Pages - Menu

الخميس، 11 ديسمبر 2014

فلسفة الثقافة (مصطفى النشار)

• الثقافة هي ما يشكل الوجدان الفردي أو الوجدان الجماعي لمجتمع ما وهي ما يشكل الدافعية لسلوكهم على نحو معين.
• إذا أردت أن تعرف عناصر حضارة شعب فانظر في الثقافة السائدة بين أفراده. فالثقافة هي واجهة الحضارة، وهي الدلالة على مدى التقدرم الذي أحرزه أبناء هذه الحضارة أو على مدى التخلف الذي يعانون منه.
• إن الثقافة المتحضرة هي الثقافة التي يشعر أصحابها بأن مشاركة الآخرين من أبناء الثقافات والأمم والحضارات الأخرى أفراحهم وأحزانهم وآلامهم ضرورة يفرضها على الجميع أنهم يعيشون على أرض واحدة وتظلهم سماء واحدة ويتمتعون بشمس واحدة، وبضوء قمر واحد.
• حرية العقيدة وحرية التفكير من الآليات المهمة في أي ثقافة متحضرة، فليس ممكناً أن نكون متحضرين إذا لم نكن نؤمن بأن للجميع نفس الحريات التي نتمنى أن نتمتع بها وأن نمارسها.
• إن الثقافة المعولمة لا تستطيع النفاذ إلى الأفراد والشعوب إلا عبر عقولهم وضمائرهم الأخلاقية وعبر إرادتهم الواعية الحرة.
• من سمات ثقافة التخلف أنها ثقافة غوغائية جمعية فوضوية يتساند فيها الجميع على الجميع دون أن يجرؤ أحدهم على تحمل مسئولية أي شيء وحده، إنها ثقافة لا تؤمن أن يكون للفرد دوراً محدداً يؤديه ويلتزم به ويبدع فيه منفرداً، فهي ثقافة القطيع.
• استيراد التكنولوجيا كاستيراد القيم الأخلاقية والثقافية مرفوض إذا تعارض مع ضرورات البيئة المحلية المستوردة، وإذا لم يتوافق مع معتقدات أبنائها وحاجاتهم الملحة.
• إن التغريب في حقيقة الأمر لا يحدث نتيجة ترجمة إبداعات الغربيين الثقافية عامة والعلمية خاصة، وإنما يأتي نتيجة انبهارنا بمل ننقل وحرصنا على أن نتلون ونتشكل تشكلاً ظاهرياً وفقاً له لغة واصطلاحاً ومضموناً.
• إن ثقافة التقدم وتأصيلها وتجذيرها في الواقع العربي وامتلاك أبنائه لها ليست غاية في ذاتها، وإنما هي وسيلة لتنمية المجتمع والاقتصاد المحلي وصولاً إلى الرخاء والسعادة وهما غاية أي فعل إنساني.

=============================
▬ إن الثقافة المنفتحة على الثقافات الأخرى دون تعال أو دون غرور هي الثقافة القابلة للتجدد والقابلة للاستمرار بعكس الثقافة المتعصبة التي ينظر أصحابها إلى أنفسهم على أنهم الأفضل والأعظم والأعلى قدرة وقوة، فإنها تعد ثقافة جامدة جاحدة لما أخذته بالتأكيد من عناصر من الثقافات الأخرى. ومن ثم فهي ثقافة مؤهلة لأن تنتحر ذاتياً؛ إذ لم توجد بعد الثقافة القادرة على أن تظل جامدة بعناصر ثابتة لا تتغير فمآل عناصرها الثابتة إلى الجمود والتحجر ومن ثم الموت. صــ 15

▬ ثنائية العقل والوجدان في اعتقادي من آليات الثقافة المتحضرة. وليس معنى الثنائية الانفصام أو الازدواجية في المعايير القيمية أو خلافه. بل معناها أنه على الإنسان أن يعيش حياة تلبي مطالب عقله كما تلبي مطالب وجدانه. وآلية الحياة العلمية - التقنية هي العقل وإبداعاته باستخدام الطريقة العلمية في التفكير... وآلية الحياة الروحية هي القلب أو الوجدان وتلك الحياة الرحية قد يقصد بها الشعور الديني أو الاستمتاع بالفنون والآداب المختلفة وأداة هذا الشعور الروحي هي الوجدان أو القلب ولا شك أنه كما قال باسكال أن للقلب منطقاً هيهات للعقل أن يفهمه. صــ 23

▬ إن الثقافة المتحضرة ذات بنية داخلية ديناميكية قابلة للتجدد وللتفاعل مع الثقافات الأخرى. وهي بنية ذات عناصر أصيلة ثابتة لا تتغير وإن استفادت من عناصر الثقافات الأخرى واستلهمت بعض عناصرها الإيجابية في تجديد شبابها وفي إعادة التوازن إلى عناصرها التي خبت جذوتها أو التي لم تعد تتلاءم مع أي عنصر من العصور المستحدثة التي تعيشها... فهي ثقافة تعطي بقدر ما تاخذ وتشارك بقدر ما تستلهم أو تستعير من عناصر الثقافات الجديدة. صــ 26

▬ إن آليات العولمة الثقافية كما نعرف كثيرة ومتعددة و قد تكون بالفعل عظيمة التأثير على المتلقي وليس أدل على ذلك من أن الكثيرين من أبنائنا المعولمين قد يجلسون أمام شاشات التليفزيون العالمية أو أمام شبكات الإنترنت العالمية معظم وقتهم يتلقون بانبهار كل ما يُبث ويتفاعلون مع ويتأثرون به بلا شك لكن هذا التلقي لا يحدث تأثيره في نفس الفرد أو بالأحرى في عقليته إلا إذا رغب الفرد في ذلك، وبعبارة أخرى إلا إذا أراد الفرد ذلك بالفعل وتفاعل مع هذه المواد التي يتلقاها بإيجابية. صــ 45

▬ إن الخلط بين التوجه الإيجابي والتوجه السلبي هو السمة السائدة بين شبابنا؛ فقد اختلطت لديهم القيم الإيجابية بالقيم السلبية لعصر العولمة نتيجة انعدام الوعي بالمعني الحقيقي للعولمة ونتيجة لعوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية عديدة في مجتمعاتنا العربية تؤدي دوماً إلى احباط الشباب وفقدانه للهدف مما يؤدي إلى ذلك التوهان وتلك الحيرة التي يعاني منها بين أن يكون غربي الثقافة والهوى قاطعاً صلته بثقافته القومية وقيمه الأخلاقية والدينية. وبين أن يتحصن في ثقافته القومية ويتمسك بقيمه الدينية والأخلاقية رفضاً الثقافة الغربية ومستجدات العصر كلها. صــ 65

▬ إن ثقافة التقدم يقدر فيها الناس لكل واحد منهم إبداعه وتفوقه بصرف النظر عن مهنته أو نوع العمل الذي يقوم به، إنهم يقدرون العالم أو المفكر ويقدسون حريته في البحث أو في التأمل والإبداع، بنفس درجة تقديرهم للعامل الذي يكد ويجتهد في الحقل أو في المصنع فكل فرد سواء انتمى إلى هؤلاء أو إلى أولئك إنما هو نجم في عمله ويستحق الإشادة والتكريم طالما يقوم بعمله على خير وجه. صــ 98

▬ إن الفرد قد خُلق في الأساس فرداً متميزاً وهو وإن كان قد وُجد في بيئة متخلفة لا تسمح له بالتميز والتفرد على صعيد الإبداع الفكري أو الإنتاجي أو العلمي...إلخ فإنه يحاول ان يحقق فرديته على صعيد آخر بانكفائه على ذاته ومحاولة تحقيق ذاته في أرذل صورة، وهي الصورة الشهوانية بدءاً من شهوة الجنس وانتهاء بشهوة تكديس الأموال مروراً بتحطيم قيم الصدق والولاء والإخلاص والوفاء سراً ودون أن يشعر بذلك الآخرون. إن الفرد في ظل هذه الثقافة مصاب بازدواجية الشخصية؛ فهو أمام أسرته ومجتمعه ذلك الفرد المثالي المحافظ على كل التقاليد والأعراف المتحلي بكل الفضائل الخاضع لكل القيم المتعارف عليها، بينما هو ودون أن يعي ذلك يحاول بكل السبل أن يحقق ذاته الفردية في الخفاء بممارسة ما يستطيع من رذائل ومتع حسية وجسدية بعيداً عن أعين الآخرين. صــ 109


▬ لا يجب أن نستهين بهذه القضية الهامة؛ فنحن أمة تميل دائماً إلى العيش بين الكلمات ويميل أفرادها إلى الكلام والرغي بدون هدف محدد أو بدون الوصول إلى نتيجة محددة بصدد شيء ما وهذه آفة لابد أن نتخلص منها للتحول إلى الاستخدام العلمي للغة، وذلك الاستخدام العلمي للغة في اعتقادي لن يكون، ولن يشيع بين أفراد المجتمع إلا بالحرص على الثقافة العلمية التي قوامها تشجيع البحث العلمي بمختلف صوره وفي كل المجالات [..] إن مجموع إنفاق الحكومات العربية على البحث العلمي لا يتعدى 0.3%، وبمقارنة بسيطة نجد أن إنفاق الدول المتخلفة ومنها دولنا العربية بالطبع لا يمثل أكثر من 1.6% من مجموع إنفاق دول العالم على عمليات البحث العلمي وتوظيفه في تطوير التنمية. صــ 128 - 129

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق