Pages - Menu

الخميس، 11 يوليو 2013

النفعية (جون ستيوارت مِل)


• فهذا العلم (علم الأخلاق) لا يستمد يقينه للتلاميذ على أنه مبادئها، إذ ان هذه المباديء اللتي وضعها كبار المدرسين مازالت تحتوي على أوهام، مثلها مثل القانون الإنجليزي وأسرار اللاهوت.
• إن الحقائق القصوى التي قوبلت كباديء أولى لعلم ما، هي في الواقع آخر نتائج التحليل الميتافيزيقي الذي يُمارس على المفاهيم الأولية الخاصة بهذا العلم.
• كل فعل يهدف إلى غاية ما، لذا فإن قواعد الفعل كما هو مفترض بصفة طبيعية، يجب أن تأخذ كل طابعها ولونها من الغاية التي تكون في خدمة تحقيقها.
• مهما إجتهدنا في البرهنة على ما اعتبر خيراً فعلينا أن نعتبره كذلك بالإشارة إلى كونه سيتخذ وسيلة لشيء ما، وأنه قد تم التسليم به على أنه طيب دون دليل.
• إن فن الطب مبرهن على طبيعته بما هو وسيلة مؤدية للصحة. لكن كيف يمكن لنا أن نبرهن أن الصحة شيء طيب؟ وفن الموسيقي طيب بسبب - ضمن أسباب أخرى - أنه يجلب اللذة. لكن أي دليل يمكن تقديمه للبرهنة على أن اللذة طيبة؟
• أقلية من الكائنات البشرية سوف توافق على أن تتحول إلى الحيوانات الدنيا، وذلك أملاً منها في الحصول على أكبر نصيب من اللذات الحيوانية.
• المنفعة لا تتضمن فحسب البحث عن السعادة، بل تجنب الشقاء أو التخفيف منه..
• الكثير يشعرون بالرضى في مقابل الحصول على القليل جداً من اللذة، كما أن بإمكان البعض منهم ترويض أنفسهم على كمية كبيرة من الألم والكثرة من الإثارة.
• ضئيلة تلك الضرورة التي تُلازم أي كائن بشري حتى يكون أنانياً صرفاً، وخالياً من أي شعور أو رعاية ما عدا ذلك الشعور أو الإهتمام الذي يكون مركزه الفردانية الخاصة..
• إنه لمن النبل أن نكون قادرين على التخلي كلياً عن نصيبنا من السعادة، أو عن جزء من حظنا في السعادة. لكن وفوق كل ذلك فلا بد أن تكون هذه التضحية بالذات من أجل بعض الغايات الأخرى..
• إن الأخلاق النفعية تعترف بقدرة الذوات البشرية على التضحية بأكبر خير لهم لما فيه خير الآخرين.
• إن التضحية التي لا تُنمي أو التي لا تسعى إلى تنمية المقدار العام للسعادة، تعتبر تضحية لا طائل يُرجى من ورائها.
• عليّ أن أعيد مجدداً-وهو نادراً ما اعترف به وبكل إنصاف لأعداء النفعية-إن السعادة التي تمثل المقياس النفعي لما هو خير في ما يتعلق بالسلوك ليست متمثلة في السعادة الخاصة للفاعل، بل هي متعلقة بسعادة الجميع.
• إن الجزاء الاقصى لكل أخلاق، بإستثناء الدوافع الخارجية، هو إحساس ذاتي يسكن فينا.
• إذا كان الإعتقاد في الأصل الترنسندنتالي للواجب الأخلاقي يُضيف نوعاً ما من النجاعة إلى العقاب الباطني، فيبدو لي أن المبدأ النفعي سبق له أن تفوق في ذلك عليه.
• وكما هو الأمر في إعتقادي الخاص، فإن المشاعر الأخلاقية ليست فطرية، بل هي مكتسبة بدون أن يمنع ذلك من إعتبارها طبيعية.
• إن الحياة الإجتماعية بين الأمثال لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تم إستيعاب ضرورة إعتبار كل المصالح الخاصة بالجميع مصالح متساوية.
• عندما يُصبِح الفكر البشري متطوراً، فإن التأثيرات ستكون في تزايد مطّرد، مما يدفع للتوليد لدى كل فرد شعوراً بالوئام مع الآخرين..
• إن المذهب النفعي هو المذهب الذي يعتبر السعادة مرغوب فيها. وأنها هي الشيء الوحيد المرغوب فيه كغاية، وأن كل الأشياء الأخرى لا نرغب فيها إلا بما هي وسيلة لهذه الغاية.
• وفقاً للنظرية النفعية لا تكون الفضيلة بصفة طبيعية ولا بصفة جزئية أصلية جزءاً من الغاية بل بإمكانها أن تصبح الغاية ذاتها. وبالنسبة لمن يحبونها بنزاهة فإنها أصبحت كذلك فهم يرغبون فيها ويحبونها كوسيلة للسعادة بل كجزء من سعاداتهم.
• العديد من الأشياء النزيهة، والتي يأتي بها البشر في الأصل من منطلق أي دافع كان فإنهم يستمرون في القيام بها بحكم العادة.
• إن الإرادة هي وليدة الرغبة ولا يمكنها الإفلات من سلطة الوالد إلا لتقع تحت سلطة العادة.
• إن ما يكون نتيجة العادة لا يمكن له أن يدعي أنه طيب في ذاته.
• يعتبر بصفة شاملة أنه من العدل أن يحصل كل شخص على ما يستحقه (سواء كان خيراً أو شراً) وأنه من الظلم أن يحصل على خير ما أو يتحمل شراً مادام لا يستحقه. هذا هو ،ربما ،أوضح وأبلغ شكل يمكن للتصور العام أن يدرك من خلاله مفهوم العدل.
• أن يكون لنا حق، هو فيما أعتقد، لأن نملك شيئاً ما يجب على المجتمع أن يدافع عن امتلاكنا له إلى حد ما، بحيث يسأل عن سبب هذا الوجوب فإني لا أستطيع ان أقدم له سبباً آخر غير المنفعة العامة.

----------------------------------------------------------------------
▬ إن المدرسة الأخلاقية الحدسية مثلها مثل ما يُسمى بالمدرسة الإستقرائية تصر على ضرورة القوانين العامة. فكلاهما يتفق على أن أخلاقية الفعل الفردي لا تختص بالإدراك المباشر، بل تخص تطبيق القانون على حالة فردية معينة. فكلاهما يميز إلى حد كبير أيضاً - نفس القوانين الأخلاقية، لكنهما يختلفان في الأدلة الخاصة بكل منهما والمصدر الذي تستمد القوانين منه سلطتها.صــ29

▬ إن كل ما يمكن تقديمه لجاهل يعتقد أن الذين يدافعون عن المنفعة كمقياس للخير والشر هو، استخدامهم للفظ في معنى ضيق وشائع، يجعل فيه المنفعة مقابلة للذة. إننا نقدم الإعتذار للمعارضين الفلسفيين للنفعية، وهو اعتذار يستحقونه على الأقل لما بدا من خلط مؤقت بين اللذة والمنفعة، وبما هو مزج ناجم عن سوء فهم خال من المعنى. والأغرب من ذلك، على خلاف التهمة المعاكسة، هو إتهامهم بإرجاع كل شيء إلى اللذة بأبشع صورها، إذ هي إحدى التهم العامة المرفوعة ضد النفعية. صــ35

▬ إن البشر يفقدون تطلعاتهم العالية لأنهم يفقدون اذواقهم الفكرية وذلك بسبب ضيق الوقت أو عدم توفر الفرص السانحة لهم بالتدليل عليها. فيدمنون على اللذات الحسية بسبب أنهم يفضلونها بعد المداولة، بل لأنها هي الوحيدة التي لديهم إمكانية الوصول إليها أو الوحيدة التي يُمكن الإستمتاع بها. صــ42

▬ في عالمٍ تسود فيه المصلحة بقدار هائل، وفي عالم زاخر بما يمكن التمتع به وفيه الكثير مما يمكن إصلاحه وتطويره، وفيه كل واحد يتمتع بكمية معتدلة من المتطلبات الأخلاقية والفكرية، هو عالم يمكن إعتبار الحياة فيه حياة يُحسد عليها. إلا إذا كان ذاك الشخص، ومن خلال قوانين سيئة أو خضوع لإرادة الآخرين قد فقد حرية إستخدام مصادر السعادة في متناول يده، فإنه لن ينزل إلى حد إعتبار هذه الحياة محسوداً عليها إذا ما تجنب الشرور الإيجابية للحياة، والمصادر الكبرى للشقاء المادي والمعنوي-كالفقر والمرض والقسوة والخصاصة، أو الفقدان المبكر لمواضيع يحبها. صــ48

▬ إن صدق الإعتقاد القائل بأن الله يرغب فوق كل إعتبار في سعادة مخلوقاته، هو ما كان غرضه من خلقها، فإن النفعية لن تكون فحسب نظرية دون إله، بل ستكون نظرية دينية في أعماقها وأكثر من أي نظرية أخرى. وإن قصد البعض أن النفعية لا تعترف بكون الإرادة الإلهية التي تم الوحي بها بما هي القانون الأعلى للأخلاق فإني أجيب، أن النفعي الذي يؤمن بالطيبة الكاملة والحكمة الإلهية هو يعتقد بالضرورة بأنه مهما كان قد تصوره الإله مناسباً للوحي به حول موضوع الأخلاق، يجب أن يناسب مقتضيات المنفعة في درجة أعلى. صــ58

▬ إن هذا النمط من تصورنا لأنفسنا، ولتصورنا للحياة الإنسانية يصبح أكثر فأكثر طبيعياً كلما تقدمت الحضارة. فكل خطوة في التطور السياسي تجعله طبيعياً أكثر، بفضل تغيير مصادر التقابل حول المنفعة، والمعادلة بين اللامساواة القائمة على إمتيازات شرعية، وبين الأفراد والطبقات، والإلتزام تجاه الفئات الواسعة من البشر التي لا تزال سعادتها مهملة. عندما يصبح الفكر البشري متطوراً، فإن التأثيرات ستكون في تزايد مطرد، مما يدفع للتوليد لدى كل فرد شعوراً بالوئام مع الآخرين، وهو شعور لو كان كاملاً لما جعله أبداً يفكر في أي وضع يكون لصالحه الخاص أو حتى يرغب فيه دون أن يأخذ فيه بعين الإعتبار مصلحة الآخرين. صــ74

▬ إن الدليل الوحيد الذي نكون قادرين على تقديمه حول كون موضوع ما هو مرئي هو أن الناس بالفعل يرونه، عن الدليل الوحيد على كون صوت ما هو مسموع هو أن الناس يسمعونه، وهكذا يكون الحال بالنسبة لكل المصادر الأخرى لتجربتنا. وفي إعتقادي وبنفس الطريقة فإن الدليل الوحيد الذي يمكننا تقديمه على أن شيئاً ما مرغوب فيه هو أن الناس يرغوب فيه بالفعل. فإن كانت الغاية التي تقدمها النظرية النفعية لنفسها غير معترف بها لا نظرياً ولا عملياً، بما هي غاية فلا شيء يقدر على إقناع أي إنسان على أنها كذلك. فلا يمكننا تقديم أي علة نبرز بها سبب جعل السعادة العامة موضوع رغبة. إلا بإستثناء (الحالة) التي يرغب فيها كل شخص في سعادته الخاصة، وذلك على مدى إعتقاده في إمكانية إداركها. صــ78

▬ أولئك الذين يرغبون في الفضيلة لذاتها فحسب هم يرغبون فيها أيضاً لأن الوعي بها هو لذة، أو لأن الوعي بعدمها هو ألم أو للسببين مجتمعين معاً، فمثلما هو الحال بالنسبة للحقيقة فإن اللذة والألم نادراً ما يوجدا منفصلين، بل هما دائماً موجودين معاً، فنفس الشخص يشعر باللذة بحسب درجة الفضيلة التي تحققت، ويشعر بالألم بسبب عدم إداركها بدرجة أرفع، فإن لم توفر له إحداهما أية لذة، والأخرى أي ألم فإنه لن يحب الفضيلة، ولن يرغب فيها، أو أنه ربما لا يرغب فيها إلا بحثاً عن منافع أخرى بإمكانها أن توفرها له، أو توفرها للذين يكونون تحت رعايته. صــ82

▬ فلنأخذ بعين الإعتبار الشخص الذي ليس له إرادة ثابتة لفعل الخير، بل ذاك الذي تكون إرادته لفعل الخير مازالت ضعيفة ومازالت تحت وطأة الإغراء، والتي لا يمكننا الإعتماد عليها. فبأي الوسائل يمكننا تقويتها؟ كيف يمكن زرع إرادة فاضلة عندما تفتقر لقوة كافية فيها؟ وكيف يمكن إيقاظها؟ لا يكون ذلك إلا بجعل الشخص يرغب في الفضيلة بجعله يفكر فيها في صورة ممتعة، ويرى في غيابها صورة مؤلمة، يتم ذلك بالربط بين فعل الخير واللذة وفعل الشر والألم، أو بجعله يكتشف وينطبع وتستدرج ضمن تجربته الشخصية اللذة الموجودة في الواحدة أو الألم الموجود في الأخرى. وهذا ما يُسمى بتقوية الإرادة حتى تصبح فاضلة، وعندما يتحقق ذلك فإنه يأتي بالفعل دون تفكير لا في اللذة ولا في الألم. إن الإرادة هي وليدة الرغبة ولا يمكنها الإفلات من سلطة الوالد إلا لتقع تحت سلطة العادة. إن ما يكون نتيجة العادة لا يمكن له أن يدعي أنه طيب في ذاته، فلن يكون هناك أي داعٍ لنتمنى أن يصبح هدف الفضيلة مستقلاً عن اللذة والألم، عندما لم تكن الترابطات الممتعة أو المؤلمة والدافعة للفضيلة مؤيدة من طرف العادة. فإننا لا نقدر على التعويل الكافي على هذا التأثير ليكسب الفعل ثباتاً لا يزعزعه أي شيء منيع. صــ85 : 86


▬ يبقى العدل هو الإسم المناسب لنوع من المنافع الإجتماعية التي هي أشد وأوسع أهمية وبالتالي أشد إطلاقاً، وأشد إلزاماً من أي منافع أخرى بما هي قسم منها (وإن ليس بالقدر الذي يمكن للأخرى أن تكون عليه في الحالات الخاصة). وهي إذا التي يجب أن تكون طبيعية بالقدر الذي تكون فيه محمية من طرف شعور لا يكون مختلفاً عن الشعور الأكثر إعتدالاً الذي يرتبط بالفكرة المجردة لتنمية ما يلذ للبشر وما يناسبهم بفضل الطبيعة القطعية لأوامره وبفضل كذلك الطابع الأشد حدة لعقابه. صــ120

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق