• قليلون هم من تعلموا التحليل النفسي بصورة منتظمة، كل هذا لا يُعني أنه
ليس ثمة من سُبل ومداخل إلى هذا العلم.
• إن دراسة علم النفس في نظرنا هو دراسة مضامين الشعور..
• تحتل الميول الجنسية، بين جملة القوى الغريزية المكبوح جماحها على هذا
النحو، مكانة بارزة؛ فهي تعلى وتصعد، أي أنها تحوَّل عن هدفها الجنسي وتوجه نحو
أهداف إجتماعية أعلى لا تتصف بأية صفة جنيسة.
• الغرائز الجنيسة يعسر ترويضها، وكل فرد يُسهم في البناء الثقافي يكون
عرضة لأن تتمرد غرائزه الجنسية على هذا الكبت.
• أليس ثمة أشياء هامة لا تتظاهر، في بعض الظروف وفي بعض الأحيان، إلا من
خلال علامات طفيفة غير ذات شأن؟
• خليق بنا إذن ألا نزدري العلامات الصغيرة: فقد تهدينا إلى أشياء أجلّ
شأناً وأعظم أهمية.
• الأقرب إلى الصواب والعقل في البحث العلمي أن يتصدى المرء لما يلقاه
أمامه، لمواضيع تعرض نفسها من تلقاء نفسها لبحثه وتنقيبه.
• كثيرة هي الأعمال التي ينفذها المرء بصورة آلية أو بإنتباه غير كافٍ، من
دون أن يضر ذلك بإحكماها.
• هذا الميل إلى التحوير، أو بالأولى إلى التحريف، نلحظه لدى الكثير من
الناس ممن يسلكون المسلك حباً بالتندر (التنكيت).، وبالفعل، كلما طرق سمعنا تحريف
كهذا، وجدنا أنفسنا نتساءل هل قصد المتكلم إلى التنكيت فحسب، أم أن لسانه عثر به
بفلته حقيقية؟
• ما هذه الهفوات وليدة المصادفة، وإنما هي أفعال نفسية جدية لها معنى،
وناجمة عن تضافر قصدين مختلفين، أو بالأحرى عن تعارضهما.
• كيف السبيل إلى إظهار هذا القصد الخفي؟ وإذا تصورنا أننا أفلحنا في ذلك،
فكيف نثبت أن هذا القصد ليس محتملاً فحسب، بل هو القصد الحقيقي الوحيد ؟
• إن الهفوات بحد ذاتها ليست هي، والحق يُقال، ما يستأثر بإهتمامنا، وإنما
نريد أن نستخلص من دراستها نتائج قابلة للتطبيق على التحليل النفسي.
• من الخطأ أن نتوهم أن العلم لا يتألف إلا من أطروحات قام صارم البرهان
على صحتها، ومن الخطل أن نطلب منه أن يكون كذلك.
• الواقع أن التعليم العلمي لا ينطوي إلا على قدر طفيف من القضايا اليقينية
الثابتة؛ وأكثر إثباتاته على درجات شتى من الرجحان.
• إن للهفوات معنى، وهي تهدينا إلى سُبل إستخلاص هذا المعنى على دور الظروف
المصاحبة لها.
• فلتات اللسان، وزلات القلم، إلخ ، يمكن أن يكون لها أساس فيزيولوجي محض.
• ما تلك المقاصد التي تفصح عن نفسها على هذا النحو الغريب بتعديها على
مقاصد غيرها ؟
• القصد المقموع يشف عن وجوده رغم أنف الشخص المعني، إما بتعديله القصد
المجهور به، وإما بالإختلاط والإلتباس به، وإما أخيراً بالحلول محله.
• حتى تلك الفلتات العادمة الدلالة، والتي لا تعلمنا شيئاً ذا بال عن
السيرورات النفسية الخفية، لها مع ذلك أسبابها التي لا يعسر كشفها.
• إن نسيان أسماء الأعلام والأسماء والألفاظ الأجنبية، قابل بدوره للتفسير
بقصد مُعاكس يرتبط بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالإسم أو باللفظ المنسي.
• إن الحياة النفسية ميدان حرب وحلبة صراع تتواجه فيها ميول ونزعات
متعارضة، أو أنها، بلغة أقل دينامية، تتألف من متناقضات وأزواج من الأضداد.
• القيمة الكبرى للهفوات عندنا تكمن في أنها متواترة ذائعة، وفي أن كل
إنسان يستطيع أن يلاحظها بسهولة في نفسه، وفي أن وقوعها ليس مشروطاً بالضرورة
بحالة مرضية.
=================================================
▬ تخيلوا لهُنيهة من الزمن أنكم تستمعون، لا إلى محاضرة في الطب العقلي، بل
إلى محاضرة في التاريخ، وأن المُحاضر يحدثكم والحالة هذه، على تصديق صحة ما يرويه
؟ للوهلة الأولى، يبدو أن الوضع أشد حرجاً مما في التحليل النفسي، على إعتبار أن
أستاذ التاريخ لم يشارك، مثله مثلكم، في حملات الإسكندر، بينما يحدثكم المحلل
النفسي على كل حال عن وقائع لعب فيها هو نفسه دوراً...صــ11
▬ أطروحة أخرى يتقدم بها التحليل النفسي يمكن على إنها اكتشافات من
اكتشافاته تؤكد ما يلي : إن الحفزات التي يمكن وصفها بأنها محض جنسية، بالمعنى
الضيق أو الواسع للكلمة، تلعب، بصفتها عللاً محدِّدة للأمراض العصبية والنفسية،
دوراً فائق الأهمية، لم يقدَّر حتى يومنا هذا حق قدره. بل أكثر من ذلك : فالتحليل
النفسي يؤكد أن هذه الميول الجنسية عينها تسهم بقسط لا يستهان به في إبدعات العقل
البشري في ميادين الثقافة والفن والحياة الإجتماعية.. صــ17
▬ إن الهفوات نفسها تصاحبها طائفة من ظواهر ثانوية صغيرة تستعصي على الفهم
ولا تزيدها التفاسير المعتمدة حتى الآن قابلية للفهم. فحين ينسى الإنسان على سبيل
المثال كلمة من الكلمات بصورة مؤقتة، نراه يضيق ذرعاً، ويبذل قصاراه ليتذكر
الكلمة، ولا يقر له قرار ما لم يهتد إليها. فلمّ لا يفلح، رغم تلهفه وتحرقه، إلا
فيما ندر في تركيز إنتابه كله على الكلمة التي يقول هو نفسه أنها "على طرف
لسانه"، والتي يستذكرها حالما يتلفظ بها أحدهم أمامه؟ كما أن هناك حالات أخرى
تتضاعف فيها الهفوات وتتكاثر، ويتشابك بعضها ببعض، ويقوم بعضها مقام بعض. فقد ينسى
المرء، في مرة أولى، موعداً؛ وفي المرة الثانية، وبعد أن يكون قد عزم على ألا
ينساه أبداً، يتكشف أنه قد أخطأ في تسجيل الساعة المضروبة له. وقد يسعى أحدنا بكل
ما أوتيه من حيلته إلى أن يتذكر كلمة
منسية، فإذا بكلمة ثانية تفلت من ذاكرته مع أنها كان يمكن أن تفيده في إستحضار
الأولى؛ وإذ يشرع بالبحث عن هذه الكلمة الثانية، ينسى الثالثة، وهكذا دواليك. ومثل
هذه المضاعفات قد تحدث أيضاً، كما نعلم، في الأخطاء المطبعية التي يمكن إعتبارها
هفوات يقع فيها منضد الحروف في المطبعة... صــ26
▬ إنني لأعجب حقاً للإستخفاف الذي تعاملون به في صميمكم الوقائع النفسية!
تخيلوا أن أحدهم قام بتحليل كيمياوي لمادة معينة، فوجد أن لأحد عناصرها المقومة
وزناً معيناً، مقداره كذا مليجرام، مثلاً. وإفترضوا أن نتائج محددة يمكن إستخلاصها
من هذا الوزن. فهل لكم أن تتصوروا أن يبادر كيميائي آخر إلى نقض هذه النتائج بحجة
أن المادة المذكورة كان يمكن أن يكون لها وزن آخر ؟ إن الإنسان لا يملك إلا أن
يسلم بأن الوزن المكتشف هو الوزن الحقيقي، ثم يتخذ من هذه الحقيقة الواقعة، بلا
تردد، أساساً للإستناجات اللاحقة. فهل يجوز لنا، عندما تواجهنا واقعة نفسية،
قوامها فكرة معينة خطرت ببال شخص رداً على سؤال وجهناه إليه، ألا نطبق القاعدة
نفسها، وأن نزعم أن هذا الشخص كان يمكن أن تخطر له فكرة أخرى ؟ الحق أنكم مأخذون
بوهم حرية نفسية، وأنتم عن التخلي عنه عازفون! وأني لآسف إذا كنت لا أستطيع
مشاطرتكم رأيكم في هذا الموضوع. صــ48
▬ إن من يسمع لأول مرة أن النسيان وسيلة دفاعية للإحتماء من الذكريات
المؤلمة لا يتخلف، إلا فيما ندر ، عن إبداء الإعتراض التالي بالإستناد إلى خبرته
الذاتية: إن الذكريات المؤلمة هي التي تستعصي بالأحرى على النسيان، وهي التي تعاود
المرء مراراً وتكراراً، مهما يفعل ليكتمها ويقمعها، وتقض مضجعه بلا إنقطاع، ومنها
على سبيل المثال ذكريات الهوان والمذلة. هذا حق لا ريب فيه، لكن الإعتراض باطل.
وخليق بكم ألا يغرب بالكم أن الحياة النفسية ميدان حرب وحلبة صراع تتواجه فيها
ميول ونزعات متعارضة، أو أنها، بلغة أقل دينامية، تتألف من متناقضات وأزواج من
الأضداد. فإذا ما أثبتنا وجود ميل معين لا نكون قد أثبتنا بذلك عدم وجود أي ميل
آخر يفعل فعله في إتجاه معاكس. فثمة مجال لكل منهما. وبيت القصيد أن نعرف العلاقات
التي تقوم بين هذين الميلين المتناقضين، والأفعال التي تصدر عن كل منهما. صــ82
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق