Pages - Menu

الأربعاء، 12 يونيو 2013

محاورة جورجياس (أفلاطون & محمد حسن ظاظا)


• يقول جورجياس في كتاب "اللاوجود" أنه لا يوجد شيء، وإذا وُجِد فلا سبيل إلى معرفته، وإذا أمكن أن يعُرف فلا سبيل إلى إيصاله للغير.
• يقوم النقاش في المحاورة على أربعة أشخاص، ثلاثة ممثلون البيان، وهم جورجياس وبولوس وكالكليس، وهم ينضمون إلى المناقشة كل بدوره، وأمامهم سقراط.
• أفدح الشرور هو إرتكاب الظلم، وليس هناك من خير إلا ما كان عادلاً. (سقراط)
• هل يُمكن للظالم أن يكون سعيداً؟
• ما هي العلاقة بين العدالة والسعادة؟
• نظرية كاليكليس: الطبيعة والقانون: إن القوة هي، في مجال الطبيعية، القانون الأعلى، ويجب أن ينال الأقوى النصيب الأكبر، والفلسفة عاجزة عن فهم ذلك، وهو يدعو سقراط لأن يتخلى عن الفلسفة لوقف نفسه على السياسة.
• البيان هو فن الأقوال. (جورجياس)
• ما من موضوع إلا ويستطيع من يعرف البيان أن يتحدث فيه أمام الجمهور بطريقة أكثر إقناعاً مما يستطيعه صاحب حرفة أياً كانت. ذاك هو البيان وما يستطيع. (جورجياس)
• يعتبر سقراط بأن (البيان (أي الذي يمتهنه جورجياس وأمثاله)) ليس فناً، لكنه نوعاً من التجربة، وغايته اللذة والإنشراح .. مثله مثل (الطهي) فهو - في رأيه - ليس بفناً، لكنه يُنتج اللذة والمتعة والإنشراح. فيُمكن تقديم وجبة على أنها مفيدة للصحة، وهي ليست كذلك .. وأن البيان هو جزء من التملق.
• إن الخطباء والسوفسطائيين يختلط حابلهم بنابلهم، وفي المجال نفسه، وحول الموضوعات نفسها، بحيث لا يعرفون هم انفسهم ما هي وظيفتهم على وجه الحقيقة، وكذلك الناس الآخرون فإنهم لا يعرفونها على وجه الحقيقة. (سقراط)
• إن أمثلة الأمس واليوم كافية لأن تقنعك بالخطأ، ولأن تبرهن لك على أن الظالم سعيد في الغالب. (بولوس)
• إرتكاب الظلم أقبح من تحمله، ولكن تحمل الظلم أكثر رداءة (ضرراً) من إرتكابه. (بولوس)
• يخطي من يدعي ان السعداء هم أولئك الذين ليسوا في حاجة إلى شيء. (سقراط)
-------------------------------

▬ وكاليكليس هذا من ناحية أخرى، رجل مجهول، إنه بلاشك شخص خيالي من إبتداع أفلاطون، تتجسد فيه جملة بأسرها من النظريات أو الميول التي كان أفلاطون يراها تنمو حوله في مجتمع أثينا، وهو مصور على أنه رجل لا يزال في شبابه، وعلى أنه مواطن ثري وطموح يتوق لأن يسهم بنصيب في الساسية، ويستعد لذلك بالإصغاء إلى السوفسطائيين الأجانب الذين يستقبلهم في منزله. ويعامله سقراط معاملة على جانب من المثابرة، ولكن كاليكليس الذي ينفذ صبره ويغضب ويتظاهر بأنه يريد أن يقطع الحديث، يخضع مع ذلك لإلحاح جورجياس ويناقش حتى النهاية بحسب الظاهر، وبسوء مزاج يثير الضحك بعض الشيء، ومن هنا كان في المحاورة أربعة أجزاء متميزة لكل منها غرضه المحدود وكل منها ينتهي إلى نتيجة جزئية. صــ14

▬ وإنه لأمر عجيب أن نرى السهولة التي يهدم بها - أي سقراط - حجة كاليكليس الكبيرة التي تقول: إن القانون، وهو من عمل الضعفاء ضد الأقوياء، والخراف ضد الأسود، يتعارض مع الطبيعية التي تريد غلبة الأسود على الأقوياء. يقول سقراط: إنه إذا ما كان الضعفاء قد فرضوا قانونهم على الأقوياء فهم إذن الأقوى في الواقع. ويكون القانون والطبيعة حينئذ متفقين، ويريد كاليكليس بتمييزات يشرحها سقراط ويهدمها الواحد تلو الآخر. صــ20
-------------------------------

▬ - سقراط: فأتمم إذن إجابتك على سؤالي، ما دام البيان أحد الفنون التي تجعل للكلام المكانة الأولى، وما دامت هناك فنون أخرى تحذو حذوها، فبين لي الموضوع الذي يتصل به ذلك الفن الذي يحقق مهمته بالكلام، والذي تسميه البيان. ذلك أنه إذا سألني أحدهم عن أحد هذه الفنون التي أحصيها، وقال : ما هو علم الحساب العددي يا سقراط؟ فإني سأجيبه كما أجبت أنت منذ لحظة أنه أحد الفنون التي تتحقق غايتها بالكلام .. فإذا راح يسألني ثانياً : ولكن بالنسبة إلى أي موضوع ؟ فإني أجيبه بالنسبة إلى العدد الزوجي والعدد الفردي، مهما كان مقدار كلاً منهما، وإذا وجه إليّ بعضهم بعد ذلك هذا السؤال: ما هو الحساب؟ فإني أجيب أنه بالمثل أحد الفنون التي تعمل بالكلام .. وإذا ما قيل لي وعلى اي الموضوعات ينصب ؟ فسأجيب كما يقول محررو المراسيم: ليس هناك إختلاف بين الحساب والحساب العددي (أي بين علم الحساب وفن الحساب)، وذلك أن الحساب العددي يتناول كذلك الزوج والفرد، ولكن الخلاف بينه وبين الحساب ينحصر على وجه التحديد في أنه يقيس المقادير المتعلقة بالزوج والفرد. آنا في ذتها آنا في علاقتها بعضها ببعضها الآخر. وإذا سألني عن علم الفلك فإنني سأبدأ بقولي أنه أيضاً يحقق غايته بالكلام وحده. فإذا ما أضاف ما هو موضوع أحاديث هذا العلم: أجبت بأنه سير الكواكب والشمس والقمر والسرعة النسبية لحركاتها.
- جورجياس: وستكون إجابة بارعة للغاية يا سقراط.
سقراط: حسن ويأتي دورك الآن يا جورجياس. إن البيان فيما قلنا هو أحد الفنون التي تستخدم الكلام وحده لتحقيق وإنجاز مهمتها. اليس ذلك صحيحاً ؟
- جورجياس: بلى أنه صحيح جداً.
- سقراط: أخبرني الآن إذن على أي الموضوعات تنصب أحاديثه ؟ وما هو الشيء من بين كل الأشياء الموجودة الذي يتألف منه موضوع البيان؟
- جورجياس : إنه يا سقراط أعظم وأفضل الأمور الإنسانية.
- سقراط: ولكن هذا الذي تقول يا جورجياس إنما هو موضوع المناقشة. وما زال يفتقر تماماً للدقة. ولا شك أنك سمعت في الولائم هذه الأغنية، التي تقول معددة خيرات الحياة: أن أول هذه الخيرات جميعاً هو الصحة، وأن ثانيها هو الجمال، وثالثهما ينحصر حسب قول مؤلفها - في الثروة المُكتسبة بغير إستغلال.
- جورجياس: إنني أعرفها بالتأكيد. ولكن ماذا ترمي إليه من وراء ذلك ؟
- سقراط: أرمي إلى حملك على ملاحظة أنك ستثير ضدك كل من ينتجون هذه الخيرات التي تمدحها الأغنية. وأعني بهم الطبيب، ومدرب الألعاب، ورجل المال. وسيبدأ الطبيب قائلاً : إن جورجياس يخدعك يا سقراط، إذا ليس فنه هو ما يجلب للإنسان أعظم الخيرات، بل هو فني، فإذا ما قلت له: ومن أنت حتى تتكلم على هذا النحو؟ فإنه سيجيب، فيما أظن، أنه طبيب. وإذا ما سألته ماذا تقصد ؟ إنتاج فنك هو أعظم الخيرات ؟ وستكون إجابته دون شك: وكيف لا يكون أعظم الخيرات مادام هو الصحة؟ وأي شيء أثمن عند الإنسان من صحة جيدة؟ وسيأتي بعد ذلك مدرب الألعاب، ويقول لي، وسأكون أنا أيضاً في غاية التعجب والدهشة يا سقراط إذا إستطاع جورجياس أن يٌبرهن لك على أنه ينتج بفنه خيراً أعظم من الخير الذي أُنتِجه بفني. وسأقول له أيضاً من أنت وماذا تُنتج؟ وسيقول أنني مدرب ألعاب، وعملي هو جعل أجسام الناس جميلة وقوية. وسيأتي بعد ذلك المدرب فيما أتخيل، رجل المال، وهو يفيض إحتقاراً للآخرين. وسيقول لي بدوره أنظر يا سقراط إذا كنت تستطيع أن تجد لدى جورجياس أو أي إنسان آخر خيراً أعظم من الثروة؟ وسأقول له عجباً أفأنت منتج الثورة؟ وسيقول نعم، وسأساله بأية صفة ؟ وسيجيب أنه ينتجها بوصفه رجل أعمال. وعلى ذلك سنقول له: أتعتبر الثروة بالنسبة للإنسان على رأس الخيرات؟ وسيكون جوابه "بلا أدنى شك" ، وسنقول ه: ولكن ها هو جورجياس يحتج بأن فنه خيراً أعظم بكثير من فنك، وسيأسلك ما هو هذا الخير ؟ على جورجياس أن يوضح!! فإفترض يا جورجياس أني و أولئك قد سألناك في وقت واحد هذا السؤال: عرفنا أي شيء ذلك الذي تزعم أنه أعظم خيرات الإنسان. وأنك تحترف إنتاجه.
- جورجياس: إنه في الواقع الخير الأسمى، ذاك الذي يمنح الحائز عليه الحرية بالنسبة لنفسه، والسيادة على الآخرين في وطنه.
- سقراط: ولكن ما تعني في النهاية بذلك؟
- جورجياس: إني أعني القدرة على إقناع المرء بواسطة الحديث القضائي في محاكمهم، والشيوخ في مجلسهم، وفي الجمعية الشعبية، وكذلك في كل إجتماع آخر، يجتمع فيه المواطنون، وتستطيع بهذه القدرة أن تسخر كلاً من الطبيب ومدرب الالعاب، أما بالنسبة لرجل المال الشهير فسيدرك الناس أنه لا يكدس المال من أجل نفسه، بل من أجل الغير ، من أجلك أنت الذي تعرف كيف تتكلم، وكيف تُقنع الجماهير.
- سقراط: يبدو لي الآن يا جورجياس أنك حددت بقدر الإمكان أي فن هو البيان في رأيك، وإذا كنت قد فهمتك جيداً، فأنت تؤكد أن البيان عامل إقناع، وأن كل جهده يتجه إلى ذلك، وينتهي عنده. أترى شيئاً آخر يمكن أن تنسبه إليه غير هذه القدرة على توليد الإقناع في نفوس السامعين؟
- جورجياس: أبداً يا سقراط. ويلوح أنك حددته تماماً، لأأن هذه هي صفته الجوهرية. صــ38 : 40

▬ - سقراط: حسن، وفيما يتعلق بالبيان قل لي - أهو وحده الذي يُنتج الإقناع؟ أم ثمة فنون أخرى تنتجه أيضاً ؟ اني أوضح الأمر، فأقول : مهما نعلم أمر من الأشياء، فاننا نقنعه بما نعلمه اياه، أحق ذلك أم لا ؟
- جورجياس: إننا نقنعه بما نعلمه إلى أعلى درجة يا سقراط.
- سقراط: فلنعد إلى الفنون التي كنا نتكلم عنها منذ هنيهة. ألا يعلمنا علم الحساب ما يتصل بالأعداد وكذلك معلم الحساب ؟
- جورجياس : بالتأكيد.
- سقراط: إذم فهو يقنعنا أيضاً.
- جورجياس: نعم.
- سقراط: فالحساب إذن هو أيضاً عامل إقناع.
- جورجياس: هذا واضح. صــ42

▬ - سقراط: والآن أقترح عليك أن تُميز بين نوعين من الإعتقاد. أحدهما ذلك الذي يُنتج الإعتقاد دون علم. والآخر ذلك الذي يكسب العلم فحسب ؟
- جورجياس: تماماً.
- سقراط: وإذا سلمنا بذلك، فأي إقناع ذلك الذي يُنتجه البيان أمام المحاكم والجمعيات فيما يخص العدل والظلم؟؟ أهو ذلك الذي يُنتج العقيدة المجردة من العلم؟ أم ذلك الذي يُنتج العلم؟
- جورجياس: واضح يا سقراط أنه ذلك الذي تَنتج عنه العقيدة.
- سقراط: وإذن هل البيان بهذا الإعتبار في موضوع العدل والظلم عامل إقناع عقيدة لا عامل إقناع علم ؟
- جورجياس : نعم. صــ44

▬ - جورجياس: يجب أن نستعل البيان وفقاً للعدالة مثلما نستعمل الأسلحة الاخرى، فإذا صار أحدهم ماهراً في البيان واستعمل بعد ذلك قوته في فعل الشر، فليس هو في رأيي الأستاذ الذي يستحق أن نلومه وننفيه، لأأنه علم فنه بقصد أن يُستعمل إستعمالاً عادلاً، وإنما التلميذ هو الذي أساء على العكس إستعماله. فالجدير إذن بالكره والنفي والموت هو من يستعمله إستعمالاً ضاراً وليس الأستاذ. صــ47

▬ - سقراط: وهكذا فإن جاهلاً يتحدث أمام جهلة هو الذي يتغلب على العالم، عندما ينتصر الخطيب على الطبيب، هل الأمر على خلا ذلك ؟ - جورجياس : إنه كذلك في هذه الحالة على الأقل.
- سقراط: وسيكون للخطيب والبيان هذه الميزة نفسها بدون شك إزاء الفنون الأخرى كذلك. إذ أن البيان لا يحتاج إلى معرفة الحقائق عن الأشياء، وحسبه أن يخترع طريقة ما للإقناع يظهر بها أمام الجهلة أكثر علماً من العلماء.
- جورجياس: أليس من السهل سهولة مدهشة يا سقراط، أن نستطيع بدون أية دراسة للفنون الأخرى أن نكون بفضل البيان وحده متساوين مع جميع المتخصصين؟ صــ50

▬ بولوس: ما معنى ذلك سقراط؟ أعتبر الآن عن حقيقة رأيك في البيان؟ أتتصور أن جورجياس حين ملكه الحياء وسلم لك بأن الخطيب يعرف العدل والجمال والخير، عندما اضاف أنه سيعلم هذه الأشياء بنفسه لمن يحضر إليه، دون أن يكون قد تعلمها من قبل، وأن ما إستطاع بسببه ذلك التصريح بعد ذلك من بعض التناقض الظاهري في الإستدلال، وهو ما تبتهج له دائماً - قد مكنك من إيقاعه في الشرك بواسطة أسئلتك ؟ ولكن من الذي ينكر دائماً أنه يعرف العدل ويستطيع أن يعلمه للآخرين؟ إن هذه الطريقة في توجيه المناقشة لا تليق بأُناس مهذبين!
- سقراط: أيها الظريق بولوس، تلك هي الخدمة التي تنتظرها من أصدقائنا وأولادنا. إنكم هنا أيها الشباب لكي تقوموا أعمالنا وأقوالنا، عندما تتقدم بنا السن وتزل القدم، وأنت في هذه اللحظة تأتي في الوقت المناسب لتصحيح ما عسى أن تكون، جورجياس وأنا، قد وقعنا فيه من خطأ في إستدلالاتنا. وأنا من ناحيتي على تمام الإستعداد - إذا ما وجدت ما نؤاخذ عليه في أحد تأكيداتنا - لأن اتناولها من جديد وفقاً لرغبتك، وإنما بشرط واحد.
- بولوس: أي شرط؟
- سقراط: يجب يا بولوس أن تحد من هذا الإسهاب في الحديث الذي بدأت به لتبرهان.
- بولوس : كيف ؟ ألا يكون لي الحق في أن أتكلم بقدر ما أشاء ؟  صــ53

▬ - بولوس: وهكذا فالبيان إذن تملق في رأيك؟
- سقراط: قلت: إنه جزء من التملق، ألا تتذكر ذلك، وأنت في هذه السن يا بولوس؟ وماذا يكون شأنك إذن في الغد؟
- بولوس: أتعتقد إذن أن الخطباء المجيدين محتقرون في المدن كمتملقين؟
- سقراط: اذاك سؤال توجهه إليَّ أم بداية حديث؟
- بولوس: إنه سؤال.
- سقراط: حسن، فأنا أعتقد أنهم غير محترمين لا بهذا النحو ولا بنحو آخر.
- بولوس: هل تقصد أن الإنسان لا يكترث بهم؟ ولكن أليس لهم سلطان قوي في الدولة؟
- سقراط: كلا إذا ما قصدت بالسلطان شيئاً هو خير لمن يمتلكه.
- بولوس : ذاك ، في الواقع ، هو رأيي.
- سقراط: حسن - وأنا أرى ان الخطباء أقل المواطنين سلطاناً.
- بولوس: وكيف ذلك؟ ألا يستطيعون كالطغاة ان يقتلوا من يريدون وأن يسلبوا وينفوا من يريدون؟
- سقراط: إني لأسأل نفسي وحق الكلب، يا بولوس عند كل كلمة تقولها، هل كلامك يخصك ويعبر عن رأيك الخاص، أو هل تسألني؟
- بولوس: من المؤكد أنني أسألك.
- سقراط: ليكن، انك تضع لي يا صديقي سؤالاً مزدوجاً.
- بولوس: مزدوجاً؟ وكيف ذلك؟
- سقراط: ألم تقل لي ضبطاً، أو تقريباً: أن الخطباء يقتلون من يشاءون، كما يفعل الطغاة، وينهبون من يريدون؟
- بولوس: بلى.
- سقراط: حسن، وأقول أن ذلك يطرح سؤالين مختلفين، وسأجيبك عن كل منهما، أني أؤكد لك من هنيهة، ذلك أنهم لا يعلمون شيئاً، إن صح القول، مما يريدون ، ومع كل فأنا أسلم بأنهم يعلمون ما يلوح لهم أنه الأفضل.
- بولوس: حسن - أليس ذلك بمثابة أن يكونوا أقوياء؟
- سقراط: كلا حسب الإعتراف الخاص ببولوس.
- بولوس: أنا؟ هل إعترفت بذلك؟ أنني أؤكد نقيض ذلك تماماً.
- سقراط: ذلك خطأ مادمت تؤكد أن القوة العظمى خير لمن يمتلكها.
- بولوس: نعم أني أؤكد ذلك.
- سقراط: أتعتقد إذن أن من الخير للمرء أن يفعل ما يبدو له أنه الأفضل، إذا كان مجرداً من العقل ؟ وهل تعد إنساناً على ذلك النحو بالغ القوة ؟
- بولوس : كلا.
- سقراط: إنك ستبرهن لي حينئذ ومن غير شك على أن الخطباء يتمتعون بعقول راشدة، وعلى أن البيان فن وليس بتملق على عكس رأيي. أما إذا تركت تأكيدي قائماً فلن يكون الخطباء هم الذين يعملون ما يروق لهم في الدولة، ولن يكون للطغاة بفضل قوة مركزهم خير ما. ومع كل فالقوة في رأيك خير. بينما فعل الإنسان ما يشاء عندما يكون مجرداً من العقل شر، حسب إعترافك. أليس كذلك؟
- بولوس: بلى.
- سقراط: وكيف إذن يكون الخطباء والطغاة جد أقوياء في الدولة إذا لم يرغم بولوس سقراط على الإعتراف بأنهم يفعلون ما يريدون ؟
- بولوس: إن هذا الرجل...
- سقراط: أنا أزعم أنهم لا يفعلون ما يريدون فبرهن لي على العكس.
- بولوس: ألم توافق منذ لحظة على أنهم يفعلون ما يبدو لهم أنه الأحسن؟
- سقراط: وما زلت أوافق على ذلك.
- بولوس: ألا يفعلون إذن ما يريدون؟
- سقراط: أنكر ذلك.
- بولوس: وهل تنكره عندما يفعلون ما يشاءون.
- سقراط: نعم.
- بولوس: إنك لتقول يا سقراط كلاماً شنيعاً يُرثى له.
- سقراط: لا تكن لاذعاً يا عزيزي حتى تكلم على طريقتك. انك إذا كنت قادراً على أن تسألني فبرهن لي على خطأ رأيي، وإلا فأجب أنت نفسك على أسئلتي.
- بولوس: إنني لا أطلب أفضل من إجابتك حتى يتضح لي في النهاية ما تقصد. صــ59 : 61

▬ - بولوس: أيكون إرتكاب الظلم افدح الشرور، ولا يكون تحمله أسوأ من إرتكابه؟
- سقراط: كلا على الإطلاق.
- بولوس: وإذن فأنت تفضل تحمل الظلم على إرتكابه؟
- سقراط: إني لا ارغب في هذا أو ذاك. ولكن إذا ما أُضطررت للإختيار بين إرتكاب الظلم وإحتماله فإني أفضل الإحتمال.
- بولوس: وإذن فأنت لا تقل أن تكون طاغية؟
- سقراط: كلا، إذا كنت تعرف الطغيان كما أعرفه. صــ65

▬ - سقراط: أو لم نقل: ان من يلق جزاءه ويكفر عن سيئاته وخطيئته يتخلص من أفدح الأضرار وهو الشر؟
- بولوس: بلى.
- سقراط: إن العدالة بهذا النحو تجعلنا في الحق أكثر حكمة وعدلا، وان إقامة الحق على هذا النحو يلزم المرء أن يصبح أكثر تعقلا وعدلاً. وإن العدالة طب لشر النفس.
- بولوس: نعم.
- سقراط: وهكذا فإن أسعد الناس إذن هو ذلك الذي تخلو نفسه من الضرر، لأن ضرر النفس كما قُلنا، هو أفدح الأضرار.
- بولوس: بالتأكيد.
- سقراط: وفي المرتبة الثانية يأتي من تخلصت نفسه من الشر.
- بولوس: نعم.
- سقراط: وهكذا فإن من يحتفظ بظلمه بدلاً من أن يتخلص منه هو اشقى الناس.
- بولوس: يلوح أن ذلك مؤكد. صــ81

▬ - سقراط: وماذا كان موضوع حوارنا الخاص؟ لقد كان يدور حول أرخيلاوس، فقد كنت تقرر أنه سعيد، لأنه أفلت من كل عقاب على الرغم من جرائمه الشنيعة، بينما زعمت أنا على العكس، أن أرخيلاوس أو كل من عداه، إذا لم يُعاقب على جرائمه، فإنه يكون محكوماً عليه بذلك نفسه، أي بأن يكون أشقى الناس، والمجرم دائماً أشقى من ضحيته، والمجرم غير المُعاقب أشقى من ذلك الذي يلقى جزاء خطيئته. أليس ذلك هو ما كنت أقوله؟
- بولوس: بلى.
- سقراط: وقد ثبت إذن أني كنت على حق؟
- بولوس: يلوح هذا. صــ83

▬ - كاليكليس: أخبرني يا شيريفون، أترى سقراط جاداً فيما يقول أم هو يسخر؟
- شيريفون: يلوح لي يا كاليكليس أنه جاد كل الجد. ولكن الأفضل أن نسأله.
- كاليكليس: أني لاتحرق شوقاً وحق الآلهة، أخبرنا يا سقراط، أيجب أن نعتقد انك تجد أم تهذر؟ ذلك أنك إذا كنت تتكلم بجدية، وكان كل ما تقوله حقاً، فلن تكون كل حيتاتنا الإنسانية إلا مقلوبة رأساً على عقب. ويبدو أننا لا نعمل إلا بعكس ما ينبغي.
- سقراط: [...] وحق الكلب إله مصر يا عزيزي كاليكليس، أن يعيش كاليكليس في وفاق مع نفسه، وألا يظل في نشاز دائم معها، وأنا أفضل من ناحيتي يا صديقي أن استخدم قيثارة غير متوافقة الأوتار، وكلها نشاز، أو أن أكون رئيساً لفرقة مغنيين غير منتظمين، أو ان أجد نفسي غير متفق ومعارض لجميع الناس، عن ان أكون مختلفاً مع نفسي وحدها ومعارضاً لها!!. صــ86

▬ كاليكليس: [.....] فصدقني يا عزيزي، واترك حججك الركيكة (كان ينصحه من قبل بأن يترك الفلسفة ويشغل نفسه في شيء آخر)، ومارس فنوناً أعز لدى آلهات الشعر، واشغل نفسك بتمرينات جديرة بأن تُضفي عليك شهرة الرجل الحكيم. "ودع كل هذا الظرف للآخرين". ذلك الظرف الذي لا أعلم إن كان يسمى بلاهة أو حماقة. "والذي سيقودك إلى السكنى في منزل خال". وليكن مثلك الأعلى أولئك الذين إستطاعوا أن يحصلوا على الحظ والشهرة وكثير من الخيرات الأخرى، لا أولئك المتناقشين فيما لا طائل تحته. صــ92

▬ [...] - كالكليس: لن يكف هذا الرجل أبداً عن قول الترهات: ألا تخجل يا سقراط وأنت في هذه السن من أنك تترقب غلطات الكلام، بحيث إذا حدث وإستبدل المرء لفظاً بآخر، تغنيت بالنصر؟ أتظن أنني أميز بالمصادفة بين الأكثر سلطاناً والأحسن؟ ألم أكرر لك مراراً أن الأفضل والأكثر سلطاناً هما لفظان مترادفان...
- سقراط: ليكن أيها العلامة كالكليس هذا هو ما كنت أقصده.
- كالكليس: بالضبط.
- سقراط: حسناً يا عزيزي فلقد كنت من ناحيتي، ومنذ زمن طويل، مفترضاً أن ذلك هو رأيك معنى العبارة "الأكثر سلطانا" ولقد دفعتني إلى الإلحاح في سؤالك رغبتي القوية في أن اعلم رأيك بغير لبس، ومن الواضح حقاً أنك لا ترى أن رجلين أفضل من واحد، أو أن عبيدك أفضل منك لأنهم أقوى، ولكن مادامت كلمة أفضل ليست في نظرك مرادفة لكلمة الأقوى، فلنتناول الأمور مرة أخرى من البداية، وقل لي ماذا تعني بالأفضل، وارجوك فقط أن تكون أكثر هدوءاً في تعاليمك حتى لا تضطرني للإنقطاع عنها.
- كالكليس: إنك تسخر مني يا سقراط.
- سقراط: لا تعتقد ذلك أبداً يا كالكليس. واني لأستشهد بزيتوس الذي استعرت منه منذ لحظة الشخصية التي سخرت بها مني كما يروق لك، فلنر إذن من هم الذين تدعوهم بالأفضل.
- كالكليس: انهم هم الأكثر قيمة.
- سقراط: ألا ترى أن هذه أيضاً مجرد ألفاظ، وأنك لا تفسر شيئاً ؟ هل تتفضل بأن تقول لي إذا كان هؤلاء الذين تدعوهم بالأفضل وبالأكثر سلطاناً هم الأكثر حكمة أم هم قوم آخرون؟؟
- كالكليس: إنه لم المؤكد تماماً وحق زيوس أنني أقصد الكلام عن هؤلاء بغير أدنى شك.
- سقراط: وإذن فكثير ما يكون - تبعاً لرأيك - إنسان واحد عاقل أقدر من آلاف من أناس غير راشدي العقل، وذاك هو الذي يحق له أن يحكم، بينما على الآخرين أن يُطيعوا، وان ينال الذي يحكم أكبر نصيب، أو يلوح لي أن ذلك هو رأيك تماماً؛ لأني لا أرقب هذه الكلمة أو تلك. وأنت تقول: إن فرداً واحداً أكثر سلطاناً من آلاف.
- كالكليس: نعم بالتأكيد - فهذا بالضبط ما أريد ان أقول. والحق بالنسبة للطبيعة فيما أرى هو أن الأحسن والأعقل يسيطر على المنحطين ويحصل على النصيب الأكبر.
- سقراط: قف هنا، بماذا تُجيب الآن على السؤال الآتي؟ هب أننا مجتمعون في مكان واحد كما نحن هنا، ونحن كثرة، وأن معنا غداء وشراباً كثير للجماعة، وأننا فضلاً عن ذلك نمثل كل نوع، فمنا الأقوياء، ومنا الضعفاء، وأن بيننا من هو بحكم عمله كطبيب أدرى بهذه الأمور من غيره، مع أنه أضعف بالطبيعة من البعض، وأقوى من البعض الآخر، أليس واضحاً أن هذا الطبيب بحكم أنه أكثر معرفة منا جميعاً - يكون في هذا الظرف الأفضل والأقوى؟
- كالكليس: بالتأكيد.
- سقراط: أترى أنه يجب أن يأخذ إذن أكبر نصيب من العذاء نظراً لأنه الأفضل، أو لا يجب عليه كرئيس أن يقوم بتوزيعه؟ ولكن أيجب بصدد إستهلاك الفرد والأخذ بنصيبه منه ألا يحتفظ لنفسه بأكثر من نصيب الآخرين خشية أن يُصيبه ذلك بتعب، بينما قد يحصل البعض على أكثر منه، والبعض الآخر على أقل منه؟؟، وإذا كان هو بالمصادفة اضعفهم، فإن الأفضل يا كالكليس ينال الأقل، أليس هذا ما سيحدث يا عزيزي؟
- كالكليس: إنك تحدثنا عن الغذاء والشراب والأطباء وآلاف الحماقات، وأنا لا أتكلم عن هذا.
- سقراط: مهما يكن من شيء، هل ما تدعوه بالأفضل هو الأكثر حكمة؟ نعم أو لا ؟
- كالكليس: نعم بالتأكيد.
- سقراط: ألا تقول: إن الأفضل يجب أن يحصل على نصيب أكبر ؟
- كالكليس: بلى، ولكن لا في الغذاء والشراب.
- سقراط: لقد فهمت .. ولكن ربما كان ذلك في الملابس، أيجب أن يحصل أمهر الناس في النسيج على أوسع المعاطف، وان يستعرض في المدينة أكثر الملابس واجملها.
- كالكليس: ما هذا الذي تقوله عن الملابس؟
- سقراط: وبالنسبة للأحذية، واضح أن أكبر نصيب يجب أن يكون من حق اذكى الصناع وافضلهم في هذه الأمور، وربما كان على هذا الاسكاف أن يطوف بأحذية أكثر وأكبر من أحذية الآخرين.
- كالكليس: وما حاجتنا أيضاً إلى هذه الأحذية ؟ انك لتسوق حماقة تلو الأخرى.
- سقراط: إذا كنت لا تريد ان نتحدث عن هذه الأشياء فلعلك تريد التحدث عن أشياء أخرى كمزارع مثلاً على دراية بأمور الأرض وصالح حرفته، إذ ربما يكون هو الذي يجب أن يحصل على أكبر نصيب من البذور، ويستعمل منها أكبر كمية في حقوله الخاصة.
- كالكليس: كم تكرر دائماً الأشياء يا سقراط!
- سقراط: ليس فقط الأشياء نفسها يا كالكليس، ولكن الموضوعات نفسها.
- كالكليس: وحق جميع الآلهة أن اقوالك تذخر بذكر الاسكافية والكوانين والطهاة والأطباء.
- سقراط: ألا تريد أن تقول لي أخيراً في أي نوع من الأمور يمنحنا التفوق في القوة والحكمة نصيباً أكبر من نصيب الآخرين؟ أترفض في وقت واحد الإصغاء إلى إقتراحاتي والكلام بنفسك ؟
- كالكليس: انني لا أقوم إلا بالكلام منذ وقت طويل، وحينما تكلمت باديء ذي بدء عن ذوي السلطان فإني لم أكن أقصد بذلك الاسكافية والطهاة، ولكني أقصد أولئك الذين يتجه بهم ذكاؤهم نحو شئون الدولة يحسنوا الحكم فيها، وهم ليسوا بالأذكياء فحسب، ولكنهم شجعان أيضاً وقادرون على تنفيذ ما يتصورون، ولا يتراجعون لضعف في نفوسهم أمام صعوبة مهمتهم.
- سقراط: أترى أيها البارع كالكليس كم يختلف ما أوجه لك من لوم عما توججه لي. انك تزعم أنني أردد الأشياء نفسها. وأنت تلومني على ذلك. وأنا على العكس أوجه لك اللوم المضاد، وهو أنك لا تقول بدا الشيء نفسه مرتين اثنتين في موضوع واحد. وانك تطلق الأفضل والأكثر سلطاناً مرة اخرى على الأقوى، ومرة على الأكثر حكمة، وها أنت حتى في هذه اللحظة تطلق عليه شيئاً آخر، لأنك تتحدث إلي عند الشجعان، لتجعل الأحسن والأكثر سلطاناً، هيا يا عزيزي لنخرج من هذا. أخبرني من هم الذين من الممكن أن تدعوهم الأفضل والأكثر سلطاناً ؟
- كاليكليس: وانا اكرر عليك أنهم هم الأذكياء والشجعان فيما يتعلق بالشئون العامة، أولئك هم الجديرون بالسلطة، وتقضي العدالة لهم بنصيب من الخيرات أكبر من نصيب الآخرين، فالحكام يجب أن ينالوا أكثر من المحكومين. صــ96 : 99

▬ - سقراط: حسناً يا عزيزي، فلنتمسك فعلاً بموقفك، وإياك أن تتنازل عن رأيك بالخجل الكاذب، أما أنا فينبغي بالمثل - كما يبدو لي - ألا أخطيء، أو أقصر بسبب الخجل، لإاخبرني إذن أولاً : هل من العيش السعيد أن يكون بنا جرب وأن نشعر بالحاجة إلى حكه؟ وأن نستطيع الحك بكثرة، وأن نُمضي حياتنا في الحك.
- كالكليس: يا له من سخف يا سقراط؟ انك تتكلم كما يتكلم الخطيب السياسي الحق.
- سقراط: وهكذا تراني حيرت كلاً من جورجياس وبولوس وأخجلتهما، ولكن يا كالكليس لا تشعر بالحيرة ولا بالخجل لأنك شجاع فأجبني إذن فقط.
- كالكليس : حسناً فأنا أجيبك بان الحك على هذا النحو هو أيضاً حياة مستحبة.
- سقراط : وإذا ما كانت هذه الحياة مستحبة، فهي إذن سعيدة.
- كالكليس: بغير أدنى شك.
- سقراط: هل تكون رغبة الحك في الرأس فقط هي المستحبة، أو هل يجب أن أتمادى في السؤال إلى أبعد من ذلك ؟ فكر يا كالكليس فيما يجب أن تجيب به إذا ما وضع لك أحدهم كل الأسئلة متتابعة. ولكي أختصر لك كل شيء في كلمة، أقول لك اليست حياة الفاسق فظيعة وتعيسة، ومملوءة بالعار ؟ أتجرؤ على القول أن الناس الذين من ذلك النوع سعداء؟ إذا كان لديهم كل ما يرغبون فيه بكثرة؟
- كالكليس: ألا تخجل يا سقراط من أن تصل بالحديث إلى مثل هذه الموضوعات ؟
- سقراط : من الذي قادنا إلى ذلك ؟ أهو أنا يا كالكليس، أم هو ذلك الذي يصرح بهدوء بأن اللذة، مهما كانت طبيعتها، هي قوام السعادة، والذي لا يميز في اللذات بين ما هو حسن وما هو رديء؟ أخبرني إذن ثانياً: هل ما زلت تؤكد ان اللذة تطابق الخير! أو انك تسلم بأن بعض اللذات ليست بالحسنة ؟
- كالكليس: انني ما زلت أؤكد تطابقهما لأني لا أريد أن اناقض ما سبق أن قلته، إذا أنكرت تطابق الشيئين. صــ104 : 105

▬ - سقراط: إنني استنتج يا صديقي أن الشيء الحسن ليس الشيء اللذيذ نفسه، وان الرديء ليس هو الشيء المؤلم. ففي الواقع يختفي الضدان معاً في بعض الأحوال (كظاهرة الظمأ وقت الشراب). ولا يختفيان في بعضها الآخر، لأنهما مختلفان في طبيعتهما. فكيف تجعل حينئذ اللذيذ مماثلاً للحسن، وغير اللذيذ مماثلاً للرديء ؟ صــ110

▬ - كالكليس: منذ وقت طويل وأنا اصغي اليك يا سقراط وأوفقك على ما تطلب قائلاً لنفسي: أنه إذا ما روح المرء عن نفسه بان يتنازل لك تنازلا بسيطاً فإنك تضع يدك عليه في الحال وأنت فرح كالطفل، وكأنك لا تعلم أنه لا أنا ولا أحد يمكن أن ينسى التمييز بين اللذات من حيث إرتفاع قيمتها وإنخفاضها.
- سقراط: آه منك يا كالكليس، يا لك من محتال، انك تعاملني كطفل، انك تقول لي أحياناً شيئاً وأحياناً أخرى شيئاً آخر، بغرض أن تخدعني. ولم أكن اتصور مع ذلك في البداية أن تجد لذة في خداعي، لأني كنت اعتقد أنك صديقي. ولكني ارى الأآن أني مخطيء، ولم يبق لي من غير شك إلا ان استقبل، كما يقولون، الحظ السيء بالقلب الطيب، وأن اتقبل ما تقدمه لي، انك اذن تقول لي الآن: أن هناك لذات خيرة وأخرى شريرة أليس كذلك إن لم أكن مخطئاً ؟
- كالكليس : بلى. صــ114

//بقية المحاورة تفيد بحديث مطول لسقراط، وأغلبها عن وضع مدينتهم (أثينا) وحكماها ، والحديث عن الآلهة، والحياة الأخروية بعد الموت.. .. وتعليقات صورية سريعة من كالكليس، مثل، أكمل، بلى، بالتأكيد، جيد...إلخ//

▬ - سقراط : أما هؤلاء الذين ارتكبوا الخطايا الكبرى، والذين أصبحوا بسبب ذلك غير قابلين للشفاء، فإنهم هم الذين يصلحون كمثل، وإذا كانوا لا يخرجون هم انفسهم بأي فائدة من عذابهم لأنهم غير قابلين للشفاء (يقصد التطهير الروحي الأخروي)، فإنهم يجعلون الآخرين يفيدون منهم، وهم أولئك الذين يرونهم خاضعين بسبب جرائمهم لألوان فظيعة من العقاب الذي لا أول له ولا آخر، ومعلقين كفزاعة رعب في سجن الهاديس حيث يكون المنظر الذي يقدمونه إنذاراً لكل مجرم جديد يدخل هذا المكان، وأؤكد أن أرخيلاوس سيكون أحد أولئك التعساء، إذا كان ما قاله بولوس حقاً، وسيكون هذا شأن كل طاغية آخر على شاكتله...السلطة المطلقة التي اتيحت لهؤلاء جعلتهم يرتكبون جرائم أشد شناعة وكفراً من جرائم الآخرين، وهوميروس يشهد بذلك، لأنه صورهم يعانون في الهاديس ألواناً من العذاب لا نهاية لها....ومن الجدير بالتقدير بصفة خاصة، أن يظل المرء عادلاً طول حياته إذا ما توافرت له الحرية الكاملة لفعل الشر. صــ150


هناك تعليق واحد: