الكتاب يعبر عن وجهة نظر صاحبه، وهو يعطينا صورة بسيطة
من صور التمرد على الأوضاع التي كانت سائدة في ذلك العصر..
• كان من أثر الحكومات الإستبدادية أن الرجل في قوته أخذ يحتقر المرأة في
ضعفها، وقد يكون من أسباب ذلك أن أول أثر يظهر في الأمة الحكومة بالإستبداد هو
فساد الأخلاق.
• لا يزال الناس عندنا يعتقدون أن تربية المرأة وتعليمها غير واجبين، بل
إنهم يتساءلون هل تعلُّم المرأة القراءة والكتاب مما يجوز شرعاً أو هو محرم بمقتضى
الشريعة؟!
• في رأيي أن المرأة لا يمكنها ان تدير منزلها إلا بعد تحصيل مقدار معلوم
من المعارف العقلية والأدبية.
• من عوامل الضعف في كل مجتمع إنساني أن يكون العدد العظيم من أفراده كلاً
عليه لا عمل له فيما يحتاج إليه، وإن عمل كان الآلة الصماء أو الدابة العجماء لا
يدري ما يُصدر منه.
• أودُّ أن كلَّ مصري يرى أن مسألة التربية عندنا هي أمُّ سائر المسائل،
وأن كل مسألة غيرها مهما كانت أهميتها داخلة فيها.
• لستُ ممن يطلب المساواة بين المرأة والرجل في التعليم؛ فذلك غير ضروري،
وإنما أطلب الآن-ولا أتردد في الطلب-أن توجد هذه المساواة في التعليم الإبتدائي
على الأقل..
• إن الإنتقاب والتبرقع ليسا من المشروعات الإسلامية لا للتعبد ولا للأدب
بل هما من العادات القديمة السابقة على الإسلام والباقية بعده..
• متى تهذب العقل ورقَ الشعور في الرجل؛ عرف أن حجاب المرأة إعدام لشخصها
فلا تسمح له ذمتّه بعد ذلك أن يرتكب هذه الجريمة توسُّلاً إلى ما ظنه راحة بال
واطمئنان قلب.
• متى تهذب العقل ورق الشعور في الزوج، وجد من نفسه أن لا سبيل إلى اطمئنان
قلبه في عشرة امرأة جاهلة مهما كان الحائل بينها وبين الرجال.
• إن ارتقاء الأمم يحتاج إلى عوامل مختلفة متنوعة من أهمها ارتقاء المرأة،
وإنحطاط الأمم ينشأ من عوامل مختلفة متنوعة أيضاً من أهمها انحطاط المرأة.
• ما دامت المرأة على ما هي عليه اليوم من الجهل فالزواج لا يكون - كما هو
الآن - إلا شكلاً من الأشكال العديدة التي يستبد بها الرجل على المرأة.
===================================================
▬ سبق الشرع الإسلامي كل شريعة سواه في تقرير مساواة المرأة للرجل؛ فأعلن
حريتها واستقلالها يوم كانت في حضيض الإنحطاط عند جميع الأمم، وخولها كل حقوق
الإنسان، واعتبر لها كفاءة شرعية لا تنقص عن كفاءة الرجل في جميع الأحوال المدنية
من بيع وشراء وهبة ووصية من غير أن يتوقف تصرفها على إن أبيها أو زوجها، وهذه المزايا
التي لم تصل إلى إكتسابها حتى الآن بعض النساء الغربيات كلها تشهد على أن من أصول
الشرعية السمحاء احترام المراة والتسوية بينها وبين الرجل، بل إن شريعتنا بالغت في
الرفق بالمرأة؛ فوضعت عنها أحمال المعيشة، ولم تلزمها بالإشتراك في نفقة المنزل
وتربية الأولاد خلافاً لبعض الشرائع الغربية التي سوت بين الرجل والمرأة في
الواجبات فقط، وميزت الرجل في الحقوق. صــ16
▬ متى رأى الرجل إمرأته بهذه المنزلة من الجهل؛ بادر إلى نفسه احتقارها،
واعتبرها من الأعدام التي لا أثر لها في شئونه، وهي متى رأته أهمل واغضى ضاق
صدرها، وظنت أنه يظلمها، وبكت سوء حظها الذي ساقها رجل لا يقدِّر قدرها، ونبتت
البغضاء في قلبها، ومن ثم تبتديء عيشة لا أظن أن الجحيم أشد نكالاً منها، عيشة يرى
كل منهما فيها أن صاحبه هو العدو الذي حول بينه وبين السعادة. صــ36
▬ اليس من جهل الأم بقوانين الصحة أن تهمل ولدها من النظافة؛ فيعلوه الوسخ،
وتتركه متشرداً في الطرق والأزقة يتمرغ في الأتربة كما تتمرغ صغار الحيوانات؟ أليس
من جهلها أن تدعه كسلان يفر من العمل، ويضيع وقته - الذي هو رأس ماله - مضطجعاً أو
نائماً أو لا هياً مع أن سن الطفولية لا يعرف الكسل؛ وهو سن النشاط والعمل
والحركة؟ أليس من أثر جهلها أننا جميعاً مصابون بشلل في أعصابنا حتى صرنا لا نتأثر
من شيء مهما بلغ في الحسن والقبح. فإذا رأينا عملاً جميلاً مدحناه من طرف اللسان،
وإذا شاهدنا فعلاً قبيحاً استهجناه بهزِّ الرءوس، وظاهر من القول، بدون أن نشعر
بإنبعاث باطني يقهرنا على الإندفاع إلى الأول، ولا على الإبتعاد على الثاني؟ أليس
من جهلها أن تسلك في تأديب ولدها طريق الإخافة بالجن والعفاريت، وأن تاخذ من وسائل
صيانته ووقايته من المُضرات تعليق التعاويذ والطواف به حول القبور وفي زوايا
الأضرحة وغير ذلك مما لا يبالي به الجاهلون بأصول الدين وفضائل الأعمال وله من
الأثر السيء في أنفس الناشئين بل وفي أرواح الرجال ما يجر إلى كل شير ويبعد عن كل
خير؟ صــ54
▬ رسخ في أذهان الرجال أن تعليم المرأة وعفتها لا يجتمعان، وقال الأقدمون
في ذلك أقوالاً طويلة، وحكايات غريبة، ونوادر سخيفة استدلوا بها على نقصان عقل
المرأة واستعدادها للغش والحيلة، فلو تعلمت لم يزدها التعليم إلا براعة في
الإحتيال والخدعة، واسترسالاً مع الشهوة. فحذونا مثالهم وأعتقدنا أن التعليم يزيد
تفننها في المكر، ويعطيها سلاحاً جديداً تتقوى به طبيعتها الخبيثة على ارتكاب
المفاسد. صــ62
▬ إن الغربيين قد غلوا في إباحة التكشف للنساء إلى درجة يصعب معها أن
تتصوّن المرأة من التعرض لمثارات الشهوة، ولا ترضاه عاطفة الحياة، وقد تغالينا نحن
في طلب التحجب والتحرج من ظهور النساء لأعين الرجال حتى صيَّرنا المرأة أداة من
الأدوات، أو متاعاً من المقتنيات وحرمناها من كلَّ المزايا العقلية والأدبية التي
أُعدت لها بمقتضى الفطرة الإنسانية، وبين هذين الطرفين وسط سنبينه - وهو الحجاب
الشرعي - وهو الذي أدعو إليه. صــ70
▬ عجباً! لمَ لم تؤمر الرجال بالتبرقع وستر وجوههم عن النساء إذا خافوا
عليهن؟ هل أُعتُبِرت عزيمة الرجل أضعف من عزيمة المرأة، وأُعتُبر الرجل أعجز من
المرأة عن ضبط نفسه والحكم على هواه، وأُعتُبرت المرأة اقوى منه في كل ذلك حتى
أُبيح للرجال أن يكشفوا وجوههم لأعين النساء مهما كان لهم من الحسن والجمال..صــ82
▬ رأيت في كتب الفقهاء أنهم يُعرِّفون الزواج بأنه:"عقد يملك به الرجل
بضع المرأة"، وما وجدت فيها كلمة واحدة تشير إلى أن بين الزوج والزوجة شيئاً
آخر غير التمتع بقضاء الشهوة الجسدانية، وكلها خالية عن الإشارة إلى الواجبات
الأدبية التي هي أعظم ما يطلبه شخصان مهذبان كل منهما من الآخر..صــ147
▬ لا يُعذر رجل يتزوج أكثر من إمرأة، اللهم إلا في حالة الضرورة المطلقة؛
كأن أُصيبت امرأته الاولى بمرض مزمن لا يسمح لها بتأدية حقوق الزوجية. أقول ذلك
ولا أحب أن يتزوج الرجل بإمرأة اخرى حتى في هذه الحالة وأمثالها؛ حيث لا ذنب
للمرأة فيها. والمروءة تقضي أن يتحمَّل الرجل ما تُصاب به امراته من العلل، كما
يري من الواجب أن تتحمل هي ما عساه كل مصاب به. وكذلك توجد حالة تسوِّغ للرجل أن
يتزوج بثانية إما مع المحافظة على الأولى إذا رضيت، أو تسريحها إن شاءت؛ وهي ما
إذا كانت عاقراً لا تلد؛ لأن كثيراً من الرجال لا يتحملون أن ينقطع النسل في
عائلاتهم. أما في غير هذه الأحوال فلا أرى تعدد الزوجات إلا حيلة شرعية لقضاء شهوة
بهيمية؛ وهو علامة تدل على فساد الأخلاق، واختلال الحواس، وشره في طلب اللذائذ.
صــ164
▬ إن من الغفلة بل من أسباب الشقاء أن تكون شئوننا في حياتنا قائمة بعوائد
لا نفهم أسبابها، ولا ندرك آثارها في أحوالنا بل إنما نتمسك بها، لأنها جاءت إلينا
ممن سلفنا، وورثناها عمن تقدمنا، وذلك كل ما فيها من الحسن عندنا. مع أن هذا وحده
لا يكفي لأن يكون سبباً في الأخذ بها، ولا في الثبات عليها، بل يجب أن نفهم أن لنا
مصالح ولمن سبقنا مصالح، ولنا شئون ولهم شئون، ولنا حاجات لم تكن لهم، وكانت لهم
حاجات ليست لنا اليوم، وذلك من البديهي الذي لا يختلف فيه اثنان. صــ199
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق