Pages - Menu

الخميس، 20 يونيو 2013

المونادولوجيا (جوتفريد ليبنتز & عبد الغفار مكاوي)



أولاً نقاط للمترجم والمعلق على الكتاب:-
-----------------------------------
• لما كانت هناك جواهر مركبة فلابد في رأيه أن تكون هناك جواهر بسيطة. هذه الجواهر البسيطة هي التي يسميها "المونادات" ، وهي "الذات الحقيقية التي تتكون منها الطبيعة".
• لقد قيل بحق ان ليبنتز هو اعظم من قال بفكرة التفرد.
• ليس للمونادات نوافذ يمكن من خلالها أن ينفذ إليها شيء أو يخرج منها. (جوتفريد ليبنتز)
• إذا كانت كل موناداة تعتمد على نفسها في تكوين الصورة التي لديها عن العالم، فكيف نعرف أن هذه الصورة تتفق مع واقع العالم؟ وإذا تغير العالم فكيف نعرف أن صورته قد تغيرت كذلك بما يتفق معه؟
• لقد استعار ليبينز تشبيهاً طريفاً سبقه اليه غيره عندما صور الله في صورة صانع الساعات الذي أنشأ عدة ساعات تدور في وقت واحد بغير أن تؤثر إحداها على الأخرى..
• يستحيل - في نظر ليبنتز - أن تقوم علاقة علية بين جواهر لا مادية.
• الذي يميز موناداة العقل الإنساني عن سائر المونادات هو طبيعة إدراكاتها.
• لقد فسر المادة - أي ليبنتز - من خلال المباديء اللامادية الكامنة فيها وأتاح له هذا التفسير أن يصور العلاقة بين النفس والجسم أو بين العقل والمادة في صورة الحاكم والمحكوم لا في صورة السجان والمسجون! كما تصور بذلك أفلاطون.
• الرياضياتي يستخدم في حساباته رموزاً وعلامات معينة تختصر عمليات رياضياتية طويلة، وإستدلالات عقلية معقدة.
• إن التفكير الرياضياتي ، في رأي ليبنتز ، هو النموذج الأسمى للتفكير البشري عامة.
• وإذا كانت اللغة - بوصفها نسقاً من العلامات - هي أداة الفكر البشري فمن واجبنا أن نختبر مدى كفاءة هذا النسق وفاعليته. ويشك ليبنتز في صلاحية اللغة اليومية للتفكير العلمي وقد قضى حياته في البحث عن نسق من العلامات يفيد العلم ويحقق له التقدم.
• لم يكن ليبنتز بطبيعة الحال معصوب العينين عما يجتاح العالم من شر وبؤس وعذاب وموت، ولكنه كان يعتقد أننا لن نستطيع أن نقدم سبباً كافياً يبرر وجود هذا العالم إلا إذا كان هو افضل عالم ممكن.
• اعتبر ليبنتز أن العقل ما هو إلا "إله مصغر".
• في رسالة ليبنتز لـ دي لوسبيتال يقول له فيها : "إن الميتافيزيقا عندي رياضياتية خالصة". بل إنه يعبر عن إقتناعه بأن تطبيق المنهج الرياضياتي على العلوم الفلسفية سيضع حداً للخلافات فتختفي تماماً من على مسرح الفلسفة!
• ليست الحقيقة التي يملكها إنسان أو يتصور أنه يملكها هي التي تجعل له قيمة، بل الجهد الصادق الذي بذله في التماسها والسعي وراءها. (ليسنج)
• ربما جاز لنا أن نقول مع مؤرخ الفلسفة المعروف يوحنا اردمان إن المونادولوجيا موسوعة صغيرة تضم كل فلسفة ليبنتز.
• الله - عند ليبنتز - هو مصدر الكمال الموجود في كل مونادة.
-----------------------------------
ثانياً: نقاط لصاحب الكتاب الأساسي (جوتفريد ليبنتز):-

