• إن الفكر الاجتماعي البدائي كان يُرجع ما يعجز العقل عن إدارك وسائل
تحقيقه إلى قوة غيبية أو إلى آلهة وظيفية.
• إن الفلاسفة قد اقتصروا على تفسير العالم بطرق متعددة، ولكن القضية هي في
المقام الأول تغيير هذا العالم. (كارل ماركس)
• يسعى علم الاجتماع المعرفي إلى تحديد مُنتج المعرفة وطبيعة عملية إنتاج
المعرفة في سياقاتها التاريخية والثقافية والسياسية والاقتصادية والدينية.
• يُعد علم الاجتماع المعرفي فرعاً من فروع علم الاجتماع العام، ويشترك في
اهتماماته مع فروع معرفية أخرى مثل علم النفس والفلسفة. ويرتكز على مسلمة أساسية
هي وجود علاقة جدلية بين الفكر والواقع الاجتماعي؛ أي بين الوعي والوجود
الاجتماعي.
• تشهد البشرية حالياً عصر التحول، سريع الإيقاع، من المجتمع الصناعي إلى
مجتمع المعرفة والمعلومات العالمي، الذي يكتسب سماته من سمات تكنولوجيا المعلومات،
حيث التركيز على العمل الذهني والذكاء الإنساني.
• الإنفجار المعرفي هو انعكاس لتفجر الحياة في عروقنا ومنذ قرون مضت، اهتدى
جون لوك إلى أن العقل الإنساني سيظل ينشد المزيد من المعرفة إلا أنه لن يبلغ في
ذلك غايته النهائية، وهو ما حاول كارل بوبر أن يفسره عندما بين لنا أن إنتاج المعرفة
هو حلقات على التوالي. وبهذا ضمنت أجيال البشر المتعاقبة حقها الأبدي في انتاج
المعرفة.
• إن المعلومات بذاتها لا تمثل معرفة، لأن المعرفة هي نتاج التفكير
التحليلي والنقدي القادر على صياغة البنى المعرفية المترابطة، وتشبيك المعلومات
للوصول إلى استبصارات حقيقية بمشكلات الواقع في الوقت الحاضر، وإلى استشرافات
دقيقة بآفاق المستقبل.
• مجتمع المعرفة هو نموذج المجتمع المعاصر الذي يكون فيه إنتاج المعرفة
وتوزيعها واستخدامها هو القوة الرئيسية والأصول المحركة للتنمية والإنتاج والثروة
وتعاظم العمل، وفي هذا المجتمع تُعني المعرفة القدرة على خلق قيم مضافة إلى العمل
والاقتصاد، وعلى تحسين نوعية الحياة.
• تُعتبر المدونات من أهم التطبيقات المنتشرة على الإنترنت في الفترة
الحالية، فهي تمكن المستخدمين من نشر تعليقاتهم بشأن موضوعات عينة، وعرض أفكارهم
وملاحظاتهم، وربما إذاعة نشرات خاصة عن اهتماماتهم وآرائهم، ومتابعاتهم للأخبار
المختلفة.
• إن مفكري ما بعد الحداثة قد أرادوا بنسفهم فكر الماضي، أن يحرروا الفكر
الإنساني من قيوده كي ينطلق صوب آفاق غير محدودة لتأسيس معرفة جديدة وأن يعي
الإنسان عالمه على حقيقته لا كما يصوره له فكر نخبته.
• الفضاء الإلكتروني يستطيع أن يغير فهمنا لذواتنا، واستخدامه يؤدي إلى
تغيير تفاعلنا مع بعضنا البعض ويتيح لمستخدمه أن يغير من هويته أو يختلق لنفسه
هوية جديدة، فسؤال "من أنا"؟ لا يُطرح أبداً أثناء التعامل مع الفضاء
الإلكتروني.
===================================
▬ إن التفكير الاجتماعي البدائي كان انعكاساً للتنظيمات الجماعية قبل أن
يكون تأملاً للحياة الاجتماعية. وقد أكد علماء المدرسة الاجتماعية الفرنسية وعلى
رأسهم "دوركايم" أن الحياة العقلية ومباديء الفكر ومقولاته الجوهرية
ترجع إلى أصول اجتماعية. وأن الحياة الاجتماعية هي التي تقدم النماذج التي يتم
وفقا لها تشييد المقولات، وأن كل المقولات والمباديء العقلية من البيئة الاجتماعية
وليست متأصلة في العقل كما ذهب الفيلسوف الألماني كانط. ومن هنا تعد فكرة
"الزمان" تعبير عن إيقاع الحياة الاجتماعية،فالتقسيم الزماني إلى أيام
وأسابيع وشهور وسنين، يطابق التكرار الزمني لمواعيد الطقوس والأعياد والحفلات
الجماعية العامة. وكذلك فكرة "المكان" حيث التنظيم المكاني نتيجة
للتنظيم الاجتماعي؛ بمعنى أن المكان ما هو إلا تجسيد لأوضاع مكانية لها أهميتها
الاجتماعية. صــ 13 - 12
▬ استطاع ماركس أن يقسم المجتمع الرأسمالي إلى قسمين رئيسيين: الأول مالك
للإنتاج ووسائله، والثاني فاقد لها. وهذا يعني تبلور نوعين من الأنظمة الاجتماعية
الرئيسية يهدفان إلى إشباع حاجاتها وطموحها من خلال كفاحها وتصارعها في ما بينها.
فالصراع الاجتماعي عند ماركس لا يحدث فجأة بل بشكل متكرر، تتراكم فيه هذه الصراعات
إلى أن تولد تغيراً شاملاً وكاملاً للبناء الاجتماعي. وهذا الصراع يعود إلى عدم
تكافؤ وتوازن المصادر الاقتصادية داخل المجتمع، مما يولد طبقة اجتماعية مالكة
للمصادر الاقتصادية والسلطوية داخل النظام الاجتماعي العام وبشكل عام فإن ماركس
يعتقد أن تغيير البناء الاجتماعي، ودخول المجتمع في مرحلة حضارية تاريخية، يعود
إلى التغيير في البناء المادي. وهذا من شأنه أن يؤثر على البناء الفوقي، أي بعبارة
أخرى إن الجوانب المادية هي التي تؤثر على الأفكار والقيم والعادات والقوانين
والأعراف الاجتماعية. صــ 66
▬ يتفق ماكس شيلر مع ماركس في أن الأفكار تكون حقيقية واقعية متى ارتطبت
بالمصالح الاجتماعية والفردية، والبواعث والعواطف والميول الاجتماعية، ومتى ارتبطت
بالبناءات والمؤسسات النظامية، حينئذ فقط يكون للأفكار تأثيرا على الأفعال
والممارسات الاجتماعية أما الأفكار التي لا تتجذر في الواقع فيحكم عليها بأنها
يوتوبيا عقيمة. صــ 105
▬ يرى مانهايم أن المعرفة الاجتماعية لا تنفصل عن الطبقات الاجتماعية،
ولذلك فإن النظرية الاجتماعية لا يمكنها أن تقدم سوى معرفة نسبية الطابع، لأنها
ترتبط وظيفياً بالوضع الاجتماعي للطبقات، وتعبر عن مصالحها الاقتصادية، ومواقفها
السياسية، ومن ثم، فهي معرفة مشوهة. إلا أن المثقفين بفضل تحررهم من القيود
الاجتماعية بإمكانهم أن يقيموا توازناً بين الأوضاع المختلفة وتقديم رؤى أخرى
متكاملة. من هنا أكد شيلر على دور المثقفين في تخليص المعرفة من الشوائب الذاتية،
وتحريرها من التأثيرات الاجتماعية، لأنهم بحكم ثقافتهم المشتركة يكون في إمكانهم
التحرر من الروابط الاجتماعية وتجاوز النظرة الضيقة للطبقات، وتفهم جميع الآراء،
والتقاء مع جميع التيارات الفكرية التي تضمن للمعرفة قيمتها الموضوعية. وهكذا تقوم
"النخبة" عند مانهايم بدور "العقل المطلق" عند هيجل، و
"البروليتاريا" عند ماركس، و "الصفوة" عند باريتو، لأن تأثر
المعرفة بالأطر الاجتماعية يحط في نظرهم
من قيمتها. صــ 111
▬ اعتبر كارل ماركس الأيديولوجيا "وعيا مزيفاً". وكان يرى أن
الفئات المتنفذة تستطيع السيطرة على الأفكار السائدة التي يتداولها المجتمع
واستخدامها لتبرير أوضاعها ومواقفها. وهذا يوحي بأن فهمنا للعالم الاجتماعي
ومعرفتنا به إنما تقرره المصالح السياسية. إذ توجد معتقدات معينة وطرق معينة لرؤية
العالم، من شأنها أن تخدم مصالح الطبقة المسيطرة ولا تخدم مصالح الطبقة الخاضعة.
وكان ماركس يرى الدين له بعد أيديولوجي أيضاً ويعبر عن هذه الفكرة بقوله
"الدين أفيون الشعوب". فمن ناحية يقوم الدين - في رأيه - بتشويه ما لدي
الطبقات الخاضعة من فهم للعالم الاجتماعي، خاصة وعده لها بالثواب والأجر في الجنة،
تعويضاً لها عما عانته في هذا العالم من المظالم. أضف إلى ذلك الإشارة المجازية
إلى الأفيون إشارة هامة، وليست أهميتها براجعة فحسب إلى أن الأفيون يضعف من
احساسنا بالألم، ولكنها ترجع إلى أن الأفيون يتسبب في استثارة الأحلام. وعلى ذلك
فإن الجنة يجب النظر إليها بصورة جدية (ولكن ليست حرفية)، لأنها تحتوي على مثال
للعدالة، لكنها عدالة كان ينبغي أن تتحقق في هذا العالم وليس في الآخرة. وبهذا
المعنى تمثل الأيديولوجيا حلاً وهمياً لمشكلة حقيقية. صــ 118 - 119
▬ يرى "تركل" Turkle أن مجتمع الإنترنت الافتراضي يجعل الفرد يظهر على حقيقته بشخصيته
الحقيقية دون رتوشٍ أو أقنعة عندما يتحدث مع الأغراب، وعلى العكس من ذلك عندما
يتحدث مع أشخاص في المجتمع الواقعي وجهاً لوجه، وهو على دراية بسماتهم وخصائصهم،
فهو غالبا ما يرغب في نيل استحسانهم ورضاهم حتى لو أدى ذلك إلى إخفاء شخصيته
الحقيقية. وقد أثبتت دراسة تجريبية أجريت حول تأثير المجتمع الواقعي والافتراضي في
إظهار الشخصية الحقيقية للفرد أن الشخصية الحقيقية للفرد تظهر أكثر في المجتمع
الافتراضي عندما نتحدث مع غرباء، بينما يميل الفرد إلى التكلف والتصنع عند التحدث
مع غرباء في المجتمع الواقعي [...] ويشر تركل إلى أن المجتمع الافتراضي أدى إلى
ظهور عالم الشخصيات المتعددة Multi Identities فوفقا لنظرية الشخصية الاجتماعية فإن مجتمع الإنترنت قدم لنا شخصيات اجتماعية
متعددة، فالفرد يمكن أن تكون له أكثر من شخصية عندما يتحدث مع غرباء عبر الإنترنت.
ويرى العديد من الباحثين أن إخفاء الفرد لهويته واختلاقه لشخصيات متعددة يجعل ذاته
الحقيقية تضيع وربما يدمن مثل هذا النوع من السلوك وينسلخ عن مجتمعه الواقعي ويعيش
في وهم تكوين علاقات مع آخرين. فيتحول العالم إلى وهم بدلاً من أن يتعامل الإنسان
مع الأشياء والأشخاص يتعامل مع ظلالها. صــ 169 - 170
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق