتعها إلى حد ما بنوع من الحقيقة العملية. صــ10
▬ لقد كان اكتشاف التخدير مناسبة أخرى تدخل فيها اللاهوتيون للحيلولة دون
التخفيف من المعاناة الإنسانية. ففي عام 1847 اقترح سيمسون استخدام التخدير في
حالات الولادة. ولكن رجال الدين اعترضوا على ذلك وذكروه على الفور بأن الله قال
لحواء في الإصحاح الثالث أية 16 من سفر التكوين :"بالوجع تلدين أولادك."
فكيف إذن يتحقق ذلك إذا كانت المرأة تحت تأثير مخدر الكلورفورم ؟ غير أن سيمسون
نجح في إثبات أنه ليس هناك ثمة ضرر في تخدير الرجال نظراً لأن الله وضع آدم في نوم
عميق عندما نزع ضلعه. ولكن رجال الاكليروس - وهم ذكور - رفضوا الإقتناع بتخفيف
ألام المرأة وهي في حالة الولادة على أقل تقدير. صــ102
▬ إن الإنسان - وهو صدفة غريبة حدثت في مكان مهمل - واضح ومفهوم فالخليط من
الخير والشر الذي يتكون منه الإنسان يجعلنا نتوقع أن يكون قد نشأ بمحض الصدفة، ولا
يوجد سوى الرضا المروع عن الذات الذي يرى في خلق الإنسان سببا يعتبره العليم بكل
شيء باعثا قويا يدفع الخالق إلى خلق هذا الإنسان. إن ثورة كوبرنيكوس لن تؤت ثمارها
حتى يتلقى الإنسان درساً أكبر في التواضع عما نراه في الذين يظنون أن الإنسان دليل
كافٍ على وجود غاية في الكون. صــ222
▬ إن الحرب بين العلم واللاهوت كادت أن تنتهي. ولكن هذا لم يمنع دون اندلاع
المناوشات بين حين وآخر في المناطق الواقعة على الأطراف، ويعترف المسيحيون أن
دينهم أصبح أحسن حالاً بعد انتهاء هذه الحروب تقريباً. وتطهرت المسيحية من عناصرها
غير الجوهرية الموروثة من عصر البربرية كما أنها تطهرت من الرغبة في اضهاد
المخالفين لها. ويتبقى لدى المسيحين الأكثر ليبرالية مذهب أخلاقي له قيمته يتلخص
في قبول تعاليم المسيح المنادية بضرورة حب الجار والإيمان بأنه يوجد في كل فرد شيء
يستحق الاحترام حتى وإن لم يعد هذا الشيء يُسمى بالروح. صــ247
▬ قد يصر البعض على أن الاضهاد في زماننا يختلف عن الاضطهاد في الماضي في
أنه اضطهاد سياسي واقتصادي أكثر من كونه اضطهادا لاهوتياً ولكن مثل هذا الدفاع
يجانبه الصواب من الناحية التاريخية. فهجوم مارتن لوثر على صكوك الغفران سبب
للبابا خسارة مالية ضخمة، وثورة هنري الثامن ضده حرمته من الدخل الكبير الذي كان
يتمتع به منذ أيام هنري الثالث. وقد اضطهدت الملكة اليزابيث الكاثوليك الرومان
لأنهم أرادوا استبدالها بماري ملكة اسكتلندا أو بفيليب الثاني. لقد أضعف العلم من
قبضة الكنيسة على عقول الناس، الأمر الذي أدى في النهاية إلى مصادرة كثير من أملاك
الإكليروس في بلاد كثيرة. صــ250
0 التعليقات:
إرسال تعليق