• الذي يقبل القسمة لابد ان يكون مركباً. ولكن الجواهر المركبة مكونة من جواهر بسيطة.
• إننا لا نستطيع أن ندرك المونادة عن طريق الحواس. فالحواس لا تقدم لنا الجوهر نفسه، بل مجرد "ظاهرة مدعمة".
• إن النفوس لا تنفصل أبداً تمام الإنفصال عن أجسامها؛ ولا تنتقل من جسم إلى جسم آخر جديد عليها كل الجدة. وإذاً فلاوجود لتناسخ الأرواح، بل هناك تعول أو انسلاخ.
• الله وحده يملك المعرفة الواضحة بكل شيء، لأنه هو مصدر كل شيء. وقد قيل بحق إن مركزه يقع في كل مكان، أما محيط دائرته فليس موجوداً في أي مكان، إذ أن كل شيء بالنسبة إليه حاضر حضوراً مباشراً، دون أدنى بعد عن هذا المركز.
• هناك اتساق مقدر منذ الأزل بين مملكة الطبيعة ومملكة الفضل الإلهي، بين الله بوصفه المهندس والله بوصفه الحاكم.
• ليست المونادة التي نتحدث عنها هنا سوى جوهر بسيط يدخل في تكوين المركب، والبسيط معناه ما لا أجزاء له، وحيث لا توجد أجزاء، لا يمكن أن يكون ثمة إمتداد ولا شكل ولا إنقسام. وهذه المونادات هي الذرات الحقة.
• إن كل تغيير يلحق بالأجسام إنما يرجع إلى تغير الأجزاء. كما يرجع في النهاية إلى التغير في كمية الحركة وإتجاهها.
• لو كانت الجواهر البسيطة لا شيء، لردت المركبات أيضاً إلى اللاشيء.
• يتحتم أن تكون كل مونادة مختلفة عن الأخرى. إذ يستحيل أن يوجد في الطبيعة كائنان متشابهان تشابهاً كاملاً، بحيث يتعذر ألا نعثر على خلاف قائم على خاصية باطنة.
• إن من الممكن التمييز بين قطرتي الماء أو اللبن إذا ما نظرنا إليهما من خلال الميكروسكوب (المجهر). ولو افترضنا وجود شيئين يمكن التمييز بينهما لكان معنى هذا أننا نفترض نفس الشيء تحت اسمين مختلفين..ولابد أن تختلف جميع الأشياء بالضرورة عن بعضها البعض.
• الأشياء في تغير مستمر..
• إن المونادات وحدها آلات ذاتية الحركة، أما الآلات الجسمية فلا يُمكن أن توصف بهذا الإستقلال والإكتفاء الذاتي.
• إن الأفكار العقلية أو افكار التأمل مستمدة من عقلنا، وأنه ليشوقني جداً أن أعرف كيف كان يتسنى لنا أن نحصل على فكرة الوجود لو لم نكن نحن موجودات وبذلك نلمس الوجود في أنفسنا.
• هناك نوعان من الحقائق: حقائق العقل وحقائق الواقع. حقائق العقل ضرورية، وعكسها مستحيل، وحقائق الواقع عرضية، وعكسها ممكن.
• يوجد السبب الكافي للحقائق العقلية في الحقائق البديهية أو الحقائق الذاتية التي يمكن أن ترد إليها بالتحليل. أما حقائق الواقع فيوجد سببها الكافي في الله وحده.
• هكذا ينبغي ان توجد العلة الأخيرة للأشياء في جوهر ضروري، يحتوي على تفاصيل التغيرات على نحو سام أشبه بان يكون مصدراً لها: وهذا الجوهر هو الذي ندعوه الله.
• ولما كان هذا الجوهر - يقصد الجوهر الضروري - هو العلة الكافية لكل هذه التفاصيل الخاصة، المترابطة من ناحيتها أوثق ارتباط، فليس هناك غير إله واحد وهذا الإله كافٍ.
• إن أصغر جزء من المادة يجب أن يُنظر إليه بإعتباره عالماً مليئاً بمالانهاية له من الكائنات المختلفة.
• لا يُمكن أن تنفصل المونادة عن الجسم، إلأ إذا كنا نتحدث عن مونادة المونادات (أي الذات الإلهية)
• ولهذا السبب لا يوجد ابداً تولد كامل ولا موت كامل بالمعنى الدقيق، بمعنى انفصال النفس عن الجسد. وما نسميه بالتوالد ما هو إلا نوع من التطور والنمو، أما ما نسميه بالموت فهو إنكماش وتناقص.
• إن النفس تتبع قوانينها الخاصة، كما ان الجسم يخضع لقوانينه الخاصة؛ وهما يتلاقيان بفضل الإتساق المقدر بين جميع الجواهر، لأنها جميعاً تمثلات عالم واحد بعينه.
-----------------------------------
أولاً: شذرات للمترجم والمعلق على الكتاب:-

◙ ترجع فكرة "الجوهر" إلى أرسطو الذي نُدين له بعدد ضخم من أفكارنا ومصطلحاتنا الفلسفية. والجوهر عنده هو الماهية التي يقوم عليها وجود كائن فردي معين. هذه الماهية تظل ثابتة وإن تغيرت كل الخصائص الخارجية التي تميز هذا الكائن من حجم وكيفيات وعلاقات...إلخ- وقد دارت مناقشات عديدة حول فكرة الجوهر الأرسطية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ووقف منها الفلاسفة بين مؤيد ومعارض. أصر التجريبيون على رفضها وحاولوا أن يلغوها من الفلسفة إلغاء (فهيوم مثلاً يقول إنها وهم، وأن الجوهر ليس إلا مجموع صفاته). ودافع عنها المدرسيون لأنها كانت تمثل نقطة أساسية في مذهبهم الفلسفي. وعارضها العقليون مثل ديكارت واسبينوزا، ولكنهم تمثلوها في صورة أخرى معدلة (فبينما يقول ديكارت بجوهرين مخلوقين هما الفكر والإمتداد، إلى جانب الجوهر المٌطلُق أو الله، يقول اسبينوزا بجوهر واحد لا متناه يمكن أن نسميه الله أو الطبيعة). صــ26

◙  كل الأجسام في نظره تقبل القسمة مهما كانت صغيرة، وعملية القسمة هذه يمكن أن تمضي إلى مالانهاية. ولن تؤدي مناهج الفزياء الحديثة إلى اكتشاف الموناداة التي يتصورها، لأن الموناداة لا يمكن تصورها إلا عن طريق الفكر. ولهذا فهي كما يدل اسمها بسيطة، ومعنى هذا في رأيه أنها لا تقبل القسمة، وليست مادية ولا شكل لها، وهي كذلك لا تتكون ولا تفنى. ومثل هذا الجوهر لا يمكن أن يكون موضوعاً من موضوعات العلم الطبيعي الحديث. وإذا كانت مناهج العلم عاجزة عن الوصول إلى فكرة الموناداة، فهل يمكن أن تطبق عليها مناهج الرياضيات؟ يحتمل أن تكون بحوث ليبنتز عن الكميات المتناهية في الصغر داخل حساب اللامتناهي الذي اكتشفه قد أثرت على آرائه الميتافيزيقية. ولكن لا ينبغي أن نبالغ في تقدير هذا الأثر فالحقيقة أن الموناداة ليست كميات متناهية في الصغر، بل ليس كميات على الإطلاق. وفكرة الموانادة ليست فكرة رياضياتية، لأن ليبنتز يعترض صراحة على وصف الموناداة بأنها نقط رياضياتية. لقد درس الفلسفة الفيثاغورثية بغير شك، ولكنه لم يذهب إلى ما ذهب إليه فيثاغورث واتباعه في تفسير ماهية الواقع تفسيراً رياضياتياً. فالحقائق الرياضياتية في رأيه تفتقر إلى كل الخصائص الدينامية. انها أفكار وليست قوى أو طاقات. والمونادات في حقيقتها مراكز حية للقوة أو الطاقة. وقد عبر عن هذه الفكرة الأساسية في تعريفه المشهور للجوهر، وهو الذي نطالعه في أول عبارة استهل بها كتابه في مبادي الطبيعة والفضل الإلهي : "إن الجوهر كائن قادر على الفعل". المونادات إذاً مباديء دينامية تدخل في الأجسام الواقعية (أو التجريبية) كما تنتج عنها هذه الأجسام. ويعتقد ليبنتز أن فكرة المونادة تقدم لنا المفتاح الذي نفسر به وضع النباتات والحيوانات والكائنات البشرية ومكانها من العلم الجسمي في مجموعه. ففي كل كائن حي فرد توجد مونادة رئيسية تتحكم في سائر المونادات التي يتألف منها. ويُطلق ليبنتز على هذه المونادة الرئيسية اسماً استعاره من المصطلح الارسطي وهو "الأنتيلخيا". فالمونادات "أنتيليخيات". ولكل نبات "انتيليخياه". والأنتيليخيا الموجودة في الحيوان تسمى "النفس" ، والتي توجد في الإنسان تُدعى "العقل". صــ27 : 28

◙ يوضح ليبنتز التمييز بين "مملكتين" مملكة الجواهر المركبة أو الأجسام، ومملكة الجواهر البسيطة أي المونادات. والعلية الآلية تحكم مملكة الأجسام، أما مملكة المونادات فتحكمها الغائية وهاتان المملكتان ليستا مستقلتين عن بعضهما البعض، ولا توجدان جنباً إلى جنب، بل يكونان وحدة واحدة، وإحداهما هي الصورة التي تظهر بها الأخرى. صــ34

◙ ليست كل الحقائق ضرورية ولا أبدية. فلابد في رأي ليبنتز من التمييز بين حقائق العقل الضرورية الخالدة وحقائق الواقع العرضية الحادثة. فالأولى هي التي لا يمكن تصور ضدها، وإلا كانت متناقضة مع نفسها، ومنها مبادي الرياضيات والمنطق. أما  الثانية فيمكن تصور ضدها، ومنها الحقائق التاريخية وقوانين الفزياء (مثل قانون الحركة) والقدرة على تصور نقيض الحقيقة او عدم تصوره هو المعيار المنطقي الذي إعتمد عليه ليبنتز في التمييز بين حقائق العقل وحقائق الواقع. صــ41

◙ لقد تابع ليبنتز خطى أفلاطون في بحثه عن الوحدة التي تجمع الكثرة، ولكنه سلك منهجاً يختلف عن منهج أفلاطون. فهو يتحدث مثله عن أفكار أبدية خالدة، أي عن مثل أو نماذج أولى لكل المخلوقات وهذه المثل والمناذج كائنة في عقل الله. إن جميع الأشياء المتناهية على علاقة ببعضها البعض، وهذه العلاقة تؤلف بينهما في وحدة حقيقية. ولهذه العلاقة نفسها وجهان، فهي تعبر من ناحية عن أن جميع الأشياء المتناهية إنما هي في نهاية الأمر مونادات، أي كائنات واحدة أو "أحادات" ، كما تعتبر من ناحية أخرى عن أن كل مونادة منها تعكس العالم كله، أي تعكس جميع المونادات الأخرى على صفحة مرآتها. وهكذا لا يرى ليبنتز أننا يمكن أن نتكلم عن وحدة العالم دون أن نضطر في نفس الوقت للكلام عن مبدأ لهذه الوحدة من خارج العالم، وسواء أكان هذا المبدأ هو الله أم الأفكار. ولكنه يرى من ناحية أخرى أنه لا يمكن تفسير هذه الوحدة القائمة داخل العالم إلا بالرجوع إلى الله. لأن الله هو أصل جميع المونادات المخلوقة أو المتناهية، وعلة تجانسها وإتساقها مع بعضها البعض. صــ58

◙ كان ليبنتز مقتنعاً بأن جميع العلوم يُمكن أن تطبق مناهج الرياضيات بدرجات متفاوتة. ولعل هذا الإقتناع أن يكون دليلاً على النزعة العامة التي تطبع تفكيره كله، ألا وهي نزعة التفاؤل التي سخر منها فولتير. وتظهر النزعة المتفائلة أيضاً في نظرته إلى العالم والمصير، فهذا العالم هو افضل عالم ممكن. والظلام الذي يُخيم عليه ليس إلا الوجه الشاحب للنور. والشر والبؤس والتعاسة التي نلقاها فيه ليست شيئاً بجانب الخير والرحمة والعدل الذي اضافته عناية الله علينا. صــ65

◙ لم يوضح ليبنتز كيفية الإنتقال من الإدارك غير الواعي إلى الإدارك الواعي، وكل ما يحرص على تأكيده في هذا الصدد هو أن إدراكات المونادات الواعية أقل غموضاً وتشوشاً وإختلاطاً من إداراكات المونادات غير الواعية، كما أن أعضاءها مختلفة في تكوينها وترتيبها من أعضاء المونادات الاخيرة. ويجب ألا ننسى أن تأثير المونادات على بعضها البعض تأثير مثالي خالص، وأنه ليس في العالم شيء غير المونادات. صــ105

-----------------------------------
ثانياً: شذرات لصاحب الرسالة أو الكتاب:-

◙ من الخير التمييز بين الإدارك، أو الحالة الداخلية للمونادة التي تتمثل بها الأشياء الخارجية، وبين الوعي، وهو الشعور الذاتي أو المتأمل لهذه الحالة الداخلية، وهو ما لا يُتاح لجميع النفوس، ولا لنفس واحدة في كل الأوقات، وقد كان إغفال هذه التفرقة هو الخطأ الذي وقع فيه الديكارتيون الذين تجاهلوا وجود الإداراكات التي لا تكون مصحوبة بالشعور، على نحو ما يفعل عامة الناس عندما يسقطون من حسابهم الأجسام التي لا يدركونها إدراكاً حسياً. وهذا هو الذي حمل الديكارتيين أيضاً على الإعتقاد بأن العقول وحدها مونادات، وأن النفوس الحيوانية، ناهيك عن المبادي الأخرى للحياة لا وجود لها على الإطلاق. صــ106

◙ إنه ما من شيء يتم وقوعه بغير أن يكون في إمكان من يعرف الأشياء معرفة كافية أن يقدم سبباً يكفي لتحديد علة وقوعه على هذا النحو لا على نحو آخر. فإذا وضع هذا المبدأ كان أول سؤال يحق لنا أن نطرحه هو هذا السؤال: لم كان وجود (شيء ما) ولم يكن بالأحرى عدم. ذلك لأن العدم أبسط وأيسر من أي شيء. وإذا افترضنا ضرورة وجود أشياء، فقد لزمنا أن نكون قادرين على تقديم سبب يبين لماذا يتحتم أن توجد على هذه الصورة لا على صورة أخرى. صــ111

ينبغي لهذا الجوهر البسيط أن يحتوي على اقصى قدر ممكن من كل الكمالات المتضمنة في الجواهر المشتقة الناتجة عنه. ولهذا فيكون كامل القدرة والمعرفة والإرادة، أي سيكون مطلق القدرة، شامل العلم، واسع الرحمة. ولما كانت العدالة بأعم معانيها لا تخرج عن ان تكون هي الخيرية المطابقة للحكمة، فلا بد أيضاً من أن يوصف الله بالعدالة في أسمى صورها. صــ112

◙ إن الموسيقى لتسحر أفئدتنا، وإن كان جمالها لا يقوم إلا على تناسب الأعداد والعد الذي لا تشعر به شعوراً واعياً، ومع ذلك فإن النفس تقدره على أساس الضربات والذبذبات المنبعثة من الأجسام الرنانة التي تتلاقى في فواصل زمنية معينة. والبهجة التي تجدها العين في النسب هي من نفس هذا النوع، كما أن مباهج الحواس الأخرى ترجع إلى أمور مشابهة، وإن كنا لا نملك أن نفسرها تفسيراً واضحاً. صــ119

◙ ولكن لا جوز أن يتوهم أحد - كما يفعل البعض نتيجة إساءة فهم مذهبي - أن كل نفس لها كتلة أو قطعة معينة من المادة، مخصصة لها إلى الأبد، وأنها تبعاً لذلك تملك كائنات حية أخرى أدنى درجة، مجعولة لخدمتها على الدوام. لأن الأجسام كلها في سيرورة دائمة، كالأنهار، وتدخل فيها وتخرج منها أجزاء بإستمرار. صــ166 //يعلق المترجم بأن عبارته هذه شبيه بما قاله من قبل هيراقليطس، وشذراته المعروفة ومنها : من المستحيل النزول في نفس النهر مرتين، كل شيء يسيل على الدوام ، الكل يسيل (أو يتدفق) كما يسير النهر.//

◙ وهكذا فإن النفس لا تغير جسمها إلا ببطء وبالتدريج، بحيث لا تجرد أبداً من جميع أعضائها دفعة واحدة، وكثيراً ما يتم التحول بين الحيوانات، ولكن تقمص الأرواح أو تناسخها لا مكان له على الإطلاق: كذلك لا توجد نفوس قائمة بنفسها أو مستقلة تمام الإستقلال (عن الأجسام) ولا أرواح بغير أجسام. إن الله وحده منزه عن الجسمية كل التنزيه. صــ167

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق