نظرية الكمية لا يمكن أن تؤذيك (ماركوس تشاون)


• توجد ذرة في أماكن عديدة في نفس الوقت، ما يُكافيء وجودك في نيويورك ولندن في الوقت نفسه.
• البشرية قاطبة يتناسب حجمها مع جحم مكعب من السكر.
• انتقال الزمن ليس مستحيلاً طبقاً لقوانين الفزياء.
• ستكون أنحف عندما تنتقل بسرعة.
• قال أينشتاين: "معظم الأفكار الأساسية للعلوم هي بالأساس بسيطة، ويُمكن شرحها بلغة يفهمها الجميع".
• كيف اكتشفنا أن كل شيء مكون من ذرات في المقام الأول ؟
• إن الفراغ المروع في الذرات هو من السمات المميزة للأحجار المكونة للمادة.
• فكرة أن كل شيء مكون من ذرات كانت للفيلسوف الإغريقي ديمقريطيس حوالي 440 ق.م
• الإلكترونات هي جسيمات صغيرة ولكن مضحكة، أصغر بحوالي 2000 مرة من ذرة الهيدروجين، وهي على ما يبدو جسيمات محيرة في علم الكهرباء، ومنشقة عن الذرات، تتموج على طول سلك من النحاس وسط مليارات من الإلكترونات، مكونة تياراً كهربائياً.
• طبقاً لنموذج الحلوى لتومسون، فالذرة مؤلفة من وفرة من الإلكترونات الثاقبة كالدبوس والمغروسة - المثبتة - في عالم من الشحنات الموجبة.
• بالرغم من أن النواة تبدو صلبة، فالمألوف انها لم تكن شبحاً. والمادة مهما كان شكلها، سواء أكانت كرسياً أو إنساناً أو نجماً فأغلبها فضاء فارغ.
• جوهر الذرة يكمن في نواتها الصغيرة؛ إذ انها (النواة) أصغر بمئة ألف مرة من الذرة الكاملة.
• كيف اكتشفنا أن الأفعال في عالم الذرات تحدث بدون سبب على الإطلاق ؟
• إنه لمن العدالة القول بأن اكتشاف أن الضوء هو عبارة عن سيل متقطع أو كمّات كان الإكتشاف الأكثر إذهالاً في تاريخ العلوم.
• من السمات الفريدة للظاهرة الكهروضوئية، أنه وبإستعمال ضوء ضعيف جداً، فالإلكترونات ستقتلع من المعدن على الفور وبدون تأثير يُذكر.
• كل إلكترون يتحرر من المعدن يحتاج لفوتون واحد من الضوء.
• إن الإلكترونات إذا تعرضت للأشعة السينية (نوع من الضوء عالي جداً) فإنها ترتد بنفس الطريقة التي ترتد بها كرات البليارد عند اصطدامها مع كرات أخرى.
• يسلك الضوء سلوكاً موجياً تارة، وسلوكاً مادياً يشبه سيلاً من الجسيمات تارة أخرى. وكان هذا صعب القبول إلى أبعد حد لفيزيائيي القرن العشرين. ولكن ليس لديهم خيار، فهو ما أخبرتهم به الطبيعة..
• قال الفيزيائي الإنجليزي وليم براغ عام 1921 مازحاً:"نحن ندرس النظرية الموجية أيام الإثنين والأربعاء والجمعة، وندرس النظرية الجسيمية أيام الثلاثاء والخمسي والسبت".
• لقد حصل أينشتاين على جائزة نوبل للفزياء عام 1921 ليس لنظريته حول النسبية بل لشروحاته حول الظاهرة الكهروضوئية.
• بينما تستند الكمية إلى اللادقة، تستند الفيزياء إلى اليقين.
• كل فوتون له نسبة 95% للنفوذ من النافذة للإرتداد عنها. ولكن ما الذي يحدد هذه الإحتمالات ؟
• الفوتون له صفتان: نافذة أو مرتدة. وبتعبير آخر، ممكن للفوتون أنة يكون على كلا الجانبين من النافذة بالوقت نفسه!
• الفيزيائيون انهمكوا لفهم مضمون الحاسوب الكمي. ولبعض الحاسبات تفوقوا بسرعة على الحاسبات التقليدية، ما جعلهم يرمون الحواسيب الشخصية خلف ظهورهم.
• الشمس تولد الحرارة بدمج البروتونات مع بعضها - نوى ذرات الهيدروجين - لصنع نواة ذرة الهيليوم. والإندماج النووي يُنتج ما يشبه إنفجار سد من الطاقة للرابطة النووية، والتي تبرز نهائياً من الشمس على شكل ضوء.
• عندما يقترب البروتون في قلب الشمس من بروتون آخر فإنه يتدافع بقوة تنافر عنيفة، وفي مواجهة الجدار العالي المحيط بالبروتون الثاني. وعندما تكون درجة الحرارة في قلب الشمس 15 مليون درجة، يظهر البروتون متحركاً بعيداً وبطيئاً جداً ليقفز الجدار. وعلى كل حال فمبدأ اللادقة غير كل شيء..
• في عام 1911 أظهرت تجارب كمبرج للفيزيائي النيوزلندي ارنست رذرفورد أن الذرة عبارة عن نظام شمسي  صغير.
• الإلكترون لا يمكن أن يكون قريباً من النواة؛ لأنه إن حدث ذلك فمكانه سيكون معروفاً بدقة. لكن طبقاً لمبدأ اللادقة لهايزنبرج، فإن سرعة الإلكترون ستكون غير دقيقة. وستكون بارزة وكبيرة.
• البروتون في النواة أكبر بــ 2000 ضعف من حجم الإلكترون. وطبقاً لمبدأ اللادقة يكون البروتون والإلكترون محصورين بنفس الحجم من الفضاء، والإلكترون سيتحرك بسرعة تصل إلى 2000 ضعف.
• إن الإلكترون في الذرة والبروتون في النواة ليسا خاضعين لنفس القوة. بينما تكون الجسيمات النووية ممسوكة بقوى نووية قوية ضخمة، تكون الإلكترونات ممسوكة بقوى نووية ضعيفة جداً.
• الكتلة شكل من أشكال الطاقة. هذا يُعني أن الكتلة يمكن أن تبدو بلا شيء..
• الفراغ الكمي هو بالفعل مستنقع مضطرب بالجسيمات مثل الإلكترونات التي تتفرقع ثم تتلاشى مرة أخرى.
• وحقيقة أن قوانين الطبيعة تسمح للبعض أن يأتي من لا شيء لا يفر منها المهتمون بعلم الكون، وهم الأشخاص الدائمو التفكير في اصل الكون. وهم يتعجبون، أيكون هذا الكون الكامل لا شيء أكثر من كونه تذبذباً كمياً للفراغ؟ انها فكرة ممتازة..
• طبقاً للنظرية الكمية، إن التراكبات الغريبة للحالات هي ليست ممكنة فقط بل مضمونة. ويمكن أن تكون الذرة في أماكن عدة في آن واحد أو تعمل أشياء عدة في آن واحد.
• إن تفسيرات كوبنهاجن قسمت الكون، إختيارياً إلى مجالين، أحدهما محكوم من قبل النظرية الكمية وهي انهزامية جداً. وإذا كانت النظرية الكمية هي وصفاً أساسياً للواقع، فبالتأكيد يجب تطبيقها في كل مكان، في العالم الذري والعالم اليومي. وفكرة أنها نظرية كونية هي أشبه بقشرة الجوز، كما يعتقد ذلك فيزيائيو اليوم.
• حين يقفز الإلكترون من مدار لآخر أقرب للنواة، تفقد الذرة طاقة، والتي تكون بشكل فوتون من الضوء. وطاقة الفوتون مساوية بالضبط لفرق الطاقة بين المدارين.
• لماذا الدخول في التفصيل المثير للموجة الكهرومغناطيسية؟ الجواب هو لأن هذا التفصيل ضروري لفهم سؤال أينشتاين: ما الذي يحدث لشعاع الضوء إذا استطعت الإمساك به؟ عندما كان بعمر 16 سنة.
• طبقاً لمبدأ النسبية، كل القوانين تبدو بالشكل نفسه بالنسبة للمراقبين المتحركين بسرعة ثابتة نسبة لبعضهم البعض.
• الشيء الثابت في كوننا ليس المكان أو تغير الزمان بل هو سرعة الضوء.
• كلما سرت مسرعاً، كلما تباطأ عمرك. انها الحقيقة المخفية المعظم تاريخ البشرية.
• حياتنا كما نحن في خط الطبيعة البطيء لا ترى الحقيقة؛ بأن الكان والزمان سيزيحان الأساس الذي أُسس عليه الكون، والسرعة الثابتة للضوء هي الأساس الذي بُني عليه الكون.
• إن تباطؤ الزمان وتقلص المكان هما الثمن الذي يجب أن يدفعه كل شخص في الكون، ومهما كانت حالة حركتهما فإنهما يقيسان نفس سرعة الضوء. لكن ذلك في البداية فقط.
• إن مفهوم الآنية هو سببية الثبوتية لسرعة الضوء. والأحداث التي يراها المراقب آنياً هي ليست كذلك بالنسبة لمراقب آخر يتحرك نسبة إلى المراقب الأول.
• إن السبب الذي نُخدع به في التفكير بالزمان والمكان بأنهما منفصلان هو ذلك الضوء الذي يأخذ وقتاً قليلاً جداً ليسافر مسافات بشرية والتي نادراً ما نلاحظ فيه التأخير.
• النظرية النسبية الخاصة تعمل بعمق لتغيير أفكارنا حول المكان والزمان. انها تغير أفكارنا حول مجموعة من الأشياء الأخرى أيضاً..
• بسبب عيشنا في عالم حركة بطيئة، فنحن نُخدع بإعتقادنا أن المجالات الكهربائية والمغناطيسية لها وجود منفصل. ولكنهما مثل الزمان والكان؛ هي مجرد أوجه مختلفة لنفس العملة. وفي الواقع، يبدو المجال الكهرومغناطيسي عديم الوجود.
• الإستنتاج الذي لا مفر منه هو الطاقة لها وزن..
• إن سبب استحالة الحصول على سرعة الضوء هو أنها تأخذ طاقة أكثر من تلك الموجودة في الكون.
• وبالحقيقة، إذا لحق جسم المادة بسرعة الضوء، فستكون كتلته لا نهائية، وهي طريقة أخرى للقول أن تسارعه سيتطلب كمية لا نهائية من الطاقة، ومهما يكن الوضع العام، فإن ذلك مستحيل.
• الإستنتاج الذي لا مفر منه - أُكتُشِف من قبل أينشتاين - قال بأن الكتلة نفسها شكل من أشكال الطاقة. والمعادلة التي تترك الطاقة في مادة كتلتها m ، تعطى بالمعادلة الأكثر شهرة في كل العلوم: E=mc² ، حيث يرمز c إلى سرعة الضوء.
• تلك السرعة (سرعة الضوء) الممنوعة على كل الأجسام التي لديها كتلة..
• هناك شك منذ بدء القرن لتاسع عشر بأن الكون بدأ فقط بنوع واحد من الذرة الأبسط؛ أي الهيدروجين.
• إن الثقب الأسود هي مناطق من الفضاء تكون الجاذبية فيها قوية جداً حيث أن خفة وزنها لا تمكنها من الهروب، وهذا بسبب اسودادها. انها البقية المتروكة عندما يموت النجم الضخم، متقلصاً بشكلٍ كارثيٍ في حجم يتغاضى عن الوجود.
• حيث أن الضوء يستغرق أكثر من ثماني دقائق للسفر بين الأرض والشمس، فتبعاً لذلك، إذا أُزيلت الشمس فجأة فالأرض تستمر في مدارها على الأقل لثماني دقائق قبل أن تلف خارجاً نحو النجوم.
• إن الجاذبية تلوي مسار الضوء لأن الفراغ - بوجود الجاذبية - منحنٍ بعض الشيء. وبالحقيقة تتحول الجاذبية إلى فضاء منحنياً.
• الأرض في سقوط حر حول الشمس. وبالنتيجة، لا نشعر بجاذبية الشمس على الأرض. والفليكون في المحطة الفضائية هم أيضاً في سقوط حر حول الأرض. وبالنتيجة لا يشعرون بجاذبية الأرض.
• تبرز الجاذبية فقط عندما يُمنع الجسم من متابعة حركته الطبيعية. فحركتنا الطبيعية هي سقوط حر بإتجاه مركز الأرض. والأرض تقاومنا وتجعلنا نشعر بقوتها على أجسامنا والتي نفسرها بالجاذبية.
• الجسم الساقط بحرية في الجاذبية يشعر بإنعدام الجاذبية. تصور أنك في مصعد، وشخص ما قطع الحبل. فبينما يسقط وأنت بلا وزن ستشعر بإنعدام الجاذبية.
• قال فيلسوف القرن السادس عشر جيوردانو برنو:"في الكون، لا يجود مركز أو محيط، لكن المركز هو في أي مكان كان".

===============================================
▬ إذا كانت فكرة أن البشرية قاطبة توافق حجم مكعب من السكر أشبه بروايات الخيال العلمي، فلتفكر ثانية، فالجدير بالملاحظة أن 9.9999999999999 بالمائة من حجم المادة الإعتيادية هو فضاء فارغ. وإذا كانت هناك طريقة لإخراج الفراغ من ذرات أجسامنا، فالبشرية قاطبة ستتوافق مع الفراغ الموجود في مكعب السكر. صــ15

▬ العالم الإنجليزي روبرت بويل لاحظ عام 1660 السلوكيات للغاز، مؤكداً رؤية برنولي للغاز. هذه الرؤية تشبه الذرات لحبات صغيرة تطير هنا وهناك في فضاء فارغ، ما أيد وجود الذرات. ورغم هذا النجاح، فالدليل على وجود ذرات لم يُتوصل إليه لغاية القرن العشرين. فقد كان مطموراً في ظاهرة سُميت الحركة البراونية. صــ17

▬ في عام 1789 جمع الارستقراطي انتوان لافوازيه قائمة من الواد، التي اعتقد أنه لا يمكن تجزئتها إلى مواد أصغر. حيث احتوت القائمة آنذاك على 32 عنصراً. وبالرغم من أن بعضها ليس عناصر جوهرية، فقد احتوت على الذهب والفضة والحديد والزئبق، وبعد 40 سنة من موت لافوازيه عام 1794، توسعت قائمة العناصر لتحتوي على 50 عنصراً. واليوم أصبح لدينا 92 عنصراً طبيعياً، ابتداء من الهيدروجين الأخف إلى اليورانيوم الأثقل. صــ21

▬ إن الصورة الداخلية للذرة يمكن تخيلها، ولقد بدت مخالفة لنموذج الحلوى الذي تحدث عنه تومسون. والصورة عبارة عن نظام شمسي صغير، فالإلكترونات السالبة الشحنة تجذبها النواة الموجبة الشحنة، فتدور حولها كدوران الكواكب حول الشمس. وتبدو النواة على الأقل اضخم من جسيمة ألفا، ولكن ليس لصد الإلكترونات وطردها خارج الذرة. علماً أن النواة تحتوي على 99.9% من كتلة الذرة. صــ25

▬ طبقاً للنظرية الكهرومغناطيسية لماكسويل - التي تصف النظريات الكهربائية والمغناطيسية - حين يتسارع الجسم المشحون، تتغير سرعته وإتجاهه، ويعطي أمواجاً كهرومغناطيسية تسمى الضوء. والإلكترون هو جسم مشحون يدور حول النواة وكثيراً ما يتغير اتجاهه، لذا فإنه يعمل كمنارة إضاءة صغيرة، ويبث بإستمرار أمواجاً ضوئية في الفراغ. والمشكلة تبدو ككارثة لأي ذرة. فالطاقة تشع كضوء يأتي من مكان ما، ويمكن أن يكون من الإلكترون ذاته. واستنزاف طاقة الإلكترون يمكن أن يجعله أقرب إلى مركز الذرة. وأثبتت الحسابات أنه يمكن أن يصطدم بالنواة خلال أجزاء من ملايين جزء من الثانية. وعندها لن يكون للذرات وجود. ولكن الذرات موجودة. فالعالم من حولنا يبرهن بما فيه الكفاية على ذلك. وبعيداً جداً عن انتهاء جزء من مئات الملايين جزء من الثانية، فالذرات تقاوم للعيش بسلام ما يقارب 14 مليار سنة من عمر الكون. وهذه هي بعض المحتويات الحساسة المفقودة في رؤية رذرفورد للذرة. صــ27

▬ ولدت النظرية الكمية ضمن كفاح التوافق بن الضوء والمادة. والتي أمست بالأساس شاذ عن كل العلوم التي مضت من قبل. فقبل عام 1900، كانت الفزياء وصفة للتوقع مع تأكيد جازم. فعندما يكون الكوكب في مكان ما اليوم، ففي يوم لاحق سيتحرك إلى مكان آخر، هذا التوقع محكوم عليه بنسبة 100% من التوافق مع قوانين نيوتن للحركة وقوانين الجاذبية. وهذا يتناقض مع حركة الذرة عبر الفضاء. فلا شيء يمكن معرفته يقينياً، وكل الذي نستطيع فعله هو توقع مساره المحتمل وموقعه النهائي المحتمل. صــ37

▬ إن سبب كون الجسيمة المجهرية شبيهة بالإلكترون، وتستطيع المرور خلال كل من الشقين على الشاشة في آن واحد، هو أنها موجودة نتيجة تراكب موجتين، إحدى الموجات مطابقة للجسيمة المارة خلال أحد الشقين والثانية مطابقة لتلك التي تمر من الشق الثاني، لكن هذا غير كافٍ لضمان سلوكها الإنفصامي القابل للملاحظة. ولكي يحدث ذلك، يجب ظهور نموذج التداخل على الشاشة الثانية. ولكن ليحدث التداخل فهذا بالتأكيد يتطلب موجات انفرادية في تراكب الوجات. والحقيقة أن التداخل هو المحتوى الحاسم للإلكترون لعرض السلوك الكمي الغريب والذي ينتقل إلى تطبيقات عامة حول الذي تسمح لنا الطبيعة بمعرفته عن الإلكترون. صــ56

▬ الصفة اللاموضوعية لا تحدث البتة في العالم الإعتيادي غير الكمي. وكتلة الهواء ربما تنشق إلى اعصارين، أحدهما يدور مع عقارب الساعة الآخر عكس عقارب الساعة. ولكن تلك الحالة بأكملها ستبقى - دوران في إتجاهات متضادة - حتى خروجها معاً من القوة الدافعة. إن الفرق الحاسم في العالم المجهري الكمي هو أن دوران الجسيمات غير مثبت حتى لحظة مراقبتها. وقبل دوران أحد الإلكترونين في الزوج، فإن إتجاه دورانهما لا يمكن توقعه بتاتاً. فهناك فرصة 50% ليكون مع عقارب الساعة و 50% ليكون عكس عقارب الساعة. (ومرة أخرى، نواجه صعوبة العشوائية المجردة في العالم المجهري). ولكن لا توجد طريقة لمعرفة اتجاه دوران الإلكترون إلى أن يراقب، وفي الوقت نفسه يدور الإلكترون الآخر بإتجاه معاكس؛ وليس مهماً كيف سيكون حال الجسيم الآخر . صــ75

▬ إن حقيقة الزمان-المكان هي صعبة، وللزمان والمكان مجرد ظلال تبرز نقطة عامة. أشبه بملاحي سفينة غارقة يتشبثون بصخرة في بحر جامح، فلصنع صدى للعالم نبحث يائسين عن أشياء لا تتغير. نحن نعرف أشياء مثل المسافة والزمان والكتلة. لكن مؤخراً نكتشف بأن الأشياء التي عرفناها لا تتغير فقط من وجهة نظرنا المحدودة. وعندما نوسع منظورنا للعالم نكتشف بأن أشياء أخرى لم نكن نشك فيها هي أشياء ثابتة. وهكذا هو الأمر مع الزمان والمكان. فعندما نرى العالم من نقطة أفضلية للسرعة العالية، لا نرى المكان ولا الزمان ولكن نراه كعالم بلا إتصال مع الزمان والكان. صــ127

▬ الفكرة هي أنه وبالرغم من أننا نفكر في الكون الذي نراه من خلال التلِسكوب بأنه موجود الآن، إلا أن هذه نظرة خاطئة. فنحن لا نعرف إطلاقاً ما يشبه الكون في هذه اللحظة. فعبر الفضاء الأبعد نرى الرجوع الأبعد في الزمن. فإذا نظرنا بعيداً بما يكفي عبر الفضاء قد نستطيع فعلياً أن نرى عن قرب طريقة تكون الكون. بالعودة بالزمن 13.7 مليار سنة نحو الوراء. والزمان والكان مرتبطان معاً بشكل معقد. والكون الذي نراه "خارجاً هناك" هو ليس الشيء الذي يتمدد في الفضاء، لكنه الشيء الذي يتمدد في الزمان والمكان. صــ128

▬ هل هناك عملية تحول كل الكتلة إلى طاقة؟ الجواب هو نعم. فالمادة فعلياً تأتي في نوعين، المادة والمادة المضادة. وليس من الضروري معرفة أي شيء حول حقيقة المادة المضادة. وعندما تلتقي المادة والمادة المضادة، فالإثنان تدمران، أو تُفني إحداهما الأخرى، بنسبة 100% من ومضة الكتلة-الطاقة في أشكال أخرى من الطاقة.  صــ141

▬ المشكلة مع النظرية النسبية الخاصة هي أنها خاصة. إنها تتعلق بما يراه الشخص عندما يتطلع إلى شخص آخر يتحرك بسرعة ثابتة نسبة له، ويظهر أن الشخص المتحرك يبدو بأنه يتقلص في إتجاه حركته بينما يتباطأ الزمن، هذه التأثيرات تصبح أكثر ملاحظة عند وصوله إلى سرعة الضوء. لكن الحركة بسرعة ثابتة هي نوع خاص جداً. والأجسام بشكل عام تغير سرعتها مع الزمن. والسؤال الذي أوجد له أينشتاين الجواب بعد نشره نظريته الخاصة عام 1905 هو: ماذا يرى الشخص عندما يتطلع إلى شخص آخر يسرع بالنسبة له؟ الجواب - ذلك الذي احتاج أكثر من عقد من الزمان ليحصل عليه - هو انها النظرية النسبية العامة، والمساهمة الكبرى للعلم بعقل بشري واحد. صــ144

▬ إن فكرة الجاذبية هي قوة خيالية كالصوت الذي يرسل أبعد قليلاً. ففي أوضاعنا اليومية، نحن سعداء لنبتكر قوى تجعل ما نحس به له معنى فعلاً. ولنقل انك تسافر في سيارة تتسابق حول زاوية حادة في طريق. أنت تبدو مندفعاً للخارج، ولشرح السبب، نبتكر قوة طرد مركزية. وبالحقيقة لا وجود لمثل هذه القوة. صــ149

▬ معظم الناس يفترضون أن الفلكيين يدورون في فلك حول الأرض بدون وزن بسبب عدم وجود جاذبية في الفراغ. على كل حال، بإرتفاع 500 كليومتر أو أكثر من محطة الفضاء الدولية، فالجاذبية هي 15% أقل منها على سطح الأرض. والسبب الحقيقي لكون الفلكي بدون وزن هو أن المركبة الفضائية في حالة سقوط حر بما يشبه وجود شخص في المصعد عندما ينقطع الكابل. الفرق هو أنهم لا يصطدمون بالأرض، لماذا؟ لأن الأرض كروية، وبسرعة سقوطهم على سطح الأرض، فإن انحناء السطح يبدو مبتعداً عنهم. لذلك فسقوطهم يكون في دائرة. صــ154

▬ جديد أينشتاين حول الجاذبية جدير بالإهتمام. فالكتل - مثلاً، النجوم كالشمس - تزيف الزمان - المكان. والكتل الأخرى - كالكواكب مثل الأرض - تطير بحرية تحت تأثير قصورها الذاتي خلال الزمان - المكان المزيف. والمسارات التي تتبعها تسمى المسار الجيوديسي الذي ينحني لوجود مسارات محتملة أقصر في المكان المزيف. هذا كل شيء. وهذه هي النظرية النسبية العامة. صــ156


▬ النسبية العامة هي نظرية انيقة ورائعة. ومع ذلك، فهي صعبة التطبيق في الأوضاع الحقيقية. كإيجاد زيف الزمان-المكان المسبب للتوزيع المعطى للكتلة. والسبب هو أن النظرية نوعاً ما معممة. فالمادة تخبر الزمان-المكان كيف يزيف. وعندئذٍ الزمان-المكان المزيف يخبر المادة بكيفية الحركة. والمادة عندما تتحرك فقط، تخبر الزمان-المكان بكيفية تغيير زيفه، وهكذا، هناك نوع من الدجاج والبيض المتناقضين في قلب هذه النظرية. والفيزيائيون سموها  اللاخطية، وعدم الخطبية بالنسبة للنظريين هي حبة بندق قاسية ليكسروها. صــ164

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

الدُول الفاشلة (نعوم تشومسكي)


• إن خطر الفناء النووي الذي سلط كل من برتراند راسل وآينشتاين الضوء عليه، ليس بأي حال خطراً تجريدياً. فقد سبق لنا بالفعل أن اقتربنا من شفا حرب نووية.
• إن النزعة العدوانية لدى واشنطن ليست هي العامل الوحيد الذي يدفع بالجنس البشري نحو "القيامة قريباً"، لكنها بلا أدنى شك عامل خطير الشأن.
• ما من شك في أن غزو العراق كان له أثر كبير "في مضاعفة الجاذبية الشعبية للمتطرفين المناوئين للديمقراطية من أمثال رجال القاعدة وغيرهم من السلفيين الجهاديين" في أرجاء العالم الإسلامي كافة.
• إننا لا نُجافي الحقيقة إذا ما قُلنا ان الولايات المتحدة الأمريكية تبقى حليف بن لادن الوحيد الذي لا غنى عنه.
• هناك سمة تتسم بها الدول الفاشلة وهي أنها دولة "خارجة على القانون"، تنبذ قيادتها القانون الدولي والإتفاقيات الدولية بإزدراء.
• من الجلي ان إدارة بوش قد اختارت جوانتانامو لأن في استطاعة المخاتلة القانونية أن تصورها بقعة لا تسري عليها القوانين المحلية أو القانون الدولي.
• يُعتبر الصمت، على ما يظهر، غير كافٍ لضمان أن تبقى آثار العقوبات محجوبة عن الأنظار. لذلك ترى المجمّع الإعلامي الحكومي يلجأ إلى الحيلة الشائعة، حيلة الصياح: اللص اللص!؛ أي متى ضُبطت ويدك في جيب أحدهم، فأصرخ: اللص! اللص!
• إن الخطر الأساسي الذي يتهدد معاهدة حظر الإنتشار النووي هو السياسة التي تنتهجها الحكومة الأمريكية. قد لا تكون معاهدة حظر الإنتشار النووي قد لفظت أنفاسها الأخيرة بعد، لكن مؤتمر أيار/مايو 2005 كان بمثابة ضربة قاسية جداً لها.
• هكذا نمضي قًدماً، سيراً على خطى زعمائنا، نحو "هرمجدون من صُنع أيدينا".
• ان السلطة القضائية للمحكمة الدولية "قد أثبتت عدم ملاءمتها للولايات المتحدة"، وأن الولايات المتحدة لا تخضع "للقانون الدولي والمعايير الدولية" بوجه عام.
• كانت ساحة مجرمي الحرب النازيين ستُبرأ فيما لو أمكن تبيان أن نظرائهم الأمريكيين والبريطانيين اقترفوا الجرائهم عينها. وهذا حصل بالفعل..
• إن أسلاف بوش كافة أدركوا أن أمن الولايات المتحدة مهدد من جانب "دول فاشلة": فراغات القوة المحفوفة بالخطر التي يتعين على الولايات المتحدة أن تملأها كي تضمن أمنها، من فلوريدا عام 1818 إلى العراق عام 2003 (جون لويس جاديس)
• كّتَبَ المؤرخ أومر بارتوف يقول: "إننا لا نبالغ إذا ما أكدنا على انه ومهما كان نظام حكم ستالين إجرامياً وبغيضاً، وهو كذلك بالتأكيد، فلولا الجيش الأحمر وتضحياته الجسام بالدم، لما كان هُزم الجيش الألماني، ولبقيت النازية حقيقة واقعية في أوروبا لأجيال عديدة قادمة".
• في المراحل المبكرة من الحرب، كانت رؤية هاري ترومان في غاية البساطة: إذا رأينا ألمانيا تكسب، علينا أن نساعد روسيا، وإذا كانت روسيا هي التي تكسب، علينا أن نساعد ألمانيا. وبهذه الطريقة ندعهما يقتلان أكبر عدد ممكن منهما..
• إن عدد نزلاء السجون في الولايات المتحدة هو الاعلى في العالم، والاعلى بكثير مما هو في الصين وروسيا. وقد تضاعف مجدداً في عام 2004 ، ولا سيما النساء.

===================================================

▬ إن مخاطر الحرب النووية آخذة في التصاعد عن وعي وبفعل التهديد بإستعمال العنف، الذي يحفز أيضاً، وكما تنبأنا منذ أمد بعيد، الإرهاب الجهادي. يمكن إرجاع الإرهاب الجهادي إلى البرامج التي اعتمدتها إدارة ريجان لتنظيم وتسليح وتدريب الإسلاميين المتشددين - ليس دفاعاً عن أفغانستان، كما زُعم، بل من أجل المصالح العليا المألوفة والبشعة للدولة [الأمريكية]، مع ما لها من تداعيان كالحة على شعب أفغانستان المعذب. كما أن إدارة ريجان تسامحت أيضاً والبهجة لا تسعها بالإنزلاق نحو التطرف الإسلامي المتشدد في ظل حكم محمد ضياء الحق، أحد المستبدين القساة العديدين الذين دعمهم المتصوفون الحاليون في واشنطن ومرشديهم. كذلك غض ريجان وشركاؤه الطرف بمنتهى الأدب فيما كان حليفهم الباكستاني عاكفاً على تطوير أسلحة نووية، مصادقين سنة بعد أخرى على الإدعاء بأن باسكتان لا تفعل ذلك. صــ24 : 25

▬ إن إنتاج النفط في الشرق الأوسط يعني بالدرجة الأولى المملكة العربية السعودية و (من الممكن إضافة) العراق، هذا الأخير الذي يُعتبر غنيمة دسمة بالخصوص ليس لموارده فحسب، بل لأنه الكائن الوحيد المتبقي على سطح الأرض الذي يملك إحتياطياً هائلاً لم يُمس عدا عن أن إستخراجه سيكون رخيصاً للغاية؛ أي أنه بمثابة منجم ذهب واعد لشركات الطاقة التي ستحظى بإمتياز النفاذ إليه، وهي أمريكية وبريطانية بالدرجة الأولى، في حال أفلح الغزو في فرض حُكم واشنطن القوي، لقد كانت المسألة الحاسمة طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية هي السيطرة والتحكم أكثر منها النفاذ والإنتفاع. ومن الممكن الإفتراض بأن هذا الإنهمام بحيازة "النفوذ الحاسم" في الشؤون الدولية سبقى ساري المفقعول في المستقبل المنظور أيضاً. صــ51

▬ من بين الخصائي الأكثر بروزاً للدولة الفاشلة أنها لا تحمي مواطنيها من هذا العنف - وربما من الدمار أيضاً - أو أن صُنّاع القرار فيها ينظرون إلى هذه المشاغل كأولوية أدنى في سُلم الأولويات من القوة والثروة قصيرتي الأمد لقطاعات الدولة المهمينة. وهناك سمة أخرى تسم الدولة الفاشلة وهي أنها دولة "خارجة على القانون"، تنبذ قيادتها القانون الدولي والإتفاقيات الدولية بإزدراء. قد تكون هذه الوسائط مُلزمة للآخرين، لكنها غير ملزمة للدولة الخارجة على القانون. صــ51

▬ إننا نسمع المعلقين يتفجعون على الولايات المتحدة قد تبدلت "من بلدٍ يشجب التعذيب ويحظر استخدامه إلى بلدٍ يمارس التعذيب بصورة روتينية". إن التاريخ الفعلي أقل لطافة من ذلك بكثير. لكن التعذيب، مهما كان مريعاً، فهو بالكاد يزن شيئاً بالمقارنة مع جرائم الحرب المرتكبة في الفلوجة وأماكن أخرى في العراق، أو مع التداعيات العامة للغزو الأمريكي والبريطاني. صــ67

▬ في الوقت الذي يدّعي فيه الزعماء الأميريكيون بأنهم يحمون العالم من أخطار الإنتشار الننوي في العراق وليبيا وإيران وكوريا الشمالية، فإنهم لم يهجروا كوابح المعاهدة القائمة فحسب، بل أكدوا عزمهم كذلك على اختبار وتطوير أسلحة جديدة، من ضمنها صواريخ مضادة للصواريخ البالستية، و "مفجرة الدشم" أو القنابل الخارقة للأرض، وربما بعض القنابل "الصغيرة" الجديدة. ولقد تخلوا كذلك عن تعهداتهم السابقة، وهم يهددون الآن بأن يكونوا أول البادئين بإستعمال الأسلحة النووية ضد دول غير نووية. صــ99

▬ "إن الترويج للديمقراطية عنصر محوري في مواصلة إدارة جورج دبليو بوش الحرب على الإرهاب واستراتيجيتها الكبرى الشاملة على حد سواء". بهذه الكلمات تبدأ المقالة البحثية الأوسع والأشمل حتى الآن عن "جذور مبدأ بوش". والتصريح لا يدعو للدهشة أبداً، إذ لم يحل عام 2005 إلا وكان [هذا المبدأ] قد بلغ مرتبة الشعائر. نقرأ في أدبيات الباحثين وعلى نسق روتيني أن الإعتقاد بإمكانية فرض الديمقراطية من الخارج "هو الإفتراض الذي حدا بأمريكا إلى التدخل في العراق"، وقد "جرى تثبيته [في الأذهان] بوصفه عماد الطموح الجديد المحتمل للسياسة الخارجية الأمريكية في أمكنة أخرى. كما يُصار إلى تضخيم التصريح في بعض الأحيان، كأن يُقال إن "الترويج للديمقراطية في الخارج" كان هدفاً أولياً للسياسة الخارجية الأمريكية منذ أن حباه وودرو ويلسون "بعنصر مثالي قوي"؛ وسجل "بروزاً استثنائياً" في ظل رونالد ريجان، ثم امتُشق "بعنفوان غير مسبوق" في ظل بوش الثاني. صــ129

▬ ولنقلها بصراحة، إن زعماء الولايات المتحدة وبريطانيا عندما يطلبون منا أن نقدِّر صدق لغوهم الفصيح عن إنتقالهم المفاجيء إلى التطبيل "للتحول الديمقراطي"، كأنما يُعلموننا أيضاً بأنهم من أوقح الكذابين كونهم دفعوا ببلديهم إلى الحرب بسبب "سؤال وحيد": هل تخلّى صدام عن برنامجه لأسلحة الدمار الشامل؟ في آب/أغسطس 2003، حين كانت القصة على وشك أن تتحطم شذر مذر، نقلت الصحافة أن "إدارة بوش، وإزاء استمرار البحث عن أسلحة محظورة في العراق عى غير طائل، انتقلت إلى التنويه بحجة مختلفة للحرب على صدام حسين: استخدام العراق كــ"خابور في العجلة" لتغيير الشرق الأوسط، والتخفيف بتلك الطريقة من خطر الإرهاب المحدق بالولايات المتحدة وهو ما حصل فعلاً بإعتراف إستخباراتهم هم. صــ163

▬ مهما يكن من أمر، يبدو أن الناس اللاعقلانيين في الشرق الأوسط لا يُشاطرون العالم مداركه ومفاهيمه المنكسرة عبر موشور الثقافة الفكرية والأخلاقية الغربية، ولربما يعجزون حتى عن الإعجاب بــ "الوضوح الأخلاقي" لقادته الذين تُسدد السماء خطواتهم. وربما يكون لذلك علاقة ما بحقيقة أنه في الوقت الذي يُعارض فيه 61% من اللبنانيين التدخل السوري في شؤون بلدهم، ثمة 69% يُُعارضون التدخل الأمريكي أيضاً. صــ207

▬ إن الدّولانيين الرجعيين القابضين على زمام السلطة السياسية بيدٍ واهنة يُثبتون أنهم محاربون متفانون: فسياستهم التي تتصف بالإتساق والشغف اللذين يُقاربان حد الكاريكاتور إنما تخدم "أصحاب الشأن" - لا بل قطاعاً ضيقاً للغاية منهم في الواقع - وتهمل أو حتى تُؤذي "الفئات التحتية من الشعب" والأجيال القادمة. إنهم يسعود جاهدين كذلك إلى الإفادة من الفرص السانحة لهم حالياً لما أسسته تلك الترتيبات، بحيث لن يكون معها بناء مجتمع أكثر إنسانية وديمقراطية بالمهمة السهلة على الإطلاق. صــ290

▬ تشتمل مآثر جورج دبليو بوش في ولايته الأولى على تمكين الشركات من جني أرباح طائلة في الوقت الذي تجمدت فيه الأجور أو انخفضت، هذا إلى جانب اقتطاعات ضريبية ضخمة لصالح الأغنياء وبما يعيد توزيع الثروة صعوداً أكثر من ذي قبل. تلك كانت من بين العديد من السياسات التي تعود بالنفع على أقلية ضئيلة ويُرجِّح أن تؤدي إلى "تحطيم القطار المالي" ، الأمر الذي سيضر بالإنفاق الإجتماعي مستقبلاً ويلقي على كاهل الأجيال القادمة كُلفة النهب الذي يُمارسه الأغنياء فاحشيء الثراء هذه الأيام. صــ299

===================================================
نبذة الناشر:
|| لطالما أكدت الولايات المتحدة المرة تلو الأخرى على حقها في التدخل العسكري ضد "الدول الفاشلة" في أي مكان من العالم. في هذا العمل المنتظر، والمكمل لكتابه الأكثر منيعا في العالم: "الهيمنة أم البقاء"، يقلب نعوم تشومسكي كل الطاولات، بتبيانه لنا كيف تحوز الولايات المتحدة ذاتها العديد من سمات وخصائص الدولة الفاشلة -ولذلك فهي تشكل خطراً متعاظماً على شعبها هي وعلى العالم.

الدول الفاشلة، بحسب تشومسكي، هي "الدول غير القادرة أو غير الراغبة في حماية مواطنيها من العنف وربما من الدمار نفسه"، والتي "تعتبر نفسها فوق القانون، محلياً كان أم دولياً". وحتى إذا ما كانت الدول الفاشلة تملك أشكالاً ديمقراطية، إلا أنها تعاني من قصور وعجز ديمقراطي خطير يجرد مؤسساتها الديمقراطية من أي جوهر حقيقي. وتشومسكي إذ يستكشف آخر المستجدات في سياسة الولايات المتحدة الخارجية والداخلية، فإنه يميط لنا اللثام عن خطط واشنطن لزيادة عسكرة كوكبنا، بما يفاقم إلى حد بعيد مخاطر نشوب حرب نووية، ويقيم لنا التداعيات الخطرة لاحتلال العراق، الذي أجج غضب العالم وسخطه على الولايات المتحدة، ويدعم بالوثائق سعي واشنطن إلى إعفاء نفسها من كل موجبات المعايير الدولية، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف، وأسس القانون الدولي المعاصر، وبروتوكول كيوتو... كما يعاين لنا كيف أعد النظام الانتخابي الأميركي من أجل إقصاء البدائل السياسية الحقيقية وبما يقطع الطريق على قيام أية ديمقراطية ذات معنى.

بنبرته القوية، وأفكاره النيرة ووثائقه المحكمة، يقدم لنا كتاب "الدول الفاشلة" تحليلاً شاملاً جامعاً للقوة العظمى التي ادعت منذ أمد طويل أن لها الحق في قولبة الأمم الأخرى على هواها، والإطاحة بالحكومات التي تعتبرها غير شرعية، وغزو الدول التي ترى أنها تهدد مصالحها، وفرض عقوبات على الأنظمة التي تعارضها -كل ذلك في الوقت الذي تعيش فيه هي ومؤسساتها الديمقراطية أزمة خطيرة، وتدفع بسياساتها وممارساتها الرعناء العالم إلى شفير كارثة نووية وبيئية.


بتفكيكه ودحضه على نحو ممنهج ادعاء الولايات المتحدة بأنها الحكم على الديمقراطية في العالم، يعد كتاب "الدول الفاشلة" العمل النقدي الأشد تركيزاً والأكثر مطلوبية حتى الآن. ||

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

كنت رئيساً لمصر (محمد نجيب)


طالع هذا الرابط أولاً (إضغط هنا) وهذا أيضاً (إضغط هنا)

• ابن أحمد عرابي قال لي : الضابط في جيش الإحتلال مقاول أنفار..
• لابد أن نعترف بأن ثورة 1919، كانت من أهم ثورات الشعب المصري..وأنا أشهد بذلك..خاصة أنني شهدت أحداث تفاصيلها..وتابعت حركتها.
• النحاس قال لي: أفضل أن يكون الجيش بعيداً عن السياسة، وأن تكون الأمة هي المصدر الوحيد للسلطات..وإن كنت في نفس الوقت أتمنى ان يكون انتماء الضباط للوطن والشعب، أكثر من انتمائهم للملك.
• أول لقاء لي مع الملك فاروق كان بالمايوه والشبشب.
• هددت بالإستقالة لو لم يفرجوا عن الضابط أنور السادات..
• طالبت القصر بعدم الدخول في مستنقع حرب فلسطين لكن لم يستجب أحد.
• كان أنور (السادات) يتمتع بروح الدعابة..ويميل إلى تقليد الممثلين..وقد قلد أمامي، ذات مرة، نجيب الريحاني..
• لقد كنت كثير التصادم مع أمثال أولئك الضباط الذين باعوا أنفسهم للشيطان..إبراهيم عطا الله..يوسف رشاد..واللواء محمد حيدري الذي جاء بعد إبراهيم عطا الله..والذي كان أحد ضباط البوليس السابقين، ذوي الشهرة في ضرب المتظاهرين أيام ثورة1919، ثم رجع مديراً لمصلحة السجون.
• إن بإشتراكنا العلني في حرب فلسطين، أعطينا الصهاينة ذريعة ليمارسوا حقهم، كأقلية، في الحرب من أجل البقاء في أرض لا علاقة لهم بها. وكانت هذه الحرب في حقيقتها عبارة عن سلسلة من الهدنة تتخللها معارك بسيطة..
• في فلسطين اكتشفت أن العدو لرئيسي لنا ليس اليهود وإنما الفساد الذي ينخر كالسوس في مصر، والذي كان يتمثل في الملك وفي كبار القواد والحاشية والإقطاع وباقي عناصر النظام ودعائمه في مصر.
• وكنت أول من قال: إن المعركة الحقيقية في مصر وليست في فلسطين .. وهي العبارة التي نسبها جمال عبد الناصر لنفسه بعد ذلك.
• في خلال شهور الحرب لم يلفت جمال عبد الناصر انتباهي. لكني اتذكر أنه كان يحب الظهور ويحب أن يضع نفسه في الصفوف الأولى والدليل على ذلك ما حدث في الفالوجا.
• كنا نلتقط صورة تذكارية في الفالوجا، ففوجئت بضابط صغير، يحاول أن يقف في الصف الأول مع القواد، وكان هذا الضابط جمال عبد الناصر، ولكني نهرته وطلبت منه أن يعود لمكانه الطبيعي في الخلف.
• كنت لا أستريح لصلاح سالم، وكان في قلبي بعض الشكوك فيه، لصلته الوثيقة بالفريق محمد حيدر، لكن تبين لي أن شكوكي ليست في محلها. كان عبد الناصر أيامها، أسمر اللون، ذا انف كبير، ومستقيم، وكان اضخم الثلاثة.
• وبعد لقاءات عديدة، اتفقنا على الخطوط العريضة..ودعاني عبد الناصر إلى تنظيم الضباط الأحرار .. وهو تنظيم سري كان هو مؤسسه، ورئيسه..ووافقت على ذلك.
• كنت أول من أطلق عبارة "تنظيم الضباط الأحرار".
• كان الوفد في عز قوته .. وظل على هذا النحو حتى احترقت القاهرة .. فاحترق معها .. في 26 يناير 1952.
• قبل حريق القاهرة بيومين، رفض جنود بلوكات النظام انذار القائد البريطاني المقيم في فايد، على شاطيء القناة، بتسليم انفسهم.. وأذاع فؤاد سراج الدين وزير الداخلية، بياناً من خلال الرادبو طالب فيه الجنود أن يقاتلوا حتى آخر طلقة، وهدد من تراجع عن ذلك بالمحاكمات العسكرية.
• بينما كانت القاهرة تحترق، كان الملك يحتفل بالمولود الجديد مع زوجته ناريمان صادق..
• إن انتخابات نادي الضباط كانت فعلاً هي الثورة .. وعندما يكتب التاريخ الحقيقي لثورة يليو سوف يقرر المؤرخون أن الملكية في مصر بعد انتخابات نادي الضباط.
• قبل انتخابات النادي كانت اللجنة التنفيذية لتنظيم الضباط الأحرار، تعتقد أنه ليس من الممكن القيام بالثورة قبل عام 1955. لقد غيرت الإنتخابات عقولنا. وأحسسنا بقوتنا .. وأكدت لنا مدى ضعف الملك ونظامه.
• لقد استغل الضباط الأحرار اسمي وسمعتي وشعبيتي، أحسن إستغلال في اختبار قوتهم، وفي احساسهم بذاتهم.
• أثناء وداعنا للملك فارق ومغادرته البلاد قال عدة كلمات منها : "أرجو أن تعتني بالجيش فهو جيش آبائي وأجدادي" .. "إن مهمتك صعبة جداً، فليس من السهل حكم مصر.
• الآن أدركت أن فاروق كان يُعني شيئاً آخر .. لا أتصور أن أحداً من الذين حكموا مصر أدركوه، وهو أن الجماهير التي ترفع الحاكم إلى سابع سماء هي التي تنزل به إلى سابع أرض .. لكن .. لا أحد يتعلم الدرس.
• إنني أعتبر ما حدث ليلة 23 يلوليو 1952 إنقلاباً .. وظل على هذا النحو حتى قامت في مصر التحولات السياسية والإقتصادية والإجتماعية فتحول الإنقلاب إلى ثورة.
• بعد أقل من أسبوع على رحيل الملك كنا نسير في طريق تكييف القوانين الذي انتهى بنا إلى هاوية اللاقانون بعد ذلك.
• اقترحوا عليّ رشاد مهنا (كأحد الأوصياء) فاعترضت. وكان لإعتراضي ما يبرره..فرشاد مهنا خشي مواجهة الملك[..] ورشاد مهنا ضابط وأنا لا أريد أن أزج بالجيش فيما لم يُخلق له.
• حاولت قدر استطاعتي اغلاق هذا الباب، وابعاد الجيش عن الحياة المدنية، وعودته إلى الثكنات، وترك البلد للسياسيين. لكن، كان الوقت، على ما أعتقد، قد فات. فقد اخترق العسكريون كل المجالات وصبغوا كل المصالح الدنية باللون الكاكي.
• لقد كنت أخشى أن يكون حكم العسكريين هو نقطة تحول في تاريخ حكم مصر، لا تستطيع بعده أن تعود للحكم المدني، الطبيعي. وكنت أخشى ان ينتقل النفوذ العسكري من الوزارة التي شكلتها إلى كل شبر في الحياة المدنية.
• كان بين عبد الناصر وبينهم (الإخوان) تاريخ طويل، قبل الثورة، وكان اسمه الحركي عندهم زغلول عبد القادر.
• رغم الصدام الذي وقع بين الإخوان والثورة بسبب تشكيل وزارتي، إلا أننا لم نقطع كل الجسور معها كجماعة سياسية، هي في حقيقتها حزب، عندما أصدرنا قانون الأحزاب .. أو قانون تنظيم الأحزاب السياسية.
• كان موعد الإنتخابات البرلمانية الجديدة، كما وعدت، في فبراير 1953. كنت أعتبر هذا الموعد هو تاريخ إعادة الحياة الديمقراطية كاملة إلى مصر. كنت أعتبره التاريخ الذي يعود فيه الضباط إلى الثكنات والسياسيين إلى البرلمان، والحياة إلى طبيعتها.
• رغم أن بيتي كان بسيطاً، ولا يليق بأن يكون بيتاً لرئيس جمهورية، ورغم بعده عن قلب العاصمة، فقد فضلت البقاء فيه لكي أقنع الآخرين بالتقشف واعطاء المثل لهم.
• عندما قالوا لي: "ان مرتب رئيس الجمهورية سيكون ستة آلاف جنيه سنوياً. أي 500 جنيه في الشهر.. عرضت أن أتنازل عن نصف هذا المرتب طوال مدة الرئاسة..
• قوة عبد الناصر في شخصيته .. وشخصيته من النوع الذي يتكيف ويتغير حسب الظروف .. فهو مرة مع الشيوعيين ومرة مع الإخوان، وعشرات المرات ضد الجميع ومع نفسه.
• وكما عرفت بعد ذلك، كانت "حركة" سليمان حافظ، المباغتة، تمهيداً لإعلاني رئيساً للجمهورية ولإبعادي عن الجيش، ووضع سلطة التصرف فيه إلى عبد الحكيم عامر، الذي رقي، رغم معارضتي، من صاغ إلى لواء، وأصبح القائد العام للقوات المسلحة.
• كان أول خلاف بيننا في تلك الفترة حول محكمة الثورة .. لأننا سنكون، كما قلت، خصماً وحكماً في نفس الوقت..
• كان عبد الناصر وشلته يسعون علناً للإنفراد بالسلطة .. كانوا يفعلون كل شيء لفرش الأرض وتمهيدها لذلك..
• رغم كل ذلك، لم أحاول أن أفعل مثلهم .. ولم أحاول أن أواجههم بنفس أساليبهم القذرة .. فلم تكن أخلاقي لتسمح بذلك كما أنني كنت أسعى جاهداً أن اُغطي على صورتهم المشوهة أمام الناس، حتى لا يفقدوا ما تبقى من إيمانهم بالثورة .. فهل كان هذا خطأي الكبير؟
• سحبت من رأسي الأفكار الخاصة بتقديم استقالتي، والتي كثيراً ما روادتني خلال الشهور الأخيرة قبل رحلة النوبة، واعتبرت الإستقالة هي اعطاء الفرصة كاملة لديكتاتورية عبد الناصر لكي تسود وتسيطر وتطيح بما تبقى من أمل ديمقراطي.
• لم أكن موافقاً على حل جماعة الإخوان..
• استقلت أول مرة لأنني رفضت أن اكون واجهة.
• حضروني في بيتي وقعطوا إتصالاتي ومنعوا الصحف وأنا لا أزال رئيساً للجمهورية.
• أرادوا تحطيم صورتي عند الناس فهب الناس للتخلص منهم.
• عُدت إلى الحكم على أكتاف الجماهير ودماء الإخوان المسلمين.
• عبد الناصر تسامح مع الإنجليز والأمريكان مقابل ان يتخلصوا مني.
• إذا كان للقيادة الجماعية بعض المميزات فإن عيوبها أكثر .. وأخطر هذه العيوب أن يظهر شخص مثل جمال عبد الناصر ينجح في تحريك المجموعة من تحت المنضدة، لتصوت حسب أهدافه وأغراضه، كما حدث.
• إنني لم أقبل العدول عن الإستقالة إلا من أجل الحرية والديمقراطية وإجراء انتخابات برلمانية وتأليف جمعية تأسيسية تمثل مختلف هيئات الشعب، ستجرى الإنتخابات التي تعيد الحياة النيابية للبلاد...
• اليوم أعود إلى القلم لأنفض عنه التراب، وإلى الفكر لأجلو عنه الصدأ، فالرقابة على الصحف لا تحطم الأقلام فحسب بل تقضي على ملكة التفكير.
• يا ويل أمة لا يمارس كُتّابها إلا المدح والثناء ولا يسمح حكماها إلا بتلك النغمة المزدولة، فالنقد السياسي كالنقد عامة ضرورة من ضرورات الحياة والتقدم رمز على الحيوية، فبغيره تفتر الهمم وتتقاعس النفوس ويخبو الذهن والإصلاح.
• أليس من الافضل أن تكون الأحزاب موجودة قبل الإنتخابات؟.. من يختلف على ذلك. إلا من يريد الديكتاتورية ويخشى على نفسه من الديمقراطية ؟
• لقد اشتراهم (الإخوان) عبد الناصر ليبيعني .. ثم .. باعهم واشترى السلطة المطلقة.
• إنني بمنتهى الصراحة لم أتصور أن يغير الإخوان موقفهم ويؤيدوا جمال عبد الناصر.
• ولم يلبث أن دفع الإخوان ثمن تأييدهم لعبد الناصر، في أزمة مارس عندما دُبر ما سُميّ بحادث الإعتداء عليه في المنشية يوم 26 أكتوبر، واتهم فيها محمود عبد اللطيف.
• وكانت هذه المسرحية المدبرة، محاولة لتحويل عبد الناصر إلى بطل شعبي ومحاولة لينسى الناس عوار اتفاقية الجلاء، ثم هي فرصة ليتخلص عبد الناصر من القوة الوحيدة الباقية وهي الإخوان.
• قال لي عامر :"إن إقامتك في المرج لن تزيد عن بضعة أيام". ولكن إقامتي في المرج استمرت من نوفمبر 1954 إلى أكتوبر 1983.
• عبد الناصر كان يعتبر السودان عبئاً على مصر يجب التخلص منه.
• إن السوادن لم يكن بالنسبة لي مجرد ارتباط عائلي ولا عاطفي .. وإنما كان أيضاً ايماناً بأهميته وضرورته لمصر .. لم يكن مجرد فصل من حياتي وإنما هو أيضاً فصل من حياة مصر.
• إنني بالرغم من كوني مصرياً، ولست سودانياً، إلا أنني أشعر بحنين لهذه الأرض التي ترعرت فيها ونشات عليها ورويتها بدماء أجدادي.

                                                               
• كان الأمريكان في الحقيقة يسعون جاهدين للتسلل داخل السلطة في مصر، ورغم أنني كنت في صراع حاد مع عبد الناصر، إلا أنني رفضت الإستعانة بهم، ورغم أن عبد الناصر كان يفعل المستحيل للتخلص مني، فإنني لم أكن أعتمد في وجودي إلا على جماهير الشارع.
• كان الأمريكان يريدون أن يحصلوا على مصر مجاناً .. أو ببضعة أجوال من قمح المعونة .. ولم يكونوا على استعداد لأن يدفعوا أكثر من ذلك .. كأن يمدونا بالسلاح مثلاً.
• لقد وقف الأمريكان بجانب عبد الناصر فعلاً .. لكنه لم يوفِ بعهده.
• لقد كان شعار تحرير فلسطين وإزالة إسرائيل شعاراً رفعته الحكومات العربية للإستهلاك المحلي، ولإستمرار طرح قضية وطنية تلهي الناس عن القضية الإجتماعية أو الديمقراطية..
• كان بعض الكتاب الإسرائيليين قد تفاءلوا عندما عرفوا أن جمال عبد الناصر الذي كان على إتصال ببعض ضباط المخابرات الإسرائيلية في حرب فلسطين، هو أحد رجال الثورة.
• كان من المعروف أن الملك يحكم مصر بالجيش والأزهر .. الجيش يحميه والأزهر يبرر تصرفاته وقراراته .. وكان الملك قادراً على أن يُطيح بمن يعارضه من مشايخ الأزهر..
• إن المشروعات الضخمة التي أُقيمت في الستينات، كانت بلا تخطيط، وبلا كوادر تديرها .. كانت مباني بلا معاني .. وكانت دعاية لا ضرورة إقتصادية.. ووصل التوزير في بعضها إلى حد الإعلان عن إنتاجه السنوي دون أن يفتح المصنع أصلاً.
• حتى عندما أُقيم المشروع الضخم المُسمى بالسد العالي، كان الإهتمام بالجانب السياسي والدعائي فيه أهم وأكبر من الجانب الإقتصادي والفني..
• إن شعار "مصر فوق الجميع" كان شعاراً حقيقياً في عهدي .. ولكن .. الشعار انقلب تماماً في ايام أخرى تلت إختفائي من على المسرح.
• رفضت أن أهرب خارج مصر بحجة وجود خطر على حياتي.
• تمنيت أن يعاملوني لحظة التخلص مني كما عاملت الملك فاروق الفاسد.
• الذين قاموا بالثورة طَحَنَتهم، والذين نافقوها رَفَعَتهم.
• شطبوا إسمي من كتب التاريخ فلم يصدق أطفالي أنني كنت رئسياً لمصر.
• إبني الأكبر مات بعد الإعتقال والأوسط مات مقتولاً في ألمانيا والثالث طردوه من عمله بقرار جمهوري.
• ضُرِبتُ وأُهنت وتعرضت للموت في حادث إختطافي عام 1956.
• سمعت خبر وفاتي في اذاعات العالم نقلاً عن مصادر مطلعة في القاهرة..
• كٌُنت أقضي يومي في ممارسة بعض التمارين الرياضية .. وفي قراءة الصحف .. وفي سماع الإذاعات .. وفي تسجيل ملاحظاتي حول الأحداث التي تجري في البلاد .. وبعد ذلك في تربية القطط والكلاب..
• الإرهاب يولد إرهاباً .. والدم يفجر الدم .. والقسوة تعشق القسوة .. والديكتاتورية العسكرية لا تحكم إلا بدولة المخابرات..
• رفعت المطابع إسمي من كافة الكتب .. شطبوا إسمي من التاريخ .. زوروا التاريخ .. بل وحاولوا أن يتعاملوا معي كأنني لم أوجد ولم أولد وكأنني كذبة أو خرافة أو إشاعة..
• لقد تعذب أولادي كما تعذبت أنا.. تعذبنا منذ دخولنا معتقل المرج..
• لو كانوا قد قرأوا قليلاً في التاريخ أو في السياسة، لعرفوا أن عبد الناصر نفذ نصائح مكيافللي في "الأمير" خاصة تلك التي تنصح الحاكم بالتخلص من كل الذين ساعدوه في الوصول إلى الحكم..
• لقد قًمنا بثورة .. فإذا بهم يحولونها إلى عورة!

===================================================

▬ كنت طالباً في السنة الثانية بالكلية (1914) وجاء المستر ن.ر.سمبسون، مدرس اللغة الإنجليزية، ليملي علينا قطعة إملاء .. جاء فيها: ان مصر يحكمها البريطانيون. فلم يعجبني .. وتوقفت عن الكتابة .. ونهضت واقفاً .. وقلت له: لا يا سيدي .. مصر تحتلها بريطانيا فقط .. ولكنها مستقلة داخلياً .. وتابعة لتركيا. فثار المدرس الإنجليزي، غضب، وأصر على أن أذهب، أمامه إلى مكتبه وأمر بجلدي عشر جلدات على ظهري .. واستسلمت للعقوبة المؤلمة دون أن أتحرك، أو أفتح فمي. كنت متأثراً، في ذلك الوقت، بكتابات مصطفى كامل ضد الإنجليز .. كانت الكتابات تهرب سراً من مصر إلى السودان .. وكنا نقرأها بعيداً عن الأعين، ونحاول أن نلقد صاحبها على قدر إستطاعتنا. صــ17

▬ لقد كان الهدف من النظام العسكري حماية الحكام من أعدائهم المحليين والأجانب، ولم يكن من السهل على الجيش أن يبتعد عن السياسة..لأنه لم يكن من السهل عليه أن يترك بلاده تهوي إلى قاع الفساد..وكان لابد أن يتدخل في السياسة ليكون حكومة تدافع عن المصالح والرغبات المشروعة للشعب. وهذا بالضبط ما حاولنا أن نفعله بقيام حركة الجيش في 23 يوليو 1952. أمسكنا بزمام السلطة لأننا لم نعد نتحمل المهانة التي كنا نعيشها مع الشعب المصري.. وكانت نقطة التفجر هي إنهزامنا في فلسطين..ولكن.. بالنسبة لبعضنا كانت نقطة التفجر سابقة على الهزيمة في فلسطين. أنا شخصياً كانت نقطة تفجري في 4 فبراير 1942. وعبرت عن غضبي من هذا الحادث الذي داس فيه الإنجليز كرامة الملك فاروق بالدبابات، بأن قدمت استقالي من الجيش، لكن الملك لم يقبل الإستقالة.. وبقيت في الجيش، منذ ذلك اليوم، رغم إرداتي. صــ66

▬ أما الإصابات الكبيرة التي سجلتها، فكانت تستحق فعلاً التسجيل. كانت هناك إصابة من لغم انفجر على بعد متر ونصف المتر مني، أصابني في صدري وتحت إبطي ويدي اليُمنى. الإصابة الثانية كانت رصاصة، اخترقت شعري، واحتكت برأسي، وجرحتني جرحاً سطحياً. أما الإصابة الثالثة والخطيرة، فكانت في معركة التبة - 86 ! كانت هذه المعركة في ديسمبر 1948. أصبت في صدري..في الشرايين القريبة من القلب..وعندما نقلت إلى المستشفى كنت في حالة إغماء تام..حتى تصور الأطباء أنني مت..وفعلاً كتبوا ذلك على الورق. صــ75

▬ كان حسين سري عامر وكيل السلاح..وكان وجوده عاراً على الجيش المصري كله..فقد ارتبط اسمه أكثر من مرة، بتهريب المخدرات وبيع الأراضي بالطرق غير المشروعة، واتهم بشراء الأسلحة المتخلفة من الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية، وبيعها للجيش المصري بأسعار خرافية.. بخلاف إتهامات أخرى مثل سرقة ونهب أموال البدو، ومصوغات نسائهم..ومثل جرائم الرشوة والتزوير. وكان الملك يشترك شخصياً في مثل هذه العلميات، خاصة عمليات بيع السلاح، لكنني لم أعرف ذلك إلا عام 1950، وقبل ذلك التاريخ، كنت بدون فهم، أبلغ الملك بهذه الإنحرافات. صــ87

▬ لا أريد أن أنسب لنفسي ما هو ليس لي .. ولكن .. الحقيقة تقتضي أن أقول، أنني أول من أطلق عبارة "الضباط الأحرار" على التنظيم الذي أسسه جمال عبد الناصر .. وأنا الآن أعتذر عن هذه التسمية، لأنها لم تكن إسماً عى مُسمى .. فهؤلاء لم يكونوا أحرار وإنما كانوا أشرار .. وكان أغلبهم، كما اكتشفت فيما عبد، من المنحرفين أخلاقيا وإجتماعياً .. ولأنهم كذلك كانوا في حاجة إلى قائد كبير ، ليس في الرتبة فقط، وإنما في الأخلاق أيضاً، حتى يتواروا وراءه، ويتحركوا من خلاله .. وكنت أنا هذا الرجل للأسف الشديد. صــ91

▬ علمنا أن الملك اتصل بالسفير الامريكي، وطلب منه أن يبلغ الإنجليز أنه في حاجة إلى عونهم، لكن السفير اعتذر بحجة عدم تدخل حكومته في الشئون الداخلية .. لكنه وعد الملك بحمايته وحماية عائلته إذا احتاج الأمر ذلك .. وغضب الملك من رد كافري، وطلب قائد القوات البريطانية في مصر وطلب منه أن يضع خطة لتهريبه هو وأعوانه خارج مصر، لكن القائد البريطاني تراخى في الإستجابة لطلب الملك، فإذا بالملك يطلب منه إحتلال القاهرة، وضرب الإسكندرية بالأسطول .. وفي هذه المرة رفض طلبه تماماً. صــ121

▬ أريد أن أحسم قضية هامة لا تزال تثير الحوار والجدال، كلما جاءت سيرة ما فعلناه في 23 يليو 1952: هل ما فعلناه في تلك الليلة ثورة أم انقلاب ؟ إن من يؤيدنا ويتحمس لنا، يقول: -ثورة!. وكأنه يكرمنا. ومن يعارضنا ويرفض ما فعلنا يقول: "إنقلاب" وكأنه يحط منا. وفي الحالتين لا يجوز أن نأخذ بمثل هذه الإنفعالات العاطفية. وأنا لن أدخل في مناقشات ومتاهات التعريفات والمصطلحات الأكاديمية حول الثورة والإنقلاب .. ولن أتوه في صحارى الخلافات النظرية .. لكنني سأقول رأيى فيما عشته، وفيما رأيته، وفيما صنعته. ان تحركنا ليلة 23 يوليو، والإستيلاء على مبنى القيادة كان في عرفنا جميعاً إنقلاباً .. وكان لفظ انقلاب هو اللفظ المستخدم فيما بيننا .. ولم يكن اللفظ ليفزعنا لأنه كان يعبر عن أمر واقع .. وكان لفظ الإنقلاب هو اللفظ المستخدم في المفاوضات والإتصالات. الأولى بيني وبين رجال الحكومة ورئيسها للعودة إلى الثكنات.. ثم .. عندما أردنا ان نخاطب الشعب، وان نكسبه إلى صفوفنا، أو على الأقل نجعله لا يقف ضدنا، استخدمنا لفظ الحركة .. وهو لفظ مهذب وناعم لكلمة انقلاب .. وهو نفس الوقت لفظ مائع ومطاط ليس له مثيل ولا معنى واضح في قواميس المصطلحات السياسية .. وعندما أحسسنا أن الجماهير تؤيدنا وتشجعنا وتهتف بحياتنا، أضفنا لكلمة الحركة صفة المباركة، وبدأنا في البيانات والخطب والتصريحات الصحفية نقول: "حركة الجيش المباركة". وبدأت الجماهير تخرج إلى الشوارع لتعبر عن فرحتها بالحركة .. وبدأت برقيات التأييد تصل إلينا وإلى الصحف والإذاعة، فأحس البعض ان عنصر الجماهير الذي ينقص الإنقلاب ليصبح ثورة قد توافر الآن، فبدأنا أحياناً في استخدام تعبير الثورة، إلى جانب تعبيري: الإنقلاب والحركة. صــ145

▬ أما أول مشكلة عامة أقابلها بعد نجاح الثورة، فكانت مشكلة الوصاية على العرش. لقد تنازل الملك فاروق على العرش لإبنه الأمير أحمد فؤد الثاني .. ولم يكن ممكنا أن يحكم مصر طفل طُرد أبوه إلى المنفى .. فماذا نفعل في هذا الوضع ؟ معظم أعضاء مجلس القيادة طالبوا بإقامة الجمهورية .. لكنني أقنعتهم أن التحضير للجمهورية التي ستحل محل الملكية يحتاج إلى وقت. وكان رأي الإخوان المسلمين إسقاط الملكية وإعلان الخلافة الإسلامية فوراً. وكان رأيى تشكيل مجلس وصاية على العرش. ووافق الجميع. لكن .. كانت هناك عقبة دستورية كبيرة أمام تشكيل هذا المجلس .. فالدستور ينص (مادة 51) على ألا يتولى أوصياء العرش عملهم إلا بعد أن يؤدوا أمام مجلس النواب والشيوخ مجتمعين اليمين الذي يؤديها الملك أمامها قبل مباشرة سلطته الدستورية [..] والدستور ينص (مادة 55) على أن يتولى مجلس الوزراء بصفة مؤقتة، سلطات الملك الدستورية حتى يؤدي أوصياء العرش اليمين أمام البرلمان. صــ150

▬ اعترض سليمان حافظ على عدد من السياسيين، كان من بينهم مصطفى النحاس الذي أصبح رئيساً شرفياً للوفد. ودخلت الحكومة مع الأحزاب في سلسلة من المنازعات القضائية، بسبب هذا القانون، وانشغل الرأي العام بهذه القضايا، حتى صدور قانون إلغاء الأحزاب. وأذكر، يوم طلبنا من الأحزاب أن تنظم نفسها، أن طلب عبد الناصر عدم إعتبار الإخوان حزباً حتى لا يطبق عليهم القانون، وقال لي: "إن جماعة الإخوان كانت من أكبر أعوان الحركة قبل قيامها، ولا يصح أن نطبق عليها قانون الأحزاب. ورفضت طلبه.. وقلت "لا .. لأن القوى السياسية يجب أن تكون سواء أمام القانون". صــ169

▬ على أن كل هذه الأسباب التي لم نعلن تفاصيلها في حينها، عندما أعلنا حل الأحزاب، لم تكن لتقنع أحداً بضرورة ذلك القرار.. فتعرضنا إلى هجوم من كل صحافة العالم، خاصة الغرب. وأطلقت عليّ تلك الصحافة لقب "الديكتاتور العادل" .. أو الديكتاتور المهذب. ان صحافة العالم التي لصقت بي هذا اللقب، لم تكن لتدرك أن الثورة التي حظيت بموافقة الأغلبية الساحقة، كان لها أعداء، كانوا رغم قلتهم أقوياء.. وكان بإمكانهم تدمير الثورة. ولكوني ديكتاتوراً عادلاً، تعرضت للنقد الشديد من أُلئك الذين يريدون ديكتاتوراً حقيقياً.. كان أولئك يحلمون بأتاتورك مصري.. وجاء عليهم وقت اعتقدوا فيه أن فاروق كان يمكن أن يلعب هذا الدور.. وأعتقدت أنا كذلك.. لكنه خيب ظننا.. وبعد الثورة توقعوا أن ألعب هذا الدور.. لكنني خيبت ظنهم أيضاً.. فإتجه تفكيرهم إلى جمال عبد الناصر ليقوم بهذا الدور ولا أعتقد أنه خيب آمالهم. صــ181

▬ كنت عائداً إلى منزلي في يوليو 1953، فلاحظت رجلاً يرتدي ثياباً رثة ويصرخ: "يا ظالم .. يا ظالم". كان عجوزاً، إلى درجة أنه لا يمكن أن يحدث بي أي أذى، فأوقفت سيارتي وأمرت حارسي الخاص بأن يحضره إلى منزلي في اليوم التالي.. عرفت منه أن أسمه أحمد محمد منصور وأنه كان لص خزائن، وقبض عليه 33 مرة، وقضى قرابة 28 سنة في مختلف السجون، وبالرغم من أنه كان يريد أن يحيا حياة شريفة إلا أن البوليس منعه من ذلك.. كان يرغب في إستخراج رخصة لبيع المشروبات الغازية ولكن طلبه كان يرفض دائماً بسبب سوابقه.. أعطيته 5 جنيهات ليشتري بها ثلاجة صغيرة لبيع المرطبات، وعلمت فيما بعد أنه أصبح يبيع المشروبات في كشك أقامه أمام أحد أقسام البوليس. كان أحمد محمد منصور واحداً من الآلاف الذين ساعدتهم.. وأنا أذكر هذه الواقعة لأوضح مدى اقتناعي بأن الشعب المصري يمكن أن تكسبه بالود وليس بالعنف. لكن هذه النصيحة فشلت في أن أقنع بها زملائي الضباط في مجلس القيادة. كانوا شبابا.. وكانت خبرتهم في الحياة بسيطة.. وكانت خبرتهم في الحكم أبسط.. أحسوا أنهم يحكمون، فاندفعوا يتعامون بعنف، وبغطرسة، مع الآخرين، حتى زملائهم في التنظيم وفي الحركة، تعاملوا معهم بنفس الأسلوب.. وقد كنت أتصور أن الأمر داخل الجيش سيعود إلى طبيعته بعد القبض على ضباط المدفعية، لكن هذا لم يحدث..صــ182 : 183

▬ كان طبيعياً ألا يتغير النظام من ملكي إلى جمهوري قبل الدستور الجديد، إلا أنني فوجئت بأعضاء مجلس الثورة يطالبون الإسراع بإعلان الجمهورية. وقد رفضت هذا القرار لأكثر من مرة.. رفضته لأنني أردت أن يتحول نظام مصر السياسي بنص من الدستور لا بقرار من مجلس القيادة. ورفضته لأن مجلس القيادة، لصق القرار بقرار آخر هو تعيين عبد الحكيم عامر قائداً عاماً للجيش، بعد ترقيته من صاغ إلى لواء.. ومن جديد مارس أعضاء المجلس الضغط المكثف عليّ.. وطالبوني بتنفيذ ما اتفق عليه، من قبل، وهو أن تكون الأغلبية هي الفيصل في إتخاذ القرارات وتنفيذها.. وأقنعوني بأهمية أن نبدوا متماسكين أمام الجماهير. وفي 18 يونيو 1953 أصبحت أقدم دولة في العالم، أحدث جمهورية في العالم.. صــ195

▬ كان للثورة أعداء، وكنا نحن أشدهم خطورة.. كان ضابط من ضباط الثورة يريد أن يملك .. يملك مثل الملك .. ويحكم مثل رئيس الحكومة. لذلك فهم كانوا يسمون الوزراء بالسعادة .. أو بالطراطير .. أو بالمحضرين.. وكان زملائهم الضباط يقولون عنهم: "طردنا ملكاً وجئنا بثلاثة عشر ملكاً آخر". هذا ما حدث بعد أيام قليلة من الثورة .. هذا ما حدث منذ أكثر من 30 سنة .. وأنا اليوم أشعر أن الثورة، تحولت بتصرفاتهم، إلى عورة .. وأشعر أن ما كنت أنظر اليهم على أنهم أولادي، أصبحوا بعد ذلك، مثل زبانية جهنم .. ومن كنت أتصورهم ثواراً، أصبحوا أشراراً .. فيارب، لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.. ويارب لا تحاسبنا على ما نقوله، وانما حاسبنا ان كنا لا نقول الحق. لقد خرج الجيش من الثكنات.. وانتشر في كل المصالح والوزارات المدنية.. فوقعت الكارثة التي لا نزال نعاني منها إلى الآن في مصر. كان كل ضابط من ضباط القيادة يريد أن يكون قوياً .. فأصبح لكل منهم "شلة" وكانت هذه الشلة غالباً من المنافقين الذين لم يلعبوا دوراً لا في التحضير للثورة .. ولا في القيام بها .. والمنافق دائماً مثل العسل على قلب صاحب النفوذ .. لذلك فهو يحبه .. ويقربه .. ويتخلص بسببه من المخلصين الحقيقين، الذين راحوا وراء الشمس، لأن اخلاصهم كان هماً وحجراً ثقيلاً على  قلوب الضباط من أصحاب الجلالة. تعددت الشلل والتنظيمات داخل الجيش، وحول ضباط القيادة. وبدأ الصراع بين هذه الشلل، بعد أيام من نجاح الثورة، وتحول من يومها إلى قتال يومي شرس. وظهرت مرامز القوى، بعد شهور قليلة، من قيام الثورة .. داخل مجلس القيادة وخارجه. ومما لا شك فيه أن جمال عبد الناصر كان أكبر قوة داخل المجلس، وعندما ساعده الآخرون في التخلص مني، استدار اليهم، وتخلص منهم واحداً بعد الآخر. صــ201

▬ إن أول شيء فعلته ضباط القيادة بعد أن استقرت الأمور هو أنهم غيروا سياراتهم الجيب، وركبوا سيارات الصالون الفاخر .. للتمييز بينهم وبين باقي الضباط الأحرار.. وإمعاناً في التمييز بين ضباط القيادة وباقي الضباط الأحرار، أوحي جمال عبد الناصر لمصطفى أمين بكتابة مقالة بعنوان: "سر الضباط التسعة".. نُشرت هذه المقالة في جريدة الأخبار، في سبتمبر 1952 في الصفحة الأولى بجانب صورة كبيرة لجمال عبد الناصر ومع بقية المقال في الصفحة الثالثة نشرت صور باقي ضباط القيادة من أعضاء المجلس .. وفي هذه المقالة طلب جمال عبد الناصر من مصطفى أمين أن يوحي للقاريء بأنه بطل الثورة ورئيسها الذي يختفي في الظل .. وأنا لم أهتم بهذا الكلام، لكن الذي اهتهم به باقي الضباط الذين غضبوا من نشره، خاصة وأن هناك اتفاق قديم فيما بينهم بعدم نشر صورهم في الجرائد .. ورفض الدعاية .. وانكار الذات. وأثارت مقالة مصطفى أمين الفتنة بين صفوف الضباط الأحرار، وحرضت بعض منهم على التمرد والإنقلاب، كما حدث مع ضباط المدفعية.. وكان ضباط المدفعية قد بدأوا في رصد انحرافات ضباط القيادة.. وكانت فضائحهم في الحقيقة كثيرة.. فقد ترك أحدهم شقته المتواضعة واستولى على قصر من قصور الأمراء في جاردن ستي، حتى يكون قريباً من إحدى الأميرات التي كان قصرها قريباً من ذلك القصر الذي استولى عليها .. وكان لا يتورع أن يهجم على قصرها بعد منتصف الليل، وهو في حالة من اغماء بسبب الخمر.. وكثيراً ما طلبتني الأمير في الفجر لإنقاذها من ذلك الضابط، الذي تصور ، على حد تعبيرها ، أنه ملك جديد. وعندما حاولت أن أثنيه عما يفعل قال: "اننا نسترد جزء مما دفعناه لسنوات طويلة". وللأسف .. كان بعض زملائه، يضحكون. وترك ضابط آخر من ضباط القيادة الحبل على الغارب الزوجته، التي كانت تعرف كل ما يدور في مجلس القيادة، وكانت تستغله لصالحها ولصالحه.. وكانت تتباهى بنفوذها، وكانت تقول علناً: "الجيش في يميني والبوليس في يساري" وكان إيجار شقتها 50 جنيهاً في وقت كان هذا المبلغ يساوي إيجار بيتي في عامين. وفاحت رائحة ثالث، كان يجري وراء ناهد رشاد زوجة الطبيب بحري يوسف رشاد، طبيب الملك فاروق الخاص، الذي كون الحرس الحديدي. وانتشرت هذه الفضائح وغيرها لضباط القيادة.. وكان لابد حتى يتخلص ضباط القيادة من أصوات المعارضين التي تواجههم، أن يلفقوا لهم التهم المناسبة للقضاء عليهم .. وتطور أسلوب التلفيق من تحضير شهود الزور، كما في قضية المدفعية، إلى العنف والقسوة في معاملة المعارضين لهم، داخل السجون، حتى يعترفوا بجريمة لم يرتكبوها، كما حدث مع حسني الدمنهوري [..] وكلما كان أحد المعارضين يسقط أو يضيع، أو يختفي وراء الشمس، كلما كان ضباط القيادة يزدادون قوة وعنفاً وديكتاتورية .. وإذا زادت قوتهم، زادت مخالبهم .. وإذا زاد عنفهم زادت أنيابهم .. إذا زادت ديكتاتوريتهم زاد انحرافهم .. وهكذا إلى أن أصبحوا أباطرة وجلادين. وذات صباح لا أنساه وقعت مفاجأة مذهلة لا  أنساها حتى اليوم .. كنا أنا وجمال عبد الناصر نركب سيارة، ونتجه إلى نادي الضباط في الزمالك، لنهنيء الضباط بعيد الأضحى .. فهمس لي عبد الناصر، وقال: "اني أود أن أعرض عليك أمراً ناقشته مع بعض الزملاء." وانتبهت له.. وأعطيته كل حواسي.. فقال: "اعتقد ان ظروفنا الآن تفرض علينا أن ننظر إلى مستقبلنا ومستقبل الثورة ونحن محاطون بالعواصف والأعداد ولا نعرف مصيرنا معها. قلت له: "ماذا تقصد بالضبط؟" قال:" لقد اتخذنا قراراً أرجو أن توافقنا عليه، وهو ان يأخذ كل عضو من أعضاء مجلس القيادة مبلغ عشرة آلاف جنيه، وتأخذ أنت أربعة عشرة ألفاً فيكون المجموع 134 ألف جنيه .. وقد طلبت من زكريا محيى الدين أن يحجزهم لنا من النقود الجديدة." أحسست ساعتها بالغيظ .. وغلى الدم في عروقي .. وارتفع ضغطه في رأسي .. ولم أحتمل هذا الحديث، فصرخت فيه: "أسكت .. أسكت". وأخذت أعنفه بشدة.. وأهاجمه على استباحة أموال الشعب لنا .. ورفضت أن يخلط بين أموال الناس وجيوبنا الخاصة وكدت أن أطلب منه أن ينزل من السيارة.. فإذا به يضحك، ضحكة عصبية، ويرد عليّ وهو مرتبك:"أنا كنت متأكد انك حترد بالشكل ده". وبعد تماسك، ملك نفسه، وقال: "صدقني أنا كنت بأمتحنك". ولم أصدق بالطبع.. ولكني بدأت أعيد النظر في تصرفاته، وفي تصرفات زملائه.. وما حدث من عبد الناصر حدث بصورة أو أخرى من باقي الزملاء في المجلس. صــ202 : 205

▬ إن عبد الناصر الذي كنت أحترمه، كان شاباً صغيراً، ذو قدرات متميزة.. وقد اقترحت عليه أن أدير وأقود البلاد لعدة سنوات إلى أن يكتسب الخبرة اللازمة التي تمكنه من أن يخلفني في الرئاسة .. وأكدت له في ذلك الوقت أنني سأكون سعيداً أن أستقيل من أجله ولصالحه .. وخيرته في ذلك، أو أن أستقيل حالاًـ حتى لو أدى الأمر إلى خلق أزمة داخلية لأنني لم أعد أتحمل ، أو أتسامح عن الأخطاء التي يرتكبها أعضاء المجلس.. ولم يختر عبد الناصر! فقلت له: "من الأفضل أن تقود المسيرة من الآن بدوني!" لم يكن لي سلطة تعيين أو فصل الوزراء بدون موافقة المجلس، ومع ذلك كنت مضطراً لمساندة الوزراء سواء كنت موافقاً عليهم أم لا! وكنت مضطراً للتصديق على قرارات أركان حرب الجيش، حتى التي صدرت دون استشارتي، أو أخذ رأيى فيها. وأنا لم أطلب سلطات مطلقة لي ولكني ببساطة، كنت أطلب الحد الأدنى الضروري لممارسة مهامي .. وكنت مستعداً لمناقشة المجلس في أري قرار أتخذه.. صــ225

▬ لقد كان الإنجليز يقفون على بُعد 90 كليو متراً من القاهرة، في طريق السويس .. وكان لهم .. 80 ألف جندي في قاعدة قناة السويس .. وكانوا يعرفون كل شيء عنا، وعن الجيش، وكانوا يستطيعون الإستيلاء على السلطة والتخلص منا بسهولة .. لكنهم، والحمد لله، لم يتحركوا .. لأن حركتنا في ليلة 23 يوليو كانت مفاجأة لهم .. ولأننا تصرفنا بذكاء، فلم نقل اكثر من أننا حركة إصلاح داخلية في الجيش .. وأعلنا منذ البيان الأول أن الرعايا الأجانب في مأمن كامل .. وخشي الإنجليز أن ينزلوا من السويس حتى لا تتحول شوارع القاهرة إلى مجازر .. كما أنهم ، وأنا أيضاً، قبلنا الدخول في مفاوضات الجلاء، منعاً للقتال، وحقناً للدماء. صــ305

▬ وقد حولت أنا الدور الأرضي من الفيلا إلى مخزن كبير، أضع فيه مئات الكتب التي جمعتها وقرأتها طول سنوات إقامتي بها .. كتب في كل فروع المعرفة وبلغات مختلفة .. في الأدب، والطب، واللغات والتاريخ ، واليوجا ، والفلك، والإقتصاد .. وفي ذلك المخزن وضعت ما تبقى لي من أوراق خاصة، وصور شخصية، وخطابات من وإلى الأسرة ومعارفي وأصدقائي وفي ذلك المخزن الذي أُغلِق وأُهمل في السنوات الأخيرة عاشت مع الكتب والأوراق الحشرات والفئران والثعابين وكميات لا وزن لها من الأتربة. صـ352

▬ لم يحافظ عبد الناصر لا على الأصول ولا عالى  التقاليد، أنا الذي فعلت كل هذا من أجله و من أجل مصر ومن أجل الثورة .. تعاملوا معي كأنني لص .. أو مجرم .. أو شرير .. لم يتصل بي عبد الناصر .. لم يقل لي كلمة واحدة .. ولم يشرحوا لي ما حدث .. ولم يحترموا سني ولا رتبتي ولا مركزي ولا دوري .. والقوا بي في النهاية في أيادٍ لا ترحم وقلوب لا تحس، وبشر تتعفف الحيوانات من الإنتساب لهم. ما أقصى المقارنة بيني وبين فاروق عند لحظات النهاية والوداع.. ودعناه بالإحترام وودعوني بالإهانة .. ودعناه بالسلام الملكي والموسقى.. وودعوني بالصمت والإعتقال .. ودعناه بالمصافحة وودعوني بإعطاء ظهورهم لي. صــ356

▬ كانت مشاعري معهم .. مع الإخوان .. رغم أنهم تخلوا عني وعن الديمقراطية ورفضوا أن يقفوا في وجه عبد الناصر إبان أزمة مارس، بل انهم وقفوا معه، وساندوه، بعد أن اعتقدوا، خطأ، أنهم سيصبحون حزب الثورة وأنهم سيضحكون على عبد الناصر ويطوونه تحتهم .. فإذا بعبد الناصر يستغلهم في ضربي، في ضرب الديمقراطية، وفي تحقيق شعبية له، بعد حادث المنشية.. إن الإخوان لم يدركوا حقيقة أولية، هي أنه إذا ما خرج الجيش من ثكناته فإنه حتماً سيطيح بكل القوى السياسية، المدنية، ليصبح هو القوة الوحيدة في البلد .. وأنه لا يفرق في هذه الحالة بين وفدي وسعدي، ولا بين إخواني وشيوعي .. وأن كل قوة سياسية مدنية عليها أن تلعب دور القيادة العسكرية الديكتاتورية ثم يقضي عليها .. لكن .. لا الإخوان عرفوا هذا الدرس، ولا غيرهم استوعبه .. ودفع الثمن الجميع. ودفعته مصر أيضاً.. دفعته من حريتها وكرامتها ودماء أبنائها.. صــ358

▬ لقد عرفت، فيما بعد، من بعض رجال عبد الناصر الذين جاءوا يطلبون مني أن أسامحهم على ما فعلوه بي، أن تعليمات صدرت أثناء خطفي بقتلي وإخفاء جثتي تماماً بإذابتها في حامض مركز .. ولكن ضمير البعض استيقظ فرفض تنفيذ التعليمات، ودفع ثمن ذلك من مستقبله، كما أن إحساس عبد الناصر بالخطر قد زال بعد تدخل الروس والأمريكان لإجلاء القوات الإسرائيلية. وإذا كان عبد الناصر طلب إذابة جثتي في حامض شرس .. فأنا طلبت منه أن أتطوع كجندي عادي في جيش مصر، في تلك الحرب التي أوقعنا فيها.. صــ365


▬ بعد أن انتهى عصر الإرهاب، قال لي السادات: "أنت حر طليق!" ولم أصدق نفسي.. هل أستطيع أن أخرج وأدخل بلا حراسة .. هل أستطيع أن أتكلم في التليفون بلا تصنيت .. هل أستطيع أن استقبل الناس بلا رقيب! لم أصدق ذلك بسهولة..فالسجين في حاجة لبعض الوقت ليتعود على سجنه، وفي حاجة لبعض الوقت ليعود إلى حريته.. وأنا لم أكن سجيناً عادياًً .. كنت سجيناً يحصون أنفاسه .. ويتصنتون على كلماته .. ويزرعون الميكروفونات والعدسات في حجرة معيشته .. وكنت أخشى أن اقترب من أحد حتى لا يختفي .. وأتحاشى زيارة الاهل والاصدقاء حتى لا يتعكر صفو حياتهم .. وابتعد عن الأماكن العامة حتى لا يلتفت بالناس حولي، فيذهبون وراء الشمس. لكن .. بعد فترة .. وبالتدريج .. عدت إلى حريتي .. وعدت إلى الناس .. وعدت إلى الحياة العامة.. وياليتني ما عدت.. فالناس جميعاً كان في حلقها مرارة من الهزيمة والإحتلال .. وحديثهم كل شكوى والم ويأس من طرد المحتل الإسرائيلي .. وبجانب هذه الأحاسيس، كانت هناك أنات ضحايا الثورة .. الذين خرجوا من السجون والمعتقلات .. ضحايا القهر والتلفيق والتعذيب .. وحتى الذين لم يدخلوا السجون ولم يجربوا المعتقلات، ولم يذوقوا التعذيب والهوان كانوا يشعرون بالخوف، ويتحسبون الخطى والكلمات.. وعرفت ساعتها كم كانت جريمة الثورة في حق الإنسان المصري بشعة.. وعرفت ساعتها أي مستنقع القينا فيه الشعب المصري.. فقد حريته .. فقد كرامته .. فقد أرضه .. وتضاعفت متاعبه .. المجاري طفحت .. المياة شحت .. الأزمات اشتعلت .. الأخلاق انعدمت .. والإنسان ضاع .. أين الأهداف العظيمة والتي نادت بها الثورة!؟ أين كرامة الإنسان الذي قال له جمال عبد الناصر ارفع رأسك يا أخي ؟! لقد قًمنا بثورة .. فإذا بهم يحولونها إلى عورة! قمنا من أجل الناس .. فإذا بهم يعملون من أجل انفسهم. قمنا من أجل رفع مستوى المعيشة .. فإذا بهم يعملون على خفض مستوى كرامة البشر. صــ376

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

الأمير (نِقولا مِكيافيللي)


|| مما ساعد على تفشي السمعة السيئة للكتاب ولصاحبه أنه قد صدر قرار في عام 1559م بإدراج جميع أعمال ميكافيللي في قائمة الكتب الممنوع نشرها، كما أن كثيراً من الجبابرة والطغاة كانوا يحبون قراءة كتابه "الأمير". فيقال: إن "موسليني" قد إختاره موضوعاً لرسالة الدكتوراه أيام دراسته. وكان "هتلر" يضع هذا الكتاب على مقربة من سريره، ويقرأ فيه كل ليلة قبل أن ينام. فلا غرابة إذن لو علمنا أن "ماكس ليرنو" قد قال في مقدمته لكتاب "أحاديث" إن "لينين وإستالين" قد تتلمذا أيضاً على مكيلافيللي. ||
==================================================
• من الضروري أن تكون أميراً حتى تعرف طبيعة شعبك، كما أنه يجب أن تكون أحد الرعية أيضاً كي تعرف الحقائق المتعلقة بالأمراء.
• إن الأمير وإن كان ذا قدرات عادية فإنه سيستطيع أن يحافظ على عرشه إلا إذا اضطرته قوة غير عادية شديدة إلى التخلي عنه. وحتى إذا فقد عرشه، فإنه مع أول خطأ بسيط من المحتمل، سيكون قادراً على استعادة العرش.
• إن الأمير الشرعي المحبوب من شبعه الذي لا توجد له رذائل مفضوحة أمام الناس لا يحب شعبه أن يتخلص منه، ومن الطبيعي لشعبه أن يتمسك به، ومن الطبيعي أيضاً أن يتناسى الأسباب والدواعي البسيطة التي تدعوه لتغيير الحاكم.
• لا تكمن الصعوبات حقاً إلا في الممالك الجديدة..فالناس يذعنون لسادتهم بإرادتهم على أمل تحسن أحوالهم.
• وهذا الإعتقاد يجعلهم يحملون السلاح ضد حكامهم، وهم في ذلك مخدوعون حيث أثبتت التجارب فيما بعد أنهم يذهبون من سيء إلى أسوأ.
• هكذا يتحول كل من أصيب في معركة قمت بها للسيطرة على الأرض إلى عدو لك، ولن تستطيع الحفاظ على صداقة من ساعدوك على الحصول هذا الجزء من المملكة كام لن تستطيع تحقيق ما يتمنونه ولا أن تطبق عليهم قوانين صارمة حيث ستكون معترفاً بجميل مساعدتهم لك.
• إنك أيها الأمير ستكون في حاجة دائمة إلى حب الناس حتى تستطيع السيطرة على بلادهم مهما كانت قوة جيوشك.
• إذا كانت اللغة والجنسية واحدة فإنه من السهل ضم هذه الأقاليم والسيطرة عليها خاصة إذا كانت هذه الأقاليم غير معتادة على التحرر.
• إن أي أجنبي قوي يدخل إلى بلد فإن كل المستضعفين من سكانها سيؤيدون هذا الأجنبي مدفوعين في ذلك بحقدهم على حكامهم.
• يجب على الأمير فقط أن يحذر من أن ينالوا سلطاناً كبيراً أو قوة، حيث يتمكن من سحقهم، والسيطرة على الإقليم بإستخدام قواته والموالين له.
• ما يمكن التنبؤ به يمكن علاجه بسهولة. أما إذا انتظرنا أن تداهمنا المخاطر، فسيصبح العلاج متأخراً عن موعده وتستعصي العلة.
• يمكننا إستنتاج قاعدة عامة لا تخيب إلا فيما ندر وهي "أن كل من يتسبب في أن يقوى غيره يُهلك نفسه، لأنه إنما يفعل ذلك إما بالحيلة، أو بالقوة. وهاتان الصفتان هما موضع شك ممن يصل إلى السلطة.
• إن المدينة التي إعتادت الحياة بحرية يمكن السيطرة عليها من خلال مواطنيها أكثر من أي طريقة أخرى، وذلك إذا أردت أن تستمر هذه السيطرة.
• من يصبح حاكماً لمدينة حرة ولا يدمرها فليتوقع أن تقضي هي عليه، لأنها ستجد دائماً الدافع للتمرد بإسم الحرية وبإسم أحوالها القديمة.
• إن من ارتفع من مكانة المواطن العادي إلى منصب الأمير بمحض الصدفة لا يواجه سوى متاعب قليلة حتى يصل لهذه المكانة، إلا أنه يواجه كثيراً من الصعاب عندما يريد الحفاظ على هذا المنصب.
• من الملاحظ أنه عندما نستولي على ولاية، فإنه يجب على المنتصر أن يخطط لجميع جرائمه مرة واحدة حتى لا يُضطر للعودة إليها في وقت آخر.
• إن الأمير لن يستطيع أن يتأكد من أن شعبه يكرهه لكثرة العدد. لكنه من الممكن أن يعرف ذلك في طبقة النبلاء لأنهم قلة.
• إنه (الأمير) يجب عليه أن يكسب صداقة الشعب، وإلا فلن يجد لنفسه ملاذاً في حالة الخطر.
• إن الأمير الحكيم عليه أن يبحث عن وسائل تجعل رعاياه في حاجة مستمرة إلى حكومته، وحينئذ سيخلصون الولاء له دائماً.
• إن الأمير الذي يعيش في مدينة قوية ويحبه شعبه لا يمكن أن يُهاجَم، ولو هوجم فإن من يهاجمه سيضطر إلى الإنسحاب، وهو يجر أذيال الخيبة والعار.
• الأمير الذي يخفق في أن يلاحظ مشكلات إمارته في مهدها لا يمكن وصفه إلا بأنه غير حكيم، فالحكمة توهب للقليلين فقط.
• إنني أؤكد على أنه لا سلامة لأمير يحتمي بقوات مسلحة غير قواته الوطنية. فبدون قواته المسلحة الوطنية يتوقف مصيره على حسن الطالع فقط..
• من المستحيل أن يحترم الجنود أميرهم الذي يجهل الشئون الحربية، أو أن يكونوا محل ثقته..
• على الأمير أن يدرس تاريخه، ويدرس أعمال عظام الرجال، ليرى كيف كانوا يتصرفون في الحروب، ويدرس أسباب إنتصاراتهم ومسببات هزائمهم..
• هل من الأفضل أن تكون محبوباً أم مُهاباً ؟
• عندما أتحدث عن الشدة واللين أقول إنه على الأمير أن يسعى لأن يوصف بالرحمة وليس الشدة، وأن يحرص على عدم إساءة استخدام الرحمة بأي  حال من الأحوال.
• لذا يجب على الأمير ألا يعبأ بأن يوصف بالشدة مادامت هذه الشدة من أجل الحفاظ على مواطنيه وولائهم له، وذلك لأنه حين يكون شديداً مع عدد قليل جداً من الناس، وهو بذلك أفضل من الأمراء الذين يفرطون في اللين مما يسبب وقوع إضطرابات.
• والأمير حديث العهد بالإمارة فقط هو من في حاجة شديدة دون بقية الأمراء للإشتهار بالشدة، لأن الولايات الجديدة تعاني دائماً من الأخطار.
• ينبغي على الإنسان أن يكون محبوباً ومهاباً في نفس الوقت. ولما كان من الصعوبة الحفاظ على الصفتين معاً، فإن المهابة في هذه الحالة أفضل بكثير إذا كنا لا نستطيع إيجاد الصفتين معاً.
• إن الأمير الذي يعتمد على وعود رعاياه يهلك إلا إذا تهيأ للمعدات الكافية، وذلك لأن الصداقة التي يمكن شراءها غير مأمونة، ولن تعمل لصالحك عند الضرورة.
• إن البشر يترددون في الإساءة إلى من يحبون أقل من ترددهم في إيذاء من يهابون. وذلك لأن الحب مرتبط بسلسلة من الإرتباطات التي تتفكك عندما تؤدي غرضها (وذلك بسبب أنانية الناس). لكن استخدام المهابة والخوف من العقاب طريقة صحيحة لا تفشل أبداً.
• عندما يكون الأمير بين أفراد جيشه ومعه عدد كبير من الجنود فإنه يتحتم أن يُعرف بالشدة، لأنه بدون هذه السمعة لن يحافظ على وحدة الجيش أو يؤدي أي مهمة.
• كلنا نعرف مدى الثناء الذي يناله الأمير الذي يحفظ عهده ويحيا حياة مستقيمة، دون مكر. لكن تجارب عصرنا هذا تدل على أن أولئك الأمراء الذين حققوا أعمالاً عظيمة هم من لم يصن العهد إلا قليلاً. وهم من إستطاع أن يؤثر العقل بما له من مكر.
• من يريد أن يكون أسداً فقط لا يفهم الأمور جيداً. فعلى الأمير إذن ألا يحفظ عهداً يكون الوفاء به ضد مصلحته، وألا يستمر في الوفاء بوعد انتهت أسباب الإرتباط به.
• وعلى ذلك فمن المفيد أن يبدو الأمير رحيماً، وفياً حلو الصفات، صادقاً، متديناً، وأن يكون كذلك فعلاً، وليس مظهراً فقط.
• جل الناس يحكمون على ما يرونه بأعينهم، وليس على ما يدركونه..
• عامة الناس يحكمون على الأشياء من مظهرها الخارجي. وهذا العالم لا يتكون إلا من هؤلاء العامة. أما غير الساذجين فهم قلة تنعزل حين تجد الكثرة مجتمعة حول الأمير.
• الغاية تبرر الوسيلة..
• على الأمير ألا يهتم بالمؤامرات إذا كان الشعب يناصره ويحبه، ولكن إذا كان يكرهه ويعاديه، فعليه أن يخاف من كل فرد يخشى كل شيء.
• إن الولايات التي تقوم على نظام جيد وأمراء ذوي عقول أولي همة، لا يجعلون النبلاء يضيقون بهم، ويجعلون الشعب راضياً عنهم، ويحافظون على هذا الرضا. وهذا من أهم الأمر التي يجب أن يهتم بها الأمير.
• إنه لمن الصعوبة البالغة إرضاء الشعب والجيش معاً بسهولة..
• إن الأعمال الصالحة قد تجلب الكراهية، كالأعمال الشريرة، ولذلك فإن الأمير الذي يريد أن يحافظ على ولايته أن يقترف بعض الشرور..
• والآن، وفيما عدا الأتراك ومماليك مصر ، فإن إرضاء الشعب أكثر من الجند أمر يلتزم به الأمراء كافة لأن الشعب يستطيع أن يفعل ما لا يفعله الجند.
• يمكننا أن نلاحظ أن ولاية السلطان تختلف عن ولايات الأمراء الآخرين فهي تشبه البابوية المسيحية، فهي لا يمكن أن تُسمى ملكية وراثية، ولا هي مملكة حديثة العهد، فأبناء الأمير الذي يرحل لا يرثونه ولكن يرثه خليفته في الحكم ويختاره أصحاب النفوذ.
• إن الأمير من الممكن أن يكسب ود من كانوا أعداءه عند بداية حكمه بسهولة وسيخلصون له أكثر من غيرهم وذلك لأنهم يدركون أن عليهم أن يبطلوا بأعمالهم ذلك الرأي السىء الذي سبق للأمير أن كونه عنهم.
• إن فائدة القلاع تتوقف على الفترة الزمنية التي تمر بها. وهي إن كانت ذات قيمة جيدة في وقت ما، تجدها مضرة في وقت آخر.
• على الأمير أن الذي يخشى شعبه أكثر من خشيته الأجانب أن يقيم القلاع، وعلى من يخشى الأجانب أكثر من خشيته لشعبه أن يظل بدونها.
• إن من أفضل الحصون هو ما يقوم على حب الشعب لأميرهم فإنك إذا ملكت الحصون القوية فهي لن تحميك من شعب يكرهك، إنه سيشهر السلاح في وجهك ولن يكون في حاجة لأجانب يساعدونه.
• لا شيء يؤدي إلى إحترام الأمير بشدة سوى أعماله العظيمة، والأعمال غير العادية بصفة عامة.
• كل منتصر لا يريد أصدقاء مشكوك في أمرهم، لم يمدوا إليه يد المساعدة وقت الشدة. كما أن المقهور لن يقابلك أيضاً لأنك لم تستل سلاحك وتخاطر بنفسك من أجل قضيته.
• الأمراء ضعاف الهمة عادة ما يفضلون الحياد تحاشياً للأخطار، وهي طريقة غالباً ما تدمرهم.
• ثمة سبيلين للقتال .. احدهما بواسطة القانون والأخر بواسطة القوة .. ولما كانت الطريقة الأولى غير كافية لتحقيق الأهداف فأن الإنسان يلجأ إلى الطريق الثاني.
• من الحكمة أن نكون قادرين على معرفة طبيعة الصعاب التي تواجهنا وتحديداً أقلها ضرراً.
• يمكننا أن نقيم الحاكم وعقله حين نرى من يحيط به من رجال. فإذا كانوا قادرين ومخلصين يمكننا دائماً أن نعتير أن الأمير من الحكماء..ولكن إذا كانوا غير ذلك يمكننا أن نكون رأياً غير جيد عن الأمير لأن قد أساء الإختيار.
• ينبغي على الأمير أن يكون سائلاً محنكاً، ومستمعاً متأنياً لما يسأل عنه، وأن يغضب ممن يحجم عن ذكر الحقيقة المجردة وكما هي تماماً وهو يحدثه.
• إن مراعاة ما سبق لأن ذكرناه من الأمور بحكمة يجعل الأمير الجديد يبدو وكأنه قديم في الحكم، كما أنه يصبح أكثر ثباتاً في الولاية وأكثر سلامة كما لو كان أميراً منذ سنوات عديدة.
• إن طرق الدفاع الصالحة والوحيدة والأكيدة والدائمة هي تلك الطرق التي تعتمد عليك وحدك وعلى قدراتك وليس على الآخرين.
• إن السعيد هو من تتفق أعماله مع متطلبات العصر، وفي المقابل فإن التعيس هو من لا تساير أعماله عصره. وذلك لأن المرء يرى الرجال من خلال ما يفعلونه من أجل تحقيق أغراضهم، وبطرق مختلفة.
• لا يوجد إنسان يود أن يسقط .. لأنه يعتقد أن إنسان أخر سينقذه.
• إن استخدام اسلحة الآخرين في حربك غير مجدٍ .. وقد يعوقك ذلك .. او تشل حركتك او تشكل عبئاً عليك.
شتان بين حياة نحياها وبين ما ينبغي ان تكون.
• ان الحظ يحكم نصف اعمالنا ويترك لنا النصف الآخر تقريبا.
• الحظ تظهر قوته فقط اذا لم تكن هناك تدابير متخذة ضده.
==================================================

▬ من يسيطر على أراض ويريد أن يتحفظ بها لابد أن يضع في إعتباره أمرين. أولهما القضاء على الأسرة الحاكمة السابقة قضاء مبرماً، وثانيهما عدم تغيير أي قوانين أو ضرائب خاصة بهذه البلاد وبهذه الطريقة ستصبح جزءاً من الإتحاد في وقت قصير جداً، وتصبح الدولة كياناً واحداً. ولكن عندما يكون شعب الأراضي المنضمة حديثاً يتحدث لغة مختلفة وقوانينه وعاداته مختلفة، فإن الصعوبات التي يجب التغلب عليها تصبح أكثر وتتطلب حظاً وفيراً وحنكة للتغلب عليها. وإحدى أفضل الطرق وأكثرها تأثيراً هي أن يقيم الحاكم الجديد في تلك الأرض. وهذا سيجعل ملكيته لها أكثر أمناً وإستمراراً. صــ25

▬ إن من يستفيدون من قدراتهم حتى يصبحوا أمراء يحصلون على الإمارة بصعوبة، إلا أنهم يحافظون عليها بسهولة. والصعوبات التي تواجههم في ذلك ترجع إلى حد ما إلى القواعد والتعديلات الجديدة التي يضطرون إلى إدخالها حتى يستتب السلام في ولاياتهم. ويجب أن ندرك أنه لا يوجد أصعب من بدء نظام جديد لتسيير الأمور وتنفيذه. فنجاحه مشكوك في أمره وليس هناك ما هو أخطر من التعرض لهذا الأمر. لأن من يريد الإصلاح لابد له من أعداء وهم جميع من كانوا يستفيدون من النظام القديم، وهناك أيضاً من يؤيده بفتور رغم استفادتهم من النظام الجديد. ويرجع هذا الفتور - من ناحية - إلى خوفهم من خصومهم الذين يساندهم القانون، ومن ناحية أخرى إلى أن الناس لا تؤمن بالجديد إلا بعد أن تجربه فعلاً. صــ40

▬ إن الضباط المرتزقة إما أن يكونو ذوي كفاءة أو غير أكفاء. فإذا كانوا أكفاء فإنه لا يمكن الإعتماد عليهم، لأنهم يثبتون لأنفسهم أنهم عظماء إما بإبتزازك وأنت سيدهم أو بالضغط على غيرك لما هو في غير صالحك. أما إذا كان الضابط غير كفء فإنه يدمرك تماماً. وقد يرد عليّ إنسان بقوله: إن ذلك ممكن حدوثه سواء كانت القوات من المرتزقة أو من غيرها. وأنا أرد عليه بقولي: إن القوات يستخدمها أمير أو حاكم الجمهورية. وعلى الأمير أن يتوجه بنفسه إلى موقع القائد، وعلى الجمهورية أن ترسل مواطنيها لهذا الغرض، فإذا اتضح عجز من أرسل فيجب على الجمهورية تغيره. أما إذا كان قديراً فإنها يجب أن تمنعه من تخطي الحدود المرسومة له بحكم القانون. صــ67

▬ ينبغي للأمير ألا تكون له غاية أو فكرة سوى الحرب، ونظامها وطرق تنظيمها، وألا يتخذ لدراسته موضوعاً آخر سواها. فهذا هو الفن الوحيد اللازم لمن يتولى القيادة. فهو فن له من المزايا ما يكفي للمحافظة على هؤلاء الذين ولدوا أمراء والإبقاء عليهم في مناصبهم. كما أنه يساعد الرجال العاديين على بلوغ مرتبة الإمارة. ومن ناحية أخرى يمكننا أن نرى أن الأمراء يفقدون بلوغ ولايتهم عندما يفكرون في مظاهر الترف أكثر من تفكيرهم في الأسلحة. والسبب الأول لضياع الولايات هو إهمال هذا الفن. فهي تكتسب عن طريق إجادة هذا الفن. صــ77

▬ مازلت أقول: إنه على الأمير أن يجعل نفسه مهاباً بطريقة تجعله إن لم يحصل على الحب، فإنه يتجنب الكراهية على أي حال، وذلك لأن المهابة وعدم وجود الكراهية من الممكن أن يجتمعا معاً. ويستطيع تحقيق ذلك كل من يمتنع عن التدخل في أمور أملاك رعاياه ونسائهم. وعليه ألا يأمر بإعدام أي شخص إلا بعد التأكد من المبررات الكافية لذلك ويوضح أسبابه. لكنه يجب عليه - قبل كل شيء - الإمتناع عن الإستيلاء على أملاك غيره، لأن الإنسان قد ينسى موت أبيه بسهولة عن نسيانه لضياع ميراثه. كما أنه لا حاجة للأمير أن يوجد الذرائع لإغتصاب ملكيات الغير. فمن يعيش على النهب سيجد دائماً سبباً يغتضب به متاع الآخرين بينما مسببات الإعدام أقل بكثير وتزول سريعاً. صــ87

▬ من يريد أن يكون أسداً فقط لا يفهم الأمور جيداً. فعلى الأمير إذن ألا يحفظ عهداً يكون الوفاء به ضد مصلحته، وألا يستمر في الوفاء بوعد انتهت أسباب الإرتباط به. وقد يكون هذا المبدأ مبدأ شرير لكن هذا يصدق فقط في حالة ما إذا كان جميع البشر من الأخيار. لكن إذا كانوا جميعاً من الأشرار ولن يرعوا عهودهم معك، فهذا يسمح لك أن تكون في حل من عهودهم. صــ90

▬ على الأمير أن يصون لسانه فلا ينطق إلا بما يسبغ عليه من الصفات الخمس السابق ذكرها. ولابد له أن يبدو رحيماً وصادقاً ومستقيماً ومتديناً أمام من يراه ويسمعه. وهذه الصفة الأخيرة ضرورية جداً لأن الناس يحكمون على ما يرونه بأعينهم، وليس على ما يدركونه، فكلنا يستطيع الرؤية، لكن قلة قليلة منا تستطيع أن تدرك واقع الحال الذي أنت عليه، وهي غير قادرة على مواجهة الكثرة التي تحميها مهابة الأمير. وفي كافة الأعمال البشر - وخاصة الأمراء - فإن الغاية تبرر الوسيلة، وهذا حكم لا يمكن نقضه؛ فعلى الأمير إذن أن يهدف للفوز بالولاية والمحافظة عليها، وسوف يحكم الجميع على وسائله بأنها شريفة ويمدحونها أيضاً. فعامة الناس يحكمون على الأشياء من مظهرها الخارجي. وهذا العالم لا يتكون إلا من هؤلاء العامة. صــ91

▬ من هنا يتضح أن الأعمال الصالحة قد تجلب الكراهية، كالأعمال الشريرة، ولذلك فإن الأمير الذي يريد أن يحافظ على ولايته أن يقترف بعض الشرور، كما سبق أن أوضحت. وذلك لأنه إذا فسد طرف من الأطراف الثلاثة، سواء كان الشعب، أو الجيش ، أو النبلاء، وكنت تعتبره ضرورياً من الأجل المحافظة على مركزك، فيجب عليك أن تتبع هواه وترضيه، وهنا تؤذيك الأعمال الصالحة. صــ97

▬ على الأمير عندما يكسب ولاية جديدة ويضمها إلى ولايته القديمة، فمن الضروري أن ينزع سلاح هذه الولاية عدا من وقف بجانبه وناصره عند الإستيلاء عليها، وحتى هؤلاء يجب على الأمير أن ينتهز الفرصة والوقت المناسب، ويجعل منهم ضعفاء ومخنثين، وأن يهيىء كل شيء ليجعل جميع أسلحة الولاية الجديدة في أيدي الجنود الذين يعيشون بالقرب منه في ولايته القديمة. صــ104

▬ على الأمير أيضاً أن يكرم الموهوبين ويميز القادرين، ويحمي البارزين في كل فن، بالإضافة إلى أنه من واجبه أن يحث مواطنيه على ممارسة العمل وهم مطمئنون البال، سوا كان هذا العمل تجارة أو زراعة أو صناعة يعمل بها الناس. وذلك حتى لا يحجم الناس عن الإبداع فيما يفعلون خوفاً من المصادرة، أو أن يحجم  البعض الآخر عن بدء صناعة خوفاً من الضرائب، وينبغي مكافأة كل من يقوم بهذه الأعمال، وكذلك كل من يسعى لتحسين أحوال المدينة، أو الولاية بأي طريقة. بالإضافة إلى أنه يجب أن يُلهي شعبه بالمهرجانات، والمعارض في المواسم ، أو من طبقات إجتماعية ، فإنه لا ينبغي للأمير أن يغض بصره عن كل هذه الطوائف والفئات. ويجتمع معهم من وقت لآخر . وأن يكون مثالاً أمامهم لعظيم الكرم، والإنسانية دون أن يقلل من مستوى إجلاله وإحترامه وألا يسمح بذلك أبداً في أي وقت. صــ111


▬ ليس هناك طريقة أخرى أمام المرء يقي بها نفسه من شر التملق سوى أن يدع الناس يدركون أنه يحب أن يسمع منهم الحقيقة. لكنك تفقد إحترامك لك لو سمحت لكل منهم أن يخبرك بالحقيقة. وذلك على الأمير أن يتبع طريقة ثالثة، وهي أن يختار من ينصحونه من حكماء الناس، ويمنحهم الحرية التامة كي يتحدثوا إليه عما يسألهم عنه من أمور فقط وليس عن أي شيء آخر. وعليه أن يسألهم عن كل شيء، ويسمع رأيهم، ومع كل  منهم على إنفراد، حتي يستطيع كل منهم أن يدرك أنه كلما كان ذا رأي حر كان أكثر قبولاً عند الأمير. صــ114


  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS