• يريد يكارت أن نفهم آليات انفعالاتنا ليتسنى لنا التحكم فيها، فإذا عرفنا
أي عملية حميمة تولد السعادة أو الحزن، وأي مزيج وتشابك في المشاعر ينجم عنه القلق
أو يشيع الطمأنينة في الأذهان؛ فسيمكننا هذا من اجتناب الاضطراب المستمر وينزل
علينا السكينة ويجعلنا في حالة من الرضا. هذا هو محور "رسالة في
الانفعالات".
• لا تفعل إلا بما يتفق مع القاعدة التي يمكنك في الوقت نفسه من أن تريد
لها أن تصبح قانوناً عاماً. (كانط)
• افعل الفعل بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي شخص كل إنسان سواك بوصفها
دائماً وفي الوقت نفسه غاية في ذاتها، ولا تعاملها أبداً كما لو كانت مجرد وسيلة.
(كانط)
• إننا في حاجة إلى نقد القيم الأخلاقية، وإعادة طرح قيمة هذه القيم للبحث،
لمعرفة الشروط التي ولدتها ونشأت فيها وتشوهت. (نيتشه)
• لقد كان "جينيالوجيا الأخلاق" متجهاً نيتشاوياً قدمه مقابل
الميتافيزيقا للبحث عن الأحكام المسبقة في ميدان الاخلاق.
• إن البيوايتيقا كما تشير روس هي التعبير عن التزامنا ومسئوليتنا عن
الإنسانية الحالية والمستقبلية، كما تُعني البحث عما يلزم من صور التقدير
والاحترام للفرد الإنساني. وهي بحث يدور في إطار الطب والبيولوجيا وتطبيقاتهما المختلفة.
• تدور مجالات البيوايتيقا في: 1- أخلاقيات العيادة. 2- أخلاقيات البحث
العلمي. 3- أخلاقيات السياسة الصحية.
• إن الأخلاق التي يتبناها معظم البيئيين تتطلب الحفاظ على المنظومات
البيئية، وبالتحديد الأنواع النباتية، مهما كان الثمن، حتى لو أدى ذلك إلى قتل الحيوانات
الثددية العاشبة المألوفة، بينما الأخلاق التي يتبناها الناشطون في تيار تحرير /
حقوق الحيوان تفضل الحيوانات الثديية حتى لو أدى ذلك إلى المزيد من التدهور البيئي
وتآكل التنوع الحيوي.
• أول ما يجب التسليم به في الدستور المقترح لأخلاقيات البيئة هو تحريم
المساس بالبيئة بأي عمل من شأنه جعل حياة الأجيال القادمة أكثر صعوبة. وفي مقدمة
هذه الأعمال الإسراف المستهتر في استهلاك الموارد الطبيعية وبخاصة تلك التي لا
تتجدد. والعدوان على الأحياء البرية والتناسل بمعدلات تتجاوز الحد الكافي لبقاء
النوع..
==========================================
▬ إذا عدنا إلى كتابات ديكارت واستخدمنا عباراته في "المقال في
المنهج"؛ الذي يعيد فيه بناء الفلسفة من جديد؛ فإننا نجده يؤكد على أهمية
الأخلاق وضرورتها واستحالة الاستغناء عنها؛ فلا يكفي قبل البدء في تجديد المكسن
الذي نقيم فيه أن نهدمه وأن نحصل على مواد العمارة وأن نكون قد وضعنا له الرسم
بعناية؛ بل يجب أن يكون لنا مسكن آخر نستطيع أن نأوي إليه في راحة أثناء العمل في
ذلك المسكن. إن ديكارت هنا قبل أن يعيد بناء الفلسفة وقبل تجديد العلوم لا يستطيع
أن يدخل الأخلاق مجال الشك أو أن يعلق الحكم عليها أو أن ينتظر ريثما يتم له تأسيس
العلم؛ فهو لا يستطيع أن يحرم نفسه منذ الآن من أسعد حياة يقدرعليها؛ فالأخلاق
مهمة جداً في فترة الانتقال، يجب أن هناك، مؤقتا بعض قواعد الأخلاق. ومن الطبيعي
ألا تكون هذه القواعد متعلقة بالمسكن القديم الذي يرمي إلى هدمه ولا الجديد الذي
يهدف إلى بناءه بل هي أشبه بالإيواء المؤقت أو قل بدقة إنها اتباع بعض العادات
والأعراف والقواعد القديمة المتعارف عليها، والتي لا تتعارض مع ما سيكون عليه
بناؤه الجديد. فهي تعبر عن مرحلة انتقالية إذا جاز التعبير أو هي قواعد مرحلية لم
تكتسب بعد صفة العلم ولا نستطيع أن نصفها بالدوام ومن هنا تسميتها مؤقتة. وإن كانت
في حقيقتها كما أوضحنا ضرورية ومهمة حتى وقت الانتقال إلى الفلسفة الجديدة. صــ 23
▬ يعرف ديكارت الفلسفة في بداية كتابه "المباديء" من خلال تشبيه
الشجرة؛ الذي يرى فيه أن الفلسفة مثل شجرة جذورها الميتافيزيقا وجذعها الفيزيقا
والفروع التي تخرج من هذا الجذع هي جميع العلوم الأخرى التي ترجع إلى ثلاثة علوم
كبرى: هي الطب والميكانيكا والأخلاق، ومن حيث إن المرء لا يجني الثمرات من جذور
الأشجار ولا من جذوعها بل من أطراف فروعها فذلك أكبر منفعة للفلسفة تمتد إلى
أجزائها التي لا يستطاع تعلمها إلا آخر الأمر". صــ 28
▬ ...وعلى ذلك يمكن القول إن هدف كتابات ديكارت الأخيرة هو أن يوضح لنا
كيفية سيطرة الإنسان على الانفعالات، وهذه السيطرة تتم عن طريق إرادة الكائن
العاقل، وهي إرادة حرية لا سبيل إلى قهرها، فالإنسان قادر على أن يناضل شهواته
وانفعالاته مباشرة. وهو في هذا بحاجة إلى ضرب من السياسة واللباقة من أجل أن تتم
له السيطرة على طبيعته أولاً قبل أن يمتد بأفقه للسيطرة على العالم، وهذه السيطرة
على طبيعته مناطها الإرادة الإنسانية المسترشدة بنور العقل. إن الإرادة هي الصفة
الوحيدة التي تحدد الإنسان. صــ 31
▬ يهدف كانط كما يخبرنا في مقدمة "تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق" إلى
بيان المبدأ الأخلاقي الأعلى وتثبيت دعائمه، ومن أجل ذلك يبدأ بتحليل مفهوم
"الإرادة الخيرة" ثم ينتقل إلى صياغة قوانين الأخلاق؛ لينتهي عند مفهوم
الحرية. وميتافيزيقا الأخلاق عنده لا تستمد قوانين الأخلاق من الطبيعة الإنسانية
ولا من عادات الناس؛ بل من العقل ذاته مباشرة ً، ولهذا فهي لا تستعين بعلم النفس
ولا بعلم الإنسان. ويرى أن "الإرادة الخيرة" هي الشيء الوحيد في هذا
العالم الذي يعد خيراً في ذاته، وأن هذه الإرادة لا يُحكم عليها من خلال نجاحها
ونتائج أفعالها بل فقط من خلال مقصدها ومسعاها [..] والذي يجعل من إرادة ما إرادة
خيرة، هو مفهوم الواجب، فالإرادة الخيرة هي التي تُفعل إقراراً للواجب وليس وفقاً
له فقط؛ لأن القيمة الأخلاقية للفعل إقرار بالواجب؛ ليست في الهدف الذي يُتوصل
إليه بل تتعلق فقط بمبدأ الإرادة؛ الذي لا يخضع لأي موضوع من موضوعات الميل. ومن
هنا يصبح الواجب هو ضرورة القيام بالفعل احتراما "للقانون"، وما يشكل
الإرادة الخيرة هو أساساً خضوعها للواجب وليس تعارضها مع الميل. ولا يقصد كانط أن الميول سيئة، ولكنه يرفض أن تشكل هذه الميول
الإرادة ومبدأ الأخلاق. فهو لا يستبعد من الأخلاق الفعل الذي يساعد في إنجازه ميل،
ولكنه يرفض الفعل القائم فقط على الميل؛ لأن الإرادة الخيرة هي التي تطيع الواجب
مهما كان الميل. صــ 44
▬ تمثل الأخلاق ما يطلق عليه هيجل الروح الموضوعي، الذي نصل إليه بالانتقال
من علم المنطق إلى فلسفة الطبيعة إلى فلسفة الروح، حيث نصعد من الروح الذاتي؛ الذي
يشمل: علم الإنسان وفينومينولوجيا الروح وعلم النفس إلى الروح الموضوعي، والذي
يشمل الحق المجرد، الأخلاق الذاتية، الأخلاق الاجتماعية حتى نصل إلى الروح المطلق،
الذي يتجلى في الفن والدين والفلسفة. والحقيقة أن فلسفة الروح هي الجزء الجدير بأن
ينتزع الإعجاب من المذهب الهيجلي كما يوضح برييه Brehier
في حديثه عن هيجل في كتابه "تاريخ الفلسفة". صــ 55
▬ إن نيتشه الذي عده البعض فيلسوف الحياة، لتأكيده على قيمة الحياة يؤكد لنا
على أهمية إعادة النظر في قيمة الحياة ليس فقط من منطلق منطقي بل من خلال الميول
الإنسانية، الرغبة، المنفعة، الذاتية. إن قيمة الحياة ترتكز بالنسبة للإنسان
العادي على كونه يولي نفسه أهمية أكبر من التي يوليها الناس. فالذاتية أو لنقل
الأنانية؛ هي أساس تحديد الأخلاق. وترتيب المنافع. الأنانية مقولة أساسية في أخلاق
نيتشه؛ وهي أقرب إلى الدفاع عن النفس. فإذا كان نقبل أخلاقية الدفاع عن النفس فمن
الواجب علينا أن نقبل كذلك كل تمظهرات الأنانية - فنحن نفعل الشر كي نضمن بقاءنا
وحمايتنا. نسلم بأن الإساءة عن قصد أخلاقية حين يتعلق الأمر بوجودنا أو أمننا. صــ
71
▬ إن ما يهدف إليه نيتشه من تأكيد الذات وتحقيق "إرادة القوة"
يظهر في إعادة نظر جذرية للقيم وتحويلها من أخلاق العامة أو العبيد إلى قيم
السادة، ونظراً لسيادة الأخلاق العامة في المجتمعات، وهي الأخلاق السائدة فإن أخلاق النبالة والاستعلاء
تعد خطراً، ولا أخلاقية، ونيتشه هو الذي يطالب بأخلاق القوة. ويعد - كما وصف نفسه
- لا اخلاقي وهو وصف مضلل للقاريء؛ الذي يتوقف عند المعنى السائد للأخلاق، وقد
يكون متناقضاً حيث يصدر عن فيلسوف درات أعماله جميعها حول الأخلاق. إن معنى
اللاأخلاقية هنا ليس ضد الأخلاق (السائدة) التي يمكن أن نصف من يتبعها بالأخلاقي،
ومن لا يتبعها – وإن كان يؤمن بها ويخضع لها - باللاأخلاقي بل إن المقصود
باللاأخلاقي AMoralist هنا هو من يقف خارج هذه
الأخلاق السائدة أخلاق العبيد والضعف، بمعزل عن الخير والشر المتعارف عليه. صــ 73
▬ إن نيتشه يؤكد على القول بأن تمرد العبيد على الأخلاق قد بدأ مع اليهود،
بينما نجد أن كل أخلاق أرستقراطية تولد من تأكيد لذاتها نجد أن أخلاق العبيد توجه
رفضاً لكل ما لا يشكل جزءاً من ذاتها، لما هو مختلف عنها ما هذا الرفض ؟ ، هذا
القلب للتقييم ينتمي في جوهره إلى الحقد هنا إذن أصل مزدوج، أصلان لمفهوم الخير،
حسب نشأتهم الأول لدى النبلاء، الأرستقراطية، المقاتلة، والآخر لدى الكهنة الذين
قلبوا معناه، وبدأ ذلك بدافع العجز والحقد لدى اليهود الذين غيروا دلالة الفضائل
وحولوا معنى القيم. صــ 79
▬ يؤكد هابرماس على التفاهم والتواصل والإجماع، وتماشيا مع فهمه للحداثة،
باعتبار أن العلم الحديث بمختلف عوامله المعيشة يحتاج إلى "أخلاق تواصلية
بهدف خلق شروط معيارية للاتفاق على الحقيقة المبرهن عليها دوماً، على أساس أن
ادعاء الحقيقة يفترض نوعا من التنظيم المؤسسي للمناقشة العمومية، لأن نظرية
الفاعلية التواصلية تؤكد على العلاقة العضوية بين مختلف أشكال الممارسة العقلانية.
نتيجة لذلك كله يتعارض موقف هابرماس مع فلاسفة ما بعد الحداثة الذين يصفهم بأنهم
يمثلون نوعا من النزعة الفوضوية؛ فالاحتجاج على الحداثة مطلب مكون للحداثة نفسها،
ولكن رفضها مطلقا يعبرعن نفي للذات، وهذا النفي ليس له أي قيمة معيارية. صــ 93
▬ يهدف هابرماس من نقده العقل الأداتي إلى هدم معطيات هذا العقل، وذلك من
خلال القضاء على مركزه الفلسفي الوضعي؛ الذي أبرز هذه الرؤية للعقل. ولم يقبل
بالنقد العقلاني الذاتي للعقل المتمركز على ذاته. لأن وسيلة نقده هي الذات التي
سرعان ما تتمركز على ذاتها، والحل الذي يقترحه هابرماس هو العقل التواصلي؛ الذي
يقوم على تنشيط التواصل وقيمة الإنسان في المجتمع؛ فالعقل التواصلي هو المخرج من
هيمنة العقل الآداتي. صــ 97
▬ قدم هابرماس نظريته الأخلاقية في عدة أعمال هي: "نظرية الفعل
التواصلي"، "الأخلاق والتواصل"، "القول الفلسفي في
الحداثة"، و "في أخلاق المناقشة". إن المعرفة عند هابرماس وآبل غير
ممكنة إلا انطلاقا من شروط عقلانيات التواصل، فالتواصل غير ممكن إلا انطلاقا من
الاستعمال الإنساني. وتستند عقلانية التواصل إلى أخلاقيات المناقشة والبرهنة؛
مؤكدة على الالتزام قبل أي نقاش. والموافقة مسبقاً على معايير منطق الخطاب وخصائصه
(الصدق - الصحة - الصلاحية - الدقة - المسئولية - المعقولية) وكلها شروط التواصل
العقلاني، ما يعني أن رفض مبدأ البرهنة يعني الانسحاب على الفور من جماعة الكائنات
العاقلة. صــ 99
▬ المسئولية عند يوناس تُعني لديه أخلاق المستقبل، وهي الأخلاق التي تهتم
بالمستقبل الذي نبحث عن حمايته من خطورة التطورات التقنية في مجال البيئة والهندسة
الوراثية والتدخل في طبيعة الإنسان، وذلك لمصلحة الأجيال القادمة. فالمستقبل هو
الموضوع الأساسي للمسئولية الأخلاقية. ولا يعني هذا أن المسئولية بعد زماني فقط،
بل لها أيضاً بعد مكاني يبحث عن خير الأشياء الموجودة خارج المجال الإنساني، سواء
مستقبلية كالأجيال القادمة أو غير بشرية كالكائنات الحية والطبيعة. صــ 117
▬ إن التقدم الذي لازم البشرية في كافة المجالات التقنية؛ يظهر أوضح ما
يكون في ميادين علوم الحياة (البيولوجيا). هذا التقدم وصل إلى التحكم في الجسم
والإنجاب والجهاز العصبي والوراثة البشرية، مما جعل المجتمعات تواجه وضعيات جديدة
ويطرح قضايا غير مسبوقة ويضعنا أمام اختيارات في غاية الإشكالية. يهمنا التعريف
بهذه الإشكاليات ومنها: هل يمكننا إجراء تجارب على أشخاص بدون علمهم وإذنهم؟ كيف
نواجه قضية الإتجار بالأعضاء البشرية أمام تزايد القدرة على زراعة الأعضاء؟ وهل
يمكن أن نضع حداً لحياة أشخاص مستحيل شفائهم؟ وما يتعلق بالعقم والحمل والإنجاب،
وهل يمكن للمرأة الحمل بدلاً من غيرها من النساء؟ هل يجوز إجهاض الأطفال المشوهين؟
ما حدود التصرف في الجهاز العصبي؟ وما يتعلق بانتقاء الأجنة؟ وما حقوق الأجنة إزاء
التجارب التي تجري عليها؟ وهل مقبول انتقاء أجنة خالية من العيوب الوراثية؟ وما
نتائج الاستغلال الاقتصادي والعنصري للجينوم البشري؟ وكيفية التوفيق بين الآمال
والمخاوف من اكتشاف "الخلايا الجذعية"؟ وما ينتج عن استنساخ من مخاطر
على الطبيعة والهوية والكرامة البشرية؟ وغيرها من قضايا ناتجة عن التقدم العلمي
والتكنولوجي الذي نشاهده اليوم. صــ 127 : 128
▬ للفكر البيوايتيقي جذور فلسفية ترجع إلى عصر الأنوار، ولدى البعض للعصر
اليوناني وأبقراط في قسم الأطباء. كذلك ساهمت في الفكر البيوايتيقي بعض العوامل
الخارجية والداخلية المرتبطة بالمجتمع الذي نشأ فيه. والجذور الأساسية التي تتمثل
في: فلسفة التنوير وفكرة حقوق الإنسان والجذور، والجذور الفلسفية ترجع للبراجماتية
وفلسفة كلّ من كانط وسارتر، ووقائع محاكمات نورمبرج... صــ 135
▬ تشتمل الإيتيقا على الجانب الأيكولوجي، لكن موضوع التقييم الأخلاقي هنا
ليس الطبيعة بحد ذاتها وإنما موقف الإنسان منها، الذي هو في حقيقته موقف اجتماعي.
إن الإيتيقا إذ تؤسس واجبات الإنسان إزاء الطبيعة إنما تنظر إلى هذه الواجبات على
أنها امتداد لواجباته الاجتماعية. إن التوجه الإنساني الحق في الإيتيقا هو وحده
القادر على توفير مناخ أخلاقي يسمح بتذليل (بحل) المصاعب الأيكولوجية عن طريق المجتمع.
ومن هنا فإن مصطلح "الإيتيقا الإيكولوجية" أو الأخلاقيات البيئية الذي
يستخدم للدلالات على أحد الاتجاهات الأخلاقية الراهنة عليه أن يأخذ في الاعتبار أن
موقف الإنسان من الطبيعة لا يخلو من مضمون قيمي وأن الإيتيقا والإيكولوجية علمان
وثيقا الارتباط أحدهما بالآخر في حياتنا الراهنة. صــ 166
▬ تتحدد بداية أخلاق العناية بصدور المقالة الرائدة "التفكير
الأمومي" التي كتبتها الفيلسوفة سارة ريدك ونشرت عام 1980. وفيها اعتنت
بالممارسة العنائية للأمومة والتفكير الخاص والمميز؛ الذي يصدر عنها والمعايير
والقيم التي يمكن استشفافها منها. وهي ترى أن الأمومة تهدف إلى حفظ الحياة وتعزيز
النمو في الأطفال كأفراد، ومساعدتهم على التطور كأشخاص محترمين. وإن فضائل
كالتواضع وروح المرح تنبث في ممارسة الأمومة. لقد بينت في مقالتها كيف أن تجربة
النساء في نشاط كالأمومة يمكن أن تنتج نظرة أخلاقية مميزة، وكيف أنه يمكن أن يكون
للقيم التي تنبثق عنها علاقة بإطارات أوسع من الممارسة. مثلاً في نشر السلام...
صــ189
▬ من خصائص أخلاق العناية : تلبية حاجات الأشخاص الفردية؛ الذين نتولى
مسئوليتهم [..] إن النظريات الأخلاقية المبنية على صورة الفرد المستقل العقلاني
الذي يحكم ذاته تتجاهل واقع الاعتمادية الإنساني والأخلاقي الذي تستلزمه [..] إن
أخلاق العناية تقدر الانفعال ولا ترفضه، فإنها ترى الانفعالات مثل: التعاطف
والتقمص العاطفي والحساسية والتجاوب نوعا من الانفعالات الأخلاقية التي تحتاج إلى
الصقل [..] وهذا لا يعني أن الانفعالات الصرفة يمكن أن تكون مرشداً للسلوك
الأخلاقي، فالانفعالات تحتاج إلى التأمل فيها وتثقيفها، لكن من وجهة نظر العناية،
فإن الأبحاث الأخلاقية التي تعتمد كلياً على العقل أو الاستنباطات العقلية أو
الحسابات تعتبر ناقصة [..] ترفض "أخلاق العناية" رأي النظريات الأخلاقية
السائدة التي تقول: كلما ازداد التفكير في المشكلة الأخلاقية تجريداً ازدادات
صحته، وكلما ازداد إمكان تجنب الإنحياز والعشوائية اقتربنا من النزاهة.
.
.
تميل نظريات الأخلاق السائدة كما ترى فريجينيا هليد إلى تفسير المشاكل
الأخلاقية وكأنها نزاعات بين مصالح أنانية فردية من ناحية، ومباديء أخلاقية كلية
من ناحية أخرى، وهناك اعتراف فالمفهوم المتطرف "الفرد الأناني" والمفهوم
المتطرف لـ "الإنسانية"، لكن هناك تجاهلاً لما يقع بين هذين الطرفين.
وعلى العكس تركز "أخلاق العناية" بصورة خاصة على ما يقع بين هذين
الطرفين، فهؤلاء الذين يعتنون بالآخرين لا ينشدون تعزيز مصالحهم الفردية، وهم
يسعون إلى حفظ وتطوير علاقة إنسانية واقعية بينهم وبين أفراد آخرين بعينهم، إن من
ينخرطون في علاقات اعتنائية يعملون من أجل أنفسهم والآخرين معاً، وعلى هذا فإن
موقفهم ليس بالأناني ولا هو بالغيري فمصلحة العلاقة الاعتنائية تشتمل على مصلحة
أطرف تلك العلاقة ومصلحة العلاقة نفسها.
.
.
إن أخلاق العناية، تعيد صياغة التصورات التقليدية للعام والخاص، إن إطار
الأسرة إطار خاص يتجاوز السياسة ولا يجوز للحكومة المبنية على التوافق Consent، أن تتدخل عنوة فيه [..] إن "أخلاق العناية" تخاطب
القضايا الأخلاقية التي تنشأ عن علاقات بين أشخاص غير متساويين وغير مستقلين، وهي
علاقات محملة غالباً بالعواطف، ومن ثم فهي تدرك كيف تنطبق هذه الصفات، ليس فقط على
الأسرة، لكن أيضاً على المجتمع الأوسع. صــ 193 : 196
▬ يمكننا مقارنة أخلاق العدالة وأخلاق العناية على النحو التالي: ترتكز
أخلاق العدالة على أسئلة تتعلق بالإنصاف والمساواة والحقوق الفردية والمباديء
المجردة والتطبيق الذي يتناسب معها. وترتكز أخلاق العناية على العناية والثقة
والاستجابة للحاجات وأطياف القصة وتنمية علاقات العناية. وبينما تبحث أخلاق
العدالة عن حل منصف بين مصالح وحقوق فردية متنافسة، ترى أخلاق العناية أن مصالح
الذين يقومون بالعناية والذين يتلقون العناية مترابطة. وبينما العدالة تحمي
المساواة والحرية، فإن العناية تعزز العلاقات الاجتماعية التعاونية [...] وهذا الاختلاف
دفع كثيرين إلى أن يستكشفوا كيف يمكن جمعهما في نظرية أخلاقية، وفي الإمكان القول
بأننا في حاجة إلى العدالة في سياقات العناية كالأسرة للحماية ضد العنف، وتوزيع
العمل الظالم أو معاملة الأطفال الظالمة. ويمكن أيضاً القول أننا في حاجة إلى
العناية في سياقات كالعدالة في الشوارع والمحاكم حيث من واجبنا أن نعامل الأشخاص
بطريقة إنسانية، وأيضاً نحتاج إلى العناية بطريقة التعامل مع التربية والصحة
والخير العام، بوصفها مسئوليات اجتماعية. قد يوحي هذا بأنه لا يجوز فصل العدالة
والعناية إلى نوعين مختلفين من "الأخلاق"، وفقاً لموقف سارة رديك Sarah Ruddick "يُنظر إلى العدالة دائماً على أنها متناغمة مع
العناية". صــ 198
2 التعليقات:
اريد الكتاب لوسمحت
كيف احصل على الكتاب
إرسال تعليق