Pages - Menu

الاثنين، 8 أبريل 2013

طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد (عبد الرحمن الكواكبي)





//لن أتطرق كثيراً الى فقرات فيها دلالة على التعصب لدين على حساب دين آخر، وبما يستعين به من حينٍ لآخر بالإعجاز العلمي..//

• أفضل الجهاد كلمة عدل تُقال عند سلطان جائر .
• حياة الأسير تشبه حياة النائم المزعوج بالأحلام، فهي حياة لا روح فيها .
• إن المدارس تقلل الجنايات، لا السجون .
• الإستبداد يقلب السير من الترقي إلى الإنحطاط .
• الجهل عدو العلم .
• إن خوف المستبد من نقمة رعيته أكثر من خوفهم بأسه .
• كلما زاد المستبد ظلماً واعتسافاً زاد خوفه من رعيته وحتى
 من حاشيته، وربما من هواجسه وخيالاته...
• الإستبداد اصل لكل فساد .
• أنا إنسان الجد والإستقبال لا إنسان الماضي والحكايات .
• الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية.
• الاستبداد لا يُقاوم بالشدة إنما يُقاوم باللين والتدرج.
• يجب قبل مقاومة الإستبداد تهيئية ماذا يُستبدل به الإستبداد.

[مقدمة خارجة عن الكتاب]

إننا نرى الكواكبي في هذا الكتاب يتحدث بجرأة وصراحة متناهيتين في عصر يسوده الإستبداد، وتُخنق فيه الكلمة في الحناجر، وفي ظل حُكمٍ لا يحرم، ولا يسمع، أو يعي..لقد طرح بعضهم أن عبد الرحمن الكواكبي خاصم السلطان العثماني، وبالتالي حمَّلوا موقفه أثقالاً وصلت لدرجة القول إن نقد الإستبداد في عصر السلطان عبد الحميد الثاني، الذى إكتوي به الكواكبي وكل أهل زمانه ممن يخضعون للعثمانين، قد أسهم في إسقاط الخلافة.

إن الإستبداد قد ساد فى أواخر عهد الدولة العثمانية، والصحيح كذلك أن التأخُّر عن ركب التطور العلمي والتقني قد ترافق مع الظلم والتعسف والإستبداد، وعشعش الفساد، وحصل إستغلال سياسي خطير للدين، وإنتشرت الماسونية في أوصال القيادة العسكرية العثمانية، وعمل الأتراك على تتريك العرب، ولم يصغوا للمصلحين من أمثال جمال الدين الأفغاني والسيد عبد الرحمن الكواكبي وسواهما.
---------------------------------------------------------------------------------------

☼ ومن أشد مراتب الإستبداد التي يُتعوَّذ بها من الشيطان هي حكومة الفرد المطلق، الوارث للعرش، القائد للجيش، الحائز على سلطة دينية. ولنا أن نقول: كلما قل وصف من هذه الأوصاف خقَّ الإستبداد إلى أن ينتهي بالحاكم المنتخب الموقت المسؤول فعلاً، وكذلك يخف الإستبداد طبعاً كلما قل عدد نفوس الرعية، وقل الإرتباط بالأملاك الثابتة، وقل التفاوت في الثروة، وكلما ترقى الشعب في المعارف . صـ38

☼ ومن الأمور المقررة طبيعة وتاريخياً أنه ما من حكومة عادلة تأمن المسؤولية والمؤاخذة بسبب غفلة الأمة أو التمكن من إغفالها إلا وتسارع إلى التلبس بصفة الإستبداد، وبعد أن تتمكن فيه لا تتركه وفي خدمتها إحدى الوسيلتين العظيمتين : جهالة الأمة، والجنود المنظمة، وهما أكبر مصائب الأمم المتمدنة - نوعاً - من الجهالة، ولكن بليت بشدة الجندية العمومية؛ تلك الشدة التي جعلتها أشقى حياة من الأمم الجاهلة وألصق عاراً بالإنسانية من أقبح أشكال الإستبداد، حتى ربما يصح أن يُقال: إن مخترع هذه الجندية إذا كان هو الشيطان فقد انتقم من آدم في أولاده أعظم ما يمكنه أن ينتقم! نعم إذا ما دامت هذه الجندية التي مضى عليها نحو قرنين إلى قرن آخر أيضاً تنهك تجلد الأمم وتجعلها تسقط دفعة واحدة. ومن يدري كم يتعجب رجال الإستقبال من ترقي العلوم في هذا العصر ترقياً مقروناً بإستبداد هذه المصيبة التي لا تترك محلاً لاستغراب إطاعة المصريين للفراعنة في بناء الأهرامات سخرة، لأن تلك لا تجاوز التعب وضياع الأوقات، وأما الجندية فتفسد أخلاق الأمة حيث تعلمها الشراسة والطاعة العمياء والإتكال، وتميت النشاط وفكرة الإستقلال، وتكلف الأمة الإنفاق الذي لا يُطاق، وكل ذلك منصرف لتأييد الإستبداد المشؤوم: استبداد الحكومات القائدة لتلك القوة من جهة، وإستبداد الأمم بعضها على بعض من جهة أُخرى . صــ39

 ☼ المستبد يتحكم فى شؤون الناس بإدراته لا بإرادتهم، ويحكمهم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم من نفسه أنه الغاصب المتعدي فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من الناس يسدها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبته.. المستبد عدو الحق عدو الحرية وقاتلهما، والحق أبو البشر، والحرية أمهم، والعوام صبية أيتام نيام لا يعلمون شيئاً، والعلماء هم إخوتهم الراشدون، إن أيقظوهم هبوا وإن دعوهم لبوا وإلا فيتصل نومهم بالموت.. المستبد يتجاوز الحد ما لم ير حاجزاً من حديد، فلو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفاً لما أقدم على الظلم، كما يقال:الإستعداد للحرب يمنع الحرب.. المستبد إنسان مستعد بالطبع للشر وبالإلجاء للخير، فعلى الرعية أن تعرف ما هو الخير وما هو الشر فتلجىء حاكمها للخير رغم طبعه، وقد يكفي للإلجاء مجرد الطلب إذا علم الحاكم أن وراء القول فعلاً. ومن المعلوم أن مجرد الإستعداد للفعل فعل يكفي شرَّ الإستبدا.. المستبد يود أن تكون رعيته كالغنم دراً وطاعة، وكالكلاب تذللا وتملقاً، وعلى الرعية أن تكون كالخيل إن خُدِمت خَدَمت، وإن ضُربت شَرست، وعليها أن تكون كالصقور لا تُلاعب ولا يُستأثر عليها بالصيد كله، خلافاً للكلاب التي لا فرق عندها أطُعِمت أو حُرمت حتى من العظام. نعم على الرعية أن تعرف مقامها، هل خُلقت خادمة لحاكمها، تطيعه إن عدل أو جار، أم هي جاءت به ليخدمها لا ليستخدمها! والرعية العاقلة تقيد وحش الإستبداد بزمام تستميت دون بقائه في يدها لتأمن من بطشه، فإن شمخ هزَّت به الزمام وإن صال ربطته..من أقبح أنواع الإستبداد الجهل على العلم،  وإستبداد النفس على العقل، ويسمى استبداد المرء على نفسه... صــ41 ، 42

[قرائن الإستبداد]

☼ تضافرت آراء أكثر العلماء الناظرين في التاريخ الطبيعي للأديان على أن الإستبداد السياسي متولد من الإستبداد الديني، والبعض يقول إن لم يكن هناك توليد فهما أخوان أبوهما التغلب وأمهما الرياسة، أو هما صنوان قويان بينهما رابطة الحاجة على التعاون لتذليل الإنسان، والمشاكلة بينهما أنهما حاكمان أحدهما في مملكة الأجسام والآخر في عالم القلوب...صــ45

☼ لا يُخفى على المستبد، مهما كان غبياً، أن لا استعباد ولا اعتساف إلا ما دامت الرعية حمقاء تخبط في ظلامة جهل وتيه عماء، فلو كان المستبد طيراً لكان خفاشاً يصطاد هوام العوام في ظلام الجهل، ولو كان وحشاً لكان ابن آوى يتلقف دواجن الحواضر في غشاء الليل، ولكنه هو الإنسان يصيد عالِمَه جاهِله.. المستبد لا يخشى علوم اللغة، تلك العلوم التي بعضها يقوِّم اللسان وأكثرها هزلٌ وهزيان، نعم لا يخاف علم اللغة إذا لم يكمن وراء اللسان حكمة حماس تعقد الألوية، أو سحر بيان يحل عقد الجيوش، لأنه يعرف أن الزمان ضنين بأن تلد الأمهات كثيراً من أمثال الكميت وحسان أو مونتيسكيو وشيللار .. وكذلك لا يخاف المستبد من العلوم الدينية المتعلقة بالمعاد المختصة ما بين الإنسان وربه، لإعتقاده انها لا ترفع غباؤه ولا تزيل غشاوة، وإنما يتلهى بها المتهوسون للعلم حتى إذا ضاع فيها عمرهم، وامتلأتها أدمغتهم، وأخذ منهم الغرور ما أخذ، فصاروا لا يرون علماً غير علمهم، فحينئذ يأمن المستبد منهم كما يؤمَن شر السكران إذا خَمُرَ. على أنه إذا نبغ منهم البعض ونالوا حرمة بين العوام لا يعدم المستبد وسيلة لاستخدامهم فى تأييده أمره ومجاوراة هواه في مقابلة أنه يضحك عليهم بشيء من التعظيم، ويسدُّ أفواههم بلقيمات من فُتات مائدة الإستبداد؛ وكذلك لا يخاف من العلوم الصناعية محضاً لأن أهلها يكونون مسالمين صغار النفوس، صغار الهمم، يشتريهم المستبد بقليل من المال والإعزاز؛ ولا يخاف من الماديين لأن أكثرهم مبتلون بإيثار النفس، ولا من الرياضيين لأن غالبهم قصار النظر ..... ترتعد فرائس المستبد من علوم الحياة مثل الحكمة النظرية، والفلسفة العقلية، وحقوق الأمم وطبائع الإجتماع، والسياسة المدنية، والتاريخ المفصل، والخطابة الأدبية، ونحو ذلك من العلوم التي تكبِّر النفوس وتوسِّع العقول وتعرِّف الإنسان ما هي حقوقه وكم هو مغبون فيها، وكيف الطلب، وكيف النوال، وكيف الحفظ. وأخوف ما يخاف المستبد من أصحاب هذه العلوم المندفعين منهم لتعليم الناس بالخطابة أو الكتابة وهم المعبَّر عنهم فى القرآن بالصالحين والمصلحين في نحو قوله تعالى : (أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) ، وفي قوله : (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)، وإن كان علماء الإستبداد يفسرون مادة الصلاح والإصلاح بكثرة التعبد، كما حوَّلوا معنى الفساد والإفساد : من تخريب نظام الله إلى التشويش على على المستبدين..والخلاصة أن المستبد يخاف من هؤلاء العلماء العاملين الراشدين المرشدين، لا من العلماء المنافقين أو الذين حفر رؤوسهم محفوظات كثيرة كأنها مكتبات مقفلة! .. كما يبغض المستبد العلم لنتائجه يبغضه أيضاً لذاته، لأن العلم سلطاناً أقوى من كل سلطان، فلابد للمستبد من أن يستحقر نفسه كلما وقعت عينه على من هو أرقى منه علماً، ولذلك لا يحب المستبد أن يرى وجه عالم عاقل يفوق عليه فكراً، فإذا اضطر لمثل الطبيب والمهندس يختار الغبي المتصاغر المتملق. وعلى هذه القاعدة بنى ابن خلدون قوله " فاز المتملِّقون" ، وهذه طبيعة كل المتكبرين بل في غالب الناس، وعليها مبنى ثنائهم على كل من يكون مسكيناً خاملاً لا يُرجى لخير ولا لشر . صــ65 ، 66 ، 67

☼ لما كانت أكثر الديانات مؤسسة على مبدأي الخير والشر كالنور والظلام والشمس وزحل، والعقل والشيطان، {رأت بعض الأمم الغابرة أن أضر شيء على الإنسان هو الجهل، وأضر آثار الجهل هو الخوف، فعملت هيكلاً مخصصاً للخوف يُعبد اتقاء لشره . صــ69

☼ المستبد يتخذ المتمجدين سماسرة لتغرير الأمة بإسم خدمة الدين، أو حب الوطن، أو توسيع المملكة، أو تحصيل منافع عامة أو مسؤولية الدولة، أو الدفاع عن الإستقلال، والحقيقة أن كل هذه الدواعي الفخيمة العنوان في الأسماع والأذهان ما هي إلا تخييل وإيهام يقصد بها رجال الحكومة تهييج الأمة وتضليلها حتى إنه لا يستثنى منها الدفاع عن الإستقلال، لأنه ما الفرق على أمة ٍ مأسورة ٍ لزيدٍ أن يأسرها عمرو ؟ وما مثلها إلا الدابة التي لا يرحمها راكب مطمئن، مالكاً أو غاضباً. صــ78

☼ المستبد في لحظة جلوسه على عرشه ووضع تاجه الموروث على رأسه يرى نفسه كان إنساناً فصار إلهاً، ثم يرجع النظر فيرى نفسه في نفس الأمر أعجز من كل عاجز، وأنه ما نال ما نال إلا بواسطة من حوله من الأعوان، فيرفع نظره إليهم فيسمع لسان حالهم يقول له: ما العرض وما التاج وما الصولجان؟ ما هذه إلا أوهام في أوهام. هل يجعلك هذا الريش فى رأسك طاووساً وأنت غراب، أم تظن الأحجار البراقة في تاجك نجوماً ورأسك سماء، أم تتوهم أن زينة صدرك ومنكبيك أحرجتك عن كونك قطعة طين من هذه الأرض؟ والله ما مكنك في هذا المقام وسلَّطك على رقاب الأنام إلا شعوذتنا وسحرنا وامتهاننا لديننا ووجداننا وخيانتنا لوطننا وإخواننا، فانظر ايها الصغير المكبر الحقير الموقر كيف تعيش معنا ! صــ82

☼ الإستبداد لو كان رجلاً وأراد أن يحتسب وينتسب لقال : "أنا الشر وأبي الظلم وأمي الإساءة  وأخي الغدر وأختي المسكنة، وعمي الضرُّ وخالي الذل، وابني الفقر وابنتي البطالة، وعشيرتي الجهالة ووطني الخراب، أما ديني وشرفي وحياتي فالمال المال المال" ... والمال يصح في وصفه أن يقال: القوة مال، والوقت مال، والعقل مال، والعلم مال، والدين مال، والثبات مال، والجاه مال، والجمال مال، والترتيب مال، والإقتصاد مال، والشهرة مال، والحاصل كل ما يُنتفع به فى الحياة مال. صــ89

☼ إن الإستبداد داء أشد وطأة من الوباء، أكثر هولاً من الحريق، أعظم تخريباً من السيل، أذلُّ للنفوس من السؤال. داء إذا نزل بقومٍ سمعت أرواحهم هاتف السماء ينادي القضاء القضاء والأرض تناجي ربها بكشف البلاء. والإستبداد عهد أشقى الناس فيه العقلاء والأغنياء ، وأسعدهم الجهلاء والفقراء، بل أسعدهم اولئك الذين يتعجلهم الموت فيحسدهم الأحياء . صــ105

☼ أقل ما يؤثره الإستبداد في أخلاق الناس، أنه يرغم حتى الأخيار منهم على إلفة الرياء والنفاق، ولبئس السيئتان، وأنه يعين الأشرار على إجراء غي فى نفوسهم آمنين من كل تبعة ولو أدبية، فلا اعتراض ولا انتقاد ولا افتضاح، لأن أكثر أعمال الأشرار تبقى مستورة، يلقي عليها الإستبداد رداء خوف الناس من تبعة الشهادة على ذي شر وعقبى وذكر الفاجر بما فيه... صــ111

☼ وهكذا بين الشرقيين والغربيين فروق كثيرة، قد يُفضل في الإفراديات الشرقي على الغربي، وفي الإجتماعيات يفضل الغربي على الشرقي مطلقاً، مثال ذلك: الغربيون يستحلفون أميرهم على الصداقة في خدمتهم لهم والتزام القانون، والسلطان الشرقي يستحلف الرعية على الإنقياد والطاعة! الغربيون يمنُّون على ملوكهم بما يرتزقون من فضلاتهم، والأمراء الشرقيون يتكرمون على من شاؤوا بإجراء أموالهم عليهم صدقات! الغربي يعتبر نفسه مالكاً لجزء مشاع من وطنه، والشرقي يعتبر نفسه واولاده وما في يديه ملكاً لأميره! الغربي له على أميره حقوق وليس عليه حقوق، والشرقي عليه لأميره حقوق وليس له حقوق! الغربيون يضعون قانوناً لأميرهم يسري عليه، والشرقيون يسيرون على قانون مشيئة أمرائهم! الغربيون قضاؤهم وقدرهم من الله، والشرقيون قضاؤهم وقدرهم ما يصدر من بين شفتي المستعبدين! الشرقي سريع التصديق، والغربي لا ينفي ولا يثتب حتى يرى ويلمس، الشرقي أكثر ما يغار على الفروج كأن شرفه كله مستودع فيها، والغربي أكثر ما يغار على حريته وإستقلاله! الشرقي حريص على الدين والرياء فيه، والغربي حريص على القوة والعز والمزيد فيها! والخلاصة أن الشرقي ابن الماضي والخيال، والغربي ابن المستقبل والمجد!. صــ120 ، 121

☼ الأسير المعذب المنتسب إلى دين يسلي نفسه بالسعادة الأخروية، فبعدها بجنان ذات أفنان ونعيم مقيم أعده له الرحمن، ويبعد عن فكره أن الدينا عنوان الآخرة، وأنه كان خاسر الصفقتين، بل ذلك هو الكائن غالباً. ولبسطاء الإسلام مسليات أظنها خاصة بهم يعطفون مصائبهم عليها وهي نحو قولهم: الدنيا سجين المؤمن، المؤمن مصاب، إذا أحب الله عبداً إبتلاه، هذا شأن آخر الزمان، حسب المرء لقيمات يقمن صلبه، ويتناسون حديث (إن الله يكره العبد البطال) والحديث المفيد معنى (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم غرسة فليغرسها)... صــ130

☼ ما أبعد الأسراء عن النشاط للتربية، ثم لماذا يتحملون مشاق التربية وهم إن نوَّروا أولادهم بالعلم جنوا عليهم بتقوية إحساسهم، فيزيدونهم شقاء ويزيدونهم بلاء، ولهذا لا غرو أن يختار الأسراء الذين فيهم بقية من الإدراك، ترك أولادهم هملاً ترجفهم البلاهة إلى حيث تشاء. صـ134

☼ لقد اجمع علماء الإجتماع والأخلاق والتربية على أن الإقناع خير من الترغيب فضلاً عن الترهيب، وأن التعليم مع الحرية بين المعلم والمتعلم، أفضل من التعليم مع الوقار، وأن التعليم عن رغبة ٍ في التكمل أرسخ من العلم الحاصل طمعاً فى المكافأة، او غيرة من الأقران. وعلى هذه القاعدة بنو قولهم: إن المدارس تقلل الجنايات لا السجون، وقولهم: إن القصاص والمعاقبة قلما يفيدان فى زجر النفس... صــ138

☼ الترقَّي الحيوي الذي يتدرج فيه الإنسان بفطرته وهمته هو أولاً:الترقى فى الجسم صحة وتلذذا. ثانياً:الترقي في القوة بالعلم والمال. ثالثاً: الترقي في النفس بالخصال والمفاخر. رابعاً: الترقي بالعائلة استئناساً وتعاوناً. خامساً: الترقي بالعشيرة تناصراً عند الطوارىء. سادساً: الترقي بالإنسانية، وهذا منتهي الترقَّي. صــ142

☼ بعض الإجتماعيين في الغرب يرون أن الدين يؤثر على الترقي الإفرادي ثم الإجتماعي تأثيراً معطلاً كفعل الأفيون في الحس، أو حاجباً كالغيم يغشى نور الشمس. وهناك بعض الغلاة يقولون: الدين والعقل ضدان متزاحمان في الرؤوس، وإن أول نقطة من الترقَّي تبتدىء عند آخر نقطة من الدين، وإن أصدق ما يُستدل به على مرتبة الرقي والإنحطاط في الأفراد أو في الأمم الغابرة والحاضرة، وهو مقياس الإرتباط بالدين قوة ً وضعفاً. صــ145

رعاك الله يا شرق، بل رعى الله أخاك الغرب، العائل بنفسه والعائل فيك، وقاتل الله الإستبداد، بل لعن الله الإستبداد، المانع من الترقّي فى الحياة، المنحط بالأمم إلى أسفل الدركات. ألا بعُداً للظالمين. صــ159

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق