Pages - Menu

الأربعاء، 21 أغسطس 2013

الفلسفة واللغة (الزواوي بغوره)


• لولا هؤلاء السوفسطائيين لما بذل سقراط وأفلاطون وأرسطو جهودهم في حقل الفلسفة.
• الإنسان هو الحيوان الذي يمتلك اللوغوس أو اللغة بصورة طبيعية، ليس بمعنى اللغة/الحديث أي "ملكة التعبير أو الإيصال عموماً"، ولكن بمعنى واضح وهو : ملكة التعبير والإيصال بواسطة مفاهيم وقضايا.
• تعد الوضعية المنطقية بمثابة النموذج المجسد للمنعطف اللغوي في الفلسفة المعاصرة، لأنها حولت التحليل اللغوي-المنطقي إلى واقع فلسفي قائم، وحصرت الفلسفة في مهمة التحليل اللغوي، واعطت الأولوية للغة على الفكر.
• شكلت الوضعية المنطقية أو التجريبية المنطقية أو حلقة فيينا، المنعطف اللغوي الأول في تاريخ الفلسفة المعاصرة، المنعطف الذي اشتهر واذع، انتشهر وهيمن لفترة زمنية غير قليلة.
• أكدت على أن التقريرات الميتافيزيقية ذات معنى، وعلى واقعة مؤداها أنني نفسي ميتافيزيقي واقعي. ليس هذا فحسب بل أيضاً قمت بتحليل الدور التاريخي المهم الذي لعبته الميتافيزيقا في تشكيل النظريات العلمية. (كارل بوبر)
• إن من مفارقات المنعطف اللغوي، أن إحدى دعائمه المؤسّسة له، هي التي ستعمل على الخروج منه، وتلك هي دلالة المساهمة التي تقدم بها فتجنشتاين في كتابه بحوث فلسفية.
• إذا كانت طبيعة اللغة  عند فتجنشتاين قد تغيرت من اللغة الإصطناعية إلى اللغة الطبيعية العادية، فإن علاقة اللغة بالفكر لم تتغير، إذ أنه ذهب كذلك في كتابه بحوث فلسفية إلى الإقرار بأن اللغة هي الفكر.
• لا تكمن أهمية اللغة في بنيتها التركيبية ولكن في دورها التوسطي كمجال للإتفاق.
• إن التأويلية الحديثة والمعاصرة، التي بدأت تقريباً حوالي عام 1750م، تؤكد على أن جميع النصوص غامضة، وهذا ما استوجب قيام تأويلية شاملة أو كلية.
• إن الإنسان لا يوجد في المطلق، بل يوجد في الزمان والتاريخ؛ يوجد حيث يفكر، ويفكر حيث هو موجود. ولا يمكن فهم الذات من دون توسط اللغة والعلامة والرمز والنص.
• ليس بإمكان صوت لغوي أن يؤدي وظيفة تمايزية إلا بمقدار ما يكون مضاداً لصوت آخر. (تروبتسكوي)
• لقد كانت "حلقة براغ" أو ل من استعمل كلمة بنية Structure كمفهوم جديد، وذلك في عام 1928م، حيث أصبحت البنية تعني "دراسة العلاقات داخل لغة من اللغات".
• إذا كانت حلقة براغ تشكل جانباً أساسياً من جوانب النظرية البنيوية في اللسانيات، فإن المدرسة الأمريكية بزعامة نعوم تشومسكي تشكل تطويراً ونقداً للسانيات البنيوية، بل وخروجاً على النموذج البنيوي القائم على دراسة النسق اللغوي بطريقة تزامنية بعيدة عن المتغيرات التاريخية والإجتماعية.
• تستمد البنيوية أصلها المعرفي من كتاب فرديناند دي سوسير في كتابه محاضرات في اللسانيات العامة، حيث ذهب فيه إلى أنه يجب دراسة اللغة بوصفها نظاماً قائماً بذاته.
• لا يهتم تحليل الخطاب بالتأويل، ولكن بالوجود المتمظهر أو الظاهري للمنطوقات بوصفها ممارسة تخضع لقواعد التحول والوجود والتعايش. وبالتالي، فإن هدف تحليل الخطاب هو إيجاد قواعد التشكل أو التكون.
• الكائن الذي يمكن أن يُفهم هو الكائن اللغوي، وان اللغة هي الفهم وهي التي تحدد بشكل أساسي كل علاقة بين الإنسان والعالم. (جادامير)
• نحن اليوم في بحث عن فلسفة كبيرة للغة تعني وتهتم بمختلف الوظائف الدلالية للإنسان وعلاقته المتبادلة... وانني لأشك في أن يقوم بهذا شخص واحد. (بول ريكور)
• فلسفة اللغة هي استفهام حول المعنى والوجود.
• لم تصبح اللغة موضوعاً مركزياً في الفلسفة الحديثة والمعاصرة إلا بعد تطورات أساسية أهمها ما حصل على مستوى دراسة اللغة كعلم وثانياً ظهور المنطق الرياضياتي والتحليلات المنطقية الرياضياتية والممارسات التأويلية الناجمة عن التفسير القديم.
• تعتبر مسألة الجانب الفطري والمكتسب في اللغة، من المسائل التي لا تزال موضع نظر عند علماء الأحياء وعلماء النفس وعلماء اللغة الذين انقسموا حولها إلى أكثر من فريق.

=================================================
▬ هناك فكرة متداولة في الدراسات الفلسفية اللغوية مفاداها أن اللغة أصبحت موضوع الفلسفة منذ نهاية الفلسفة الحديثة وبداية الفلسفة المعاصرة، وتحديداً منذ نيتشه والمدرسة التحليلية الإنجليزية وما تبعها من إتجاهات وتيارات في الفلسفة الأنجلوسكسونية. إلا أن الدراسات الألسنية وخاصة عند تشومسكي، بينت أهمية بعض المسائل التي سبق للفلاسفة أن طرحوها وخاصة مشكلة الإصطلاح في اللغة وعلاقة اللغة بالفكر، إلى ما هناك من مسائل سبق إلى طرحها العديد من الفلاسفة وخاصة أرسطو الذي تناولها بالدراسة في كتب النفس والعبارة والخطابة والسياسيات والأخلاق إلى نيقوماخوس، وهي مسائل لها امتدادات في تاريخ الفلسفة، سواء عند الفارابي وابن رشد في الفلسفة الإسلامية، أم عند ديكارت ولوك في الفلسفة الغربية الحديثة، أم عند تشومسكي في الألسنية التحويلية..صــ7

▬ إن امتلاك اللوغوس ليس فقط امتلاك لملكة التواصل والتبليغ والإعلام والإخبار، فالصوت يسمح بذلك، والحيوانات كذلك تقدرعلى ذلك، ولكن التواصل والتبليغ بواسطة المفاهيم وتبادل القضايا، ملكة انسانية تقوم على التجريد، وتجعل من بعض القيم الإجتماعية المجردة ممكنة، مثل الخير والشر والعدل والجور أو الظلم الذي يشكل موضوع السياسية. صــ28

▬ ولعل أول إشارة تستدعي الإنتباه والتنويه هي أن علم اللغة العربية قد تطور تطوراً كبيراً، وخاصة ً بعد عملية تدوين العلوم العربية وذلك منذ سنة 143 للهجرة، حيث تمت صياغة العلوم الدينية والعلوم اللغوية. كما أنه من المعلوم، في تاريخ الفلسفة العربية-الإسلامية، أنه قد سبق ابن رشد إلى تلخيص أعمال أرسطو معظم فلاسفة الإسلام وخاصة الفارابي وابن سينا وابن باجة، واننا نجد اهتماماً خاصاً وتقديراً وتفضيلاً خاصاً لشروحات الفارابي عند ابن رشد، وذلك بناء على ما يذكره الدارسون والباحثون والمحققون. صــ35

▬ [..] لكن هذه الفلسفة ستواجه من جديد مشكلة لغوية، لا تزال قائمة إلى أيامنا هذه، وتتمثل هذه المشكلة في "إشكالية الدلالة". ولا يزال اللسانيون وعلماء النفس والفلاسفة يملكون آراء مختلفة في الموضوع، ولم تتمكن الفلسفة إلا بحل مفاده أنه من غير علاقة الهوية بين الذات العارفة وموضوع المعرفة، فإن فعل المعرفة لا يمكن تفسيره. لقد قالت بهذا المبدأ مختلف التيارات الفلسفية سواء أكانت مثالية أم واقعية، طبعاً مع اختلافهما في تطبيق هذا المبدأ. صــ65

▬ لا تقوم اللغة بالدور المنطقي فقط، وإنما تقوم بدور اجتماعي مرتبط بالظروف الإجتماعية الخاصة بالمجموعة اللغوية. إن هذه القاعدة تتجاوز النتائج التي توصل إليها كارناب في كتابه التركيب المنطقي للغة. وإذا كانت اللسانيات تعترف بإتساع وتعقد حقل اللغة، فإن الفلاسفة منذ ليبنتز يعملون على فكرة التوحيد وإيجاد لغة عالمية واحدة بغرض إقامة علم عام. ويعمل لمنطق الرمزي على تحقيق هذه الغاية. صــ76

▬ إن الإنسان لا يعيش في علاقة مباشرة مع الواقع، لأن الواقع المادي يتراجع كلما تقدم النشاط الرمزي للإنسان، كما لا يستطيع الإنسان أن يعرف نفسه من دون الوسائط الرمزية. إنه محاط دائماً ومن جميع الجهات بأشكال رمزية إما لغوية أو دينية أو فنية أو علمية. وإن ما يجعل الإنسان يضطرب أمام الأشياء الجديدة، كما قال الفيلسوف إبكتات قديماً، ليس الأشياء في حد ذاتها وإنما الأفكار التي يحملها عن تلك الأشياء. صــ80

▬ شكلت الفلسفة التحليلية طريقة جذرية في الممارسة الفلسفية الحديثة والمعاصرة، وحولت موضوع الفلسفة برمته إلى موضوع خاص باللغة، ومثلت - مع الوضعية الجديدة أو المنطقية أو التجريبية حسب السياقات والمسوغات - وفق مؤلف كتاب فلسفة اللغة في القرن العشرين (يقصد كارل بوبر)، النموذج المهيمن على المنعطف اللغوي في الفلسفة المعاصرة، وذلك لأسباب وعوامل عدة منها: استعمال المنطق الرياضي واتخاذ موقف تجريبي جذري، والسعي نحو إنشاء لغة عالمية صورية واصطناعية. صــ84

▬ انتقد بول ريكور المقاربة الوضعية للغة وتساءل في مقالة "فلسفة اللغة" قائلاً:"بأي حق يتم التمييز بين القضايا العلمية والقضايا الميتافيزيقية؟ أليس الإنحيار المناويء للميتافيزيقا هو الذي تكلم، طالما أن الإمكان يبقى قائماً بأن الجمل الأخيرة تستند إلى معنى آخر غير إدارك الشيء؟". إن هذا التساؤل وغيره، هو الذي دفع بفلاسفة ما بعد الوضعية المنطقية، كارل بوبر ولكاتوس وفيرابند، إلى القيام بنقد شامل للأسس العلمية والفلسفية واللغوية التي قامت عليها الوضعية الجديدة. صــ92

▬ تلعب اللغة جوراً أساسياً في ظهور المعرفة الموضوعية، على أن هذا الدور يتطلب معرفة طبيعة اللغة عنده ومكوناتها ومميزاتها. وفي هذا السياق فإن كارل بوبر يعتمد على نتائج أبحاث أستاذه كارل بوهلر، ومضمونها أن اللغة هي التي تميز الإنسان عن الحيوان، لا لأن الحيوان لا يملك لغة، فهناك لغة الحيوانات، كلغة النحل على سبيل المثال، ولكن لأن لغة الإنسان تملك وظائف تتجاوز وظائف لغة الحيوان. صــ99

▬ إن نظرية أفعال الكلام تجسد موقفاً مضاداً للإتجاه الوضعي المنطقي الذي ركز على التحليل المنطقي للعبارات، مجردة من سياقها اللغوي الإجتماعي والتاريخي. في حين أن الأقوال اللغوية تعكس نمطاً ونشاطاً اجتماعياً أكثر منها أقوالاً تتصف بالصدق والكذب التي ألفها الفلاسفة. إن هذه الخطوط العامة لنظرية أوستين هي التي ستشكل صلب نظرية أفعال الكلام أو الخطاب التي أسسها سيرل. صــ107

▬ عمل هيدجر على رفع الصفة النفسية للفهم، ليدخله في مسألة لغوية. لماذا؟ "لأن الفهم الذي يحصل لكائن ما عن وضعه وعن مشاريعه لا يمكن أن يُفسّر، وبالتالي أن يؤؤّل إلا في وسط التكلم باللغة". وهنا يظهر الطابع الأنطولوجي الذي أعطاه هيدجر للغة عندما قال إنها "بيت الإنسان"، وأن "ماهية اللغة هي لغة الماهية"، وأن علينا أن "نحيا تجربة اللغة بحيث تعبِّر عن نفسها بنفسها، فاللغة تتميز بأننا نعيش فيها ونألفها من دون أن ننتبه لها في العادة أو نحاول تركيز أبصارنا عليها". من هنا لجأ إلى الشعر، ليبين مقاصده الوجودية من اللغة. صــ114

▬ لقد لخص الفيلسوف باسكال إنجل، في دراسة هامة بعنوان "التأويلية، اللغة والحقيقة"، معالم هذه التأويلية الفلسفية مؤكداً على النقاط التالية: 1- تقوم الدلالة على التأويل، وكل ظاهرة هي نتاج التأويل، ولا وجود لها إلا بالنسبة للممارسة التأويلية. 2- الواقع وطبيعة الكائن يظهران من خلال التأويل. 3-التأويل ليس منهجاً، بل ممارسة. 4- يقوم التأويل على الفهم. 5- الفهم هو نوع من الإتفاق. صــ117

▬ إن إحدى المهام التي يجب على الفلسفة عموماً وفلسفة اللغة خصوصاً أن تشغل نفسها بها، هي الحفاظ على الإستخدامات المتعددة للغة، والمسافة بين هذه الإستخدامات التي تتراوح في تنوعها بين لغة العلم مروراً باللغة السياسية واللغة العادية وإنتهاء باللغة الشعرية. وأن الملمح الأساسي للغة هو تعدد الدلالة والمعنى، وأن الكلمة الواحدة يقابلها أكثر من معنى، وهو ما يعد مصدراً لسوء الفهم، ولكن في الوقت ذاته مصدراً لإثراء اللغة، ويسمح للمرء بأن يتلاعب بالمعاني المرتبطة بكلمة واحدة، بعكس اللغة العلمية التي تقوم بإختزال هذه التعددية..صــ127

▬ إن المفهوم تجريد، والتجريد يعني غياب الحياة، وبالتالي فإن مفهوم الوجود وهو المفهوم الأول في الفلسفة يصبح الشبح الأكبر، والفلسفة تصبح في مثل هذه الحال "مجموعة من الأشباح أو مجموعة من الإستعارات الميتة". والحل في نظره (نيتشة) يكمن في استعمال استعارات حية أو مجاز حي، استعارات تعكس الحياة أو إرادة القوة. صــ131

▬ إن الدال هو الترجمة الصوتية لتصور ما، في حين أن المدلول هو الجانب الذهني للدال، وتتضح وحدتهما البنيوية في إطار العلامة. ذلك ان العلامة "عبارة عن اتحاد لصورة صوتية ألا وهي "الدال"، بتمثل ذهني أو تصور ألا وهو "المدلول". وعلى حين أن الدال يندرج تحت النظام الذهني، تكون العلامة عبارة عن ذلك الكل المتآلف من دال ومدلول، وأن الدلالة هي مجرد علاقة تتحقق من تآلف هذين العنصرين". ومعنى هذا أن الدال هو الجانب الصوتي والمادي من العلامة، في حين أن المدلول هو الجانب المعنوي والذهني من العلامة، وأن اتحادهما يؤلف بنية الدلالة رغم كون العلاقة التي تربط بينهما مجرد علاقة اعتباطية Arbittaire. صــ135

▬ إن الفونولوجيا عبارة عن "مجموع الدراسات التي تبحث في تنظيمات الفونومات الخاصة باللغات المعروفة". فالشيء الجوهري في الدراسة الفونولوجية هو الصوت، ليس كعنصر معزول أو جزئي، بل في علاقته مع مجموع الأصوات. لذلك فعلم الفونولوجيا يختلف عن علم الفونتيكا، الذي هو "مجموع الدراسات التي تعالج أصوات اللغة وكيفية النطق بها وطبيعتها الفيزيائية". صــ136

▬ يرى فوكو أن علم اللغة الحديث أو الألسنية لا ينفصل عن النحو العام، وأنه سواء تعلق الأمر بالنحو العام أو بمحاضرات دي سوسير، فإن الموضوع واحد من حيث المرجعية، مرجعية نظرية العلامة وتحليل اللغة، كحالة خاصة ومعقدة. وهي "نفس المحاولة لتحديد شروط عمل اللغات، ونفس الأفضلية المعطاة للتنظيم، لتنظيم اللغات، ونفس الإدارة في تحليل النحو العام على أساس النظام أو النسق. صــ145

▬ هناك مشكلة عادة ما يطرحها الباحثون الإجتماعيون، وهي مشكلة التاريخ مقارنة بالألسنية التي تعتمد التزامن والوصف. فإذا كان صحيحاً أن الألسنية البنيوية تعتمد على التزامن، فإن هذا في نظر فوكو لا يجعلها مناهضة أو مضادة للتاريخ. إن العلاقة بين التاريخ والتزامن في الألسنية، تتحدد فقط بصورة مغايرة، شريطة أن لا نفهم من التاريخ التسلسل فقط بل التسلسل والتزامن في نفس الوقت. كما أن تحليلات الألسنيين ليست تحليلات للثبات، بل هي تحليلات لشروط التحول. صــ149

▬ لقد حاولت البنيوية أن تحلل البنى اللاشعورية للظواهر الثقافية والإجتماعية، أو بتعير آخر، يخضع الإنسان لبنى إجتماعية وثقافية يتعين على البنيوية تحليلها ودراستها. من هنا تركيز البنيوية على البنى وإعتمادها على التحليل البنيوي القائم على الوصف التزامني أو الأفقي، تاركة الجانب التاريخي والذاتي في الإنسان. وهو ما شكّل باعثاً على نقد البنيوية من قبل العديد من الإتجاهات الفلسفية والعلمية للبنيوية، ولا سيما الوجودية والماركسية. صــ154

▬ يشكل دريدا وليوتار ودولوز وكذلك فوكو التيار الثاني المسمى بما بعد البنيوية أو البنيوية الجديدة، بوصفها حركة فكرية جديدة، ولكنها في ترابط وتداخل كبيرين مع التيار البنيوي. وفي تقديرنا، فإن الفارق بين ما يسمى بالبنيوية وما بعد البنيوية يجب البحث عنه في موضوع اللغة، لأنها مصدر وأساس مختلف الإتجاهات. فإذا كانت اللغة في المنظور البنيوي عبارة عن نسق مغلق، وإذا كانت العلاقة بين الدالة والمدلول تتميز بطابعها الإعتباطي والإتفاقي، فإن ما بعد البنيوية ترى أن استعمال الكلمة هو مصدر المعنى والدلالة التي تظهر وتبرز من خلال الإختلافات. ولقد مثل هذا الطرح خير تمثيل ميشيل فوكو في مفهومه للخطاب. صــ155

▬ إن الحديث عن سوق لغوية يعني كذلك الحديث عن علاقات القوى. "فللسوق اللغوية قوانين تكوين للأثمان تفرض بطريقتها ألا يكون المنتجون اللغويون والمنتجون للأقوال متساويين. بيد أن علاقات القوة التي تسود تلك السوق والتي تفرض أن يكون لبعض المنتجين وبعض المنتجات امتياز فوري، تفترض أن السوق اللغوية كموحدة نسبياً". ففي السوق اللغوية، تعمل أشكال من السيطرة لها منطق نوعي. وكما هي الحال في كل سوق للأموال الرمزية، هناك أشكال من السيطرة النوعية ليست قابلة إطلاقا للإختزال إلى السيطرة الإقتصادية بالمعنى الدقيق، لا في نمط فعلها ولا في الأرباح التي تدرّها. صــ184

▬ إن طرح كروتشه يدور حول الطبيعة الجمالية للغة، وأن حقيقتها تظهر في الشعر. وبحسب نظرية الوظائف اللغوية لرومان ياكوبسن، فإن اللغة في نظر كروتشه تحقق الوظيفة الشعرية. وبالتالي، فإن المقصود بفلسفة اللغة هو المجال الفني أو الجمالي حيث تتم دراسة اللغة دراسة جمالية، وحيث يكون الشعر هو الشكل الأمثل للتعبير. وقد قام الفيلسوف الماركسي انطونيو غرامشي بنقد هذا الفهم، مؤكداً على الجوانب الإجتماعية والسياسية للغة. على أن أول لكتاب كامل صدر في فلسفة اللغة، هو كتاب ألبرت دوزيه عام 1920م، حلل فيه المميزات العامة للغة وقوانين تطورها ومناهجها المختلفة. صــ196

▬ ليست التفكيكية منهجاً أو نظرية تسمح بالكشف عن البنى الخفية للأشياء، وإنما هي ممارسة ونشاط وعملية انتباه ويقظة وحذر دائم. التفكيك ليس نظاماً فلسفياً واضح المعالم ولا منهجاً يقوم على قواعد وخطوات معلومة، وإنما هو عبارة عن توجه فلسفي في قراءة النصوص وطرح القضايا، خلفيته المباشرة نقرؤها عند الفيلسوف الألماني هيدجر الذي قال بالهدم. على أن دريدا رغم صعوبة التعريف ولبس المقولة، حاول مرتين على الأقل الإجابة على السؤال عن معنى التفكيك. المرة الأولى كانت في كتابه مذكرات من أجل بول دي مان، حيث قال:"التفكيك بإختصار شديد، سأقول ذلك من دون جملة، إنه أكثر من لغة". صــ206


▬ لقد توسع هابرماس في نظرية الفعل التواصلي، واقترح نظرية في "أخلاق المحادثة" معتمداً في ذلك على مساهمة زميله كارل أوتو آبل القائمة على تداولية متعالية". تقوم هذه المحادثة على قاعدتين أساسيتين هما: القاعدة الديمقراطية ومضمونها أن "أي قاعدة أو معيار لا يملك الصلاحية، إلا إذا كان المعنيون به على اتفاق فيما بينهم، أو يمكن لهم الإتفاق عليه، بوصفهم شركاء في المحادثة العملية بشأن تلك القاعدة أو المعيار"، وسمى هذه القاعدة بالقاعدة الديمقراطية ويرمز لها بالحرف "D". والقاعدة الكونية ومنطوقها أن "كل قاعدة، لكي تكون صالحة، يجب أن تستوفي الشروط سواء من حيث نتائجها أم من حيث آثارها بالجانبية، وأن تلقى القبول من كل الأشخاص الذين لهم علاقة بها"، وهو ما يسميه بالقاعدة الكلية أو الكونية أو العالمية، ويمز لها بالحرف "U". صــ211

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق